والدي العزيز،
مرت ما تقارب الثمانية عشرَ عاماً على وجودك في السجون الإسرائيلية الغير شرعية. ولم أعد أعلم إن عدت أستطيع العد أكثر لإلقاك، أو إن بقي لدي القوة والصبر للعدِ بالأساس! تعبت من التشبث بذاكرة طفلٍ صغيرٍ شبه ضبابية لك، أو بعض الصور التي أجدها في ألبومات الصور وعلى جدار غرفتي أينما ارتحلت.
صررت في الثاني والعشرين من عمري وأنا ما أزال أرتبك عند حديث أصدقائي عن قصصهم مع آبائهم وعند سؤالهم لي عنك وعن ماذا كنا نلعب عندما كنت صغيراً. ما زلت أشعر بمرارة حين يقوم البعض بالنظر إلي بنظرة شفقة، أو حتى عند قولهم لا بد أنك فخورٌ بوالدك. أُقر بأني فخورٌ فعلاً. لكن ماذا عن الشعور ببعض الأنانية حين أتمنى لو أن ما حصل لم يحصل معك؟ أو أن يقوم أحدٌ آخر بما فعلت ويتركك الإحتلال بحالك لتبقى معنا!
أحاول التظاهر بالقوة وبالصلابة لأخفي أنني ما أزال أخاف أن يحصل مكروه لعائلتي وأحبابي، وأنا لا حول لي لا أعرف ماذا أفعل لأنك لم تكن موجوداً لترشدني ماذا أفعل في المِحن! أدري أنني احتجت لأعلم نفسي كيف أتصرف بالمواقف لكن ما يزال يراودني الشك لصواب خياراتي وأفعالي دون وجود معلمٍ يرشدني!
لو تعلم كم أحتاج لوجود أبٍ مرشد في هذا الوقت أكثر من أي وقتٍ مضى. لو تعلم كمية ما يجول في ذهني من ضياع عن الدرب دون وجود ضوءٍ في آخر النفق المظلم الذي علقت فيه دون جدوى من الصراخ وملاطمة جدرانه. لو تدري فقط…
تعليق واحد
تعقيبات: الحركة الأسيرة: حرية الأسرى حق لهم وواجب على الفصائل - غزة برس