حذّرت بلديات قطاع غزة واللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، أمس، من “آثار كارثية” يمكن أن يتسبب بها توقف محطة توليد الكهرباء عن العمل، على إثر منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي توريد الوقود اللازم لها منذ الأربعاء الماضي.
واضطرت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية، إلى وقف تشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، اليوم الثلاثاء، لنفاد الوقود. وأكدت البلديات أنّ توقف التيار الكهربائي سيؤثر على الخدمات الحيوية والأساسية التي تقدمها للمواطنين، في ظل أوضاع اقتصادية ومالية صعبة تواجهها البلديات منذ سنوات عدة.
وأوضح مسؤول العلاقات العامة في بلدية غزة، حسين عودة، أن البلدية في الوضع الطبيعي تستهلك من 100-150 ألف لتر من السولار شهرياً لتغطية النقص في التيار الكهربائي وفي ظل جدول الكهرباء 8 ساعات وصل و8 قطع. وتغذي محطة التوليد شبكة الكهرباء العامة بــ(63) ميجاواط يوميًا، ما يعني أن التوقف ستترتب عليه زيادة نسبة العجز في إمدادات الطاقة الكهربائية للمواطنين لتصبح أكثر من (75%). وبعد توقف المحطة تبقى الخطوط الإسرائيلية هي الوحيدة التي تغذي الشبكة العامة بــ(120) ميجاواط، في حين أن الخطوط المصرية ما زالت خارج الخدمة منذ مارس من عام 2018.
شاهد: الاحتلال يصيب فلسطيني من ذوي الاعاقة بجروح خطيرة على حاجز قلنديا بالضفة
عصابة تدفيع الثمن” تحرق 13 مركبة وتخط شعارات عنصرية في بيت صفافا
وقال عودة : “في ظل الحديث عن انقطاع مستمر لخدمة التيار الكهربائي، فإن هذا يعني ازدياد احتياج البلدية إلى 250 ألف لتر من السولار لتعمل في الحد الأدنى على تقديم خدمات المياه والصرف الصحي وغيرها من الخدمات”.
وأضاف عودة: “إن 250 ألف لتر من السولار شهريًا يحتاج من البلدية توفير مليون ونصف المليون شيقل، وهو في حال استمرت الأزمة ستكون البلدية غير قادرة على توفيره”، لافتًا إلى أن إطالة الأزمة سيشعر المواطنون بتبعاتها تدريجيًا.
وبيَّن أنَّ وصول المياه لبيوت المواطنين من أكثر الخدمات التي ستتأثر بسبب انقطاع التيار الكهربائي، حيث لن تكون البلدية قادرة على توصيل المياه للمنازل في ظل ساعات قليلة لا تتجاوز الأربع ساعات لآلاف البيوت.
ولفت عودة إلى أن البلدية قد تضطر إلى العودة إلى تشغيل بعض الآبار المالحة التي كانت قد توقفت عن استعمالها لتعويض النقص في المياه التي تصل البيوت، وهو ما يمكن أن يلمسه المواطنون في حال زادت أيام الأزمة.
وفي هذا السياق، طالب المواطنين بترشيد استخدام المياه ووضع خزانات أرضية لتخزين المياه فيها ومن ثم رفعها للخزانات العلوية في ساعات مجيء الكهرباء.
وذكر عودة أن بلدية غزة ستولي اهتمامها في ظل هذه الأزمة لتشغيل محطات الصرف الصحي خاصة في المناطق السكنية المكتظة بالمواطنين مثل حي الزيتون، ميدان فلسطين، وغيرها لتجنب حدوث أي طفح لمياه الصرف فيها.
ونبه إلى أنه وفي حال استمرت الأزمة ولم تستطع البلدية توفير السولار لمحطات الصرف الصحي، فإنها ستضطر إلى ضخ مياه المجاري إلى البحر “وهو ما كانت قد توقفت البلدية عنه لأكثر من عام ونصف”.
كارثة صحية وبيئية
في السياق، أكد اتحاد بلديات قطاع غزة أن تجدد أزمة الكهرباء ستؤثر على جودة الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين، خاصة وأن مرافق البلديات وأعمالها مرتبطة بالتيار بالدرجة الأولى. وأوضح الاتحاد في بيان أمس، أن خدمة توصيل المياه إلى منازل المواطنين ستتأثر سلبًا، وستشهد جداول توزيع المياه ارتباكًا واضحًا، نظرًا لاعتماد الآبار على الكهرباء بشكل أساسي، وصعوبة توصيلها للمواطنين بشكل متوافق مع ساعات وصل التيار الكهربائي لديهم ما ينتج عنه مشكلة مركبة تتمثل في صعوبة وصول المياه للأدوار العلوية. ولفت إلى أن انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة سيؤدي إلى وقف عمل محطات ضخ مياه الصرف الصحي إلى محطة المعالجة، مما ينذر بكارثة صحية وبيئية لا تحمد عقباها، وقد تضطر البلديات إلى ضخ مياه الصرف الصحي للأسف باتجاه شاطئ البحر بشكل مباشر دون معالجة.
