أمين خلف الله
غزة برس
سرقة 109 شاحنة من أصل 150 شاحنة محملة بالطحين لوكالة الغوث و مساعدات الـ wfb ( المطبخ العالمي).
هذا كان أحد الأخبار اليومية، التي ينشرها صحفيو قطاع غزة ، في ظل مجاعة حقيقة، لم تتوقف منذ شهور طويلة في شمال قطاع غزة، وتمتد بشراسة في وسط و جنوب قطاع غزة.
التجويع المنهج
المجاعة التي تنشر بسرعة شديدة في وسط وجنوب قطاع غزة، يصفها الناشط يوسف فهيم والذي يعمل في أحد الجمعيات الإغاثية ( يتحفظ عن نشر اسمها):” أن التكية التابعة للجمعية لا تجد ما تطعمه للناس فقط معلبات ذات أسعار خيالية خصوصا البازلاء والفاصوليا أو العدس إضافة للأرز والمعكرونة.
وأضاف:” أن أعداد الطوابير تضاعفت مرات كثيرة؛ تلك التي تدق باب الجمعية طلبًا للمساعدة للحصول على الطعام، أو توفير ولو حفنات بسيطة من الطحين، أو حتى الوقوف ساعات في انتظار دورهم في استلام غرفات من طعام، هو بالأساس معلبات قدمت كمساعدات مجانية يضطرون في الجمعية وغيرهم من التكيات لشرائها بأسعار فلكية من التجار الذين يتعاملون مع اللصوص وقطاع الطرق.
مشيرًا إلى أن المبلغ الذي في الشهور الأولى في الحرب؛ كان يمكن أن يطعم مثلا ألف أسرة كوجبة طعام غداء، يتوفر فيها الأرز والخضروات المطبوخة والقليل من اللحم، أصبح نفس المبلغ لا يكفي حتى لإطعام 50 أسرة فقط، مع معرفة أنه لا يوجد أي شكل من أشكال اللحوم، أو الخضروات الطازجة، فقط معلبات، والعدس، والأرز.
وقد أصدرت لجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي التابعة للأمم المتحدة في 8 نوفمبر 2024 إنذارا أعربت فيه عن قلقها إزاء “الاحتمال الوشيك والكبير لحدوث المجاعة، بسبب الوضع المتدهور بسرعة في قطاع غزة”.
ونشرت سيندي ماكين المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي على موقع اكس: “تأكد ما هو غير مقبول: من المرجح أن المجاعة تحدث أو على وشك الحدوث في شمال غزة. لابد من اتخاذ خطوات فورية للسماح بتدفق آمن وسريع ودون عوائق للإمدادات الإنسانية والتجارية لمنع وقوع كارثة شاملة”.
وعقب مدير تحليل الأمن الغذائي والتغذية لدى برنامج الأغذية العالمي جان مارتن باور- وفقا لما نشره موقع الأونروا-، إن هناك احتمالا قويا أن المجاعة “تحدث أو أنها وشيكة” في أجزاء من شمال غزة نتيجة للنزوح على نطاق واسع، وانخفاض التدفقات التجارية والإنسانية إلى غزة، وتدمير البنية الأساسية والمرافق الصحية والوضع الصعب المتعلق بعمل الأونروا. وشدد على أن تصريحات لجنة المراجعة “نادرة جدا، لذا فإن هذا الأمر يستحق الاهتمام”.
وأضاف باور إن برنامج الأغذية العالمي شهد “انخفاضا كبيرا في عدد الشاحنات التي تدخل غزة في أواخر تشرين الأول/أكتوبر”، مشيرا إلى أن 58 شاحنة فقط تدخل يوميا، مقارنة بنحو 200 شاحنة خلال الصيف، ومعظم الشاحنات التي دخلت كانت تحمل مساعدات إنسانية.
وقال مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة لموقع غزة برس: “قبل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة ورغم الحصار الظالم المستمر منذ 17 سنة متواصلة؛ كان يدخل إلى قطاع غزة 600 شاحنة في اليوم الواحد من البضائع والسلع والمساعدات المختلفة وكانت الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة تعمل على إيصال هذه المساعدات إلى مستحقيها سواء بشكل مباشر أو من خلال الإشراف بشكل غير مباشر، ولكن بعد حرب الإبادة الجماعية أوقف الاحتلال إدخال كل المساعدات إلى قطاع غزة”.
