هآرتس/ هاجر شيزف
كانت مستوطنة “هار براخا” -مستوطنة صهيونية على أجزاء من جبل جرزيم على أراضي بورين وعراق بورين وكفر قليل- تعتبر ضاحية من ضواحي نابلس، ربما باسم مختلف، وتقع المستوطنة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 3000 نسمة، بجوار ثاني أكبر مدينة فلسطينية وهي معزولة نسبياً، وعندما نتحدث في “إسرائيل” عن “الكتل الاستيطانية” لا نعني بها ذلك.
لكن في العام الماضي، في ظل حكومة بينيت لبيد، اتخذت عدة خطوات لغرس المزيد من الأوتاد لتعزيز الاستيطان في المنطقة، وتحت رعاية من “ميرتس” و “العمل” و”راعام” تم اتخاذ قرار بناء حي جديد يضم ما يقارب 300 وحدة سكنية، هذا مثال واحد فقط، وفي الواقع في العام الأول والأخير للحكومة، شجعت بناء آلاف الوحدات السكنية خارج الخط الأخضر، وخاصة خارج الكتل الاستيطانية، في عمق الضفة الغربية، وأيضاً الخطة المثيرة للجدل “E1″، في منطقة “معاليه أدوميم” خرجت مؤخراً من التجميد، وكذلك ولأول مرة تم تحويل الأموال إلى “مجالس المستوطنات” حتى تتمكن من العمل ضد البناء الفلسطيني.
وإذا حاولت الأحزاب اليسارية في الائتلاف المتفكك التقليل من أهمية هذه التفاصيل في الأشهر المقبلة، فقد لا تكون الشراكة اليمينية في عجلة من أمرها لذكر اتجاهات أخرى من العام الماضي، كتسريع تطبيق القانون ضد البؤر الاستيطانية الجديدة في التلال، وحقيقة أن مجموعة متنوعة من الوعود مثل اتفاقية “بؤرة افيتار” الاستيطانية، وربط الكهرباء للبؤر الاستيطانية بعيدة عن التنفيذ والوفاء بها.
تخطيط البناء في المستوطنات
إذا كانت القصة ستجمع حتى الأرقام المطلقة فإن 7292 وحدة سكنية تم الترويج لها في المستوطنات ستروي القصة كاملة، وبالتأكيد في ضوء حقيقة أن المتوسط في سنوات بنيامين نتنياهو في “بلفور -مقر رئاسة الوزراء- كان أقل من 6000 وحدة سكينة في السنة.
لكن البيانات -التي تم جمعها من قبل “السلام الآن”- تكشف أنها أكثر تعقيداً بعض الشيء، أولاً: لأن السنوات الأخيرة لنتنياهو تشير إلى زيادة مقارنة بسابقيهم، وثانياً: لأنه حتى معظم الخطط المعتمدة لا تزال تواجه رحلة طويلة حتى تحصل على ختم رسمي، وفي الواقع، مرت 3000 وحدة سكنية (استيطانية) فقط عبر جميع القنوات التقليدية.
ولكن حقيقة أنها ليست مجرد أرقام مهمة أيضاً، وعلى الجانب الآخر فالجوهر وعلى عكس السياسة المعلنة ل”ميرتس” أو “حزب العمل”، عززت الحكومة الوحدات السكنية في المستوطنات المعزولة -غير المرتبطة بالكتل الاستيطانية الكبيرة- بما في ذلك “هار براخا” و”ألون موريه” بالقرب من نابلس، و”كريات أربع” بالقرب من الخليل، و”دوليف” بالقرب من رام الله، كما تجدر الإشارة بشكل خاص إلى الزيادة البالغة خمسة أضعاف في مستوطنة “شفوت راحيل”، الواقعة في قلب الضفة الغربية وليست إحدى “الكتل الاستيطانية”، والاسم الرئيسي وراء كل هذه التصاريح واحد: بني جانتس، وزير جيش العدو.
