يوم الجمعة الماضي، قتل قناص من “الجيش الإسرائيلي” محمد حبيسة ، والد طفلة تبلغ من العمر ثمانية أشهر من قرية بيتا ، خلال مظاهرة منتظمة ضد “بؤرة افيتار الاستيطانية” التي أقيمت على أراضي القرية.
قرية بيتا التي قدمت سبعة قتلى منذ مايو قالوا بانهم لن يتوقفوا عن التظاهر حتى يتم تحرير أراضي “أفيتار”
ترجمة الهدهد
جدعون ليفي اليكس ليبيك/ هارتس
ولدت رازال قبل ثمانية أشهر. إنها طفلة كبيرة بأقراط صغيرة.
يوم الإثنين من هذا الأسبوع، أجلسها أفراد عائلتها تحت شجرة زيتون في كرم العائلة، وسط دائرة صغيرة من الحجارة، حيث لا تزال بقع الدم ظاهرة.
ابتسمت رازال، بالطبع لم تكن لديها أدنى فكرة عن المكان الذي اجلسها فيه جدها وعمها
بقع الدماء تعود إلى والدها، وهي الدماء التي سالت من رأسه بعد أن أطلق قناص من الجيش الإسرائيلي النار عليه من بعيد وقتله على الفور، قبل ثلاثة أيام من وصولنا.
بقع الدم متناثرة على الحجارة في بستان الزيتون المزروع هذا لعشرات الأمتار حيث طريق إخلاء الشهيد
هنا جلس والدها يوم الجمعة الماضي، تحت زيتونه – كرم الزيتون لعائلته – وعلى قمة الجبل المقابل وقف قناص يصوب بندقيته ويطلق رصاصة واحدة أصابت وسط رأسه وفجرت جمجمته
صور الرأس المحطم والدماغ المتناثرة مروعة، أتمنى أن يراهم القناص، لن يطلق النار مرة أخرى.
أتمنى لو رأى أيضًا جد الطفلة وعمه (الأب والأخ الثكلى) يقومان باجلاسها عليها حيث سقط والدها قبل ثلاثة أيام فقط.
انفجر الأب علي وأخوه إبراهيم في صرخات مفجعة، وتجمع معهم أصدقاء الشهيد حول شجرة الزيتون.
يتم تعليق ملصق عليها صورة الشهيد على جذع الشجرة.
شخص ما يصور هذه الوقفة بالفيديو، عندما تكبر رازال سوف يعرضونه عليها.
ذهب السباك للتحقق من سبب توقف إمدادات المياه، ولسبب ما قتل رميا بالرصاص
ذهب محمد للبحث عن أخيه الصغير عندما جاء الجنود، ثم قُتل رميا بالرصاص
كانت رازال الابنة الوحيدة لمحمد حبيسة البالغ من العمر 28 عاما وهو يعمل “دهان” من قرية بيتا، والذي قتل برصاص قناص من “جيش الإسرائيلي”، حيث أطلق الرصاص الحي عليه يوم الجمعة الماضي.
هذه هي الطريقة التي ينهي بها الجيش الإسرائيلي أحيانًا مظاهرات القرية ضد “بؤرة افيتار الاستيطانية” التي أقيمت بشكل غير قانوني على أراضيها.
لم يتم اخلاء “بؤرة افيتار الاستيطانية” من الغزاة، لكن بيته (محمد حبيسة) بقي في حالة من الوحل ولم تُعاد الأرض إلى صاحبها.
جبل صبيح، جبل الزيتون في بيتا، كروم العنب المشذبة على جوانبه، وتبرز أعلاها ” بؤرة افيتار الاستيطانية”
من المستحيل عدم تذكر المظاهر المبهجة للناشطة الاستيطانية، دانييلا فايس، بعد إنشاء هذه المنطقة المغتصبة (“بؤرة افيتار الاستيطانية”) ، موزعة ابتسامتها الشريرة.
بحسب المتظاهرين، بعد مقتل محمد بالرصاص، أطلق الجنود الغاز المسيل للدموع على من حاولوا تخليص جثته.
هناك الآن ثماني قتلى منذ مايو سقطوا في النضال من أجل الأرض المسروقة، سبعة منهم من بيتا.
دماء هؤلاء يحمل وزرها المستوطنون و”وزير الدفاع” و”الجيش الإسرائيلي”، وكلهم يعلمون أن ” بؤرة افيتار الاستيطانية” ستبقى، وإخلائها كان مجرد طرفة مؤقتة لسيادة القانون.