مضيفا الى أنه ” منذ 200 يوم أغلق الاحتلال آخر معبر إلى قطاع غزة وهو معبر رفح وقام بتجريفه وإحراقه وإخراجه عن الخدمة، ومنع إدخال المساعدات بشكل كامل”.
وأشار:” بعد الضغط الإعلامي على الاحتلال بدأت تدخل يوميا من 10 إلى 30 شاحنة فقط، والاحتلال يقوم بتصويرها والترويج للعالم وتضليل الرأي العام أنه يقوم بإدخال المساعدات، ثم من تحت الطاولة يقوم بالتنسيق مع فئات وعصابات خارجة عن القانون من أجل تسهيل سرقة هذه المساعدات. وهي فئات منفلتة وخارجة عن القانون تعمل في جنوب قطاع غزة على سرقة شاحنات البضائع والمساعدات المخصصة للتجار ولأبناء شعبنا الفلسطيني بشكل يُسيء لشعبنا الصامد ويُسيء لتضحياته، ويعمل على تأزيم ظروف الحياة للنازحين”.
الفوضى
وسئل المختص في الشئون الإسرائيلية نائل عبد الهادي عن خطة حكومة نتنياهو لليوم التالي( اطلعت عليها غزة برس) والتي طرحها عدد من الباحثين في معهد الأمن القومي؟
فقال:” بان الخطة مبنية على التجويع وإخضاع المجتمع وكي الوعي حيث شارك في صياغتها بروفيسور نيتع باراك كورنبر، بروفيسور داني أورباخ من الجامعة العبرية في القدس ودكتور ناتي بالمر جامعة بار ايلان ومركز بيغن- السادات دكتور هرئيل حوريف مركز ديان، جامعة تل أبيب والذين قدموا ملامح هذه المرحلة في دراسة قدمت لحكومة نتنياهو في فبراير 2024 وبعد اجتماعات ومناقشات مع مجلس الأمن القومي ( هيئة أمنية تابعة لمكتب نتنياهو مباشرة ) تم تقديم نسخة منقحة وموسعة، بتاريخ 1 يوليو 2024 والتي تعتمد على إخضاع الحاضنة الشعبية للمقاومة في غزة عبر التجويع من جهة ودعم ظاهرة القبائل والعشائر والعصابات المحلية لإدارة الشئون المحلية”.
وأضاف:” الدارسة لم تتوقف عند التجويع وخلق حالة الفوضى وتدمير أي مظاهر للحكم أو الإدارة الداخلية وحتى الخدماتية مع عمل مقارنة بين عدد من التجارب التي اعتبرها الباحثون فاشلة في تطويع الشعوب المحلية وهي تجارب العراق وأفغانستان ومن ثم أيضا تجربة غزة بعد احتلالها عام 1967م.
صحيفة هارتس العبرية نشرت بتاريخ 23 أكتوبر 2024 خطة نتنياهو لليوم التالي بقلم نائب رئيس تحرير الصحيفة نوعا لاندو تحدد فيها مرحلة التجويع الحالية والتي يعززها قطاع الطرق والعصابات وحالة الفلتان الأمني :” إن النية الآن لتسليم مفاتيح السيطرة المدنية في غزة إلى مقاولين من القطاع الخاص وخلق عرقنة ( نموذج العراق) للقطاع وهي تتكون حالياً من الاحتلال العسكري والمرتزقة والمستوطنات، وهي وصفة مؤكدة للكارثة القادمة”.
وقال عبد الهادي :” أن كابينت الحرب اعتمد سلاح التجويع في شهر ديسمبر 2023، وتم تنفيذه بالدرجة الأولى على المواطنين في شمال غزة، وقامت مليشيات “الأمر 9 الاستيطانية” وهي مجموعات من جنود الاحتلال ذوي الأفكار اليمينة المتطرفة بعرقلة دخول شاحنات المساعدات في كثير من المرات، خصوصًا عندما يكون ضغط دولي كسياسة باب دوار، فيوافق نتنياهو في العلن على إدخال عدد من شاحنات المساعدات ويقوم المستوطنين ومليشيات الأمر 9 بعرقلة وصولها”
واستشهد عبد الهادي بعدة تقارير، نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، وكان آخرها تقرير لنير حسون نشرته الصحيفة في 11 نوفمبر 2024 جاء فيه :” يسمح الجيش الإسرائيلي للعصابات المسلحة بنهب وجمع أتاوات من شاحنات المساعدات التي تدخل قطاع غزة، وتقول مصادر في منظمات الإغاثة الدولية العاملة في غزة إن المسلحين – المرتبطين بعشيرتين معروفتين في منطقة رفح – يمنعون جزءًا كبيرًا من الشاحنات. التي تدخل إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، بطريقة منظمة وتجاهل متعمد من جانب قوات الجيش الإسرائيلي.
