هآرتس/ عميرة هيس
لم يسافر محمود عباس إلى منزل وزير “الجيش الإسرائيلي” بني جانتس للاستماع إلى المبادرات الاقتصادية والإنسانية التي تم الاتفاق عليها سابقاً على مستويات منخفضة، أو الاستفسار عن الإجراءات الاقتصادية التي أوصى بها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي “إسرائيل” لاتخاذها منذ سنوات، هذا ما قاله مسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية، لم يطلع بعد على تفاصيل لقاء الأمس.
والسؤال هو ما إذا كان قد سافر لأن الجانب “الإسرائيلي” وعد مقدماً ببعض التقدم في قناة التفاوض السياسي؟ أو ما إذا كان يريد نقل بعض الرسائل السياسية التي تبدو أكثر مصداقية وحازمة عند تقديمها مباشرة في لقاء وجهاً لوجه، ولم يُنقل في بيان صحفي، بالنظر إلى السياسات اليمينية “للحكومة الإسرائيلية”، من الصعب تصديق أن الاجتماع كان يمكن أن يحتوي على أي رسالة سياسية من وجهة نظر القيادة الفلسطينية، بل القلق على مكانتها ووجودها، لذلك نميل إلى تقدير أن عباس ذهب لإيصال رسالة سياسية بأسلوبه:
الوضع حقًا على وشك الانفجار، يمكنني التحدث معكم، وما زلت في موقف وموقع يمكنني من دفع العملية السياسية لمنع ذلك الانفجار، لكن الوقت ينفد سواء باتجاه انفجار أو نحو تغيير في مواقفنا.
المشكلة هي أن هذه الرسالة ينطق بها عباس ويسمع لها رفاقه مرة كل بضعة أشهر، إن لم يكن أكثر من مرة، وقد توقف الجمهور الفلسطيني عن الاستماع لتحذيراته بجدية، وهذا هو الجمهور الفلسطيني نفسه، الذي يطالب 75٪ منهم باستقالة عباس، بحسب استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للدراسات والمسوحات في رام الله مؤخرًا.
والمرجح أن القيادة الفلسطينية تعتبر جانتس الوزير الوحيد في الحكومة اليمينية الحالية، الذي يرغب في الاستجابة لهذه التحذيرات، لذلك اتخذ عباس لفت انتباهه أو المخاطرة الإضافية لصورته بالسفر إلى منزل الشخص المسؤول عن قتل آلاف الفلسطينيين.
إن التخمينات بشأن طبيعة الاجتماع بين جانتس وعباس ساعدها اجتماع آخر، عقد في مكتب عباس في رام الله الخميس الماضي، حيث دعا إلى مكتبه حوالي مائة من الأكاديميين والمثقفين والكتاب والصحفيين وممثلي المجتمع المدني الفلسطيني، وقال أحد الضيوف لصحيفة “هآرتس” كنا نتوقع أن اللقاء سيحمل رسالة مهمة في الشؤون الداخلية والسياسية الفلسطينية، لكن الجميع اندهش، حينما ألقى عباس خطابًا مطولًا حول أصول اليهود الاشكناز، وحول الاختلافات بين الاشكناز واليهود من الدول العربية والدول الإسلامية الأخرى، وبحسب الضيف نفسه، قال عباس إنه سئم الجمود السياسي، وأن المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية سوف يجتمع خلال شهرين لاتخاذ قرارات مهمة وحاسمة.
كرر رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني الأحد الماضي هذا التحذير بشكل أو بآخر، في مقابلة مع إذاعة صوت فلسطين الرسمية، وقال: “إن القيادة الفلسطينية لن تنتظر طويلاً في مواجهة تخلي -إسرائيل- عن الاتفاقات، وأنه في نهاية شهر كانون الثاني (يناير) 2022، من المقرر أن ينعقد المجلس المركزي ويتخذ قرارات مهمة”.
ولم يحدد ما هي هذه القرارات، لكن هذا المجلس المركزي قرر في أكتوبر 2018 أنه سيتوقف عن الوفاء بالتزاماته بموجب اتفاقات أوسلو بسبب استمرار البناء في المستوطنات، لكن هذا القرار لم ينفذ.
وليس من قبيل المصادفة ظهور “الأفق السياسي” في تغريدات حسين الشيخ وزير الأحوال المدنية، الذي حضر اجتماع في القاهرة واجتماع جانتس ومعه رئيس المخابرات العامة ماجد فرج، وعلى الرغم من غموضها وطابعها الشعاري، إلا أن تصريحاته تؤكد البعد السياسي للقاء، على الأقل بالنسبة للجانب الفلسطيني، وهذا يتناقض مع البعد الاقتصادي للإغاثة الذي أكدته “التقارير الإسرائيلية”.
أكثر من 1800 مستوطن اقتحموا الأقصى طيلة أيام عيدهم الحانوكا
قائد شُرطة العدو السابق: في المواجهة القادمة: “فلسطيني 1948 سيقتلون اليهود”
سناء سلامة زوجة الأسير وليد دقة: ابتسامة “بنتي” ميلاد تُعادل كل القائمين على فيلم “أميرة”
الصحافي محمد دراغمة من وكالة أنباء الشرق، وبناء على تقرير سمعه من مسؤولين فلسطينيين بأن المطالب الفلسطينية التي أثيرت في الاجتماع وهي:
إعادة السلطة الأمنية الفلسطينية في المدن كما كانت قبل الانتفاضة الثانية “أي تقييد الجيش الإسرائيلي في المداهمات في الضفة الغربية”.
توسيع الأراضي التي تتمتع فيها السلطة الفلسطينية بسلطة أمنية، أي استئناف عملية إعادة انتشار “الجيش الإسرائيلي”.
ونقل المناطق من الفئة ب، حيث تتمتع السلطة الفلسطينية بسلطة التخطيط والبناء وليس السلطة الأمنية، إلى “الفئة أ”؛
وإعادة أفراد أمن السلطة إلى معبر اللنبي الحدودي.
غير أن دراغمة شدد على أن كبار المسؤولين لم يتوقعوا انفراجاً سياسياً، قائلاً: “إن جانتس الذي تحدث عن تدابير بناء الثقة، لم يُبد أي مؤشر على إمكانية العودة إلى المسار السياسي في هذه المرحلة”.
المصدر/ الهدهد