منذ ثلاثة أشهر يسعى مستوطنون بدعم من جمعيات استيطانية للسيطرة على جبل العالِم شمالي بلدة نعلين غرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، من خلال الاستيلاء على أراض في الجبل واستخدامها في الرعي.
وتقدر مساحة الأراضي في منطقة جبل العالم بـ4 آلاف دونم، تتبع غالبيتها لبلدة نعلين وأجزاء منها لقرى شقبا وشبتين وقبيا، إذ إن الجبل يعتبر المنطقة الوحيدة المتبقية لأهالي نعلين من حيث العمل الزراعي والتوسع العمراني، بعد أن استولى الاحتلال على أراض في المنطقتين الغربية والجنوبية لبناء الجدار الفاصل، فيما قطع الحي الشرقي من البلدة “المهلل” بطريق التفافي قبل عشرات السنوات.
استيطان زراعي
ويقول المزارع يوسف الخواجا الذي يمتلك أراض في جبل العالم إن: “مستوطنا استولى على قطعة أرض في المنطقة الشرقية من البلدة، وفي بداية شهر مارس/أبريل أحضر جرافات بدعم من جمعيات استيطانية وشرع بشق طرق ترابية في أراضي الجبل، إلا أن المزارعين واجهوا المستوطن، فأبلغهم بأن الأراضي “مشاع” أي لا يملكها أحد”.
ويضيف الخواجا أن المستوطن شرع بإنزال عشرات الأبقار والمواشي في الجبل، للاستيلاء على الأراضي من خلال الرعي”.
ويوضح أن هذا لأخذ موافقة من الجهات الحكومية لدى الاحتلال بأن الأراضي لا تتبع لأحد، بهدف أخذ موافقة رسمية، مع أن جميع أراضي الجبل ملكية خاصة لأهالي البلدة وبعض القرى المجاورة.
ويؤكد الخواجا أن المزارعين يمتلكون أوراقا ثبوتية، وهم بصدد رفع قضية قانونية في المحكمة لإثبات الأمر بشكل قانوني.
ويلفت المزارع إلى أن المستوطنين سرعان ما هاجموا المزارعين خلال عملهم في أراضيهم، واعتدوا عليهم بالضرب وحرقوا الأراضي وأشجار الزيتون، كما حرقوا المركبات التي يستخدمها المزارعون، وذلك لمنعهم من دخول الأراضي وزراعتها والعمل فيها.
أما المزارع محمد سرور فيقول إن: “عشرات المستوطنين المسلحين يقومون باستمرار بمهاجمة الأراضي وتخريبها واقتلاع الاشتال وحرق الأشجار، وتخريب المزروعات، وإتلاف أنابيب المياه وثقب الصهاريج، لمنع الأهالي من استثمار الأراضي والعمل بها”.
شاهد: الاحتلال يصيب فلسطيني من ذوي الاعاقة بجروح خطيرة على حاجز قلنديا بالضفة
ويشير سرور إلى أن “المستوطنين أحرقوا أشجار الزيتون وأخبروا جنود الاحتلال بأن فلسطينيين يقومون بالتخريب وإشعال النيران، لإحضار الجيش وطردنا من الأراضي، ومن ثم الادعاء بأننا من قام بإشعال النار”.
ويؤكد سرور أن المستوطنين يحاولون بكل قوة فرض وجودهم في الجبل من خلال الرعي وتحويل أراضي الجبل لمستوطنة زراعية، حتى يتمكنوا مستقبلا من إحضار بيوت متنقلة وإحكام السيطرة على المكان.
ويطالب سرور المؤسسات الحكومية بتقديم الدعم للمزارعين في الجبل، والمساعدة في توسيع الطرق وتوفير المعدات اللازمة ووسائل الري التي يقوم المستوطنين بتخريبها، لضمان استمرار صمود المزارعين والتواجد الدائم فيها، واستصلاح أكبر قدر ممكن من الأراضي غير الصالحة للزراعة.
ويتطرق سرور إلى سعي المزارعين ومؤسسات القرية من خلال البلدية إلى إثبات ملكيتهم للأراضي، ورفع شكاوى ضد المستوطنين الذين يتعمدون التخريب والاعتداء على المزارعين.
مخطط
بدوره، يقول الخبير في شؤون الاستيطان صلاح خواجا إن: “حكومة الاحتلال ومن خلال قوانين عنصرية تستهدف الأراضي الفارغة من السكان، وتقوم بالاستيلاء على أراض متروكة لأكثر من ثلاث سنوات، حيث تمت مصادرة الكثير من الأراضي بمناطق الضفة الغربية، وهذا ما يحدث الآن في منطقة جبل العالم.
ويوضح خواجا أنه وقبل ثلاثة أشهر قام أحد المستوطنين بوضع اليد على هذه الأراضي واستئجارها من حكومة الاحتلال، باعتبارها أراض “أميرية”.
ويبين أنه تمت مصادرتها تحت هذه الحجة، وتحويلها إلى بؤرة زراعية وثروة حيوانية، حيث إنه ينشر الأبقار والمواشي في أراضي المزارعين كجزء من الاستهداف.
ويؤكد خواجا أن هذا خطر حقيقي على المنطقة، وخصوصا أن دولة الاحتلال تحاول السيطرة على هذه المنطقة التي بقيت وحيدة لتمدد البلدة على هذه الأراضي.
ويكشف الخبير عن وجود مخطط آخر لربط شارع التفافي يربط ما بين مستوطنتي “نيلي ونعله” مع تل ابيب، وسيصبح هذا الشارع أشبه بطريق لمطار بعرض 16 متر على مسافة 5 كم، وهناك خطر من فرض منطقة أمنية بطول 100 متر عن يمين الشارع وكذلك عن يساره.
ويرى أن هذه المخططات تأتي في خضم عمليات الضم ومصادرة المزيد من الأراضي وتعزيز الاستيطان في الضفة، بما فيها منطقة غرب رام الله الأكثر استهدافا وخاصة المناطق الحدودية.
وبحسب خواجا، فإن هناك جمعيات استيطانية متخصصة عملت منذ سنوات وقامت بتدريب أكثر من 6500 مستوطن، بهدف التنكيل والتخريب واستهداف أبناء الشعب الفلسطيني في المناطق القريبة من المستوطنات، وتخويف المزارعين ومنعهم من التواجد في مناطق الحواجز والجدار ومحيط المستوطنات.
ويقول إن: “محاولات جديدة بدأت في الأغوار وبيت لحم بانتشار المستوطنين على أراض خاصة، بأن يقوم المستوطنون بوضع بيوت متنقلة “كرفانات” زراعية على ناقلات ويضعونها في أراض خاصة، ثم يقيموا “بركسات” للثروة الحيوانية والزراعية بالتدريج”.
ويضيف: “يسعى المستوطنون بالتحايل على قانون الاحتلال نفسه، حيث أن الأراضي التي تتوجب مصادرتها تحتاج إلى قرار من الإدارة المدنية ويمكن الاعتراض على المصادرة باعتبارها خاصة، ولكن عند وجود “الكرفان” المتنقل لا يستطيعوا طرد المستوطنين”.
ويتطرق خواجا إلى قيام الاحتلال قبل أيام بتسليم إخطارات بالهدم لعشرة منازل في بلدة نعلين، بحجة القرب من الجدار الفاصل، وذلك ضمن سياسة تخويف الأهالي ومنعهم من التصدي للمستوطنين ومنع البناء في الأراضي لاستمرار تفريغها والسيطرة عليها.
المصدر/ صفا