هارتس/ يوسي ميلمان
ملاحظة: المقال يعبر عن رأي كاتبه
منذ حوالي أربع سنوات ونصف، كشف عن اشتباه في السلوك الإجرامي لشركة (الملاحة الجوية المحدودة الإسرائيلية) Aeronautics “ايراناتكس”، وهي شركة تصنع طائرات بدون طيار، ذلك السلوك كان من بعض كبار مسؤوليها التنفيذيين في الشركة الذين باعوا منتجاتها لدول تنتهك شروط الصادرات الدفاعية والأمنية.
وقد تغيرت ملكية الشركة منذ تأسيسها قبل ربع قرن من قبل آفي لئومي، عدة مرات، وهي الآن مملوكة لشركة رافائيل للصناعات العسكرية، وعلى الرغم من ارتباط اسمها بصفقات أسلحة مثيرة للجدل بمئات الملايين من الدولارات في نيجيريا والهند، إلا أن هذه الشركة ظلت دائمًا هي المفضلة لدى المؤسسة العسكرية والمتقاعدين، وكان من بين موظفيها السابقين عومري شارون وإيتاي أشكنازي (ابن غابي أشكنازي)، وكان لرئيس جهاز الشاباك السابق يعقوب بيري مستشار خارجي، وكان من بين رؤسائها قائد القوات الجوية السابق إيتان بن إلياهو وقائد البحرية السابق يديديا يعاري.
مباشرة بعد المقال الذي نشرته في معاريف حول الاشتباه ضد شركة “ايراناتكس”، سارعت ‘الشرطة الإسرائيلية” ومجلس الأمن القومي بمطالبة محكمة الصلح في ريشون لتسيون لمنع النشر بهذه المسألة، وقد امتثل القضاة للطلب وكان الأمر التقييدي كاسحًا لدرجة أنه منع نشر حتى ما كنت قد نشرته بالفعل، هذا على الرغم من حقيقة أنه حتى يومنا هذا، يمكن العثور على المعلومات في الشبكة العنكبوتية.
إن أكثر ما أثار الرعب لدى القضاة هو حقيقة أن الموساد والمخابرات ومراكز قيادية خاصة في “إسرائيل” ثبت أنها متورطة في قضية بيع الطائرات المسيرة التي نفذتها الشركة، وقد أصدر القضاة رأيهم الذي حذر من أن أي منشور حول هذه القضية من شأنه الإضرار بالمصالح الأمنية “لإسرائيل”، وإذا لم يكن ذلك كافيًا، فإن وزير الجيش في ذلك البلد-التي اشترت الطائرات المسيرة- والذي يعتبر رصيدًا إستراتيجيًا مهمًا للغاية “لإسرائيل”، قد زار “إسرائيل” في ذلك الوقت وحذر من أن التعاون العسكري والأمني معها سيتضرر إذا استمر النشر بهذه القضية، وسيصل الأمر إلى وسائل الإعلام في ذلك البلد، ما سيضر بالمصلحة العامة وبمصلحة ذلك الديكتاتور الفاسد.
قبل أيام قليلة، قدم مكتب المدعي العام لوائح اتهام ضد “الشركة” وثلاثة من كبار مسؤوليها، ما يؤكد صحة تقريري الأصلي الذي نشرته في أغسطس 2017، ورغم أنني صحفي منذ 47 عامًا، منها 38 عامًا تخصصت في تغطية مسائل الأمن والاستخبارات، فقد أدركت أن الوضع يزداد سوءًا، وأن الحصانة القضائية لدى القضاء ضعيفة جداً أمام قدرة وتعامل المنظومة العسكرية والأمنية.
عندما يتعلق الأمر بالمسائل الأمنية، لا توجد اختلافات بين كل القضاة، كلهم يقفون بشكل مستقيم بلا حراك عند كلمة “الأمن”، القضاة الذين تتحكم بهم المؤسسة العسكرية مستعدون لإزالة أي اتهامات ضد النظام الأمني وإزالة أي عريضة أو طلب من قبل وسائل الإعلام والمحامين والناشطين الحقوقيين ومن أي شخص يسعى للعدالة.
في السنوات الأخيرة، أيد القضاة وبرروا التزام وزارة الجيش والموساد لخمسة قادة -ينتهكون حقوق الإنسان والديكتاتوريين القساة في بلدان مثل أذربيجان، والفلبين، وبورما، وجنوب السودان، والمملكة العربية السعودية، -لمنع نشر وثائق من أرشيف “الدولة” بشأن المذابح والاغتصاب والترحيل في “حرب 67″، إضافة إلى قتل أسرى الحرب أو في عمليات استخباراتية يشارك فيها مهربو المخدرات، بالطبع كل هذا يتم باسم “الأمن القومي”، لكن في الواقع يتم أحيانًا حمل هذا الاسم عبثًا للتستر على الإخفاقات، أو لإخفاء أعمال غير قانونية، تخجل منها المؤسسة العسكرية.
شاهد: عشرات الاصابات الخطيرة والمتوسطة في اقتحام قوات الاحتلال للمسجد الاقصى
الاحتلال يزعم اسقاط طائرة مسيرة للمقاومة في غزة
بعد عقد من الزمان: أمان” لن تنتقل إلى النقب إلا في عام 2026
بحر من الأخطار: يجب مُراقبة الحُدود البحرية الآن أكثر من أي وقت مضى
مصطلح “الدولة العميقة” بالعبرية – أي دولة مخفية تحت السطح – هو مصطلح من مجال العلوم السياسية، يصف هذا المصطلح موقفًا تكون فيه مجموعة سرية تتكون من شبكات سلطة خفية، للتصرف بشكل مستقل خارج القيادة السياسية المنتخبة في البلاد ومحاولة دفع أجندتها وأهدافها.
لكن في “إسرائيل” يستحق هذا اللقب أن توصف به المؤسسة العسكرية والأمنية، التي تعمل كدولة داخل دولة وتقوم بما تشاء، دون إشراف برلماني فعال، وبتعاون وثيق مع العمود الفقري للنظام القضائي.
المصدر/ الهدهد