الرئيسية / اخر الاخبار / الإذلال والتخوين والاحتقار: أثمان يدفعها من يعمل في صفوف شرطة العدو من فلسطينيي 1948

الإذلال والتخوين والاحتقار: أثمان يدفعها من يعمل في صفوف شرطة العدو من فلسطينيي 1948

من يعمل في صفوف شرطة العدو يدفع ثمناً غالياً، خصوصاً لو كانوا من فلسطينيي 1948، هذا الثمن يكون التخوين والاحتقار والمقاطعة الاجتماعية والإذلال والتهديد بالخطر على حياتهم وحياة أسرهم، ما يدفع الكثير منهم إلى مغادرة منازلهم والفرار إلى شقق سرية، وحتى بعد خلعهم لباسهم الرسمي وترك الشرطة، تستمر الإساءة ونظرة الاشمئزاز لهم من قبل المجتمع الفلسطيني.

في تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت تناول فيه أمثلة حية لما يتعرض له العاملين في صفوف شرطة العدو من فلسطيني 1948.

طرد من المنزل

قال أحمد، وهو في العشرينيات من العمر بأنه أُجبر على مغادرة منزله بعد تهديدات حقيقية لحياته، بعد تجنيده في صفوف “الشرطة الإسرائيلية” على أمل محاربة الجريمة وجرائم القتل في صفوف مدينته، وقبل عامين التحق بصفوف الشرطة وبدون التشاور مع والديه، ولكن من لحظتها يخشى العودة إلى منزله وهو يلبس الزي الرسمي، بل يرجع وهو يلبس ملابس مدنية، فهو يعمل في مدينة مختلطة تضم فلسطينيين ومستوطنين يهود، ولكن سرعان ما تم الكشف عن حقيقة كونه شرطيًا.

وأضاف أحمد: “لم تمر بضعة أشهر حتى انتشرت صورتي بزي الشرطة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي كل مكان، مع تحذيرات أنني أعمل في الشرطة، فلم يعد بإمكاني التجول في المدينة أو المدن المجاورة، كما كتبوا تعليقات كثيرة إلى صورتي بالزي الرسمي، “جاسوس”، “ضابط شرطة”، وأرسلت صورتي مع بريد صوتي لأصدقائي، (احترس، أحمد هو ضابط الشرطة الذي سينفجر قريبًا)”.

بدأ أحمد يغلق على نفسه في منزل، والداه لم يخرجا إلى الشوارع، في أحد الأيام، وبعد انتشار الشائعات، جاء العديد من كبار عائلته إلى المنزل، وتم تخيير والده بينه وبين العائلة، وبالفعل تم طردي من المنزل وهربت وسكنت في شقة سرية لا يعرف عنها إلا قلة، فوالديّ دفعا ثمناً غالياً بسبب عملي في الشرطة، وكاد أن يُطردا مع إخواني وأخواتي من منزلنا من قبل الشخصيات المرموقة في عائلتي.

كما أدى التجنيد في الشرطة إلى إلغاء خطوبة أحمد لفتاه متعلمة، ولكن والدها رفض ذلك، واستمرت التهديدات ضده حتى بعد مغادرته المدينة التي ولد وترعرع فيها، وقال، “لقد انتقلت للعيش في هذه الشقة بعدما تلقيت تهديدات على حياتي، أنام بعيون مفتوحة خوفًا من أن يقوم شخص بإيذائي، عدد غير قليل من أفراد الأسرة لا يحبون حقيقة أنني جندت في الشرطة، ولا سيما الشخصيات البارزة في مدينتنا.

وتستمر التهديدات على حياته طوال الوقت، سواء في الأنشطة العملياتية أو في أوقات فراغه، وتعرض لمواقف كثيرة يهاجم ويتم شتمه واهانته فيها، ويوصف بالخائن عندما يكتشفون أنه فلسطيني، ويعتقد أن الزي الرسمي للشرطة بمثابة سترة واقية، ولن يعتدي عليه أحد، ولكن كمية الاشمئزاز والكراهية التي واجهها كونه فلسطينياً كبيرة جداً حولت حياته لجحيم.

وأضاف “في الوقت الحالي، يمنحني الزي الرسمي بعض الأمن، هل سيستمر هذا الأمان؟ لا أعرف، أنا خائف جدًا من اللحظة التي سأترك فيها الشرطة وأصبح مواطنًا عاديا”.

الخوف من الاعتداء
إن التهديدات والاضطهاد في الشارع لا يفارق الشاب من فلسطينيي 1948 والذي يعمل في صفوف شرطة العدو حتى عندما يخلع زيه العسكري، (جورج) محقق سابق في واحدة من أكثر محطات الشرطة شهرة، يتأسف على اليوم الذي ارتدى فيه زي الشرطة الرسمي، فقال “إذا أعادوني بالزمن إلى الوراء، ما كنت سألتحق بالشرطة بنسبة مليون في المائة، إن الاقتراب من ضابط شرطة، مضيعة للوقت، ضيعت ما يقرب من عقدين من حياتي، في الشارع كانوا يخشونني، كنت محققًا، ولست مجرد شرطي، وكانوا يحترمونني بدافع الخوف، كنت أتجول بدون سلاح وفي كل مرة يُعرضون عليّ شرب القهوة،” بالتأكيد لم يكونوا يحترموني، بل كانوا خائفين لأن المحقق بيده سلطة”.

وأضاف: “بعد التقاعد ترى الوجه الحقيقي لكل من قدم عرضًا أنه يحبك ويحترمك، سترى الكراهية بداخله، عندما تنحيت، نظروا إليّ كخائن، ليس أقل من ذلك، لو أتيحت لهم الفرصة فقط لقتلوني”.

