تميزت الحملات الانتخابية في كيان العدو على مدار 73 عاما هي فترة وجوده بالتركيز على المفارقات الاجتماعية وعلى العنصرية بين اليهود الأشكناز والسفارديم واليهود الذين تم جلبهم من الدول العربية ويطلق عليهم “همزراحي”
ملاك الدمار
وهذا الذي أشار اليه الصحفي بن كاسبيت في مقال له في اليوم في صحيفة معاريف عندما تسائل أين يخفي نتنياهو أعضاء حزبه من اليهود الشرقيين “المزراحيم ” في قائمته ومن ثم في حملة الليكود الانتخابية.
وأضاف بان بنيامين نتنياهو المفسد في كل المواضيع: الاقتصادية ، الأمنية ، الأخلاقية ، القيم ، السياسية ومن بين كل ما فعله ، لا يوجد شيء أكثر جدية ، أو فظاعة ، أو لا يغتفر ، مما يفعله بالنسيج الاجتماعي الرقيق الذي تم نسجه هنا في السنوات الـ 73 الماضية معززا الصدع الداخلي الذي يمزق داخلنا هكذا سيتذكره التاريخ.
واعتبر بن كسبيت بان :”ملاك الدمار -هذا ما أسماه يتسحاق شامير- هو الجرح الإسرائيلي النازف والذي يحتاج عملية شفاء حساسة ولكنها مهمة. في حين أن نتنياهو لا يتردد في الانقضاض على هذا الجرب وهذا الجرح بساطور صدئة. مضيفا:” بانه يتحدث عن إحياء الشيطان الطائفي لاحتياجات نتنياهو الشخصية”.
وقال: “ماذا يفعل نتنياهو في هذا الوقت؟ إخفاء أعضاء الكنيست من أصول شرقية (مزراحيم )في حملته. ابتلعتهم الأرض واعتقد أن ديفيد امسالم في إجازة تزلج ، مي غولان تتطوع مع أطفال المتسللين في جنوب تل أبيب ، وشلومو كارعي ، لماذا لا يكون له دور مهم في حملة الليكود المخصصة للصهيونية الدينية؟”
الشيطان الطائفي
الشيطان الطائفي كان دوما حاضرا في الخطاب العام والسياسي في كيان العدو منذ نشأته
وفي مقال في صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية قال جاكوب باردوجو: كما أن الأحزاب التي تتبنى التغيير لا يثيرون الانقسام الطائفي فحسب ، بل يبعثرون أيضًا تلميحات عنصرية ومعادية للمزراحيم في دعايتهم ، فإن الأمر سيحصل على موقف يسلط الضوء على ظواهر غير مناسبة في المجتمع الإسرائيلي”.
واعتبر بأن التعامل مع اضطهاد يهود مزراحيم في الساحة السياسية في إسرائيل بانها مزاجية ثنائية : “على اليمين ، هو استخدام ساخر لمشاعر عفا عليها الزمن من الحرمان والنقد المفرط. في حين أنها على اليسار هي معركة مشروعة ضد القوى المظلمة و “المجنونة”.
الهجوم واللعب على شيطان الطائفية في كيان العدو ليس جديدا بل هي حالة دائمة منذ حتى قبل قيام الكيان فالعصابات الصهيونية التي أقيمت في فلسطين وخارجه وتم جلبها بدعم من الوكالة اليهودية ودول عالمية وغطاء من احتلال غربي إقليمي الى فلسطين لقتل أهلها وتشريدهم ونزع أراض والممتلكات بقوة الدم والنار منهم كانت تعيش تحت شعاراتها الطائفية العنصرية فيما بينهما فالتخوين فيما بينهما والقتل والاستهداف والحكم بالسجن واستهداف سفينة بيغن للسلاح
وحتى الإن بقيت مناصب في جيش العدو ومناصب في أجهزته الأمنية محرمة على اليهود الشرقين وبعض الطوائف
وما قصة خطف والاتجار ب4000 من أطفال يهود اليمن والذين تم جلب 50 الف منهم الى كيان العدو في الأعوام 1949-1952م لهو اكبر دليل على نظرة الاستعلاء والفوقية لتعامل يهود الأشكناز والسفارديم مع اليهود الشرقيين المزراحيم.