وقد لا تتماشى هذه الحقائق مع تصريحات أحزاب اليسار عشية الحملة الانتخابية، لكنها لا تزعجها فقط، كما أعرب المجتمع الدولي عن قلقه حيث يراقب البناء في الضفة الغربية وخاصة ما وراء مسار الجدار الفاصل.
فيما قالت مصادر لصحيفة “هآرتس”: “إن هناك خيبة أمل من أن حكومة بينيت لبيد استمرت في الواقع في خط حكومات نتنياهو، ومن الواضح أنها لا تتناسب مع الزيادة الطبيعية”.
واذا كان هناك من يعتقد أن المستوطنين يرحبون بعمل الحكومة، فهذا ليس صحيحاً أيضًا، ويعتقد مجلس “يشع” -مجلس مستوطنات العدو في الضفة الغربية- أن الحكومة قد فاقمت وضع البناء في الضفة الغربية، ويقولون: “إن هناك أدلة على أن المجلس الأعلى للتخطيط ينعقد أقل من ذي قبل -على الرغم من أنه لم يكن في عجلة من أمره للانعقاد في بداية حكومة نتنياهو الأخيرة-، ولم يتم بالفعل طرح جميع الوحدات السكنية المضمونة -المتفق عليها مبدئيًا- للمناقشة و يدعي المستوطنون أن 2000 وحدة مضمونة بقيت على الورق -أو تم تجزئتها معها-“.
مناقصات البناء
يعلم المستوطنون والفلسطينيون أن خطط البناء قد تكون مجرد خطوة أولية، و يجب على بلدية المستوطنات، التي تقع تحت مسؤولية وزارة الإسكان، نشر مناقصة للمقاولين -بموافقة وزير جيش العدو-.
ولم يظل هذا القسم فارغاً خلال حكومة بينيت لبيد، بحسب تقرير “لا جدال على الطريق إلى الضم” الذي نشرته “السلام الآن”، والذي يراجع سياسة الحكومة الحالية بشأن المستوطنات، يتبين أن هناك قائمة غير قليلة من العطاءات.
وتشمل القائمة الجزئية مستوطنات “آدم” و”إيمانويل” و”كارني شومرون” وإلكانا”، أحدها الذي كان مهماً بشكل خاص للمستوطنين هو 364 وحدة سكنية في “بيت إيل” – في منطقة تقع فيها مقر لواء بنيامين الاقليمي العسكري والتي ظلت عالقة لفترة طويلة بسبب تكاليف إخلاء القاعدة العسكرية.
وهناك مشروع آخر لبناء حي جديد في “آرييل” يضم 730 وحدة سكنية في ظاهر الأمر، وتوسيع مدينة هي كتلة في حد ذاتها، ولكن ليس بالضبط، الحي الجديد ليس في امتداد مكاني مع المنطقة المبنية من المستوطنة.
الخطط الاستراتيجية
E1 :يبدو هذا المفهوم وكأنه شيء من الماضي، لكنه أصبح وثيق الصلة مرة أخرى مؤخراً، ففي نهاية شهر مايو، أبلغت الحكومة المحكمة العليا بأن خطة البناء الرئيسية بالقرب من القدس و”معاليه أدوميم” -والتي أثارت قدراً كبيراً من الانتقادات الدولية – قد عادت إلى جدول الأعمال.
ربما تكون هذه هي الخطة الأكثر إثارة للجدل في الضفة الغربية والتي تهم المجتمع الدولي بشكل خاص، لأنها قد تغلق الباب أمام حل الدولتين.
سيكون هناك مناقشة للاعتراضات الشهر المقبل، ومن المحتمل أنه بسبب حل الكنيست الوشيك، ستكون هناك أيضاً اعتراضات سياسية جديدة.
