القناة 12/إيهود يعاري
المقال يعبر عن رأي كاتبه
تحتضر منظمة التحرير الفلسطينية، بعد مرور 58 عامًا على تأسيسها، وهي المؤسسة العليا للفلسطينيين، والمعترف بها باعتبارها “الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني”، والتي قامت نيابة عنه بتوقيع اتفاقيات أوسلو وملحقاتها مع “إسرائيل” والتي تعمل من خلالها العشرات من البعثات الدبلوماسية في جميع أنحاء العالم، الآن تقترب من نهاية طريقها.
السبب: فتح بقيادة أبو مازن تجد نفسها حاليا دون أي من شركائها الفلسطينيين، في حين أن السبب الرئيسي لهذا التطور: ما توصلت إليه حماس من نتيجة، مفادها: أن مساعيها الكبيرة خلال العشرين سنة الماضية لاختراق منظمة التحرير الفلسطينية للسيطرة عليها تدريجياً من الداخل لم تنجح.
وكانت الأمور تتدحرج بسرعة في الأسابيع الأخيرة، حيث سعى أبو مازن إلى عقد “المجلس المركزي” لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو هيئة من حوالي 100 عضو من مختلف الفصائل والتي نادراً ما تجتمع بهدف اتخاذ قرارات استثنائية، وكان أبو مازن ينوي عقد المؤتمر في 20 كانون الثاني/يناير المقبل؛ من أجل الحصول على موافقة المجلس والحصول منه على شرعية وسلطة للاستمرار في التهديد برفض الاتفاقات مع “إسرائيل” والتعاون الأمني، وحتى لتقديم هذا العرض: “بأن الأساس لجميع المفاوضات حول إقامة دولتين ستكون الحدود المنصوص عليها في قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة لعام 1947″.
وهذا أعطى الدولة الفلسطينية 54٪ من أراضي” فلسطين التاريخية” بما في ذلك بئر السبع وعسقلان ونهاريا، في حين ستصبح القدس بأكملها منطقة تحت إدارة دولية، (حسب قرار التقسيم).
وقد مارست الولايات المتحدة وراء الكواليس ضغوطا شديدة على أبو مازن لإلغاء المؤتمر أو على الأقل تأجيله إلى موعد غير معروف، فرغم أن أبو مازن غاضب جدا من إدارة بايدن التي لا تفي بوعدها بإنشاء قنصلية في القدس، ما يدفع بالقضية الفلسطينية إلى هامش اهتماماتها، لكنه في النهاية قبل بنصيحة واشنطن.
في حين أبو مازن يقدم الأمور في أحاديثه الخاصة كبادرة من جانبه تجاه الإدارة الأمريكية، لكن الحقيقة مختلفة تماما، فالجبهة الشعبية أصبحت مؤخرًا متحالفة مع حماس، وأعربت عن دعمها للخطوط العريضة التي قدمتها حماس إلى رؤساء المخابرات المصرية كأساس للمصالحة في الساحة الفلسطينية.
ويتحدث مخطط حماس عن “إعادة بناء” منظمة التحرير الفلسطينية بمشاركتها، دون أن تأخذ على عاتقها احترام الاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية مع “إسرائيل”، وفي الأيام الأخيرة، انضم معظم أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية إلى حماس.
شاهد: الاحتلال يعدم فلسطينيا بالرصاص بالقرب من نابلس
شاهد…مأساة “الشيخ جراح” بالقدس…القصة الكاملة
شاهد: شهيدان ومصاب بالقرب من جنين برصاص الاحتلال
وقد أرسل أبو مازن جبريل الرجوب إلى دمشق لإقناع قيادات الفصائل المتواجدة هناك مثل الجبهة الديموقراطية، والصاعقة، وجبهة النضال الشعبي وتنظيم أحمد جبريل بالموافقة على المشاركة في اجتماع المجلس المركزي، لكن الرجوب فشل فشلا ذريعا في إقناعهم، وتكرر هذا الأمر مع المبعوثين الذين أرسلهم أبو مازن إلى بيروت.
والنتيجة: هي أن فتح في منظمة التحرير الفلسطينية متروكة وحدها، ولم يعد هذا إطارًا وطنيًا واسع النطاق كما كان يُنظر إليه سابقًا، وتزداد فرص اقتراب حماس مع شركائها لتأسيس إطار عمل منافس من شأنه أن يدفن الاعتراف التقليدي بمنظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الوحيد للفلسطينيين.
ولا داعي للحزن على منظمة التحرير؛ لأن على المرء أن يركز على ما هو أهم: من سيحكم الضفة بعد رحيل أبو مازن؟ فرصة الشخصيات التي يريد أبو مازن أن ترثه عندما يأتي يوم – الوراثة- لن تكون ناجحة على الإطلاق.
المصدر/ الهدهد