هآرتس/ عاموس هرئيل
في الأيام الأخيرة قلص” الجيش الإسرائيلي” من نطاق أنشطة الاعتقال في الضفة الغربية، وقد تم بالفعل اعتقال معظم النشطاء الذين حددهم جهاز الأمن العام كأهداف استخبارية في شمال الضفة الغربية وتقديمهم للاستجواب، وتقدر قيادة المنطقة الوسطى أن الهجمات الأربع في مراكز المدن (بئر السبع، الخضيرة، بني براك وتل أبيب) والتي قُتل فيها 14 شخصاً، رغم أنها أسفرت عن عدة محاولات للتقليد، لم تتبلور بعد إلى موجة أطول وأكثر استمراراً من العمليات، في الوقت الحالي، هناك في الغالب “ذئاب منفردة” تسعى إلى التصرف بإلهام ممن سبقوها، ولكن لا توجد مشاركة عامة واسعة في المواجهات.
يذكر أن الدعوات اليومية في رام الله لمواجهة الجنود على مفرق ايوش (القريب من مستوطنة بيت ايل القريبة من رام الله) عند المخرج الشمالي من المدينة، تستقطب عشرين شاباً كل مساء، وخلال فترات التوتر الماضية شارك آلاف الفلسطينيين في مظاهرات مماثلة.
خلال رحلة طويلة على طرق الضفة الغربية يوم أمس (الثلاثاء)، لم يطرأ أي انخفاض على “حركة المرور الإسرائيلية”، على العكس من ذلك على بعض الطرق كانت “السيارات الإسرائيلية” والفلسطينية جنباً إلى جنب الاختناقات المرورية الطويلة، فالوجود العسكري المكثف لا يتركز على إظهار التواجد على الطرق، ولكن على إغلاق الثغرات على طول الجدار الفاصل والعمليات الهجومية، في الأيام المقبلة، سيتعين على رؤساء المنظومة الأمنية اتخاذ قراراً: إما تمديد تعزيز القوات في الضفة الغربية ومنطقة التماس لمدة أسبوعين آخرين، حتى عيد الاستقلال ونهاية شهر رمضان، أو البدء في التخفيف منها قبل ذلك بقليل.
وبلغ عدد الكتائب المنتشرة حالياً في الضفة الغربية نحو 25 كتيبة ضعف ما كان عليه قبل سلسلة الهجمات، وهذا يعني تجميداً شبه كامل لتدريب الوحدات النظامية، والذي قد يكون له تأثير على المدى الطويل على لياقة الجيش للقتال في ساحات أخرى، وإلى جانب الخوف من المزيد من الهجمات، ما زالت الأنظار تتجه نحو القدس والمسجد الأقصى بشكل خاص، من الواضح للمستوى السياسي وأجهزة المخابرات أن الإصابات الفلسطينية في المسجد الأقصى يمكن أن توفر الذريعة اللازمة لتفاقم وتكريس المواجهات.
وفي هذا الصدد فإن “الفشل الإسرائيلي” المطلق في تفسير سياسة الحكومة تجاه المسجد الأقصى على الساحة الدولية أمر ملحوظ، بينما حكومة بينت لبيد وتحت إشرافها، تبذل الشرطة أيضاً قصارى جهدها لتجنب توتير الأجواء في المسجد الأقصى حيث يتم جرهم بعد الاستفزازات الفلسطينية (واستفزازات أعضاء الفصيل الشمالي في الحركة الإسلامية في الكيان) ويسقطون في كل فخ محتمل، إلى درجة إدانة “إسرائيل” من قبل الدول العربية والإسلامية الصديقة.
من منظور تاريخي فإن الوضع الراهن في المسجد الأقصى قد تآكل بالفعل خلال العقد الماضي، مع تزايد ظاهرة اقتحام اليهود إلى المسجد الأقصى، بدعم أو غض الطرف من الحكومة، لكن من هنا إلى المؤامرة المستمرة التي تسعى “إسرائيل” لتدمير المسجد الأقصى، ما زال الطريق طويلاً – ومع ذلك فشلت الحكومة في تفسير نفسها بالخارج أو كبح المؤامرات من الداخل.
بالطبع الاستفزازات من قبل اليمين مثل العرض الذي حاول بالأمس إطلاق عدة مئات من النشطاء على الرغم من حظر الشرطة، تساهم أيضاً في إثارة الضجة، هؤلاء الناس يلعبون بالنار – ولا يبدو أنهم يرتاحون حتى يشعلوا الحرب (مع آمالهم في الإطاحة بالحكومة في الخلفية)، وقد حققوا في الليل والصباح نجاحاً جزئياً، حيث تم إطلاق صاروخين آخرين من القطاع وفي المسجد الأقصى، استؤنفت الاشتباكات العنيفة بين المصلين المسلمين والشرطة.
وقبل شهرين توقع مسؤولون كبار في “الجيش الإسرائيلي” تصعيداً في الضفة الغربية في الفترة القريبة من عيد الفصح ورمضان في محادثة مع صحيفة هآرتس، وبالعودة إلى الوراء تبين أنهم يعرفون بالضبط ما الذي يستندون إليه، ملف الضفة الغربية في المنظمة (حماس) فالعاروري الذي يسافر بين تركيا ولبنان وقطر، وضع خطة مفصلة، وهي إشعال الأجواء في القدس والمسجد الأقصى خلال أعياد الديانات الثلاث، على أمل أن تمتد المواجهات إلى الضفة الغربية والخط الأخضر، ولكن على ما يبدو بهدف الحفاظ على هدوء قطاع غزة.