لكن في بيتا يقولون: لن نستسلم. “ربما بعد إطلاق 15000 رصاصة وقتل القرية بأكملها، ستكون الأرض لكم”، كما يقول عم الرجل القتيل، موسى حبيسة، بالقرب من المكان الذي قُتل فيه ابن أخيه.
الطفلة، التي لا تعرف شيئًا، تجلس على الأرض ممتلئة بدماء والدها، وصرخات الرجال من حولها، وبيوت ” بؤرة افيتار الاستيطانية” الصفيقة والمتحدية على الجبل، والدم يغلي.
سبعة زائد واحد
يقع مركز بيتا الرياضي في أعماق القرية، جدرانه مغطاة حتى السقف بصور ضحايا الأشهر الماضية، أشهر المذبحة منذ تأسيس “بؤرة افيتار الاستيطانية”.
من المحامي الدكتور عيسى داود الذي قُتل على يد جنود “الجيش الإسرائيلي” في 14 مايو، وهو أول من سقط، ويجلس معنا شقيقه المفجوع الآن في المركز الرياضي، وإلى ” الدهان”(الصباغ) محمد حبيسة آخر قتيل قبل ساعة والذي قتل يوم 24 سبتمبر وعائلته هنا في حداد الآن.
قتل سبعة قتلى من القرية وآخر من القرية المجاورة.
قُتل سبعة منهم في المظاهرات وقتل آخر في بيتا – ليس خلال المظاهرات- شادي شرفا، سباك القرية، الذي ذهب لفتح خط مياه عند مدخل القرية وقتل على يد الجنود مساء 27 يوليو.
تزوج حبيسة منذ حوالي عام ونصف من ابنة عمه ” ملك”، وهي طالبة في التربية الخاصة تبلغ من العمر 21 عامًا في جامعة القدس المفتوحة.
رازال هي ابنتهم الوحيدة. علي حبيسة، الأب المفجوع، عامل يبلغ من العمر 58 عامًا عمل معظم حياته في إسرائيل، كما عمل ابنه محمد في “إسرائيل” خلال الفترات التي تمكن فيها من الحصول على تصريح عمل.
يوم الخميس الماضي، جاء محمد وملك و رازال لزيارة أجدادهم في منزلهم، الذي يبعد حوالي 500 متر عن منزلهم.
كانت تلك هي المرة الأخيرة التي رأوا فيها بعضهم بعضًا.
الآن تغطي صورة لمحمد يحتضن ابنته رازال في ملصق حداد ضخم بيت الزوجين الشابين.
تم إحضار رازال فجأة إلى الغرفة في المركز الرياضي، حيث يجلسون في أيام الحداد، وجدها غير قادر على السيطرة دموعه.
الباحث في بتسيلم ، عبد الكريم السعدي ، الذي شاهد كل شيء ، يحاول عبثًا إيقاف دموعه.
يسود صمت قاتل في الغرفة، يقول العم موسى (49 عاما): “من المهم بالنسبة لنا أن يفهم آباء الجندي الذين أرسلوا ابنهم إلى الضفة الغربية لقتل الناس بان هؤلاء لديهم أطفال في المنزل، فليفهموا ما يحدث هنا”.
ويقول الأب “علي” إنه يود أن يوظف المحامي أفيغدور فيلدمان ليقدم للعدالة الاحتلال الذي يتصرف على هذا النحو ويقتل الأبرياء، وأيضًا لطرد “بؤرة افيتار الاستيطانية”
ادعاءات مألوفة
يوم الجمعة يذهبون للصلاة ثم حوالي الساعة 11:30 يخرج معظم الرجال في القرية نحو جبل صبيح، حيث ” بؤرة افيتار الاستيطانية”.
المسافة من القرية حوالي كيلومترين، ويقيم “الجيش الإسرائيلي” حواجز ترابية كل أسبوع لمنع السيارات من الاقتراب، فيسيرون على الأقدام.
كان هكذا يوم الجمعة الماضي. ولم ينضم الأب “علي” هذه المرة.
ويقول ” علي ” متذكرا ما حدث: حوالي الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر، أتصل المتظاهرون من الجبل وقالوا أصيب ابنك. “سألت أين ابني فقالوا لي إنه نُقل إلى مستشفى النجاح في نابلس”.
يتابع الأب: “ما نعرفه أن محمد كان جالسًا تحت شجرة زيتون، وأن قناصًا أطلق عليه النار في رأسه من مسافة حوالي 150 مترًا”.
سارع مع الجيران إلى المستشفى في نابلس، حيث أخبره الطبيب بوفاة ابنه. مات على الفور، بالطبع، بعد أن تطايرت جمجمته.
