ترجمة : أمين أحمد خلف الله
زمان يسرائيل/ دانا بن شمعون
المقال يعبر عن راي كاتبته
عقد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قبل أيام جلسة نقاش مع نواب ورؤساء لجان في مجلس الأعيان بالبرلمان الأردني، على ما يبدو مناقشة روتينية أثيرت فيها عدة قضايا سياسية واقتصادية على جدول الأعمال ، بما في ذلك القضية الفلسطينية وتزايد البطالة في المملكة.
وقال الملك إلى أن “الأردن يتجه بأمان نحو عملية التحديث، وهذا يتطلب عملاً جادًا من الجميع، هناك عناصر تريده أن يفشل ، لكننا واثقون من نجاحنا”، عند العودة إلى الوراء ، سيتضح أن هذه الكلمات كانت مجرد مقطع دعائي للغرض الرئيسي الذي عقد الاجتماع من أجله،
وقال جلالة الملك إن “نقص المياه هو أكبر تهديد على دول المنطقة أن تواجهه في السنوات العشر المقبلة” ، فيما بدا أنه محاولة لتقديم “أعذار” لشعبه لتبرير الاتفاق الثلاثي الذي وقع عليه، مع إسرائيل والإمارات العربية المتحدة قبل أكثر من شهر بقليل،
وبموجب الاتفاقية ، ستقوم “إسرائيل” ببناء محطة لتحلية المياه سيتم نقلها إلى الأردن ، مقابل الكهرباء التي سيولدها الأردن لإسرائيل من خلال بناء محطة للطاقة الشمسية في الصحراء الأردنية، حيث أثار هذا التعاون التاريخي والعلني بين “إسرائيل” والأردن غضبًا عامًا في المملكة، فعلى الرغم من الجفاف الشديد الذي ضرب المملكة ، فقد اعتُبرت الخطوة علامة على التطبيع مع “إسرائيل” وتسببت في موجة من الاحتجاجات في الرأي العام الأردني، بل إن نشطاء المعارضة استغلوا هذه الخطوة لمهاجمة النظام الملكي، ولم يبق الملك عبد الله غير مبال بهذا الأمر ، خاصة بعد الكشف عن المؤامرة في الأردن العام الماضي والتي زعمت أنها هددت بتقويض حكمه، وهو يحاول الآن تدريب الرأي العام في بلاده على صفقة موقعة مع “إسرائيل” ، ولتحركات أخرى ستأتي لاحقًا على خلفية دفء العلاقات بين البلدين،
فرغم استمرار القنوات الأمنية على الصعيد الأمني ، اشتدت التوترات مع “إسرائيل” في السنوات الأخيرة بعد تراكم الأحداث والتطورات التي بلغت ذروتها في سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصفقة القرن، حيث أدى تراجع مكانة القضية الفلسطينية وانسحاب فكرة الدولتين في عهد ترامب ، إلى جانب الحديث عن ضم أجزاء من الضفة الغربية ، إلى تكثيف المخاوف في الأردن من أن الأمريكيين و”الإسرائيليين” “يتآمرون” للعودة الى الخيار الأردني ” او ما يسمى بالوطن البديل” الذي سيكون بمثابة وطن للفلسطينيين.
وتسهم سلسلة اللقاءات التي عقدها وزير الجيش بني جانتس آخرها الأسبوع الماضي في عمان في تخفيف هذا القلق البالغ، وهي ليست مجرد مصدر قلق، من الناحية الأردنية ، هذا خطر وجودي على المملكة ، وهو أكبر كابوس يمكن أن يتخيله الملك، فالعلاقات الشخصية والودية التي تشكلت مع جانتس ، الذي يدعم فكره السياسي فكرة الدولتين ، يعطي الأردنيين الانطباع بأن موضوع “الوطن البديل” آخذ في الانهيار، وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء هو نفتالي بينت – رجل من المؤيدين لفكرة “إسرائيل الكبرى” و ينفي وجود دولة فلسطينية في الضفة الغربية ويعارض استئناف العملية السياسية، إلا أن الأردنيين يفهمون أن هناك مكابح وعوامل تقييدية ستمنع “إسرائيل” من تنفيذ خطوات دراماتيكية في المستقبل القريب، خصوصا أنه في ظل إدارة بايدن ، لن تتخذ “الحكومة الإسرائيلية” إجراءات أحادية الجانب مثل ضم أجزاء من الضفة الغربية ، مما قد يقوض الاستقرار على الأرض ويضر بما يحدث مع جارتها في الشرق.
وبغض النظر عن إقامة دولة فلسطينية ، هناك إجماع كامل بين بينت والملك عبد الله على الموضوع الأمني، آخر ما يريد الملك رؤيته هو انتشار القوات الفلسطينية على طول الحدود، وتشترك “إسرائيل” في نفس المصلحة بالضبط، كما أن هناك عامل مقيد آخر هو التكوين الحساس والهش للائتلاف الحكومي في “إسرائيل” ، الأردنيون يدركون ذلك أيضًا، يبدو أنهم يتعلمون شيئًا فشيئًا السياسة “الإسرائيلية” ، ويبدأون في تكوين روابط لم يسبق لهم رؤيتها من قبل، فبالإضافة إلى العلاقات المتجددة مع رئيس الوزراء بينت ، هناك أيضًا محاولات من جانب الأردنيين لبناء علاقات مع قادة آخرين في التحالف، قبل شهرين كان رئيس “راعام” منصور عباس في ضيافة قصر الملك.
الديناميكيات التي ميزت الانتخابات “الإسرائيلية” في العامين الماضيين ، إلى جانب التوترات في العلاقات مع الحكومة السابقة ، علمت الأردنيين أنه لا يستحق وضع كل البيض في سلة واحدة والاعتماد فقط على رئيس الوزراء الحالي.
مسؤولون في الكيان: “نتنياهو أيّد إزالة البوابات الإلكترونية وتراجع عن ذلك بسبب يائير وسارة”
أكثر من 1800 مستوطن اقتحموا الأقصى طيلة أيام عيدهم الحانوكا
قائد شُرطة العدو السابق: في المواجهة القادمة: “فلسطيني 1948 سيقتلون اليهود”
ويحاول الملك عبد الله الآن التعويض لنفسه عن “السنوات السيئة” التي ضعفت خلالها مكانته في المنطقة، فنتائج الانتخابات في أمريكا و”إسرائيل” تساهم في عودته إلى مكانته في الشرق الأوسط، مما ساهم في عودة الأردن إلى الساحة الإقليمية ، كما يقوم القادة “الإسرائيليون” بالحج إلى قصر الملك واحدًا تلو الآخر، وقد اصبحت صفقة ترامب خارج الطاولة، اما إدارة بايدن ومن خلال السفير الأمريكي في الأردن ، هنري ويستر ، أكثر انخراطًا في ما يحدث في المملكة وأكثر اهتمامًا باحتياجاتها، الكل يتحدث إلى الملك ويسعى إلى التقرب منه، واستعاد الملك عبد الله احترامه والأردن نفوذه في المنطقة.