بحر من الأخطار: يجب مُراقبة الحُدود البحرية الآن أكثر من أي وقت مضى

ترجمة الهدهد
“إسرائيل” هيوم/اللواء احتياط اليعازر تشيني ماروم، القائد السابق للبحرية

ملاحظة: المقال يعبر عن رأي كاتبه

تقع “إسرائيل” على الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وفي الطرف الشمالي لخليج إيلات البحر الأحمر، إن أهمية البحر بالنسبة “لإسرائيل” هائلة، وذلك لأسباب تاريخية وأسباب أخرى، فإن حجم التجارة البرية “لإسرائيل” منخفض للغاية، والبحر هو شريان النقل الرئيسي للبضائع من وإلى “إسرائيل”.

أكثر من 90٪ من هذه البضائع تصل إلى “إسرائيل” وتغادرها عن طريق البحر، لذا فإن البحر هو في الواقع الجسر التجاري “لإسرائيل” للعالم كله، وفي الماضي، لم يكن لمثل هذا البيان تأثير يذكر على الجمهور وصناع القرار؛ اليوم وبعد أن عطلت كورونا سلسلة التوريد العالمية وارتفعت أسعار الشحن البحري بمئات “المرات”، أصبحت أهمية هذا الأخير أكثر قابلية للفهم.

في السنوات الأخيرة تمت إضافة بعُد جديد إلى مجال البحر، بعد أن اكتشفت “إسرائيل” رواسب الغاز تحت الماء بالقرب من شواطئها، وقد كان مطلوبًا من البلاد إعلان المياه الاقتصادية وتوقيع اتفاقية مع قبرص، في النهاية تم التوقيع على الاتفاقية فقط بعد أحداث سفينة مرمرة؛ حتى ذلك الحين اختارت “إسرائيل” عدم إثارة غضب الأتراك، الذين يزعمون أن قبرص ليست دولة وبالتالي لم يتم توقيع اتفاق معها.

إن اكتشاف رواسب الغاز وإعلان المياه الاقتصادية، أوضحت الحاجة إلى حماية هذا الفضاء البحري، الذي لا تشكل اكتشافاته الغازية نهاية للموارد التي ستوجد فيها، وفي الوقت نفسه، أعاد مدى تجارة “إسرائيل” مع الشرق الأقصى إحياء الوعي “الإسرائيلي” بأهمية البحر الأحمر، وضرورة العمل فيه لحماية حرية “الملاحة الإسرائيلية”.

التحدي الذي يواجه “البحرية الإسرائيلية” هو أولاً وقبل كل شيء حماية شواطئ “إسرائيل” وسيادتها على البحر، والتي تشمل المياه الاقتصادية الموجودة فيها رواسب الغاز، حيث يتكون التهديد “لإسرائيل” من عدة أبعاد، إحداها أسطول من الدول المعادية الذي سيهاجم “إسرائيل” خلال الحرب.

 

البحرية السورية متآكلة تماما ولا تشكل خطرا على إسرائيل ولا البحرية اللبنانية، وحتى الإيرانيين البعيدين إلى الشرق ليس لديهم قوة بحرية قادرة على العمل ضد” إسرائيل” في البحر المتوسط، البحريتان الوحيدتان المهمتان في البحر الأبيض المتوسط هما البحرية المصرية والتركية.

هذه أساطيل كبيرة وحديثة، والتي على الأقل حتى اليوم لا تشكل تهديدًا “لإسرائيل”، وهناك اتفاق سلام مستقر للغاية مع مصر، وتركيا – رغم الأزمات معها – تنتمي إلى حلف شمال الأطلسي، ولا يتوقع مواجهة معها في المستقبل القريب.

وماذا عن التهديدات “الارهابية” البحرية؟ هنا القصة أكثر تعقيداً حيث تعمل حماس في غزة باستمرار على تعزيز قدراتها الهجومية في البحر، بمساعدة أدوات تحت مائية وأدوات فوق الماء، وكذلك بمساعدة الأدوات (مراكب)غير المأهولة.

في الوقت نفسه يتصاعد التهديد الصاروخي لمنصات الغاز، في الساحة الشمالية، حيث يعمل حزب الله على تحسين قدراته لاختراق مصفوفة البحرية (الأمنية المستمرة) واختراق الشواطئ الشمالية للبلاد، على غرار هجوم نهاريا الذي حدث منذ سنوات عديدة.

بالإضافة إلى ذلك فإن المنظمة اليوم مجهزة بصواريخ من مختلف الأنواع، وبعضها متقدم للغاية ولديه قدرات تشغيلية كبيرة؛ وبذلك فإنها تهدد منصات الغاز والشحن من وإلى “إسرائيل”، وحركة المرور في موانئ الموانئ.

التحدي الآخر للبحرية هو حماية حرية الملاحة “الإسرائيلية” في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر في مواجهة محاولات تعطيل تلك الحرية، كما فعل المصريون في الماضي وأدى إلى اندلاع الحروب.

حتى كتابة هذه السطور وكما أوضحنا للتو، لا توجد أساطيل مهمة في البحر الأبيض المتوسط معادية لنا وتعرض حرية الملاحة للخطر؛ أما في البحر الأحمر من ناحية أخرى، فإن الوضع أكثر تعقيدًا بعض الشيء: شكله الضيق والطويل، وتعدد الدول الواقعة على طوله، يشكلان تهديدات للسفن “الإسرائيلية “من دول غير مستقرة، مثل اليمن، ودول أخرى قد أصبحوا معاديين “لإسرائيل” في زمن الحرب.

وهناك أيضاً تهديدات جوية لها تأثير على القطاع البحري، لقد تعرضنا مؤخرًا لتهديد الطائرات الانتحارية بدون طيار القادرة على مهاجمة السفن، وبالطبع الحفارات” منصات الغاز” والمرافق الحيوية الأخرى، ولقد حدد الإيرانيون، الذين عانوا طويلًا من العقوبات التي منعتهم من بناء قوات جوية وبحرية كبيرة، فرصة للطائرات بدون طيار – وهي منطقة يسهل تطويرها نسبيًا، حيث يمتلكون حاليًا قدرات عالية جدًا، وأدركت البحرية منذ سنوات عديدة احتمال التهديد الجوي للمواقع في البحر، وعدم قدرة القوات الجوية على ضمان مظلة الحماية ضد هذه التهديدات، وبالتأكيد عندما تعمل القوة( القوات البحرية) في ساحات بعيدة.

نتيجة لذلك تم تجهيز البحرية ببعض من أفضل أنظمة الدفاع الجوي وأكثرها تقدمًا في العالم، وهذا سيمكنها من حماية كل من المياه الاقتصادية والبنية التحتية الحيوية المثبتة فيها؛ وعلى القوة البحرية العاملة في ساحات بعيدة.

يجب أن تجمع النظرة العالمية ضد التهديدات التي تمت مراجعتها بين الدفاع والهجوم، أولاً: يتطلب الدفاع اليومي في سياق الأمن اليومي تسيير دوريات للسفن والطائرات، جنبًا إلى جنب مع تشغيل أنظمة الدفاع الساحلي، للكشف عن أي تهديد “لإسرائيل” وأهدافها في مياهها الاقتصادية.

إنها مصفوفة تعمل على مدار الساعة بطريقة عبثية، ويؤدي عملها إلى تآكل كبير في قدرات مشغلي هذه المصفوفة.

وفي الوقت نفسه، هناك حاجة إلى جهد استخباراتي لرصد تطورات واستعدادات العناصر “الإرهابية” في مختلف الساحات، ومن وقت لآخر يلزم اتخاذ إجراءات ضد هذه البنى التحتية من أجل إفشال نية “العناصر الإرهابية”.

هذا المزيج من الدفاع والهجوم يجعل من الممكن تقليل قدرة تلك العناصر على العمل ضدنا.

في زمن الحرب يجب أن يجمع مفهوم البحرية للقتال بين الدفاع والهجوم مرة أخرى؛ سيتم تنفيذ الحماية المادية لمنصات الغاز لمنع إلحاق الضرر بها، بينما سيتم تنفيذ أنشطة هجومية في نفس الوقت ضد أهداف على الساحل وفي البحر يمكن أن تعرض حرية عمل البحرية للخطر.

المصدر/ الهدهد