كشف تحقيق صحفي نشره موقع “theintercept”، أن 4 شهداء من بين 11 شهيدا فلسطينيا ارتقوا خلال يوم 14 مايو 2021 بالتزامن مع معركة “سيف القدس”، فقدوا حياتهم خلال نشاط مشترك بين جيش الاحتلال والمستوطنين.
ووفقا للتحقيق، فإن الهجمات المشتركة بين المستوطنين وجنود الاحتلال لم تكن مرتبطة بالاحتجاجات في القرى المستهدفة، ووقعت جميع عمليات الاقتحام في نفس الوقت تقريبًا حوالي الساعة 2 ظهرًا يوم 14 مايو 2021، وشملت جميعها قيام المستوطنين بتدمير الأراضي الزراعية، بما في ذلك إشعال الحرائق، فضلاً عن إلقاء الحجارة واستخدام الذخيرة الحية.
ووصف محام من الداخل المحتل، أن “الطريقة الوحيدة التي يمكنني من خلالها وصف ذلك هي وصفهم بالميليشيات، وهذه الحالات التي يدخل فيها الجنود إلى القرى مع المستوطنين، والتي يطلق فيها المستوطنون نيرانا كثيفة، هذا أمر غير مسبوق”.
وخلفت خمس هجمات من هذا القبيل في 14 مايو 2021 أربعة شهداء فلسطينيين، في قرية عصيرة القبلية في منطقة نابلس، وفي إسكاكا بالقرب من سلفيت، وفي قرية الريحية جنوب الخليل، بالإضافة إلى عوريف، وفي قرية بورين انتهى هجوم مماثل دون ارتقاء شهداء.
وتشير مقاطع الفيديو والصور التي تم توثيقها وشهادات الأهالي، إلى أنه في ثلاث حالات على الأقل، عمل المستوطنون وجنود الاحتلال كوحدة قتالية مشتركة، وعملوا بشكل فعلي كميليشيا مشتركة تهاجم وتطلق النار على المدنيين الفلسطينيين.
وقال أحد محامي حقوق الإنسان، إن جيش الاحتلال ينظر إلى المستوطنين على أنهم قوة قتالية مساعدة وهذا أمر لا أحد يخجل منه، ومن الواضح أن الأمور أصبحت أكثر تنظيماً خلال العام الماضي .
ففي قرية عوريف القريبة من نابلس، يقول مازن شحادة رئيس المجلس القروي، إنه لولا وصول المستوطنين إلى منازل الأهالي في القرية، لما اندلعت مواجهات ولما حدث أي شيء على حد تعبيره.
ويضيف: مجموعة من المستوطنين وصلت ظهرا مع ستة جنود، وبدأت في إحداث الفوضى؛ اقتلعوا نحو 60 شجرة تين وزيتون ثم هاجموا المدرسة بالحجارة وكسروا ألواحها الشمسية، وبينما فعل المستوطنون كل ذلك، كان جنود الاحتلال يقدمون لهم الحماية من خلال إطلاق الرصاص.
وبحسب شحادة، فإن “كل شيء بدا منسقا بين المستوطنين وجنود الاحتلال، وكانت هناك إشارات واضحة فيما بينهم، مثل أين سيتجهون أو أي الأشجار يقتلعون، ثم أطلقوا الرصاص على كل شخص حاول الاقتراب”.
ويقول رئيس بلدية عوريف: بعد دقائق، وصل أهالي القرية لحمايتها من هجوم جنود الاحتلال والمستوطنين، وكان من بينهم نضال الصفدي.
وتظهر الصور ومقاطع الفيديو من الموقع، مستوطنين وجنودا من جيش الاحتلال يوجهون أسلحتهم نحو سكان القرية، ويظهر أحد مقاطع الفيديو، مستوطنًا بلا قميص بوجه مغطى وهو يتجول ويتجاذب أطراف الحديث مع جنود قريبين، وفي إحدى المرات، يقف المستوطن مسلحًا ببندقية آلية أمام جندي مباشرة، ويصوب نحو الأهالي ويفتح النار.
وبحسب شحادة، فإنه وسط كل ما حدث أصيب الصفدي بأربع رصاصات في الصدر والبطن وارتقى بعدها شهيدا متأثرا بإصابته. ويقول: “لا نعرف ما إذا كان من أطلق النار مستوطن أو جندي، لقد كان لدينا الكثير من الجرحى في ذلك اليوم”.