وترفض بعض منظمات الإغاثة دفع الأتاوات، وفي كثير من الحالات تظل المساعدات في المستودعات التي يسيطر عليها الجيش. وتشكل المساعدات الإنسانية التي تنقلها الشاحنات الأغلبية المطلقة من المواد الغذائية والمعدات الأساسية في القطاع، حيث توقفت التجارة الخاصة بشكل شبه كامل.
وأضافت هارتس تقلاً عن مصادرها، فإن نهب شاحنات المساعدات يعكس الفوضى المطلقة التي تسود القطاع، نتيجة عدم وجود حكومة مدنية فاعلة. وتقول المنظمات إن قوات الشرطة المحلية حاولت في عدة حالات التحرك ضد اللصوص، إلا أنهم تعرضوا لهجوم من الجيش الذي يعتبرهم جزءًا من حماس. وتوضح المنظمات الدولية أن حل المشكلة هو بطريقة ما إن السماح بوصول المساعدات إلى السكان يتطلب نشر قوة شرطة – فلسطينية أو دولية – في القطاع – وهي خطوة مرفوضة أيضاً على المستوى السياسي وفي الجيش الإسرائيلي.
كما نقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن مصادر مختلفة معلومات تؤكد وجود عصابات منظمة تسرق المساعدات بغزة وتعمل بحرية في مناطق يسيطر عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وذكرت الصحيفة أن منظمات إغاثة وشركات نقل أكدت أن العصابات المنظمة قتلت واختطفت سائقي شاحنات مساعدات بمحيط معبر كرم أبو سالم.
وقالت واشنطن بوست إن مذكرة داخلية للأمم المتحدة أكدت أن عصابات سرقة المساعدات في غزة “تستفيد من تساهل إن لم يكن حماية من الجيش الإسرائيلي”، وأن قائد عصابة أنشأ ما يشبه قاعدة عسكرية بمنطقة سيطرة للجيش الإسرائيلي.
مواجهة الجوعى
وأصيب مساء الأحد عدد كبير من الأشخاص أثناء محاولاتهم اقتحام مخازن لوكالة الغوث شمال غرب مدينة خانيونس، جراء اطلاق نار لحراس المقر الأممي، وقد شارك مسلحون مجهولون في الاشتباكات، وقال شهود عيان أن عشرات المواطنين حاولوا اقتحام مقر ” الأونروا”:” ” صناعة الوكالة”، غرب الحي الياباني في محاولة للحصول على طحين في ظل المجاعة الشديدة التي يعانون منها.
وقال شاب في العشرينات من عمره(رفض ذكر اسمه) وهو يضع كيسين من الطحين يظهر عليهما شعار وكالة الغوث” الأونروا”:” أن ثمن كيس الطحين وزن 25 كجم هو 400 شيكل”.
وعند سؤاله عن مصدر الطحين في ظل عدم وجود أي مصدر رسمي للطحين من تجار أو وكالة الغوث أو مؤسسات إغاثة؟ قال:” أنه اشترى عدد من أكياس الطحين من الحرامية (عصابات قطاع الطرق ) من شرق رفح ” منطقة العمور وهي منطقة تقع بين خانيونس ورفح من جهة الشرق يقوم ببيعها”.
وعند سؤاله عن السعر الذي يبيعه اللصوص للطحين هناك؟، قال:” أن السعر يتفاوت من 200 شيكل الى 250 شيكل وهناك مخاطر كبيرة عند النقل خصوصا وجود أفراد عصابات منتشرين على الشارع الرئيس ” صلاح الدين “ويقيمون حواجز تفتيش ويسرقون بعض المواطنين الذين يحاولون جلب طحين من لصوص المساعدات”.
