يوافق اليوم الجمعة 25-6-2021 الذكرى السنوية الـ15 لتنفيذ عملية “الوهم المبدد” التي استهدفت موقعًا للجيش الإسرائيلي شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وقتل فيها عدد من الضباط والجنود الإسرائيليين، وأسر حينها الجندي جلعاد شاليط من داخل دبابته.
وظلت العملية على مدار خمس سنوات مضت كابوسًا يلاحق الإسرائيليين في أحلامهم فيقض مضاجعهم، شعبًا وحكومةً، ساسةً وعسكر، بل أثرت أكثر من ذلك في كونها أحدثت خلافات وانقسامات داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
ونفَّذت بمهارة وتقنيّة عسكريّة عالية المستوى تخطيطًا وأداءً في أقلّ من 15 دقيقة في معسكر إسرائيلي، وانسحب المهاجمون ومعهم شاليط دون أن يمكن تعقبهم، رغم الإنذارات الساخنة حولها، ونفذتها كل من كتائب الشهيد عز الدين القسام وألوية الناصر صلاح الدين وجيش الإسلام.
والعملية -وفق الإمكانات الفلسطينية المحدودة- ورغم استشهاد اثنين من منفذيها، وعدد من المخططين لها لاحقا، كانت ردًا قويًا على التمادي الإسرائيلي في قتل المدنيين واستمرار الاغتيالات خصوصًا بعد المجزرة التي ذهبت ضحيتها عائلة الطفلة هدى غالية على شاطئ بحر غزّة حينها.
ويحسب لكتائب القسام الجناح العسكري لحماس على مدار خمس سنوات تمكنها من إخفاء شاليط للمرة الأولى في تاريخ المقاومة في الإطار الجغرافي لفلسطين، وفشل كافة المحاولات العسكرية والأمنية الإسرائيلية للوصول إليه.
فاتورة كبيرة
ودفع الفلسطينيون ثمن هذه الحملات فاستشهد حتى ديسمبر/ كانون الأول 2006 أكثر من 400 شهيد، فضلًا عن الجرحى وتدمير المنازل وحالة الحصار الاقتصادي الخانق؛ ولكن ظلّت هناك حالة شبه إجماع فلسطينية على ألا يفرج عن الأسير دونمًا عملية تبادل أسرى.
وبالطبع لم يفُت الفلسطينيين أن يشعروا بالازدراء من مظاهر نفاق المجتمع الدولي، وانشغاله بإطلاق شاليط بما في ذلك المواقف الأميركية والأوروبية واتصالات كوفي أنان وحتى بعض الزعامات العربية.
وطوال تلك الفترة حاول الكيان الإسرائيلي الاستفادة من عنصر الزمن في البحث عن الأسير، والضغط على حماس، وفي القيام بحملات القتل والتدمير، وفرض الحصار والسعي لإسقاط حكومة حماس، لكنه فشل في كل ذلك.
لكنَّه في الوقت نفسه ترك المجال للتفاوض بشأن عملية تبادل الأسرى، مراهناً على أن إطالة أمد التفاوض ستخفف من الشروط الفلسطينية، وخصوصاً بشأن أعداد الأسرى وشخصياتهم ونوعية الأحكام التي يواجهونها.
“إسرائيل” كانت تصرّ على عدم الالتزام بمبدأ التزامن في إطلاق السراح، وفي اختيار من تشاء من الأسرى لإطلاقهم وهو ما كانت ترفضه حماس التي تمسكت بالإفراج عن عدد كبير من أصحاب المحكوميات الطويلة.
وفي 11 أكتوبر 2011 تحقق هدف عملية “الوهم المتبدد”، وخضع الاحتلال الإسرائيلي أخيرًا لإرادة المقاومة، وأجبر على القبول بأغلب مطالب المقاومة، وتم التوقيع على صفقة تبادل الأسرى برعاية مصرية.
وبموجب الصَّفقة التي أطلق عليها “وفاء الأحرار”، أفُرج عن 1050 أسيرًا وأسيرة مقابل شاليط الذي أسر من داخل دبابته العسكرية التي كانت رابضة على الحدود تنتظر فريسة فلسطينية لاقتناصها.
ضباط وجنود أسرى بغزة حاليًا
وأسرت كتائب القسام أربعة ضباط وجنود إسرائيليين منذ عام 2014 وترفض الإفصاح عن أية معلومة تتعلق بهم قبل إطلاق الاحتلال سراح محرري صفقة “وفاء الأحرار” الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم بالضفة الغربية المحتلة.
وخلال حرب 2014 الأخيرة على قطاع غزة أسرت القسام الضباط في لواء “جفعاتي” هدار غولدين، والجندي في لواء “غولاني” أورون شاؤول، إضافة إلى الجنديين إبراهام منغستو، وهشام السيد.
كان من اللافت كشف نائب قائد أركان القسام مروان عيسى قبل أسبوعين عن سعي الكتائب لـ”زيادة غلتها” من الجنود الإسرائيليين الأسرى لعقد صفقات تبادل لتحرير المعتقلين في سجون الاحتلال، على غرار صفقة “وفاء الأحرار”.
بتسيلم توزع تسجيلًا مصورًا لجندي يرمي قنبلة غاز في فناء منزل بكفر قدوم
“جنود إسرائيليون اقتحموا منزلا سوريا وقتلوا أشخاصا فيه دون أي سبب”
وزير حرب الاحتلال يوقع 4 اوامر مصادرة وتجميد لاموال لحركة حماس
وجاء حديث عيسى، المطلوب منذ سنوات طويلة، في أول ظهور إعلامي له خلال حديثه مع برنامج “ما خفي أعظم” الذي بثته قناة الجزيرة، والذي كشف خلاله مشاهد جديدة للجندي شاليط خلال أسره.
