ترجمة: أمين خلف الله
هارتس
نوعا لانداو
إن إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الجديد على وجود إسرائيلي في منطقة فيلادلفيا على حساب التخلي عن الاسرى الذين ما زالوا على قيد الحياة في قطاع غزة، هو مناورة قاسية بشكل خاص حتى بالنسبة لشخص منعزل وساخر من فئة أخرى.
ففي نهاية المطاف، فإن السيطرة العسكرية الإسرائيلية على محور فيلادلفيا، كما أوضح وزير اللجيش يوآف غالانت صراحة أمس (الأحد)، وأخبر وزراء الكابينت مباشرة ورئيس الأركان هرتسي هليفي، ليست ضرورة أمنية على الإطلاق، بل هي ضرورة سياسية
الضرورة يريد نتنياهو خلق معادلة ذهنية صادمة لقاعدته السياسية، والتي بموجبها الخيار الوحيد المطروح الآن هو إما صفقة لإطلاق سراح الاسرى ، أو السلامة الشخصية للمواطنين الآخرين، أي صفقة إن إطلاق سراح الاسرى سيضر بالضرورة بالأمن، إذا جاز التعبير، ولذلك يتخذ هذا القرار “الصعب” لصالح الصالح العام الوهمي.
هذه معادلة خاطئة تماما. وليس فقط لأن قادة المؤسسة الأمنية والجيش يوضحون ذلك مراراً وتكراراً ، وليس فقط لأنه من الواضح أن هناك أكثر من إجابة صحيحة للوضع المعقد الحالي. ولكن أيضاً لأنه من الضروري أن نتذكر أن الرجل الذي يركب حياته السياسية برمتها على ورقة “سيد الأمن” روج طوال عقود من الزمن، بثبات بارع، لنموذج سياسي أمني أدى في الواقع إلى نتيجة معاكسة تماماً. لم يفعل نتنياهو شيئاً قبل وبعد 7 أكتوبر لتعزيز الأمن الشخصي للمواطنين الإسرائيليين. وكدليل على ذلك، فإن أنصاره مدعوون إلى أن يسألوا أنفسهم ويجيبوا أنفسهم في صمت بإجابة صادقة: هل تشعر الآن بمزيد من الأمان؟
طوال سنوات حكمه كانت جريمة نتنياهو هي الحفاظ على الوضع الراهن، أي كنس كل مشكلة تحت السجادة المشتعلة. لقد أضعف عمدا السلطة الفلسطينية حتى عندما أبدت استعدادها لأن تكون شريكا كاملا للجيش الإسرائيلي في التنسيق الأمني، ورفع حماس وعززها من مفهوم “فرق تسد”، واعتقد أنه يمكن الاحتفاظ بغزة كسجن بشري يغلي إذا لم تصب عليه إلا بضعة دولارات بين حين وآخر، وعمّق الاحتلال، دون أي أفق سياسي، وتسبب في إلغاء الاتفاق النووي الذي بقي بلا بديل، ووعد مراراً وتكراراً بأن رؤيته المحببة لدولة إسرائيل هي «إدارة الصراع» و«سنعيش بسيفنا» الوعد الأخير حاضر حتماً.
نتنياهو ليس سيد الأمن على الإطلاق، بل هو سيد الركود والفوضى.
وفي الواقع فإن التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الاسرى وإنهاء الحرب يشكل جزءاً من الخيار الوحيد الذي سيضمن أيضاً الأمن المستدام على المدى الطويل. بعد كل شيء، القتال إلى الأبد ليس حلاً حقًا. وبعد عشرة أشهر من القتال، أصبح من الواضح بالفعل أنه لا يوجد شيء اسمه “النصر الكامل” أو “القضاء على العدو”، وأنه من المستحيل ممارسة السيطرة العسكرية على دولة أخرى إلى الأبد، وأننا لن نقنع العالم المجتمع الدولي بهذه الطريقة. محور فيلادلفيا هو خيال شعبوي آخر من معبد “النصر المطلق”.
في عالم البالغين، الحقيقة هي أنه لا يهم مدى تبرير كل حرب في البداية، ومن المؤكد أن الرد العسكري كان مبررًا بعد كارثة أكتوبر – ففي النهاية، ينتهي كل صراع بنوع من التسوية..
تماماً كما انتهت كل جولة من جولات القتال في غزة حتى يومنا هذا باتفاقيات وقف إطلاق النار التي أخفتها حكومات نتنياهو عن الجمهور. وبدلاً من الاعتراف بذلك والعمل على تسوية أكثر شمولاً وأطول أمداً، اختار نتنياهو، في الحوار مع الأحزاب البراغماتية، وضع ضمادة فضفاضة في كل مرة وتعزيز المسلحين.
قائد شُرطة العدو السابق: في المواجهة القادمة: “فلسطيني 1948 سيقتلون اليهود”
رئيس الموساد لا يستطيع ان يعطي التزامات شخصية بالموضوع الإيراني
“إسرائيل” أصبحت أكثر حساسية للإصابات وأقل استعدادًا للضحية
صحيح أنه سيكون هناك دائما طرفان متطرفان لن يرضيهما الاتفاق. من يريد فلسطين كاملة ومن يريد إسرائيل كاملة. لكن من الممكن التوصل إلى تفاهمات مع الأغلبية الساحقة من البشر العقلاء، والاستمرار في حماية أنفسنا من أقلية متطرفة عندما تكون أصغر حجما وأكثر عزلة، على المستوى المحلي والدولي. لذا فإن الاتفاق على إطلاق سراح الاسرى وإنهاء الحرب هو خطوة أولى لتعزيز الأمن، في حين أن التخلي عنهم لصالح الاستيطان الأبدي في غزة هو الذي يضر بالأمن. لن تتمكن إسرائيل من إخفاء مليوني فلسطيني بالخدعة. والمعادلة الحقيقية هي إما دورة لا نهاية لها من سفك الدماء أو اتفاق مستقبلي.
إن الإصرار على الصفقة هو إصرار على دولة محبة للحياة وملتزمة تجاه مواطنيها ومستقبل أكثر أمانا، بدلا من دولة تسعى إلى العيش إلى الأبد على السيف وتمجيد الموت.