بحماية الاحتلال
وذكرت وسائل إعلام محلية أن قوة أمنية من شرطة غزة اشتبكت مع عصابة لصوص في منطقة العمور وتدخلت دبابات الجيش الإسرائيلي واطلقت قذائف على القوة المهاجمة .
وأكدت صحيفة هارتس العبرية في تقريرها أن مصادر عاملة في قطاع غزة قالت: “إن الهجمات المسلحة لقطاع الطرق والعصابات تتم تحت مراقبة قوات الجيش الإسرائيلي، وعلى مسافة مئات الأمتار منها، وقد اتصلت بعض منظمات الإغاثة التي تعرضت شاحناتها للهجوم بالجيش الإسرائيلي بشأن هذه القضية لكنهم رفضوا التدخل. وتقول المنظمات إن الجيش يمنعهم أيضًا من السفر على الطرق الأخرى التي تعتبر أكثر أمانًا.
وقال مسؤول كبير في منظمة دولية تعمل في قطاع غزة لصحيفة “هآرتس”: “رأيت دبابة إسرائيلية وفلسطينيًا مسلحًا ببندقية كلاشينكوف يقفان على بعد مائة متر منها”.
وذكر مصدر أمني من حكومة غزة “لموقع غزة برس” (رفض نشر اسمه):”أن المحاولات لحماية المساعدات، حتى ضمن متطوعين لا ينتمون لأجهزة الأمن والشرطة الرسمية، تعرضوا لقصف مباشر من الجيش الإسرائيلي، واستشهد جراء ذلك العشرات وأصيب المئات، وكان آخرهم استشهاد ستة أشخاص من أفراد حماية المساعدات في جنوبي خانيونس ظهر يوم الأحد بعد استهدافهم من الطيران الإسرائيلي.
وأضاف:” أن عصابات قطاع الطرق التي تعمل شرق خانيونس والتي تقوم بسرقة شاحنات الطحين والمساعدات التي تأتي عبر معبر كرم أبو سالم، وأيضا العصابات التي تقوم بسرقة شاحنات الطحين التي تمر من معبر كسوفيم (بين خانيونس ودير البلح) شرقًا، يتم حمايتها والتنسيق مع الجيش الإسرائيلي حيث يقوم باستهداف عبر طائرات الكواد كابتر والطائرات المسيرة كل من يحاول حماية هذه الشاحنات وتركها للنهب والسرقة للصوص”.
وهي تقع ضمن المناطق التي يعمل الاحتلال الإسرائيلي على ترسيخها كمناطق عازلة في شرق قطاع غزة وضمن منطقة نفوذ العصابات وقطاع الطرق على بعد حوالي كيلومتر واحد من معبر كرم أبو سالم إلى قطاع غزة، وقبل الأحياء الشرقية لرفح بقليل
وقال إسماعيل الثوابتة :” جيش الاحتلال “الإسرائيلي” قام بقتل حتى الآن 706 من رجال الشرطة ورجال تأمين المساعدات، حيث قصفهم بشكل مباشر وارتكب بحقهم المجازر بهدف محاولة إحداث فراغ أمني وإداري وحكومي واجتماعي، حيث نفذ الاحتلال 141 حالة استهداف وقصف لهذه الطواقم التي تعمل على تأمين المساعدات.
وأشار نائل عبد الهادي الي: ” فرض وقائع على الأرض عبر فرض منطقة عازلة بعمق 1-2 كم يقوم الاحتلال الإسرائيلي بحمايتها؛ وهي مناطق عازلة نشر تقرير مفصل بالصور والخرائط في صحيفة هارتس قبل عدة أيام، تخضع للسيطرة العملياتية الكاملة لقوات الجيش الإسرائيلي، ويراقب سلاح الجو الإسرائيلي المنطقة باستخدام الطائرات بدون طيار، مع تواجد قوات برية ومواقع متقدمة للجيش في هذه المناطق والمناطق المتاخمة لها.
مواجهة العصابات
وعن المحاولات للتصدي لقطاع الطرق قال الثوابتة :” حاولنا منذ اللحظة الأولى معالجة هذه الإشكالية مع الفئة الخارجة عن القانون ومنذ أشهر طويلة، ونجحنا بشكل نسبي في هذا الأمر، ولكن مازالت المشكلة قائمة إلى يومنا هذا. مشيرًا الى أن هذه الفئات تعمل في مساحة جغرافية لا تستطيع الطواقم الشرطية التحرك فيها بسبب خطورة الوضع الأمني الذي يفرضه جيش الاحتلال “الإسرائيلي”، وعلاوة على ذلك فإن هذه الفئة الخارجة عن القانون يتحركون تحت نظر الاحتلال، وهم أفراد العصابات عليهم قضايا سابقة وأحكام صادرة بحقّهم تدينهم من قبل الجهات القضائية في قطاع غزة، وجزء منهم محكوم في القضايا المُدانين فيها.