يهود الفلاشا
كما أن استخدام الشيطان الطائفي واضطهاد الطوائف الشرقية والتي ليست فقط يهود من الدول العربية بل ينضم اليهم يهود أثيوبيا ” الفلاشا والذي أشار اليها جاكوب باردوجو مؤكدا بان أحزاب اليسار واليمن والوسط وكافة ألوان الأحزاب الصهيونية قائمة عليها:” فمن استعراض للحملات الانتخابية والتي بنوا عليه حملتهم الانتخابية ، وبعض رسائلهم ملطخة بنكهة عنصرية تجاه المزراحيم، و لقد رأينا العديد من هذه العروض فقط في غضون الأيام العشرة الماضية، فقد أصدر حزب معسكر الدولة لغانتس ذو العيون الزرقاء مقاطع فيديو ذات مستويات عالية من التحريض ضد المزراحيم ، مع كامل الاتهامات المعروفة. شلومو كارعي بالعقد ، غاليت ديستل عطبريان في صورة غير مبهجة ، أمسالم وميري ريغيف مع الأيدي والصراخات وفي فيديو آخر ، حذر الجمهور من “كابوس تشرين الثاني” الذي سيتحقق في حال فوز نتنياهو في الانتخابات ، وعلى خلفية حمراء وُضع إيتامار بن غفير مع أمير أوحانا بجانبه”.
وربما لاستكمال الصورة ، قرر عضو الكنيست رام بن باراك ،من يش عتيد هذا الأسبوع ، الرجل الذي ابتكر التمييز الذي لا يُنسى – “إنهم سود ، نحن بيض” – أن يقول إنه خائف جدًا من أغطية الرأس التي تستحوذ على الفضاء العام في إسرائيل كما حذر الموقع الرسمي للحزب باللغة الروسية من تحويل الليكود إلى حزب سفاردي (حزب لليهود ذوي الأصول الإسبانية ) .
وأكد بان:” المعنى أن هذه ليست مصادفات ، ولا انفعالات ، ولا خيال شرقي مضطرب ، بل حملة مخططة ، حملة سلبية واسعة تخاطب ما يعتقده قادة هذه الأحزاب على الأرجح – عن طريق الخطأ – على أنه معاد لليهود الشرقيين – مزراحيم وبعض منها من منطلقات دينية”
قمع وتمثيل صوري
ولزيادة المأساة هذه الروح بشكل مأساوي تتوافق مع السلوك السياسي لهذه الأحزاب التي كانت شريكة في إقامة حكومة طبقية ، فلم يقتصر الأمر على استبعاد وإسقاط الأحزاب التي يتم تحديد ناخبيها من يهود مزراحيم او غيرها من الطوائف المضطهدة ولكنها عملت على تحييد قوتهم وتواطأت ضدهم قدر الإمكان ، مع أولئك الذين يروجون -لآلة السموم وقوى الظلام في إسرائيل- وهو حدث اجتماعي يسير جنبًا إلى جنب مع الحدث السياسي ويدفعه ، ولا يشمل فقط إقصاء نصف الشعب من المزراحيم ، بل يشمل أيضًا التخويف منهم وشيطنتهم” .
وخلص الى أن :”هذه الروح الضبابية تدل على رؤساء هذه الأحزاب وقادتها ، ولا تعتبر فقط أساليب دعائية بل تعكس نبض هذه الأحزاب مع قاعدتها الانتخابية المعادية لليهود المزراحيم”.
والمطلع على قوائم الأحزاب نجد كيف ألقت هذه الأحزاب ممثلين من يهود أثيوبيا “الفلاشا” في ذيل قوائمها والذين حتى فشل بعضهم في الفوز في الانتخابات التمهيدية بل تم ترفيعهم عبر “مقاعد مضمونة” فقط لذر الرماد في العيون واللعب على طوائفهم مثلما حدث مع تسنا ملكو رقم 37 في قائمة الليكود من أصول أثيوبية والتي وضعت في مكان غير واقعي وضمن المقاعد الخمسة المضمونة التي وزعها نتنياهو على المنشقين من الأحزاب الصهيونية المختلفة واستمالة لقلوب طوائف يهودية مختلفة وتتكر الحالة أيضا مع رقم 31 في قائمة يش عتيد من أصول أثيوبية روني فنتنش ملاخي.