الخليل: بدأ بناء المصعد في الحرم الإبراهيمي في الشهر الماضي في الخليل، وهو مشروع مصمم لتيسير وصول المعاقين للجانب اليهودي من الحرم الإبراهيمي، و لقد تأخر هذا المشروع لسنوات بسبب عدد من الالتماسات من قبل منظمات يسارية وفلسطينية، ولكن تم رفض كل هذه الالتماسات، والآن المشروع قيد التنفيذ وليست هذه هي الخطة الوحيدة المتعلقة بالخليل، فقد بدأ هذا العام بناء حي يهودي جديد في البلدة القديمة يضم 31 وحدة سكنية.
البؤر الاستيطانية
حتى لو لم يكن من الممكن إسناد ظهور البؤر الاستيطانية والتي ظهرت إلى السطح في العام الماضي للحكومة، فإن قائمة الجرد عن ستة شهور والتي نشرتها “السلام الآن” تضمنت البؤر الاستيطانية التالية:
“تل العلم” في جبال الخليل الجنوبية، “كارني رام” في منطقة سلفيت، “حوفات مفوت أريحا” شمال أريحا، “حوفات يوليوس” في شمال الأغوار، و”موحوفات نيريا” الشرقية في الأغوار، و”جفعات أوهافي يا” غرب بيت لحم، ومعظمها عبارة عن بؤر استيطانية زراعية، أي تلك التي لا يتم الاستيلاء على الأرض فيها عن طريق البناء ولكن عن طريق الرعي، لذلك، على المستوى المبدئي، يكون إخلاؤهم أسهل من إجلاء التي يتواجد فيها سكان وبناء، تم هدم “أوهافي يا” الليلة الماضية -وليس للمرة الأولى- ثم تم إصدار أمر منطقة عسكرية مغلقة للموقع لمدة عام.
وبشكل عام، دعت حكومة بينيت لبيد إلى تسامح منخفض نسبياً لإنشاء البؤر الاستيطانية، وقد تم إجلاء العديد من “فتية التلال” أكثر من ذي قبل من قبل الإدارة المدنية، وفي حين أن إنشاء بؤرة استيطانية لا يتم بالضرورة بشكل طوعي من قبل الحكومة، فإن شرعنة موقع موجود هو بالفعل قصة مختلفة، وفيما يلي ثلاثة بؤر استيطانية تم شرعنتها: “متسبي داني” و”أوز وغائون” و”جفعات هبوستر”.
وفي الوقت نفسه، تم اتخاذ عدة خطوات نحو شرعنة البؤر الاستيطانية القديمة والراسخة، والتي تم الترويج لها بالفعل على طول هذا الطريق في الماضي، أحدها هي “عدي عاد” والتي رفضت الاعتراضات المتعلقة بشرعنتها في أبريل، وكذلك “حوفات يائير” التي تم توصيلها بالكهرباء هذا الشهر -وفقاً للمستوطنين، كجزء من الوعد الذي تم التعهد به خلال حكومة نتنياهو-.
كان ربط البؤر الاستيطانية بالكهرباء في الحكومة الحالية، هو شريان الحياة لعضو الكنيست “نير أورباخ” والذي كان أحد اللبنات في تفكيك التحالف، مع التذكير أنه وكشرط لتصويته لصالح قانون الكهرباء للبلدات البدوية في النقب، طالب “أورباخ” بتوصيل موسع للكهرباء للبؤر الاستيطانية والتي لم يتم شرعنتها بعد، وبحسب مصدر أمني، فإن الأمر لا يزال في طور عمل الفرق القانونية، ولا يتوقع أن تتم الموافقة عليه في أي وقت قريب، بالنظر إلى التطورات السياسية، فمن المشكوك فيه أن يحدث هذا في أيام الحكومة الحالية.