على الرغم من مرور سنوات عديدة على تقاعده من الشرطة، لا يزال جورج يخشى على حياته، كما ازداد الشعور بالوحدة أكثر بعد تعرضه للهجوم في الشارع قبل بضع سنوات، حينها أغلقت الشرطة القضية.

وقال “لقد دفعت ثمناً باهظاً للخدمة في الشرطة في حياتي ومصير أطفالي وزوجتي، دفعت أثقل فاتورة في العالم مقابل ما فعلته، حتى يومنا هذا أرى الناس يتهامسون لبعضهم بعضا، (هذا الخائن لقد كان محقق شرطة في قسم الجريمة)”.

وأضاف جورج إن أغلى ثمن تدفعه أسرته، “أشعر بالأسف على أطفالي اليوم، الذين تركوا بدون أصدقاء، سيتم التعامل معهم دائمًا كأبناء الشرطي الخائن، قبل أن تتزوجني زوجتي كانت تعيش حياة جيدة جدًا، وبعد أن عملت في الشرطة الكثير من المشاكل الاجتماعية بدأت، دفعت سعرا باهظا للغاية لوجودها وحتى يومنا هذا آسف لأنها لم تغادر في الوقت المحدد”.

كشف جورج مؤخرًا أن نجله يريد التجنيد في الشرطة وأعرب عن معارضته الشديدة لذلك، ظل ابني يزعجني لأنه يريد التجنيد في الشرطة، وقلت له اسمع: (يوم تجنيدك للشرطة أنت لست ابني)”.

تركت الشرطة من أجل أسرتي
فؤاد 25 عاماً، من حيفا، تقاعد من الشرطة قبل أقل من عام لأنه لم يستطع تحمل ضغط الأسرة، وقال “علمت أنهم لا يحبون الشرطة في الشارع الفلسطيني، ولا يوجد فلسطيني لم يكن لديه تجربة أو أخرى سيئة مع الشرطة”.

وتغير كل شيء بمجرد تكليفه بتعزيز مركز شرطة قريب من المستوطنة، “خلال إحدى المناوبات، اعتقل مجموعة من الشبان، وهي عملية روتينية، وقال أدركت فجأة أن هؤلاء كانوا من سكان منطقتنا، أصيبوا بالصدمة وبدأوا يتحدثون مع بعضهم بعضا كما لو أن شيئًا ما قد سقط عليهم من السماء، تحدثت معهم بالعبرية حتى يفهم الشرطي معي الحديث كله”،

“بمجرد أن طلبت بطاقة هوية باللغة العبرية، هاجموني بشدة وقالوا، ‘لا تنس من أين أنت، ما الذي تتحدث عنه بالعبرية؟ لا يبقى المرء بالزي الرسمي طوال الوقت..”

وتم اعتقال الشبان أنفسهم بعد مهاجمتهم فؤاد في وقت لاحق ونقل إلى المستشفى وقد نجا بأعجوبة، ومنذ تلك اللحظة، شهد فؤاد أن حياته وعائلته قد تغيرت.

وقال فؤاد: “فجأة بدأوا ينظرون إلى أمي بشكل مُختلف، وكذلك إلى أختي التي كانت في المدرسة الثانوية في ذلك الوقت، ابتعد عنها أصدقاء أختي دون أن يخبروها عن السبب، بدأ أصدقاء أمي يسألون ماذا أعمل والشعور بالإذلال والاحتقار تجده في كل مكان في الشارع وعند البقالة وعند المقهى، أنت شخص غير مُرحب بك ولا أحد يُريد التحدث إليك أو الاقتراب منك”.

بعد وقت قصير من علم سكان البلدة أن فؤاد كان يخدم في الشرطة، طُردت والدته من وظيفتها كمنظفة، “أدركت أنها طُردت لأن المقاول تلقى جميع أنواع التهديدات، تدهور الوضع ووصل إلى النقطة التي تلقت فيها أمي وأختي مكالمات وتهديدات، كانوا يتصلون بهما من أرقام محظورة حتى قامتا بتغيير أرقام الهواتف، لكنهم حصلوا أيضًا على الأرقام الجديدة وواصلوا إرسال التهديدات.

شاهد: الاحتلال يعدم فلسطينيا بالرصاص بالقرب من نابلس

شاهد…مأساة “الشيخ جراح” بالقدس…القصة الكاملة

شاهد: شهيدان ومصاب بالقرب من جنين برصاص الاحتلال

“بعد فترة من الجحيم، وبعد رغبة أختي وأمي في قطع العلاقات بالشرطة، قررت الاحتفاظ بالأسرة وتركت الشرطة”.

ولكن حتى بعد مغادرة الشرطة، لا يزال فؤاد وعائلته يشعرون بالعداء والاشمئزاز في الشارع، والدتي ينادونها بـ”أم البوليس” (والدة الشرطي) هل هذا مسلٍ؟ لا، هل هذا لطيف؟ بالتأكيد لا، آمل أن أضع هذه الفترة ورائي والشروع في مسار جديد وهادئ يعيد الاستقرار إلى عائلتي، وهذا ما أحتاجه أكثر من أي وقت مضى، وخاصة أمي وأختي”.

المصدر/ الهدهد

شاهد أيضاً

نشر أسماء الأسرى الستة القتلى وإعادة جثامينهم من غزة

ترجمة أمين خلف الله  معاريف آفي اشكنازي نُشرت صباح اليوم (الأحد) أسماء الأسرى الستة الذين …

%d مدونون معجبون بهذه: