كشف تحقيق لمؤسسة القدس الدولية عن أسماء وصور عناصر شرطة الاحتلال، مرتكبي جريمة قتل الشهيدين الفتيين نسيم أبو رومي وحمودة الشيخ في القدس المحتلة، مطالبة بإحالتهما إلى العدالة الدولية.
وقالت المؤسسة في تحقيقها ” في يوم الخميس 15-8-2019، وعقب صلاة العصر، وبسكّينتي مطبخ تخبَّئان في ثنايا الملابس، يتحرك الفتيان نسيم أبو رومي وحمودة الشيخ ابنا الأربعة عشر ربيعاً نحو باب السلسلة. يبادر حمودة إلى رفع سكينه مبكراً ويحاول طعن أقرب الجنود إليه، يلحق به نسيم مستهدفاً الجندي ذاته، يلتفت عناصر الدورية الأربعة المتبقين يرفع ثلاثة منهم مسدساتهم ويفرغون مخازنها في الجسدين الغضّين، يُستشهد نسيم أبو رومي على الفور، ويصاب حمودة الشيخ إصاباتٍ خطيرة، أما الجندي المستهدف فتُعلن الشرطة الصهيونية أن إصاباته بين طفيفة ومتوسطة.
وتابعت ” هل كان “تحييد الخطر” الذي شكله الفتَيان مع سكينتي المطبخ يتطلب تفريغ مخازن ثلاث مسدسات في جسديهما؟ هل كانت السيطرة عليهما مستحيلة بعد الرصاصة الأولى؟ لماذا اختار قائد الدورية أن يفرغ مسدسه كاملاً وأن يحذو اثنان من زملائه حذوه قبل أن يرفع يده مشيراً لهما بالتوقف؟
الفيديو الذي نشرته الشرطة الصهيونية ومدته 14 ثانية يوضح بشكلٍ جلي أن عنصراً واحداً للدورية كان “مهدداً” أما الأربعة المتبقون فلم يكونوا في حالة دفاعٍ مباشر عن النفس، وكانت السيطرة على الفتيين ممكنة لهم وفي متناولهم. لتبرر هذا القتل وزّعت الشرطة الصهيونية الفيديو، ففي وعيها العنصري أنّ كل من تسول له نفسه أن يقترب من شرطتها يستحق القتل، وهي تحاول أن تنشر هذا المنطق وتطبعه في وعي الجميع، حتى يصبح مقبولاً فلسطينياً وعربياً وعالمياً.
“هؤلاء يستحقون القتل”، هذه الرسالة التي أراد الفيديو تسميم وعينا بها، ولأجل هذا جاء هذا التحقيق الصحفي، ليضع بين يدي كل مهتم بإحقاق العدالة نقطة بداية لجلب هؤلاء القتلة أمام العدالة.
الكشف عن هوية القتلة:
لم يكن الكشف عن هوية القتلة صعباً، فرغم كونهم يعملون في جهازٍ أمني كان الوصول إلى حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم أمراً يسيراً لا يتطلب إلا بعض الإلمام باللغة العبرية. إن كانت هناك من صعوبة وحيدة فهي ذلك الإرهاب الذي تحاول سلطة المحتل زرعه في قلوب الناس حين يتحدث إليهم أحد عن هوية فردٍ من الشرطة لكن ذلك لم يحل دون الوصول إلى نتيجة.
توصل التحقيق إلى هوية أعضاء الدورية الأربعة الظاهرة بالفيديو، والدور الذي قام به كل منهم:
ياكير ترجمان :من سكان هرتسليا، قائد الدورية الذي يظهر وجهه في فيديو الشرطة الصهيونية وهو الذي يلتفت ليطلق النار ويفرغ مخزن مسدسه كاملاً، ورغم أن كلا الفتيين باتا على الأرض ولا يشكلان أدنى خطر، يواصل توزيع عدة رصاصاتٍ من مسدسه بينهما قبل أن يرفع يده اليسرى مشيراً لبقية أفراد الدورية بالتوقف.