وأضاف:” سلوك هذه العصابات الخارجة عن القانون يتماشى ويتساوق مع أهداف الاحتلال “الإسرائيلي” وسياساته العدوانية بحق شعبنا الفلسطيني. وقد وصلت لنا معلومات أن بعض هذه الفئات تقوم بالتنسيق مع الاحتلال، لمعرفة موقع تحرك شاحنات المساعدات وأنواعها؛ من أجل السطو عليها وسرقتها تحت نظر الطيران “الإسرائيلي”.
وقالت مصادر في وزارة داخلية حكومة قطاع غزة لقناة الأقصى، أمس الاثنين، إن أكثر من 20 فلسطينيا ممن سمتهم “عصابات لصوص شاحنات المساعدات” قتلوا في عملية أمنية نفذتها أجهزة الشرطة بالتعاون مع لجان عشائرية، بالتزامن مع اتهامات وجهتها منظمات إغاثة لعصابات منظمة بسرقة المساعدات بغزة والعمل بحرية في مناطق سيطرة الجيش الإسرائيلي.
أفق مظلم
ويصف رجل في أواخر الأربعينات من عمره وهو يجر كيس طحين عليه شعار وكالة الغوث ” الأونروا” على درجة هوائية، وهو في حالة إعياء شديد، حالة الجوع التي يعاني منها أطفاله وأهل بيته من النازحين بقوله:” عندي 50 شخص في البيت أسرتي، وعائلات نازحة، من أهلي، والأقارب، ولا يوجد في البيت أي ذرة طحين، كما لا يوجد أي طحين في الأسواق، وقد أكلوا قبل أسبوعين طحين مسوس وملئ بالديدان”.
وأضاف:” انه اضطر للمشي مسافة (5كم) من منطقة المواصي غرب خانيونس وحتى منطقة سوق الحرامية (منطقة سرقة المساعدات من قبل قطاع الطرق) جنوب شرق خانيونس للحصول على كيس طحين وزنه 25 كيلو لا يكفي يومين للنازحين في بيته بسعر 300 شيكل؛ وكان سعره قبل الأزمة الحالية 20 شيكل فقط،
واعتبر المحلل السياسي أ. وسام عفيفية : أن حالة اللاحرب واللاسلم تعطي حكومة نتنياهو مساحات حرة للعمل، وتنفيذ مخططاتها وفرض وقائعها على الأرض، خصوصا الموجهة للمواطنين الغزيين الذين يعيشون ويلات الحرب والنزوح والقتل منذ لأكثر من400 يوم، لإخضاعهم وتدجينهم.
وقال: ” أن نتنياهو ذكر ذلك صراحة في خطابه مساء الاثنين على منصة الكنيست أمرت برسم خطة حكم لاستبدال حكم حماس” واستخدام الفوضى والعصابات وقطاع الطرق، هي احد أدوات التجويع التي يستخدما الجيش الإسرائيلي ضد مواطني قطاع غزة.
معتبرًا أن الفوضى التي يصنعها الاحتلال في غزة عبر استهداف كل مظاهر الحكومة المدنية في غزة والمؤسسات الخدماتية وخلق حالة اشتباك داخلية تصب بالأساس في ضرب الجبهة الداخلية، وتطويع الغزيين لإرادة ومخططات الاحتلال، للوصول لأهدافه، التي في فشل في ترجمتها على الأرض بالمواجهة العسكرية مع المقاومة.
واعتبر عفيفة أن الاحتلال يسعى لاستنساخ تجربته بإقامة جيش لحد في جنوب لبنان، في قطاع غزة عبر فرض منقطة عازلة يسيطر عليها قطاع طرق يتم ترقيتهم لاحقا الى جهات تحكم هذه الجيوب العازلة، محذرًا بأن السكوت على هذه الظاهرة له تبعات خطيرة، سيصب في تنفيذ مخططات الاحتلال.