وشكك سابقا رون كاهليلي في مقال له في 19 ديسمبر 2021 من كون زيادة تمثيل اليهود المزراحيم قي الكنيست سيكون لها تأثير وقال: وفقًا للبيانات ، هناك عدد قياسي من أعضاء الكنيست وأعضاء الكنيست من أصل شرقي” مزراحي” في الكنيست ال24 معظمهم مجتمعون في اليمين والوسط السياسي.
وأضاف: “التمثيل السياسي ، بالتأكيد في النظام الديمقراطي ، هو أمر خادع. خاصة عندما تتسع الفجوات بين المزراحيم والأشكناز ، وفقًا للبيانات الثابتة – في التعليم والتعليم العالي والتوظيف والصحة والنقل وبالطبع في رأس المال الرمزي والحقيقي. فينما يواصل أعضاء الكنيست المزراحيم شغل مقاعد في الكنيست ، ومن ناحية أخرى – يذهب صبي مزراحي في كريات جات إلى الفراش جائعًا ، وتتعلم فتاة مزراحية أن تكون أمين مكتبة بالحد الأدنى للأجور وستعيش امرأة مسنة مزراحية في الرملة ست أو سبع سنوات أقل من جارتها الأشكنازية في الكيبوتس القريب”.
بحر من الأخطار: يجب مُراقبة الحُدود البحرية الآن أكثر من أي وقت مضى
مسؤولون في الكيان: “نتنياهو أيّد إزالة البوابات الإلكترونية وتراجع عن ذلك بسبب يائير وسارة”
أكثر من 1800 مستوطن اقتحموا الأقصى طيلة أيام عيدهم الحانوكا
قائد شُرطة العدو السابق: في المواجهة القادمة: “فلسطيني 1948 سيقتلون اليهود”
وأضاف:” كم هي قسوة السخرية التي ينقلب فيها الواقع رأسًا على عقب أمام أعيننا. اذهب وتحدث عن الفوارق عندما يلوح الجميع بـ ” أولاد الخليط ” ، رغم أن نسبة الزواج بين أشكناز ومزراحي لا تزيد عن 25٪ في افضل الأيام ، وهذا يحدث عادة في الوسط في حين أنه في ديمونا لا يوجد الكثير من الأشكناز للاختلاط بهم ولا حتى في كريات ملاخي وبيت شان.”
وتسائل البروفيسور مومي دهان عضو هيئة تدريس في كلية السياسة العامة في الجامعة العبرية. في سلسلة مقالات نشرت في أغسطس 2022 في صحيفة هآرتس العبرية :”لماذا يصوت الإسرائيليون من أصل شرقي” مزراحي” لأحزاب اليمين والليكود؟ فقال:” التفسير الشائع أن هذا الاتجاه هو رد فعل سياسي انتقامي لأحفاد المهاجرين من إفريقيا وآسيا على عدم المساواة المؤسسية في الفرص التي فرضها عليهم حزب “مباي” اليساري(حزب عمال ارض إسرائيل ) ضد آبائهم وأجدادهم. ” معتبرا بان فإن الصدمة السابقة للتمييز ضد أجدادهم وإبائهم في جيل الهجرة الأولى هي التي تشكل تصويت الجيل الحالي ، من خلال انتقال المواقف السياسية من جيل الى جيل “
العنصرية والطبقية والنظرة الفوقية والكراهية المتجذرة والتكفير بين مكونات المستوطنين في كيان العدو ليست وليدة اللحظة أو حقبة قريبة بل هي مزروعة في جيناتهم وهي بالأساس السبيل لاندحار وانهيار هذا الكيان كما وصفه شامير سابق بانه “ملاك الدمار” رغم بوتقة الانصهار الشكلية لبن غريون والتي فشلت طوال العقود السبعة ونيف السابقة في إيجاد مجتمع متجانس.
المصدر/ الهدهد