من المرتقب أن يستقرّ تلسكوب “جيمس ويب” الفضائي الذي ينتظره علماء الفلك من العالم أجمع منذ ثلاثين سنة في مداره للمراقبة، محمولا بصاروخ “أريان 5” على بعد 1,5 مليون كيلومتر من الأرض، لسبر أغوار الكون بتقنيات هي الأعلى دقّة على الإطلاق.
وحُدّدت عملية الإطلاق من مركز غويانا الفضائي السبت اعتبارا من الساعة 12,20 بتوقيت غرينيتش مع هامش ممتدّ على 32 دقيقة.
وقد أُرجئ إطلاق “جيمس ويب” ثلاث مرات، كان آخرها الثلاثاء. وأعلنت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) أن سبب التأجيل هو “سوء الأحوال الجوية” في مدينة كورو، مشيرة إلى أن “تاريخ الإطلاق الجديد هو 25 كانون الأول/ديسمبر”.
والهدف المنشود من أداة المراقبة الفضائية هذه الأكثر دقّة في التاريخ هو الإضاءة على سؤالين يشغلان البشرية: “من أين نأتي؟” و”هل نحن لوحدنا في هذا الكون؟”.
وتقضي الغاية منه أيضا بسبر أغوار ما يُعرف بـ “الفجر الكوني” عندما بدأت أولى المجرّات تضيء الكون منذ الانفجار العظيم قبل 13,8 مليار سنة.
بحر من الأخطار: يجب مُراقبة الحُدود البحرية الآن أكثر من أي وقت مضى
مسؤولون في الكيان: “نتنياهو أيّد إزالة البوابات الإلكترونية وتراجع عن ذلك بسبب يائير وسارة”
أكثر من 1800 مستوطن اقتحموا الأقصى طيلة أيام عيدهم الحانوكا
وهو سيتيح التعمّق في فهم كيفية تشكّل النجوم والمجرّات ومراقبة الكواكب خارج المنظومة الشمسية التي ما انفكّ العلماء يكتشفون المزيد منها، على أمل العثور على كواكب أخرى مؤاتية للحياة.
وسيكون “جيمس ويب” على منوال التلسكوب “هابل” الذي أحدث ثورة في تقنيات مراقبة الفضاء واكتشف العلماء بفضله وجود ثقب أسود في قلب كلّ المجرّات أو بخار ماء حول الكواكب الخارجية، على سبيل التعداد.
توطيد التعاون
وضعت وكالة الفضاء الأميركية التصاميم الأولى للتلسكوب المعروف اختصارا بـ “جي دبليو اس تي” بعيد إطلاق “هابل” سنة 1990 وبدأ تشييده في 2004 بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية وتلك الكندية. ويتميّز هذا الجهاز على أكثر من صعيد.
فمرآته البالغ طول باعها 6,5 أمتار تجعله أكثر قدرة على الاستشعار بسبع مرّات، ما يتيح له مثلا رصد الأثر الحراري لنحلة على القمر.
ويتمايز “جيمس ويب” أيضا بتقنيته للمراقبة، فتلسكوب “هابل” يجري عمليات المراقبة في ميادين يكون فيها الضوء مرئيا. أما “جيمس ويب”، فهو يسبر موجات غير مرئية للعين المجرّدة من أشعة تحت حمراء متوسطة المدى وقريبة، وهو شعاع يصدر عن كلّ جسم فلكي أو نجم أو إنسان أو زهرة.
والشرط الأساسي لحسن سير عمليات المراقبة في التلسكوب هو انخفاض الحرارة المحيطة به لدرجة لا تؤثّر على تتبّع الضوء.
لكن عملية إطلاق هذا التلسكوب محفوفة بالصعوبات والتعقيدات.
وقد وُضع التلسكوب “هابل” في المدار على علو يقرب من 600 كيلومتر فوق الأرض. لكن عند هذه المسافة، سيكون “جيمس ويب” غير صالح للاستخدام مع تسخينه من الشمس وانعكاسه على الأرض والقمر.
وسيوضع التلسكوب في مكانه المحدد إثر رحلة تمتد شهرا لمسافة 1,5 مليون كيلومتر من الأرض. وسيحظى بحماية من الإشعاع الشمسي بفضل درع حرارية مكونة من خمسة أشرعة مرنة تبدد الحرارة وتخفض درجتها (وهي 80 درجة مئوية) إلى 233 درجة مئوية دون الصفر عند جهة التلسكوب.
وقد اتخذت وكالة “ناسا” تدابير مشددة لتفادي أي أضرار قد تلحق بالتلسكوب الذي كلّف تطويره ما يقرب من عشرة مليارات دولار على مدى سنوات طويلة.
وسيتسنّى للعالم بعد 27 دقيقة من الإطلاق معرفة إن كانت العملية سارت على خير ما يرام.
ومن شأن نجاح العملية أن يوطّد الشراكات القائمة بين “ناسا” وشركائها الأوروبيين.
وشدّد مسؤولون من “ناسا” ووكالة الفضاء الأوروبية في مركز كورو الفضائي في غويانا الفرنسية على أهمية “التعاون الوطيد في مجال الفضاء لتحقيق إنجازات كبيرة”.
لكن لا بدّ من الانتظار أسابيع عدّة لمعرفة إن كان التلسكوب قابلا للتشغيل ومن المزمع وضعه في الخدمة في حزيران/يونيو
المصدر/أ ف ب