ويرى شحادة، أن الهجوم على القرية كان مخطط له مسبقا، “اعتدنا على المواجهات بشكل يومي في القرية لكن ما حدث لم يكن كذلك أبدا، لم يستخدموا الذخيرة الحية من قبل فقط كل ما كانوا يستخدمونه هو الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي بالإضافة إلى وجود عدد أكبر من جنود الاحتلال في السابق”.
وفي 14 مايو، ارتقى الشاب حسام عصايرة (19 عامًا ) من قرية عصيرة القبلية بعد وصول مجموعة من الجنود والمستوطنين المسلحين بالتزامن، وبدأ المستوطنون يرشقون منازل قرب أطراف القرية بالحجارة.
وقال رئيس مجلس قروي عصيرة القبلية حافظ صالح: “لقد كان هجوما شديدا، لقد جاء نحو 20 مستوطنا نصفهم مسلحون بالبنادق ورافقهم 12 جنديا، حينها تم استدعاء شباب القرية للحضور وحماية المنازل، وفي البداية أطلق المستوطنون طلقات كثيفة جدا من الذخيرة الحية ثم انضم الجنود إلى إطلاق النار”.
ويضيف صالح: كان واضحًا أن الجنود كانوا هناك لتغطية المستوطنين وحمايتهم، لقد أرادوا تفريغ غضبهم على الناس انتقامًا، وكانوا مصممين على القتل، شعرت أن هدفهم في ذلك اليوم هو قتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين.
ويظهر فيديو مصور، أن مجموعة من الجنود والمستوطنين وجميعهم مسلحون، يقفون معًا في أرض زراعية، يبتعد أحد المستوطنين عن المجموعة، ويطلق بضع رصاصات على الفلسطينيين، ثم يعود إلى الجنود، واستمرت المواجهات لقرابة أربع ساعات، ثم توقفت، إلى أن نزل أحد الجنود الذي كان يقف بعيداً على الأرض وصوب سلاحه على الأطفال والأهالي، ويظهر مقطع فيديو، أن الجنود والمستوطنين على التل، يقفون على بعد 300 متر من الشبان الفلسطينيين، كان هناك شاب يصرخ ويقول (إنهم يريدون إطلاق النار علينا).
ويضيف: بدأوا جميعًا بالفرار باستثناء حسام العصايرة، ظهره للجنود، ويواصل المشي على طول الجدار، ويبدو أنه لا يلاحظ ما يجري، وأصيب برصاصة نقل على إثرها للمستشفى إلى أن أعلن الأطباء وفاته.
وفي قرية اسكاكا القريبة من سلفيت؛ عندما جاء المستوطنون والجنود في 14 مايو / أيار، كان عوض حرب البالغ من العمر 27 عامًا، في منزل أحد الأصدقاء، وخرجوا عندما سمعوا بالاقتحام ليروا ما يجري. وأكد سكان القرية، أنه لم يحدث شيء مثل هذا من قبل، كان الجميع في المسجد ثم عادوا إلى منازلهم للراحة وتناول الغداء، ثم جاء المستوطنون بنية القتل.
ويقول رئيس المجلس القروي: الجنود والمستوطنون دخلوا على شكل قافلة، تجولوا في القرية وأطلقوا الرصاص على خزانات المياه، حينها نادى الشبان عبر مكبرات الصوت بالخروج للدفاع عن القرية، وأطلق مستوطن النار على حرب من مسافة قريبة ارتقى على إثر إصابته شهيدا.
وفي قرية الريحية في الخليل، وصلت مجموعة من المستوطنين وجنود الاحتلال إلى القرية، وبدأ المستوطنون بتخريب ممتلكات الأهالي وإضرام النار في محاصيلهم الزراعية، وذهب الشاب إسماعيل الطوباسي لإخماد الحريق في أرض عائلته، ثم ركضت مجموعة من المستوطنين نحوه وفجأة سمع الأهالي صوت خمس رصاصات ووجد الطوباسي بعدها ملقى على الأرض ينزف، واستشهد برصاصة اخترقت رأسه، وكانت هناك إصابات على الوجه ناجمة عن استخدام “الأدوات الحادة”.
وفي بورين القريبة من نابلس، سمع دوي انفجار يوم 14 مايو ظهرا، ووقف عشرات المستوطنين المسلحين وأشعلوا النيران في إحدى السيارات ووصل شبان من القرية للدفاع عن ممتلكاتهم، ورد المستوطنون بإطلاق الرصاص الحي، بحماية من جنود الاحتلال.
المصدر/قُدس الإخبارية