وجدد نائب الضيف تأكيده أن المقاومة تمتلك أوراق مساومة قوية لإنجاز صفقة تبادل أسرى مشرفة، “وهو الملف الأهم الآن لدى القسام”.
ويُظهر تصريح عيسى مدى أهمية ملف الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها حركة حماس، منذ نجاح صفقة شاليط.
وأكد عيسى أن “وحدة الظل القسامية تحافظ على أسرى الاحتلال حتى اللحظة، وأن الكتائب تعمل على تحرير كل الأسرى الفلسطينيين والعرب من سجون الاحتلال”.
ويقبع في سجون الاحتلال ما يزيد عن 5 آلاف أسير بينهم مئات المرضى والمحكومون بالسجن المؤبد يترقبون صفقة تبادل تحررهم.
ومؤخرا عاد الحديث عن الأسرى الإسرائيليين لدى كتائب القسام إلى واجهة الأحداث عقب ربط الاحتلال السماح بإعادة إعمار قطاع غزة مقابل إطلاق سراحهم.
وقال وزراء إسرائيليون في المجلس الوزراء المصغر إن على حركة حماس إعادة الإسرائيليين الأربعة قبل انطلاق أي عملية لإعادة إعمار القطاع الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني وتحاصره “إسرائيل” منذ صيف 2006.
في حين، ترفض حركة حماس بشكل مطلق الربط بين عملية الإعمار وتبادل الأسرى، وتصر على إجراء صفقة وفق شروطها المتمثلة بتحرير عدد كبير من الأسرى.
كما ترفض حماس إعطاء أي معلومات حول الضباط والجنود الإسرائيليين الـ4 الذين تحتفظ بهم منذ عام 2014.
فيما اكتفت ضمن برنامج “ما خفي أعظم” ولأول مرة بتسريب تسجيل صوتي لأحد الأسرى دون كشف هويته.
وفيما يلي الضباط والجنود الذين بحوزة وحدة الظل في كتائب القسام.
شاؤول أرون
ولد شاؤول أرون في 27 ديسمبر/كانون الأول 1993، وأقام في مستوطنة “بوريا” في منطقة الناصرة.
التحق أرون في صفوف الجيش الإسرائيلي، وعمل في لواء النخبة “جولاني”.
أسر مقاتلو كتائب القسام الجندي أرون في عملية شرقي حي التفاح شرقي غزة، وقعت بتاريخ 20 يوليو/تموز 2014.
وأسفرت هذه العملية عن مقتل 14 ضابطا وجنديا إسرائيليا وإصابة آخرين بجراح.
لكن الاحتلال لم يعلن عن أسره، إلا عقب إعلان كتائب القسام عن ذلك في شريط بثه الناطق باسمها أبو عبيدة، حيث نشر رقمه العسكري.
ويزعم الاحتلال أن الجندي أرون قُتل في العملية، غير أن عائلته ترفض قبول هذه الرواية، وتؤكد أنه ما زال على قيد الحياة.
كما تؤكد عائلة أرون أن إعلان الحاخامية مقتله محاولة لسلب حركة حماس إنجازها في أسره، إضافة إلى السعي لمنعها من تحقيق أي إنجاز باعتبار أنه جثة وليس على قيد الحياة.
الضابط هدار غوليدن
ولد الضابط هدار غوليدن يوم 18 فبراير/شباط 1991.
ويحمل غوليدن رتبة ملازم ثان، بلواء النخبة “جفعاتي”، وهو نجل ابن خال موشيه يعلون وزير الجيش الإسرائيلي السابق.
وتمكنت القسام من أسر الضابط غولدين شرق رفح جنوبي قطاع غزة في 1 أغسطس/آب 2014 بكمين محكم، بحسب ما أعلن.
غير أن الكتائب لم تعلن عن أسره خلال الحرب، لكنها عادت واعترفت بمسؤوليتها عن ذلك عقب انتهائها، وإعلان الاحتلال فقدانه.
أفيرا منغستو
ولد أفيرا منغستو في إثيوبيا بتاريخ 22 أغسطس/آب 1986.
هاجرت عائلته إلى الكيان الإسرائيلي، وهو بعمر 5 سنوات وأقامت في مدينة عسقلان القريبة من قطاع غزة.
اجتاز منغستو السياج الفاصل بين الكيان الإسرائيلي وشمالي قطاع غزة في 7 سبتمبر/أيلول 2014، ومنذ ذلك الحين اختفت آثاره.
وتزعم عائلته أنه مضطرب نفسيا، وتم تسريحه في مارس/آذار 2013 من الخدمة العسكرية لهذا السبب.
كما اتهمت عائلته الحكومة الإسرائيلية مرات عديدة بتعمد إهمال ابنها، وعدم المطالبة بإعادته لأسباب عنصرية كونه أسود البشرة، ومن أصول إثيوبية.
وفي يوليو 2019 كشفت كتائب القسام أن الاحتلال لم يطالب بإعادة منغستو من خلال الوسطاء الذين تحدثوا معها بشأن الإسرائيليين المحتجزين.
هشام السيد
لم تذكر وسائل الإعلام العبرية تفاصيل كثيرة عنه، سوى أنه يبلغ من العمر 29 عاما عند احتجازه.
وعمل السيد في الجيش الإسرائيلي في أغسطس 2008.
المصدر/ صفا