أُلقي القبض على مُبرمِج سويدي بارع كان من أوائل الداعمين المتحمسين لموقع Wikileaks (ويكيليكس) في الإكوادور، لاعتباره جزءاً من مخططٍ مزعوم يهدف إلى ابتزاز رئيس البلاد، بسبب تخلِّيه عن جوليان أسانج.
لكنَّ أصدقاء المبرمج «أولا بيني» يقولون وفق تقرير صحيفة The Washington Post الأمريكية إنَّ خبير التشفير معسولَ الكلام يُستهدَف ظلماً، بسبب نشاطه المتعلِّق بالخصوصية الرقمية.
كان بحوزته 30 جهاز تخزين إلكترونياً عندما اعتُقل
أُلقي القبض على بيني (36 عاماً)، في المطار بالعاصمة الإكوادورية كيتو، الخميس 11 أبريل/نيسان 2019، حين كان يستعد للصعود على متن رحلة طيران متجهة إلى اليابان. وجاءت عملية التوقيف هذه بعد ساعاتٍ من طرد أسانج من السفارة الإكوادورية في لندن. وكان بيني بحوزته 30 جهاز تخزين إلكترونياً على الأقل.
وقال محاموه إنَّه لم يُبلَّغ إن كانت قد وُجِّهت له اتهاماتٌ أو لا. وقالت السلطات إنَّ المخطط، الذي دُبِّر مع مخترقَي إنترنت روسيَّين مجهولي الهوية يعيشان في الإكوادور، تضمَّن التهديد بنشر وثائق فاضحة متعلقة بالرئيس لينين مورينو بعد أن شدَّد نهجه تجاه مؤسس ويكيليكس.
وقالت وزيرة الداخلية الإكوادورية، ماريا باولا رومو، الجمعة 12 أبريل/نيسان 2019: «الأمر الآن متروك للنظام القضائي لتحديد هل ارتكب (بيني) جريمةً أم لم يرتكب. لكن لا يمكننا السماح بأن تصبح الإكوادور مركزاً للقرصنة والتجسس. ولَّت تلك الفترة من تاريخنا».
وقالت رومو إنَّ بيني سافر 12 مرة على الأقل، لمقابلة أسانج بالسفارة الإكوادورية في لندن. وقالت إنَّه أيضاً كان بفنزويلا في وقتٍ سابق من هذا العام، بالتزامن تقريباً مع وجود أحد المساعدين المُقرَّبين من المرشد السابق لمورينو الذي انقلب إلى عدوٍّ لدود له، وهو الرئيس السابق رافائيل كوريا. مَنَحَ الرئيس السابق أسانج اللجوء السياسي عام 2012، وقاد حملةً احتفى بها موقع ويكيليكس لكشف فساد مورينو، انطوت على كشف وثائق وصورٍ شخصية مُدمِّرة، أظهرته بعضها وهو يأكل الروبيان في سريره.
وفي حين لم يتضح بعدُ نطاق علاقة بيني وأسانج، دافع السويدي عن حقوق حرية التعبير الخاصة بمؤسس ويكيليكس، في مدونةٍ على الإنترنت احتفظ بها على مدار سنوات.
وكتب في ديسمبر/كانون الأول 2010: «يجب جدياً على أي مسؤولٍ دعا إلى معاملة أسانج باعتباره إرهابياً أو مقاتلاً عدواً، أن يفكر في التنحي من منصبه».
وفي المدونة نفسها، أدان بيني شركة أمازون، لمنعها موقع ويكيليكس من استخدام خدمة استضافة المواقع الإلكترونية، وأدان أيضاً شركات البطاقات الائتمانية وخدمة PayPal، بسبب رفضها تحويل المدفوعات إلى الموقع السري لتسريب المعلومات. وتحدَّث أيضاً عن العمل ضمن لجنةٍ في يناير/كانون الثاني 2011، حول ويكيليكس، أسستها الشركة التي كان يعمل بها آنذاك، وهي شركة البرمجة العالمية Thoughtworks، وضمت اللجنة دانييل إلزبيرغ الذي اشتهر بتسريب «أوراق البنتاغون».