يقول العم موسى إن السكان يريدون أن يعرف العالم أن لهم الحق في حماية أراضيهم، وبحسب المتظاهرين، بعد مقتل محمد بالرصاص، أطلق الجنود الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية على من حاولوا إنقاذ جثته ونقلها إلى سيارة إسعاف كانت تنتظر في مكان الحادث، ربما أرادوا أيضًا مصادرة جسده.
ويضيف عم القتيل: “ربما بعد أن تطلقوا 15000 رصاصة وتقتلوا القرية بأكملها ، ربما ستكون الأرض لكم”
وقال متحدث باسم “الجيش الإسرائيلي” لصحيفة “هآرتس” بعد الحادث: “في منطقة “بؤرة جفعات إيفيتار الاستيطانية” في منطقة لواء السامرة ( الضفة الغربية)، اندلعت أعمال شغب عنيفة بمشاركة مئات الفلسطينيين الذين أحرقوا الإطارات ورشقوا قوات “الجيش الإسرائيلي” بالحجارة، هناك ادعاءات بمقتل فلسطيني. ويجري التحقيق في الحادث “.
هناك ادعاءات مألوفة، ولكن هناك سؤال مألوف أكثر.. ما هو السبب في استخدام “الجيش الإسرائيلي” للذخيرة الحية ضد المتظاهرين العزل، الذين هم على بعد مئات الأمتار عن الجنود ولا يعرضونهم للخطر ،
“حلوى الإدمان”: عملية عسكرية تكشف رذائل إسرائيل بتجنيد العملاء
بتسيلم توزع تسجيلًا مصورًا لجندي يرمي قنبلة غاز في فناء منزل بكفر قدوم
“جنود إسرائيليون اقتحموا منزلا سوريا وقتلوا أشخاصا فيه دون أي سبب”
وزير حرب الاحتلال يوقع 4 اوامر مصادرة وتجميد لاموال لحركة حماس
يُظهر مقطع فيديو من يوم الجمعة الماضي مجموعة من المتظاهرين المسنين من القرية يقفون بهدوء أمام جنود “الجيش الإسرائيلي”، و فجأة أطلق أحد الجنود قنابل الغاز والقنابل الصوتية على هذه المجموعة غير العنيفة، من أجل طردهم من أرضهم.
واصيب رئيس منظمة “الاغاثة الطبية” في نابلس الدكتور غسان حمدان بجروح جراء إطلاق النار عليه.
كما قدم سكان القرية صورة رائد في “الجيش الإسرائيلي”، مسلح ومحمي من اعلى رأسه إلى أخمص القدمين، ويقولون أنه قائد المنطقة وهو من يعطي الأوامر للجنود ويحدد من يقنصون بالرصاص
إنهم مقتنعون بأن الجنود يختارون هدفًا عشوائيًا، ويطلقون النار عليه وبالتالي ينهون المظاهرة.
اختبأ حبيسة وأصدقاؤه خلف جدار حجري في بستان الزيتون، بعيدًا عن الجنود الذين كانوا على قمة الجبل الذي بشرف عليهم.
من الصعب فهم سبب اختياره ليكون الضحية.
لا مجال للادعاء بأن المتظاهرين في هذه الحالة شكلوا خطرا على حياة الجنود.
قال والد زوجته محمد بني شمسي: “بدلاً من التخطيط لحياتهم، يتم دفع شبابنا بسبب الاحتلال إلى مكان مظلم للغاية”.
واضاف ان “مستوطنين او ثلاثة اقاموا مستوطنة على ارضنا ثم قام كل “الجيش الاسرائيلي ” بحمايتهم.
ما الفرق بينهم وبين العصابات الإجرامية أو منظمات المافيا؟
إلى متى سيعيش الفلسطينيون بلا عدالة؟ إلى متى سيستمر هذا القتل؟ يجب ان يتم هذا الامر فورا
ويضيف الأب علي: “عندما يقتل “إسرائيلي”، فإنهم يفعلون كل شيء للقبض على من قتله أو قتله أو معاقبته.
لكن عندما يقتلون أبنائنا، لا أحد في “إسرائيل” يهتم، نحن بحاجة إلى القوة لحمايتنا.
هناك فرق كبير بين الإسرائيليين الذين عملنا معهم لسنوات في “إسرائيل”، وبين الحكومة والمستوطنين الذين نعرفهم هنا “.
ثم على الجبل، حيث سقط ابنه الأكبر محمد ، قام الاب بالقطف من شجرة الزيتون التي دفن أبنه تحتها ، ووضع في جيبه من حبات من زيتونها تخليدًا لذكراه.
المصدر/ الهدهد