“افيتار” تعتبر من أوائل الأسماء التي ظهرت على خريطة الطريق لتحالف لبيد بينيت، وهي بؤرة استيطانية تم بناؤها فوق تلة تشرف على قرية بيتا الفلسطينية خلال عملية “حارس الأسوار” حيث أقيمت فيها منازل، وشيدت فيها طرق – زُعم أنها دخلت الطريق السريع لشرعنتها في الأيام الأولى للحكومة حيث وقعت اتفاقاً مع المستوطنين يخلون بموجبه المستوطنة مع بدء الحكومة إجراءات فحص لتسوية الأرض، ووعدت بأنه سيتم إنشاء مستوطنة إذا أمكن، وحتى الآن لم يحدث هذا، وربما لن يحدث في أيام هذه الحكومة أيضاً، لكن دخول الفلسطينيين ما زال ممنوعاً، والجيش يحرس التل 24 ساعة في اليوم.
هدم المباني الفلسطينية
باستثناء عامي 2016 و 2020، لم يكن هناك عام -في العقد الماضي وفي الواقع منذ 2009- تم فيه هدم المزيد من المباني الفلسطينية مقارنة بالعام الماضي، حيث تم هدم 614 مبنى، وفقاً لبيانات من منظمة “اوتشا UCHA” التابعة للأمم المتحدة، ولم يتم استخدام كل هذه المباني للأغراض السكنية عند هدمها، وبعضها كان فارغاً، أو مخصصاً للزراعة والمطابخ، وفي الجزء العلوي من كومة الأنقاض، يوجد “رأس التين” وهو مجتمع رعاة يعيش في منطقة مستوطنة “كوخاف هشاهار”، حيث فقد 84 فلسطينياً منازلهم.
لم يكن هناك فقط أنقاض للفلسطينيين -على الرغم من أن هذه أعداد صغيرة فيما يتعلق ببناء المستوطنين- فقد تم خلال العام الماضي الترويج لبناء 1303 وحدة سكنية لهم، وهو أعلى رقم منذ سنوات، ومع ذلك، فإن أكثر من 1100 وحدة منها قد اجتازت فقط مرحلة الموافقة الأولية، ولم يدم الترويج للبناء على الورق طويلاً فبعد أن أدان مجلس “يشع” هذه الخطوة، لم يتم الترويج لمزيد من البناء -للفلسطينيين في مناطق (ج ) في الضفة الغربية- أي لمن ليسوا مستوطنين.
ميزانيات لرصد البناء الفلسطيني
أحد الابتكارات في توزيع الأموال في الضفة الغربية في العام الماضي، هو نوع من ” المكافأة من حكومة نتنياهو الأخيرة، 18.6 مليون شيكل مخصصة للمستوطنات لغرض إنشاء دوائر دورية على الأرض “دوريات لرصد أي بناء فلسطيني على الأراضي”.
والغرض منها واضح وهو وضع خريطة للبناء الفلسطيني “غير القانوني” في منطقة (ج)، وإبلاغ الإدارة المدنية، وهي الهيئة المسؤولة عن تطبيق القانون في هذه المناطق، وإلى جانب راتب الدوريات الميدانية، تضمنت هذه الميزانية -التي لم يتضح بعد ما إذا كان سيتم تجديدها العام المقبل-طائرات مسيرة، وشراء صور جوية، وتسييج مناطق ومركبات وتعليم للغة العربية للحراس الجدد.
تنزانيا..المغني “بن بول” يعلن اعتناقه الإسلام
لماذا نحب شخصا بعينه أو نصوت لمرشح دون آخر؟
“لأني مسلمة”.. اعتقال ناشطة مسلمة وطردها من طائرة أميركية
الميزانية السابقة هي العنوان الرئيسي ل”الحرب الإسرائيلية” ضد البناء الفلسطيني، وهذه الميزانية هي نتيجة اتفاق ائتلافي بين “يمينا” و”يوجد مستقبل”، يهدف إلى تمويل إضافة 46 موظفاً من الإدارة المدنية، 15 منهم في وحدة الإشراف ” رصد البناء الفلسطيني”.
المصدر/ الهدهد