بيني خبيرٌ في الاتصالات الآمنة، ووصل إلى عاصمة الإكوادور كيتو عام 2013 بعد نقله من شيكاغو إلى مكتب شركة Thoughtworks في الإكوادور. وجديرٌ بالذكر أنَّ الشركة تملك مبادئ توجيهية تُؤكِّد النشاط الاجتماعي. وفي هذه الفترة نفسها تقريباً، بدأ بيني إعادة التفكير في عاداته الإلكترونية، وتخلَّى في مرحلةٍ ما عن حساب جوجل ميل (Gmail) الخاص به لمصلحة بريدٍ إلكتروني ذاتي الاستضافة.
فكتب في منشور عام 2013: «لستُ معجباً كبيراً بكون كل حياتي الإلكترونية مُستضافة تحت رعاية التشريعات الأمريكية، وبالأخص في ضوء الأحداث الأخيرة».
مهووس بالحاسوب يشعر بأكبر قدرٍ من الراحة وهو يحل مشكلات البرمجة المعقدة
يصف أصدقاء بيني وأحباؤه إيَّاه باعتباره مهووساً بالحاسوب يشعر بأكبر قدرٍ من الراحة وهو يحل مشكلات البرمجة المعقدة التي تستمر أياماً في بعض الأحيان. وصرَّحت زوجته السابقة، مالين سانديل، لوكالة Associated Press، بأنَّه كان عند اعتقاله في طريقه للسفر إلى اليابان، من أجل تدريبٍ يستمر أسبوعين على الجوجوستو (أحد الفنون القتالية)، وهي واحدة من الهوايات القليلة التي انغمس فيها بيني خارج نطاق عمله الذي يلتهم كل وقته كمُبرمِج.
قالت حبيبته الإكوادورية إنَّها لا تتذكَّر مطلقاً أنَّ بيني عبَّر عن دعمه القوي لأسانج رغم حقيقة أنَّ مؤسِّس ويكيليكس لديه علاقات قوية في السويد، رغم أنَّ ذلك كان سيُمثِّل موضوعاً بديهياً للتحدث بشأنه داخل دوائر البرمجة الإكوادورية الصغيرة.
وقالت صوفيا راموس في مقابلةٍ من بروكسل: «أولا ليس مخترِق إنترنت، إن كنتَ تعني بذلك أنَّه مجرم، فإنَّه شخصٌ يحاول فهم كيفية عمل الحواسيب وحماية خصوصية الناس».
سادس أفضل مطوِّر برامج في السويد
عملت صوفيا مع بيني على مشروعٍ في مركز الاستقلال الرقمي، لإنشاء بروتوكول تشفير أكثر أمناً للتراسل الفوري. وقال المركز في بيانه الجمعة 12 أبريل/نيسان 2019، إنَّ مجلة Computerworld صنَّفت بيني عام 2010 باعتباره سادس أفضل مطور برامج في السويد.
المركز مؤسسةٌ صغيرة غير ربحية تأسست في الإكوادور وإسبانيا، مُكرَّسة للتواصل الخاص الآمن المجهول. ويقول موقع المركز إنَّه أسهم في مشروعاتٍ مشهورة، بينها مشروع Enigmail ومشروع متصفح الخصوصية Tor.
في الساعات التي سبقت ذهاب بيني إلى المطار، الخميس 11 أبريل/نيسان 2019، نشر تغريدةً تُحذِّر من «التصيُّد» من جانب السلطات الإكوادورية، التي تسعى إلى القيام بعملية اجتثاث بعد ترحيل أسانج القسري من السفارة. ويقول أصدقاؤه إنَّه يبدو الآن أنَّ هذه النبوءة كانت صحيحة.
قال فيجاي براشاد، الذي يدير دار نشر ماركسية في الهند، ورأى بيني آخر مرة قبل بضعة أشهر بمدينة ساو باولو البرازيلية: «لم أكن أدرك أنَّ معرفة أحدهم بشخصٍ ما تعدُّ جريمة. إنَّه (بيني) آخِر شخصٍ على الإطلاق قد يتورط في محاولة لإطاحة حكومة».
المصدر/ وكالات