ترجمة : أمين خلف الله
هارتس
نير حسون
في مجتمع المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، يتشكل تدريجياً إجماع: أفعال إسرائيل في قطاع غزة هي جريمة ضد الإنسانية. وتتفق معظم المنظمات على أن أفعال إسرائيل تعتبر بالفعل إبادة جماعية، والبعض الآخر يكتفي بجريمة الانقراض، وهي إنكار شروط بقاء السكان المدنيين على قيد الحياة دون نية الإبادة. قبل أسبوع، نشرت منظمة العفو الدولية تقريراً مفصلاً زعمت فيه أن تصرفات إسرائيل في غزة ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.
هذا الصباح، تنشر منظمة مهمة أخرى – هي هيومن رايتس ووتش – تقريرًا عن الوضع الإنساني في قطاع غزة وتعلن فيه أن إسرائيل مسؤولة عن جريمة الإبادة الجماعية. ولا يذكر التقرير صراحةً أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية، لكنه يثير الحجة القائلة بأن إن الأفعال التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة – وكذلك تصريحات القادة الإسرائيليين – يمكن أن ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. وبصرف النظر عن ذلك، فإن منظمتين أوروبيتين لحقوق الإنسان – المركز الأوروبي لحقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي كما قررت المنظمة الدولية لحقوق الإنسان (FIDA) مؤخرًا، بناءً على تحليل أجرته، أن تصرفات إسرائيل في غزة تعتبر إبادة جماعية.
تقرير هيومن رايتس ووتش يقع في 184 صفحة، عنوانه “جريمة الإنقراض” انهاء الوجود” والأفعال التي تندرج تحت تعريف جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة”، ويركز على حرمان سكان القطاع من المياه.
قطاع غزة واستند مؤلفو التقرير إلى عشرات المقابلات وتحليلات صور الأقمار الصناعية، وتوصلوا إلى أن الآلاف من سكان غزة ماتوا بسبب نقص المياه النظيفة منذ بدء الحرب. ويذكر مؤلفو التقرير أيضًا أن الجيش الإسرائيلي دمر ستة مرافق لمعالجة مياه الصرف الصحي وخزان مياه. تم تحميل توثيق انفجار خزان المياه في رفح من قبل جندي قام بتصوير الانفجار، حتى أنه أضاف تعليقًا: “تدمير خزان المياه تكريما ليوم السبت”.
كما توصل المؤلفون إلى أن 84% من البنية التحتية للمياه في قطاع غزة قد دمرت طوال الحرب. وبحسب التقرير، فإن الجيش الإسرائيلي يمنع بشكل منهجي إدخال المعدات والأجزاء اللازمة لإصلاح البنية التحتية للمياه، بدعوى أن هذه مواد وأجهزة يمكن استخدامها أيضًا لأغراض عسكرية، واستمر في هذه السياسة على الرغم من الأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية. في لاهاي بهذا الشأن. وجاء في التقرير أن هذه الإجراءات تتفق مع تصريحات القادة الإسرائيليين، بما في ذلك وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الجيش يسرائيل كاتس، الذين أعلنوا عن نيتهم قطع المياه عن غزة.
يوجد في غزة مصدران للمياه النظيفة: المياه التي تشتريها السلطة الفلسطينية من إسرائيل والتي تتدفق منها، ومحطات تحلية المياه قليلة الملوحة. وفور هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، أوقفت إسرائيل تدفق المياه، ومع انهيار شبكة الكهرباء في قطاع غزة بعد وقت قصير من اندلاع الحرب، توقفت منشآت تحلية المياه عن العمل. ومنذ ذلك الحين، تم استئناف تدفق المياه بشكل جزئي وعادت مرافق التحلية إلى العمل جزئياً باستخدام المولدات، لكن كمية المياه المنتجة في القطاع أقل من ربع الكمية التي كانت تنتج قبل الحرب، وحتى ذلك الحين، ويعاني سكان غزة من نقص المياه النظيفة.
ويتسبب النقص الحاد في المياه في حدوث أمراض واسعة النطاق، بما في ذلك الإسهال وأمراض الكبد والأمراض الجلدية والأمراض المعدية في الجهاز التنفسي ونقص حليب الثدي لدى النساء المرضعات والجفاف. وشهد الأطباء والعاملون في المجال الطبي أنهم واجهوا يومياً وفيات أطفال بسبب نقص المياه النظيفة. ويقدر مؤلفو التقرير أن آلاف الأشخاص لقوا حتفهم في قطاع غزة منذ بدء الحرب بسبب نقص المياه النظيفة. وكانت كمية المياه لكل فرد في قطاع غزة قبل الحرب 83 لترًا، وهو الحد الأدنى المطلوب للاستهلاك لكل فرد وتبلغ كمية المياه الصالحة للشرب للشخص الواحد كما حددتها منظمة الصحة العالمية 50 لترا، في حين أن كمية المياه النظيفة المتاحة للشخص الواحد يوميا في قطاع غزة تتراوح في العام الماضي بين 2 إلى 9 لترات فقط وجاء في التقرير أن الشخص في شمال قطاع غزة يستقبل نحو 107 أشخاص لتر من الماء يوميا، وفي وسط القطاع وجنوبه، حيث تم إجلاء معظم سكان القطاع، يتراوح المعدل بين 20 إلى 34 لترا يوميا. وللمقارنة فإن كمية المياه التي يستخدمها المواطن الإسرائيلي هي 247 لترا يوميا.
ويدعو التقرير حكومات العالم إلى تعليق جميع المساعدات العسكرية لإسرائيل طالما أنها لا تلتزم بالقانون الدولي. “يجب على الحكومات ألا تساهم في الجرائم الخطيرة التي يرتكبها المسؤولون الإسرائيليون في قطاع غزة، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية وقالت تيرانا حسن، المديرة التنفيذية للمنظمة: “إننا نواجه أعمالاً إرهابية وأعمال إبادة جماعية، ويجب أن نتخذ جميع التدابير الممكنة لمنع إلحاق الأذى بالآخرين”. وأضافت: “يجب على الحكومات التي تسلح إسرائيل أن تتوقف عن المخاطرة بالتواطؤ في جرائم مروعة في قطاع غزة وأن تتخذ إجراءات فورية لحماية المدنيين من خلال حظر الأسلحة والعقوبات المستهدفة”.