الرئيسية / اخر الاخبار / معاني وتوصيات: “إسرائيل” وحماس في المعركة على الوعي

معاني وتوصيات: “إسرائيل” وحماس في المعركة على الوعي

معهد أبحاث الأمن القومي/ يورام شفايتسر وديفيد سيمان توف

تدور بين حماس و”إسرائيل” معركة على الوعي، بمعنى تثبيت “الرواية” التي ستملي مفهوم إنجازات الطرفين على الساحات المحلية والإقليمية وحتى العالمية، وتبذل حماس الكثير من الجهد في بناء صورة القوة في مواجهة “إسرائيل” كمن يضيق عليها في خمس ساحات: الحركة تهدد بإطلاق الصواريخ والأعمال الإرهابية من قطاع غزة، وتقدم نفسها على أنها المدافع عن الأقصى في القدس، وتشغل عناصر “المقاومة” في مدن الضفة الغربية وبين الفلسطينيين في الداخل المحتل، ومن لبنان تطلق الصواريخ.

من الناحية العملية تستغل حماس بشكل رئيس أعمال الشغب والهجمات وبدرجة أقل تولدها، ومن ثم فإن إفشال أو على الأقل تعطيل معركة الوعي المعقدة التي تديرها حماس ضد “إسرائيل” يشكل تحدياً منهجياً يواجه “إسرائيل”.

ويحلل هذا المقال ما يقف في أساس الرواية التي بنتها حماس، ويفحص دور “إسرائيل” في تعزيزها، ويلخص المبادئ والإجراءات التي قد تغير وجه معركة الوعي لصالح “إسرائيل”.

المعركة على الوعي تكون فعّالة عندما يتم تنشيطها بشكل مكثف ومنهجي، مع دمجها مع التصريحات العلنية إلى جانب التحركات الهادئة من وراء الكواليس أو من خلف لوحة المفاتيح التي تحرك الجماهير ومنفذي العمليات الفردية للعمل، هكذا نجحت حماس منذ فترة طويلة في بث رسائل في الرأي العام الفلسطيني تتوافق مع استراتيجيتها، كما أن الجمهور في “إسرائيل” يصدق رسائل حماس وينسب إليها قوة أكبر بكثير من قدرتها الفعلية.

الهجمات والمواجهات التي وقعت في الشهرين الماضيين، أيضاً بإيحاء من حماس تسببت في خسائر فادحة في “أرواح الإسرائيليين” وحظيت بصدى إعلامي واسع النطاق ومكثف، ما خلق شعوراً بالقلق لدى “الجمهور الإسرائيلي”.

تهدف معركة الوعي التي تديرها حماس منذ عملية “حارس الأسوار” في مايو 2021 إلى خدمة عدد من الأغراض الاستراتيجية، أحدها نقل بؤرة الحرب من قطاع غزة في هذا التوقيت، الذي يمكن “لإسرائيل” فيه أن تلحق بها أضرارا جسيمة من خلال النشاطات العسكرية المباشرة، بالنسبة لساحات القدس الشرقية وعمق “إسرائيل” “فلسطينيي 48″، التي تدخلها المباشر فيها أقل علانية، وهناك يُنظر إليها في المقام الأول على أنها عامل يساعد الآخرين على الاحتكاك مع “إسرائيل” مع الحفاظ على صورتها كمشعلة للحوادث العنيفة.

وهكذا تحرض حماس على الاضطرابات دون أن تحتاج لدفع ثمن في قطاع غزة، على الرغم من أنه يُنظر إليها في “إسرائيل” أيضاً في الأشهر الأخيرة على أنها اليد التي تحرك الاضطرابات.

تقوم حماس بتأطير عملية “حارس الأسوار” على أنها عملية جرت من أجل الحفاظ على السيادة الإسلامية في المسجد الأقصى، على الرغم من أن معظم المواجهة مع “إسرائيل” حدثت بين قطاع غزة و”المدن الإسرائيلية”.