وأردف الاتحاد: “كما أن انقطاع التيار الكهربائي ولفترات طويلة، يرهق مولدات الكهرباء الاحتياطية، ويزيد أعطالها -لأنها مولدات مخصصة للعمل بشكل طارئ، ولساعات محدودة-، وينقص العمر الزمني لها، ويضاعف مشاكل المرافق التي تعتمد على المولدات”.
وأشار إلى أن أعمال الصيانة داخل ورش البلديات تعتمد غالبيتها على الكهرباء وتأخير الصيانة يربك خدمة جمع وترحيل ومعالجة النفايات الصلبة، خاصة وأن أسطول البلديات من الآليات والشاحنات قديم ومتهالك وبحاجة إلى صيانة دائمة.
وذكر أن قطع التيار الكهربائي يضاعف من تلف الأغذية وخاصة المجمدة منها، مثل اللحوم والدواجن والأسماك وغيرها، ما يضاعف من الحاجة لمراقبة الأغذية في الأسواق والمحال التجارية وهي إحدى المسؤوليات الملقاة على عاتق البلديات.
وناشد اتحاد البلديات كافة المؤسسات الدولية والإنسانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر وأحرار العالم، للتدخل لحماية المواطنين الآمنين في غزة، ورفع الحصار الظالم المفروض على القطاع الساحلي منذ سنوات طويلة، مؤكدًا على ضرورة تضافر كافة الجهود لإيجاد حل عاجل ودائم لهذه الأزمة المتجددة.
تجدر الإشارة إلى سلطات الاحتلال تمنع إدخال احتياج قطاع غزة من الوقود ومواد البناء بذريعة مواصلة إطلاق البالونات الحارقة تجاه المناطق الفلسطينية المحتلة عام 48.
“مرحلة قاسية جدًا”
من جانبه، حذر رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، النائب جمال الخضري، من أن توقف محطة توليد الكهرباء خطر يمس المرافق الصحية ومراكز الحجر من وباء كورونا.
وقال الخضري في تصريح صحفي أمس: “إن توقف المحطة سُيدخل غزة في مرحلة قاسية جداً، خاصة القطاع الصحي من مستشفيات وغرف عمليات وعناية مُركزة وحضانات أطفال ومراكز الحجر الصحي من وباء كورونا التي تستضيف قرابة ٢٠٠٠ من العائدين إلى غزة”.
وأشار إلى أنَّ توقف المحطة له انعكاسات سلبية على مجمل الحياة الإنسانية، حيث سيكون من الصعوبة الحصول على أربع ساعات وصل كهرباء في اليوم، سواء للمنازل أو المؤسسات الإنسانية، وكذلك المصانع والورش.
وأضاف الخضري: “توقف المحطة أيضا له انعكاسات خطيرة على النواحي البيئية، حيث ستصعب حينها معالجة مياه الصرف الصحي، ما سيسبِّب كارثة بيئية وتلوثًا خطرًا لبحر غزة، خاصة ونحن في فصل الصيف الذي يشهد ازدحاما على الشواطئ، وبالتالي سينعكس على حياة وصحة المواطنين”.
وبين أن عدم توافر الكهرباء والوقود سيهدد قطاع الزراعة أيضًا.
وأكد الخضري أن هذه الاعتداءات والتقييدات تأتي في إطار العقوبة الجماعية التي يمارسها الاحتلال بحق مليوني مواطن في غزة في مخالفة واضحة وصريحة للقانون الدولي الإنساني.
ودعا المجتمع الدولي للتحرك والتدخل الفوري لإلزام الاحتلال تنفيذَ القانون الدولي الإنساني، ورفع جميع القيود عن السكان المحميّين بحكم هذه القوانين والمواثيق الدولية.
وقال: “نتطلع إلى خطوات ملموسة من الأمم المتحدة بالتدخل العاجل لإلزام الاحتلال رفعَ القيود عن دخول الوقود إلى غزة، وبالتالي عدم توقف محطة التوليد”.
المصدر / فلسطين أون لاين