هآرتس
أفيف تترسكي
سارعت حركات الهيكل بغبطة إلى نشر تصريح رئيس الحكومة لبيد لملك الأردن عبد الله الثاني. جاء في التصريح التالي :”سيرتفع عدد الزوّار اليهود إلى جبل الهيكل (اقتحام المسجد الأقصى )خلال الأعياد القريبة، وعليه تتوقّع إسرائيل من الأردن دعم النهج الإسرائيلي”. نَمت هذه التصريحات وبلا أدنى شكّ عن تعامل عَنجهي استعلائي للاردن التي تعتبر شريكة هامة لإسرائيل. لمن لا يعرف قام لبيد بالتعاون سابقا مع ملك الأردن، حيث حاوَل إقناع الأردنيّين بأنّ إسرائيل ستحافظ على مكانة المسجد الاقصى وعليه شكلت تصريحاته الأسبوع الماضي انقلابًا خطرا ومقلقا لمعظم الجمهور الإسرائيلي، على عكس حركات الهيكل.
وعليه يتحتم علينا التساؤل ما هي الخطوات التي يجب أن تدعمها الأردن من وجهة نظر لبيد؟ لمن لا يعرف فرضت الشرطة وخلال عيد رأس السنة العبرية، قيودًا عُمريّة على دخول المسلمين إلى المسجد الأقصى فيما دخل اليهود بشكل حر للمسجد الأقصى .
لتعزز إسرائيل مخاوف المُسلمين. حيث يمس دعم الدولة لحركات الهيكل بشكل مباشر بحقوق المسلمين في المسجد الأقصى. وبالفعل تعقد وتحت ولاية الحكومة الحاليّة، صلوات لمجموعات يهوديّة في المسجد الأقصى. يحدث هذا الانتهاك الصارخ لمكانة الأقصى كمكان عبادة للمسلمين فقط، تحت أنظار الشرطة بل وبعلمٍ الحكومة. ورغم فضحِ تقارير تلفزيونية وصحفيّة عديدة لما يحدث في المسجد الأقصى إلا أن الحكومة ما زالت مستمرة في غِيها.
أثنى وقبل أسبوعَين، قائد لواء القدس في الشرطة دورون ترجمان على مسمع وسائل الإعلام، على مؤسسة تحمل اسم “إدارة جبل الهيكل” تتبع حركات الهيكل. حيث صرح ترجمان قائلا: “نلتقي يإدارة جبل الهيكل قُبيل الأعياد، لننظم معا زيارة المسجد الأقصى خلال الأعياد”.
أنوه وخلافًا للانطباع المغلوط الذي قد يُعطيه الاسم لا تتبع “إدارة جبل الهيكل” للدولة، بل هي جزء لا يتجزأ من حركات الهيكل – وانتبِهوا جيّدا، إنهم “ناشطو الهيكل”، لا ناشطو جبل الهيكل.
بدأ التعاون بين الشرطة وبين هذا الفريق إبّان ولاية جلعاد إردان لوزارة الأمن الداخلي، لكنّ ترجمان كان أول المعترفين على الملأ بأن الشرطة تعتبر ناشطي الهيكل شركاء في عملية إدارة شؤون المسجد الأقصى.
أنوه هنا أن هؤلاء الشركاء يحاولون بشكل مُمنهج تغيير مكانة المسجد الأقصى ليشقوا طريقهم نحو الهدف النهائيّ الذي يتمثل ببناء الهيكل مكان المسجد الأقصى
بالمقابل تستمرّ الشرطة بملاحقة رجال الوَقف بدلا من التعاون معهم.
اعترفت إسرائيل حتى بعد 1967 وبالذات عقب توقيع معاهدة السلام مع المملكة الأردنية بالوقف الأردنيّ كهيئة مؤتمَنة على إدارة المسجد الأقصى لتمثل الوصاية الهاشميّة – أو كما جاء في معاهدة السلام “لتلعب دور المملكة الأردنية الهاشمية في القدس”. قد يُشكل الوَقف الإسلامي كهيئة مستقلّة تحدّيًا لإسرائيل، لكنه كإسرائيل يرغب بالحفاظ على النظام والهدوء في المسجد الأقصى.
لكن وخلال السنوات الأخيرة، وبالتزامن مع التقرّب من حركات الهيكل، قلصت الشرطة من دور الوَقف الإسلامي بل وأملت عليه مشيئتها عليه بالقوّة. حيث حققت الشرطة وقُبيل الأعياد مع عدد من مسؤولي الوَقف الأردني بل وأصدرت بحقّهم أوامر إبعاد.
لا تُبشّر الصورة التي تنعكس اليوم قبيل الأعياد اليهودية بالخير. حيث تثبت تصريحات لبيد وتُرجمان الأخيرة لجماهير القدس الشرقية أنّ انتهاك مكانة المسجد الأقصى من قِبل حركات الهيكل يحدث على مرأى ومسمع من الدولة بل وبتشجيعها.
بل ويحدث في ظلّ تولي وزير عن حزب العمل مهامّ وزارة الأمن الداخليّ، بل وفي ظلّ ولاية رئيس حكومة يدعي ابتعاده عن القوميّة المتطرفة التي اتبعها أسلافه.
ومن المحزن ألا تتعامل إسرائيل مع الوَقف كشريك، ألا تحترم مشاعر المسلمين ولا تفي بالتزاماتها بالحفاظ على مكانة المسجد الأقصى.
وعليه وفي حال اندلعت احتجاجات فلسطينية خلال الأعياد، فستقع المسؤولية على لبيد وعلى الشرطة لتقاعسهم عن الحفاظ على مكانة المسجد الأقصى كمكان عبادة للمسلمين فقط. علمتنا تجارب الماضي أنّ رد الشرطة على الاحتجاجات الفلسطينية حتى السلمية منها دائما عنيف ليطال هذا العنف كل المصلين على حد سواء. لتدعي الشرطة أن الاحتجاجات الفلسطينية عنيفة، ليردد الإعلام الإسرائيلي هذه المزاعم دون أن يتحمل عناء التحقق من صحّتها.
الاحتلال يزعم اسقاط طائرة مسيرة للمقاومة في غزة
بعد عقد من الزمان: أمان” لن تنتقل إلى النقب إلا في عام 2026
بحر من الأخطار: يجب مُراقبة الحُدود البحرية الآن أكثر من أي وقت مضى
لا داعي إلى رسم سيناريوهات مُرعبة من أجل إدراك خطورة هذا السلوك، الذي يتحتم على كل من يكنُ للحرم مشاعرا احترام التصدي له.
نعم، فقد كان على هذه المسألة وحدها أن تؤدي إلى تغيير سياسة إسرائيل كليا.
يتحتم على إسرائيل تبني سياسات مرنة تقوم على الحوار، احترام مكانة المسجد الأقصى الحالية وكبح جماح حركات الهيكل.
قد تتحق سيناريوهات العُنف هذه بسهولة فقد شهدنا ذلك خلال عيد الفصح الأخير مثلًا. يتنافى هذا العنف مع مصلحة غالبية الجماهير الإسرائيلية، لكنه ومع الأسف يخدم أهداف حركات الهيكل. لذا يصعب فهم تبني لبيد، بار ليف، وشركاؤهما سياسات تستفيد منها هذه الحركات.