اللقب الذي اختارته حماس للمعركة كان “سيف القدس” بسبب الدلالة الدينية الواضحة للمصطلح، و”إسرائيل” من جانبها وليس لصالحها ساعدت المنظمة عندما أطلقت على العملية “حارس الأسوار”، في نهاية العملية تمكنت المنظمة من غرس روياتها في جمهورها المستهدف المتنوع، بأنها كانت هي المنتصرة، وهكذا عززت من صورتها كمدافع عن الأماكن المقدسة في القدس، مع إخفاء إخفاقاتها العملياتية في الخلفية.

بعد مرور عام على عملية “حارس الأسوار” وفي سياق سلسلة الهجمات في “إسرائيل” خلال الشهرين الماضيين، تتصاعد المعركة على الوعي التي تقودها حماس، وهذه هي رسائلها الرئيسة:

حماس هي من يقف وراء سلسلة الهجمات في “إسرائيل” بما في ذلك المواجهات في المسجد الأقصى ومناطق مختلفة في الضفة الغربية، وإطلاق صاروخ من لبنان في 25 أبريل، كما تحمل التنظيم المسؤولية المباشرة عن الهجوم في أريئيل رغم أنه لم يكن مسؤولاً عنه، وأشادت حماس بمنفذي الهجمات بمن فيهم خصومها من الجماعات الموالية لتنظيم الدولة الإسلامية.


كما أن تحمل المسؤولية هذا يعبر عن إحباط حماس العميق جراء إحباط “إسرائيل” لعشرات الهجمات خلال شهر رمضان والتي خططت المنظمة بعضها.
إذكاء النيران حول المسجد وتصعيد الجدل الإقليمي والعالمي حول السيادة في المسجد من أجل زيادة الضغط السياسي على “إسرائيل”.
ترسيخ صورة ومكانة حماس كعامل يقود الكفاح الفلسطيني المباشر ضد “إسرائيل”.
التدخل في السياسة الداخلية “لإسرائيل” من خلال ممارسة الضغط المباشر على حزب راعم للاستقالة من الحكومة.

مسؤولون في الكيان: “نتنياهو أيّد إزالة البوابات الإلكترونية وتراجع عن ذلك بسبب يائير وسارة”

أكثر من 1800 مستوطن اقتحموا الأقصى طيلة أيام عيدهم الحانوكا

قائد شُرطة العدو السابق: في المواجهة القادمة: “فلسطيني 1948 سيقتلون اليهود”

إن الانطباع بأن حماس قوية، قادرة على تشغيل عدد من ساحات العمليات ضد “إسرائيل” في آن واحد ينعكس في خطابات وتهديدات شخصيات بارزة في حماس.

وكرر إسماعيل هنية وقال إن القدس والمسجد الأقصى هما جوهر الصراع، بل تفاخر بأن المقاومة بقيادة حماس هي التي تحدد الآن توازن القوى في المنطقة، وهدد زعيم حماس في قطاع غزة السنوار بأن استمرار اقتحام قوات “الشرطة الإسرائيلية” للمسجد الأقصى سيشعل فتيل حرب دينية إقليمية، وسخر من “إسرائيل” لكونها ضعيفة كنسيج عنكبوت، ودعا كل فلسطيني إلى أخذ بندقية أو سكين أو فأس والخروج وقتل يهودي.

بعد التحقيق في الهجمات الستة في الشهرين الماضيين، والتي أودت بحياة 19 “إسرائيلياً”، أشار مسؤولون في المنظومة الأمنية إلى أنه لم يتم إيجاد صلة مباشرة بين منفذيها وحركة حماس، هذا الاستنتاج ينسجم مع استراتيجية حماس، وهي إدارة المعركة على الوعي، لا سيما في الفضاء الرقمي، والتي معظمها تحريض وتهييج، ولكن دون دليل على وجود صلة مباشرة بينها وبين الهجمات، وترسيخ صورة التنظيم كقائد للمقاومة المسلحة ضد “إسرائيل”، ويصدق هذا بشكل خاص في ضوء صورة السلطة الفلسطينية المنافس الرئيس للتنظيم كمتراخية وفاسدة ومتعاونة مع “إسرائيل”.