ترجمان يُعرف في أوساط المقدسيين بالـ”شبر” لقصر قامته، وبعض أفراد الشرطة يتداولون هذا اللقب له. يقود الشبر في العادة قوة من 12 شرطياً مسؤولة عن تأمين اقتحامات المتطرفين الصهاينة خلال فترة الصباح ما بين 7:30-11:00 صباحاً، ومن ثم يعود إلى نقطة خدمته عند باب السلسلة.
خلال التحقيق انتشرت صورة لترجمان على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يخرج أثاث مصلى باب الرحمة الذي تحاول سلطات الاحتلال إعادة إغلاقه بأي شكل، فحذف ترجمان حساب الفيسبوك الخاص به بعد انتشار الصورة، واختفت صُوَره من حسابات زملائه رغم أنها كانت منشورة سابقاً، وبدا أن إجراءات احتياطية قصوى اتخذت تجاهه فأزيل كل المحتوى الإلكتروني الخاص به من كثير من المواقع.
ترجمان من عائلة يهودية وله أقارب وصلوا إلى مراتب عليا في الشرطة والجيش الصهيوني، ولعل هذا ما يفسر سكنه في هرتسليا التي تعد مدينة للنخبة المقتدرة مالياً، من بينهم العميد المتقاعد دورون ترجمان القائد السابق لشرطة البلدة القديمة، وأفراهام ترجمان القائد السابق كذلك في شرطة “تل أبيب”، واللواء المتقاعد سامي ترجمان قائد القوات البرية في الجيش الصهيوني خلال الحرب على غزة 2014.
وسام فلاح طريف: صهيوني من أصلٍ عربي، من بلدة بيت جَن من قضاء عكا شمال فلسطين المحتلة، هو الذي يظهر في الفيديو واقفاً أمام الطاولة، ثاني أعضاء الدورية إطلاقاً للرصاص، رفع مسدسه وأطلق النار بكثافة دون تدقيق، ولكونه أمام باب السلسلة المفتوح مباشرة يصيب حارس المسجد الأقصى عمران الرجبي في فخذه. عمران هو الحارس الموكل بمهمة الحراسة عند باب السلسلة، يقف أمام الباب لينظر ما الذي يحصل فتعاجله رصاصة في فخذه تسقطه أرضاً. بعد ذلك يواصل وسيم تفريغ رصاصاته في جسد الفتى نسيم أبو رومي المسجى أمامه.
بطرس داي: من سكان الناصرة في الجليل شمال فلسطين المحتلة، يكون جالساً على الطاولة كما يظهر في الفيديو، عندما يقف ويخرج مسدسه يكون الفتيان قد تلقيا عدة رصاصات من زميليه وباتا ملقيين على الأرض، لكنه رغم ذلك يطلق النار.
عروة عساقلة: من بلدة المغار، ويظهر في فيديو الشرطة معطياً ظهره للكاميرا، يحاول ضرب الشهيد نسيم أبو رومي بحقيبة كان يحملها على ظهره، وبعد إطلاق النار على أبو رومي يلقي الحقيبة ويضع يديه في أذنيه من صوت الرصاص المنطلق من مسدسات زملائه الثلاثة في الدورية.
وأفادت المؤسسة انها وخلال تنفيذ هذا التحقيق اقتحمت قوة من الشرطة الصهيونية مصلى باب الرحمة وبدأت تفريغه من أثاثه وذلك يوم السبت 17-8-2019، وأظهرَ فيديو يوثق هذا الاقتحام مشاركة ياكير ترجمان الذي نشر نشطاء صورة له ضمن القوة التي اقتحمت مصلى باب الرحمة ووضعوا على وجهه دائرة مع توضيح يشير إلى أنه ذاته مطلق النار على الفتيين أبو رومي والشيخ.
المصدر : مؤسسة القدس الدولية