فرض انتشار فيروس “كورونا” المستجد واقعا صعبا في سورية، طال اللاجئين الفلسطينيين كغيرهم، في ظل تطبيق النظام السوري “اجراءات احترازية” في مناطق سيطرته، الأمر الذي فاقم معاناتهم الحياتية في ظل استمرار تدهور الليرة السورية.
ومع الاعلان رسميا عن وجود حالات مصابة بالفيروس، اتخذت حكومة النظام السوري عدة إجراءات لمكافحة انتشار “كورونا”، حيث تم فرض حظر تجول يومي ومنع الانتقال بين مختلف المحافظات وإغلاق المقاهي والمطاعم والمحال، بالإضافة إلى المدارس والجامعات حتى منتصف نيسان/أبريل الجاري.
ورغم صعوبة الحياة قبل “كورونا” من غلاء أسعار وشح المواد، إلا أن ما بعدها زاد الأمور تعقيدا، من نقص كبير في المواد التموينية والمستلزمات الطبية، ناهيك عن انعدام المداخيل في ظل شبه توقف لعجلة الحياة.
يقول اللاجئ الفلسطيني “أبو غسان”، اضطر للدخول إلى مطبعتي في حي الميدان بحلب (شمالي سورية)، خلسة، بعد فرض اجراءات حظر التجوال واغلاق المحال.
ويتابع: “فبعد فرض السلطات الحجر المنزلي ومنع فتح المحال والورش، قمت بصرف جميع العمال من ورشة طباعة الألبسة لأقوم وحدي في مهمة خلط الألوان وتجهيز القوالب وطباعة الرسومات على الاقمشة ناهيك عن مراحل تجفيف وتغليف الطلبيات، في عمل مضني وصعب على شخص”.
ويكمل حديثه: “بتنا اليوم نعمل باليومية بعد أن كانت المطبعة عامرة بالطلبيات أما اليوم فتأتينا سرا طلبيات صغيرة”.
وعبّر “أبوغسان” عن صعوبة الحياة في ظل الأوضاع الجديدة، بالقول “الحكومة فرضت علينا إغلاق محالنا بسبب المرض ويقولون لنا خليكم في البيت .. إذا بقينا في البيت من أين سنأكل؟!”.
ويشاركه الحال، اللاجئ الفلسطيني محمد، الذي يسكن مخيم “النيرب” بحلب، ويعمل سائق باص صغير. يقول منذ فرض حظر التجول في حلب انقطع مورد الحياة الأساسي لدي، ما اضطرني للاستدانة بشكل متكرر.
وأضاف: لا نعرف متى ستنتهي هذه المحنة ونخشى أن تطول، في ظل صعوبة الحياة ومتطلباتها.
واشتكى “محمد” من غلاء أسعار المواد الغذائية الذي وصفه بـ “الكارثي”، مشيرا إلى أن الأوضاع الحالية تشكل بيئة خصبة لمن أسماهم “تجار الأزمات” الذين يحتكرون المواد الغذائية الأساسية ويضاعفون أثمانها”.
ماذا عن الفلسطينيين في مناطق سيطرة المعارضة
مع انشار فيروس “كورونا” في تركيا ومناطق النظام، أغلقت المعارضة السورية جميع المعابر على الجانبين، خوفا من تسلل المرض إلى الشمال السوري.
قرار إغلاق المعابر ورغم ضرورته إلا أن انعكاساته السلبية بدأت تؤثر على معيشة الناس وخاصة اللاجئين والنازحين في المخيمات.
في دكانة بسيطة على أطراف قرية “أطمة” الحدودية حيث تنتشر مخيمات النازحين، يجد صاحبها اللاجئ الفلسطيني “أبو غازي” صعوبة في إقناع زبائنه بارتفاع أسعار المواد الغذائية في المحل.
يقول أبو غازي، “اضطررت لرفع الأسعار 4 مرات منذ بدية الشهر نتيجة تهاوي الليرة السورية أمام الدولار الأمر الذي أدى لارتفاع كبير في الأسعار في محلات البيع بالجملة بالإضافة لارتفاع تكاليف النقل”.
يقول أبو غازي : “إغلاق المعابر أدى إلى افتقار المنطقة للكثير من البضائع الرئيسية التي كانت تصل من مناطق النظام وبالتالي ارتفعت أسعار هذه البضائع أضعاف ما كانت عليه سابقا”.
ودلل على ذلك من سعر “الطماطم” والتي كانت تأتي من ريف اللاذقية، تم استبدالها بالطماطم التركية، بعد اغلاق الحدود، حيث وصل سعرها اليوم إلى 800 ل.س في حين من المفروض أن يكون سعرها 200 ل.س في مثل هذه الأوقات من السنة في الأحوال الطبيعية.
ويؤكد أن عائلات باتت تكتفي بربطة الخبز فقط لتتناوله مع الشاي كفطور، وبطبيعة الحالة انعكس ذلك على امتناع الكثير من العائلات عن شراء اللحوم بسبب غلاء الأسعار الفاحش.
بينما يشعر اللاجئ الفلسطيني محمد المصري، وهو صاحب محل للألبسة المستعملة، في قرية “عقربات” الحدودية مع تركيا، بالقلق بسبب إغلاق المعابر.
وأوضح أن قطاع الألبسة المستعملة تأثر بسبب توقف استيراد هذه المنتوجات والتي كانت تأتي عبر تركيا، مشيرا إلى إنه اذا ما بقية الامور على حالها فإن سيغلق المحل لعدم قدرته على دفع إيجاره الشهري والبالغ 100 دولار، في ظل انعدام القدرة الشرائية عن غالبية اللاجئين.
الجدير بالذكر أن الليرة السورة تراجعت كثيرا أمام الدولار وزاد من تراجعها إغلاق المعابر بسبب فيروس “كورونا” من جهة والعقوبات الدولية على النظام من جهة أخرى ووصل سعر الصرف إلى 1300 ليرة مقابل الدولار الواحد.
المصدر/ قدس برس