بعد خطابي لبيد وعباس والتوقعات والآمال والتحليلات التي بُينت عليها ، لنهبط على ارض واقع الحقائق المرّة فلا الفوقية والاستعلاء في خطاب لبيد ولا الاستجداء الممجوج في خطاب عباس سيمنع عشرات آلاف المستوطنون من اقتحام الأقصى مساء يوم الأحد 25/9/2022 أي بعد اقل من ساعات من الآن.
اقتحام الأقصى
حيث سيبدأ المستوطنون بالاحتشاد واقتحام الأقصى من كافة أبوابه وذلك بناء على دعوات اطلقتها منظمات استيطانية يهودية تكرس عملها لهدم الأقصى وبناء الهيكل الثالث .
وكل الممارسات على الأرض والتي وصل اقتحام الأقصى خلال العام الجاري اليهودي أي من سبتمبر 2021 الى الشهر الجاري الى أكثر من 55 الف مستوطن قد اقتحموا الأقصى
عشية يوم عيد راس السنة العبرية والذي سيكون مساء الأحد سيتجمع المستوطنون لاقتحام الأقصى وإقامة طقوسهم التلمودية والتي سيكون ابرزها النفخ في البوق وليس عند حائط البراق -والذي تم احتلاله من العدو في يونيو 1967 ودمرا وهدموا جزء من حي المغاربة- بل أيضا داخل المسجد الأقصى وعند مقبرة الرحمة عن الحائط الشرقي والذي تم عبر قرار من محكمة العدو والتي بدءًا من المتطرف يهودا غليك وموشي نينساني من منظمة بيديو الاستيطانية المتطرفة وكان أخرهم عضو كنيست من حزب بن غفير – الصهيونية الدينية- سمحا روتمان صباح امس الجمعة.
التدنيس والهدم
نفخ البوق ليس هو البداية أو النهاية بل هو جزء من سلسلة لا نهائية من فرض وقائع جديدة على الأقصى تكرست وتضاعفت بمئات المرات في عهد حكومة لبيد بينت بدءا من الاقتحامات بالألاف الى مسيرة الأعلام الى ما يطلق عليه السجود الملحمي مرورا بذبح القرابين مرورا باقتحام الأقصى من باب الأسباط بدءا من 28/8/2022 لأول مرة منذ احتلال القدس في يونيو 1967بدلا من باب المغاربة والمخصص لهم من شرطة العدو
وما إحضار خمس بقرات حمراوات من تكساس ضمن مسيرة تلمودية والتي حسب ما نشره إعلام العدو سيخصص رمادها لتطهير مكان بناء الهيكل أي الأقصى بعد هدمه من دنس المسلمين حسب طقوسهم التلمودية وما محاولات ذبح القرابين في الأقصى وتدنيس قبابه بدمائها إلا ضمن الإجراءات العملية على الأرض بهدم الأقصى وإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه.
هذه الحالة الممتدة من الاقتحامات المتواصلة والمستمرة والتي ستتوج خلال الساعات القادمة بأكبر الاقتحامات للأقصى عبر اكثر شهور السنة ازدحاما بالمناسبات والأعياد التلمودية للكيان والتي فيها فرصة لاقتحام الأقصى بعشرات الألاف وفرض وقائعهم على الأرض وصولاً للهدف القريب على الأقل تقسيم الأقصى زمانياً ومكانياً مثلما حدث في الحرم الإبراهيمي بالخليل رغم أن هذا التقسيم قائم بالفعل على الأرض ولكن الكثيرون يتغافلون عنه فاقتحامات الأقصى تحدث يومياً في ساعات محددة تمتد من الساعة السابعة صباحاً الى الثانية عرش والنصف ظهراً عدا يومي السبت والجمعة.
محفزات انتخابية
فماذا نحن فاعلون أمام هذه الهجمة البربرية في ظل ظروف محفزة وداعمة داخل الكيان على غض الطرف والتشجيع والمشاركة في اقتحام الأقصى ليس من قبل اليمين المتطرف فقط بل من كل الوان الطيف السياسي للأحزاب الصهيونية المختلفة وفي أوج المعركة الانتخابية الخامسة خلال السنوات الثلاث الأخيرة والكل فيها يتنافس على أي صوت خصوصا الأصوات اليمينة المتطرفة والتي أثبتت استطلاعات الراي والانتخابات المتكررة أنها التي ستكون بيضة القبان لاي نجاح حكومة أو فوز لاي حزب.