سياسة “إسرائيل” بين الموجود والمطلوب
“إسرائيل” تسقط في الحفرة التي حفرتها لها حماس، القلق وفقدان الأمن الشخصي هي مشاعر مفهومة في اعقاب وقوع الهجمات المميتة، ومع ذلك فإن هذه المشاعر تدعمها وسائل الإعلام المؤسسية والشبكات الاجتماعية في “إسرائيل”، والتي تبث بشكل متكرر مشاهد حية وغير مفلترة للدماء والقتل والفوضى من أماكن العمليات، وأحياناً أيضاً باسم المصلحة السياسية أو الشعبوية.

من أجل التعامل الفاعل في ميدان معركة الوعي مع سياسة حماس، يوصى بالمضي قدماً في الخطوات التالية:

أولاً: من المناسب للإعلاميين والخبراء والمحللين الالتزام بتفسير مهني قائم على الحقائق مع التروي والمعرفة بالمعركة على الوعي ضد “إسرائيل” عندما ينسبون بشكل لا لبس فيه إلى حماس المسؤولية عن الهجمات وأعمال الشغب في “إسرائيل”.

إن ترديد صدى رسائل الخصم دون سيطرة وفهم عميق عامل مضاعف للقوة لمثيري الإرهاب الذين يبنون على الإعلام في إسرائيل في نقل رسائلهم وتعزيزها أو دعمها.

ثانياً: توضح الهجمات الأخيرة في “المدن الإسرائيلية” والمواجهات في القدس أنه يجب الانتباه من ناحية الى تأثير البعد الهجومي على الجمهور الفلسطيني المستهدف وغيره من الجماهير الاخرى، إلى جانب العمل في البعد الدفاعي وتعطيل عمليات التحريض والدعاية التي تقوم بها حماس في أوساط الجمهور المستهدف الفلسطيني والعالمي والإقليمي.

في مواجهة المعركة التي تقودها حماس هناك حاجة إلى “معركة إسرائيلية” مزدوجة هجومية ودفاعية، وتزامن بين الجهود المختلفة وتعطيل لنشاطات الحرب على الوعي من قبل الخصم بشكل مستمر وواسع، هذا المعركة المزدوجة مطلوبة في الروتين وبالطبع في أوقات الأزمات كما تم التعبير عن ذلك في الشهر الماضي في تجنيد جميع القوى الأمنية (الجيش الإسرائيلي، وجهاز الأمن العام “الشاباك”، ووزارة الخارجية ونظام الإعلامي الوطني)، كجزء من جهد التأثير الوطني وفي الوقت نفسه تطوير وتوسيع البعد الدفاعي.

ثالثاً: على الصعيد الدولي، حيث يتمتع الفلسطينيون فيها عموماً بالدعم والتعاطف نظراً لكونهم الجانب الضعيف في الصراع مع “إسرائيل”، يجب تكثيف العمل لا سيما في البعد الرقمي.

كما يجب العمل في أوقات الروتين من أجل ترسيخ الثقة والمصداقية في معارك “الوعي الإسرائيلية” ونقل “الرسائل الإسرائيلية”، مع تسخير المؤثرين في “إسرائيل” وحول العالم وتسخير الجمهور العام في “إسرائيل” وخارجها.

المصدر/ الهدهد

شاهد أيضاً

تجاوز اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان قطاع غزة، وترك الفلسطينيين وحدهم

 ترجمة : أمين خلف الله  هارتس جاكي خوري   اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل …

%d مدونون معجبون بهذه: