غزة- غزة برس:
يعاني مرضى السرطان في قطاع غزة من مشكلات عدة ولاسيما مشكلة القدرة على الوصول إلى العلاج في ظل نقص الأدوية والأجهزة التشخيصية في مستشفيات القطاع، واستمرار القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية وتحرم المرضى من الوصول إلى المستشفيات الفلسطينية في الضفة الغربية وإسرائيل.
وتشير البيانات المتوفرة إلى أن عدد حالات السرطان في قطاع غزة بلغ (8515) حالة مرضية، من بينهم (608) أطفال من اجمالي الحالات، فيما بلغ عدد النساء (4705) حالة بما نسبته (55.3%) من اجمالي الحالات المسجلة في قطاع غزة .
وفقا لمنظمة الصحة العالمية بلغ عدد طلبات تصاريح المرور المقدمة من مرضى قطاع غزة للوصول إلى العلاج في مستشفيات الضفة الغربية وداخل إسرائيل خلال العام الماضي (25897) طلب، كان منها 7326 (28٪) من مرضى الأورام. كما تشير تقارير منظمة الصحة العالمية، إلى أن نسبة الموافقة على تصاريح المرضى للوصول إلى المستشفيات في الضفة وإسرائيل لا تتجاوز 61٪.[1]
وتتضاعف المعاناة النفسية والجسدية لمرضى السرطان في قطاع غزة نتيجة ضعف الإمكانيات والنقص الدائم في المعدات والأجهزة التشخيصية والعقاقير والأدوية ومدخلات تشغيل المعدات الطبية والأجهزة العلاجية، حيث ظل العجز في الأدوية واحد من أبرز التهديدات على حياة المرضى. فقد بلغ متوسط نسبة العجز في الأدوية اللازمة لعلاج مرضى السرطان وأمراض الدم (58%) على امتداد العام 2018، وتتكون هذه الأدوية من (65) صنفاً، الأمر الذي يهدد حياة كثير من المرضى، إذ أنه في غياب صنف من الأدوية المكونة لبرنامج العلاج يفشل البرنامج كله وتصبح مكونات البرنامج الأخرى بلا فاعلية.
تأتي فعالية اليوم لإطلاق فيلم قصير حول معاناة مرضى السرطان ولوحة مضيئة تدعو لمساندتهم في سياق مشروع مشترك بين الاتحاد الأوروبي ومركز الميزان لحقوق الإنسان، يتصدى لمشكلة حرمان المرضى من الوصول إلى المستشفيات وما يترتب على ذلك من تهديد جدي لحياتهم، وآثار نفسية كارثية.
وفي كلمة ألقاها مدير مركز الميزان الأستاذ عصام يونس خلال الفعالية قال:” واقع المرضى في قطاع غزة شديد الصعوبة والمأساوية بالنظر إلى استمرار الحصار الذي طال مختلف مناحي الحياة، والقيود الشديدة المفروضة على حرية حركة الأفراد والبضائع، وواقع الخدمات الصحية المقدمة الذي يعاني من مشاكل جدية”.
وقال الأستاذ أيمن فتيحة، ممثلاً عن الاتحاد الأوروبي:” يطالب الاتحاد الأوروبي بتغيير سياسي واقتصادي وأمني جذري في قطاع غزة بما يشمل ذلك إنهاء الإغلاق وفتح كافة المعابر وتلبية حاجات المواطنين”. وأردف “إن منع الوصول للخدمات الصحية خارج قطاع غزة للحالات التي تحتاج رعاية طبية خاصة كان له انعكاسات حادة على الحق في الصحة”.
يسعى المشروع إلى دعم قدرة المرضى على الوصول إلى المستشفيات عبر التدخل القانوني لدى السلطات الإسرائيلية لمراجعة طلبات المرضى المرفوضين أو ممن يجري تأخيرهم بشكل مبالغ فيه. وفي الوقت نفسه يسعى المشروع إلى دعم مرضى السرطان ممن يتأخر وصولهم إلى المستشفيات نفسياً عبر تقديم الدعم النفسي لهم من قبل مختصين.
كما يسعى المشروع لرفع الوعي بمرض السرطان، لخلق بيئة حاضنة تحفز المرضى على مقاومة المرض وتخفف من وطأة الضغوط النفسية عليهم، الأمر الذي سيساعدهم في رحلة العلاج. ويأتي إعداد اللوحة المضية ومقطع الفيديو ضمن المشروع الذي يموله الاتحاد الاوروبي للتوعية بقضايا السرطان ومرضاه، وحث الجميع على توظيف الجهود لمساندة مرضى السرطان.
يؤكد مركز الميزان لحقوق الإنسان على مبدأ “الإعمال التدريجي” للحق في الصحة، الذي يوجب على السلطات أن تبدي التزاما مستمراً بإعمال الحق في الصحة، عبر تقديم الدعم للخدمات الصحية العلاجيةوتطوير قطاع الصحة[2].
إن التأخر في رفد القطاع الصحي بالأدوية اللازمة، يتناقض مع إجراءات وزارة الصحة واستراتيجية الحكومة الفلسطينية الصحية الوطنية للأعوام (2017-2022)[3]. وهي استراتيجية تستند إلى أهداف ومقاصد الأمم المتحدة المستدامة للعام 2030، التي التزمت فلسطين بالسعي إلى تحقيقها، ولاسيما الهدف الثالث، القاضي بضمان تمتّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار، من خلال التغطية الصحية الشاملة.
كما أن حرية الحركة والتنقل وحرية وصول المرضى إلى المستشفيات هي حق أساسي من حقوق الإنسان، يوجب على السلطات الإسرائيلية العمل على ضمان سهولة وصول المرضى إلى المستشفيات والتوقف عن السياسات التي تنتهك المعايير الدولية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالمرضى، واحترام التزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي.
مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يؤكد على أهمية تضافر الجهود العالمية لمكافحة مرض السرطان ومسبباته، وتوفير الرعاية الصحية المناسبة لجميع مرضى السرطان، فإنه يعبر عن بالغ القلق إزاء ما يعايشه مرضى السرطان في قطاع غزة في ظل غياب الرعاية الصحية المناسبة، ويدعو إلى إعمال الحقوق الصحية لهؤلاء المرضى بما يمكنهم من مواجهة هذا المرض الخطير، وعليه فإن مركز الميزان يطالب بالآتي:
- إنهاء المعوقات التي توضع في طريق وصول المرضى إلى المستشفيات، سواء منحهم التصاريح اللازمة في الوقت المناسب، أو ضمان سهولة ويسر إجراءات التحويل إلى المستشفيات خارج قطاع غزة بما يحمي حياة آلاف المرضى ويحفظ كرامتهم الإنسانية.
- السلطات الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة ولاسيما منظمة الصحة العالمية، بتعزيز التعاون لتحسين الشروط الصحية والعمل على توفير الأجهزة التشخيصية والعلاجية وأدوية البرامج العلاجية الخاصة بمرضى السرطان بما يحمي حياة المرضى ويخفف من معاناتهم النفسية والجسدية.
- ضرورة تحييد الحاجات الإنسانية للسكان في قطاع غزة عن الصراعات العسكرية والسياسية، وضمان وفاء الأطراف كافة بالتزاماتها الناشئة عن القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.