المحفزات الانتخابية لم تتوقف عن الأحزاب المتنافسة بل شجعت اطراف إقليمه ومفاصل في السلطة الفلسطينية لمغازلة حكومة لبيد غانتس على امل انهم الأمل الباقي مما يطلق عليه اليسار والوسط الذين يمكن أن هناك فرصة لتحقيق الأحلام الضائعة خلال العقود الثلاثة الأخيرة لتسوية ومفاوضات وسلام مزعوم
هذه الحالة انعكست بشكل بارز على دول أقليمية من جهة ودول عربية أخرى وجدت نفسها ضمن ساقية العدو تدور في رحى مصالح قادته الحزبية الضيقة والتفافا على أي جهة فلسطينية رسمة كالسلطة أو غيرها مهما كانت ضمن عبارات الوصاية والحماية على الأقصى ومقدسات الفلسطينيين
حالة التدخل من قبل أموال لدول عربية مطبّعة من كيان العدو ظاهراً وباطناً في سرقة ممتلكات الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية ونقلها لملكية المستوطنين وحكومة العدو ليست جديدة بل حتى وصل بعضهم بالدعم المالي المباشر لأحزاب صهيونية على امل أن يكون عندها سهم من الرضا والمكانة حالة وصولها للحكم رغم أن هذا الأمر لا يزال بعيد المنال نظرا لحالة التيه السياسي الداخلي للعدو والتي لن ننتهي حتى مع انتخابات سادسة أو سابعة قريبة.
ساحات المواجهة الأربع
الساحات الفلسطينية الأربع كل منها له ظروفه وحساباته والتي قد تكون موانع من خوض معركة منفردة للوصول الى فرض معادلات جديدة على العدو في ظل تواطؤ إقليمي واضح ومكشوف في قضية الأقصى
فعلى صعيد فلسطيني الداخل المحتل 1948: فما تعرض له حزب التجمع من غدر مكشوف من قبل الطيبي وعودة لإخراجه خراج القائمة المشتركة والتي كانت تمثل الصخرة الأخيرة أمام الأحزاب الصهيونية على الأقل شكلياً ليصبح تكرار تجربة منصور عباس بالنسخة العلمانية اليسارية وتحت شعار برغماتية مصالح لفلسطيني 1948 هو المحرك وراء ما حدث للتجمع مع وعود من لبيد ومصلحة لنتنياهو من شق أخر شيء يجمع شتات فلسطيني الداخل والذين سلطت عليهم حكومات العدو الجريمة والقتل والمخدرات والبطالة والعنصرية البغيضة فمنذ بداية العام فقط 87 قتيل من فلسطيني الداخل في ظل إغراق فلسطين 1948 بكوارث متواصلة من جريمة وقتل ومخدرات ونزاعات سياسية لا ننتهى ومستويات متدنية جداً من خدمات تقدم اليهم ونزعهم من فلسطينيتهم وحتى من إنسانتيهم واطلاق يد المستوطنين للعبث في كل مفاصل حياتهم من مصادرة الأراضي وهدم القرى والتجمعات وصولاً لحالة فوضى سياسية بينهم مع عزوف غير مسبوق ومتوقع من المشاركة في انتخابات نوفمبر القادمة.
كما أن العدو جهز عدته لوأد أي حراك فلسطين 1948 للتحرك نصرة الأقصى والذين تسمح لهم ظروف الاحتلال بالدخول والاحتشاد في المسجد الأقصى رغم القيود الكبيرة جدا فهم راس الحربة دوما في قضية الأقصى ومناصرة أهل القدس والتصدي للمستوطنين وما تصريحات مفوض شرطة العدو قبيل أيام حول عزل المدن الفلسطينية والمدن المختلطة عن الأنترنت حال قيام احتجاجات مثل التي حدثت في هبة سيف القدس نصرة للأقصى واهل القدس وغزة في العام الماضي.
الظروف المحبطة والتي ذكرت آنفاً هي عوائق في ظاهرها ولكنها محفز حقيقي كما ذكر البروفيسور رافي ولدان في مقال في هآرتس في 20/9 بان الظروف السياسية قد تحفز فلسطيني1948 على الانكفاء على انفسهم وتمسكهم اكثر بفلسطينيتهم وعروبيتهم مع إيقاظ الوعي بصدمة النكبة والشعور بالمواطنة المتدنية.
هذه الظروف كانت محفزاً حقيقاً وفاعلا لهبة الكرامة وقبلها هبات من اجل الأقصى ومناصرة إخوانهم الفلسطيني في كل مكان وهذا الذي يقلق العدو دوما
غزة: والتي هي درع ومحفز المقاومة بين ربوع الوطن تلعق جراحها وتلملم شتات قوتها بعد 64 شهيد ومئات الجرحى والتدمير وذلك خلال عدوان أغسطس الماضي ، أن تحت رماد هذا الصمت جمر متقد وما ذكرته وسائل إعلام عبرية هو رصد تحركات للكوماندوز البحري للمقاومة خلال الفتر الماضية ورفع درجات التحذير من استهداف منصات حقول الغاز أو موانئ العدو القريبة من غزة كأسدود وعسقلان أو حتى عملية انزال بحرى الى شواطئ المستوطنات القريبة من قطاع غزة قد يخلط الأوراق.
الضفة المشتعلة بأكبر موجة من العمليات ضد العدو ومستوطنيه وصرخات استغاثات العدو وحكومته وصلت الى منصة الأمم المتحدة من قبل لبيد مرورًا بدول عربية وإقليمية للتدخل في تهدئة هذه الساحة المتفجرة بعد عقم أساليب القتل والاعتقال وهدم المنازل وتغول المستوطنين أمام إرادة فولاذية من شباب صادق في انتمائه يسعى لوضع له سهم ولو بالقليل للتصدي للعدو ومستوطنيه والذي استباح الدماء والمنازل والأراضي .
حالة الضفة الغربية والتي سعت أجهزة امن السلطة لشرخ صورتها النضالية المميزة باعتقال مصعب اشتية ورفيقه يوم الاثنين الماضي من نابلس والتي هبت كل مناطق الضفة تقريبا احتجاجا ضد الفعل المكشوف للوكيل الأمني للعدو والذي سعى لخلط الأوراق وحرف بوصلة الروح الوثابة لمقاومة أهل الضفة عن العدو واقتحام مستوطنيه اليومي للأقصى.
في المقابل الإجراءات التي اعلن عنها العدو من أغلاق الضفة ومعابر غزة ومحاصرة القدس وانتشار عشرات الألاف من جنوده وقواته الشرطية والأمنية في شوارع القدس وداخل المدن الفلسطينية في الداخل المحتل ونشر كتائب من جنوده على ما يسمى خط التماس وعلى جانبي الجدار العازل خصوصا حول قلقيلة وهي الأقرب لمدن الداخل المحتل مع حملة اعتقالات غير مسبوقة في الضفة الغربية والقدس المحتلة وقرارات إبعاد عن الأقصى ضد فلسطيني 1948 وأهالي القدس كل ذلك يأتي ضمن استعداداته بتسهيل اقتحام الأقصى والمتوقع أن يكون بعشرات الألاف خلال الأيام القادمة
أما أهل الثغر الأول وأصحاب السبق في التصدي لاقتحام المستوطنين ومنعهم من الوصول الى ما يخططون اليه من تقسيم الأقصى زمانياً أو مكانياً فرغم ما يتعرضون له من هدم المنازل وأسرلة التعليم والاعتقالات والغرامات ومصادرة الأراضي والقمع والقتل من قبل العدو ومستوطنيه إلا أن معركتهم اليومية لس على مستوى الوعي فحسب بل معركة الحظة باللحظة أمام حواجز العدو وصولا للمسجد الأقصى للرباط والصلاة فيه والمحافظة عليه من تدنيس المستوطنين هو خط الدفاع الأول والأكثر جدوى أمام هجمة العدو البربرية والفاشية ضد الأقصى والقدس
بحر من الأخطار: يجب مُراقبة الحُدود البحرية الآن أكثر من أي وقت مضى
مسؤولون في الكيان: “نتنياهو أيّد إزالة البوابات الإلكترونية وتراجع عن ذلك بسبب يائير وسارة”
أكثر من 1800 مستوطن اقتحموا الأقصى طيلة أيام عيدهم الحانوكا
قائد شُرطة العدو السابق: في المواجهة القادمة: “فلسطيني 1948 سيقتلون اليهود”
الخيارات أضحت مفتوحة أمام كل العوامل الفعالة و المؤثرة في رسم المشهد في ساحات الأقصى خلال الأيام القادمة ليس فقط من توقعات باندلاع معركة شرسة ضد العدو ومستوطنيه دفاعاً عن الأقصى بل تدحرج كرة اللهب من اكثر من ساحة من الضفة ومدنها وشبابها الثائرين ومن غزة ومقاومتها ، واهل القدس ومرابطي ثغورها وفلسطيني الداخل المحتل والذين رغم البحر اللجي مما هم فيه من مشاكل سياسية واقتصادية وأمنية وجريمة وقتل إلا أن الأقصى لهم جميعا خط احمر ترخص أمامه الروح والدماء.
فهل من عاقل طرف العدو أم أن غبائه وسكرة القوة ستعمي الحقيقة عن عيون قادته ليقعوا في بحر غضب الفلسطيني وخلفهم أمة المليار من اجل الأقصى
المصدر الهدهد