يتم التحريض في القدس والضفة الغربية من خلال التحريض على الشبكات الاجتماعية، ولكن أيضاً من خلال تدفق الأموال إلى المنظمين السياسيين والنشطاء، وقد اتبعت “إسرائيل” منذ سنوات سياسة الفصل المتعمد بين الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن يبدو أنه قبل عام، حول عملية “حارس الأسوار” في مايو الماضي، تمكنت حماس من قلب الصورة، في قرارها إطلاق صواريخ من غزة إلى القدس، بعد التوترات في البلدة القديمة، وحدت المنظمة الساحتين واندلعت أيضاً مواجهات عنيفة في المدن الواقعة على الخط الأخضر، ومنذ ذلك الحين، تقف “إسرائيل” أيضاً على أهبة الاستعداد حتى لا تشعل القطاع، وهكذا يمكن لحماس أن تتمتع بالعالمين، تلقينا المزيد من الأدلة على هذا في منتصف الأسبوع.
وعندما خرجت المؤسسة الأمنية عن طريقها لتفسير إطلاق صاروخ واحد في وقت سابق من قطاع غزة إلى المستوطنات المحيطة، كان ذلك من تنفيذ حركة الجهاد الإسلامي ولا يعكس نية التصعيد من قبل حماس.
القلق الرئيسي في الضفة الغربية هو احتمال أن تنضم المنظمات إلى الموجة التي بدأت بمنفذين منفردين وخلايا محلية، حماس موجودة هناك بالفعل، وقد ينضم إلى التنظيم ناشطون ميدانيون من فتح، وقبل أسبوع ورد أن خلية تابعة لحماس من منطقة رام الله اعتقلت من قبل قوات الأمن وهي في طريقها إلى هجوم إطلاق نار.
واعتقل رئيس الخلية بعد حوالي يوم من هروبه من سجن السلطة الفلسطينية حيث كان محتجزاً منذ مشاركته في هجوم مماثل قتل فيه “المواطن الإسرائيلي ملاخي روزنفيلد “عام 2015، في غضون ذلك تتضح تفاصيل أكثر حول القضية: تلقى الرجل تعليمات وتمويلاً من الخارج، من المقر الخاضع للعاروري، الذي كان عناصره على اتصال بأفراد عائلته، في “إسرائيل” لا يزال التحقيق جارياً فيما إذا كان قد هرب من السجن بمفرده أو تلقى مساعدة من حراسه باستخدام أسلوب “الباب الدوار” الذي استخدمته السلطة الفلسطينية خلال الانتفاضة الثانية.
عندما تم تلقي تحذير بشأن نيته تنفيذ هجوم، أغلق “جيش الإسرائيلي” بشكل استثنائي الطريق 60 – الطريق الطولي الرئيسي في الضفة الغربية – أمام “حركة المرور الإسرائيلية” وأخلت المدنيين من مناطق التنزه، واستسلم الأربعة بعد أن استعد “الجيش الإسرائيلي” لإطلاق صواريخ مضادة للدبابات وتدمير المنازل التي كانوا يقيمون فيها باستخدام الجرافات.
أما بالنسبة لفتح خاصة في جنين، فهناك تجدد في مغازلة نشطاء الحركة وأفراد قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية لفكرة المقاومة المسلحة “لإسرائيل”، شارك العديد من نشطاء فتح في مراسم عزاء منفذ العملية الذي قتل “ثلاثة إسرائيليين” في “تل أبيب”، ويبدو أن بعضهم متورط في إطلاق النار على قوات “الجيش الإسرائيلي” التي دخلت منطقة جنين للاعتقالات، ولم تهتم السلطة الفلسطينية في نابلس بمنع هجوم جماعي على قبر يوسف وتدمير مجمع المقبرة، هناك خطر آخر يتعلق برواتب أعضاء الأجهزة، واجهت السلطة صعوبات مالية متزايدة، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى استنفاد المساعدات من الدول المانحة، وقد تم تخفيض رواتب الضباط وضباط الشرطة بنحو 25٪، واضطر البعض إلى العمل في وظائف ثانية لكسب لقمة العيش.
مسؤولون في الكيان: “نتنياهو أيّد إزالة البوابات الإلكترونية وتراجع عن ذلك بسبب يائير وسارة”
أكثر من 1800 مستوطن اقتحموا الأقصى طيلة أيام عيدهم الحانوكا
قائد شُرطة العدو السابق: في المواجهة القادمة: “فلسطيني 1948 سيقتلون اليهود”
إن انضمام نشطاء فتح المسلحين، وحتى أعضاء الأجهزة “الأمنية للسلطة”، إلى الاشتباكات مع “إسرائيل” يمكن أن يغير تماماً الظروف في الضفة الغربية.
في محادثات متكررة مع “الضباط الإسرائيليين”، يطمئن كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية إلى أن هذا لن يحدث، ومع ذلك من الواضح أن هجمات الشهر الماضي جعلت جميع الأطراف متوترة وعصبية،
في ظل هذه الخلفية، فإن قرار الحكومة بالامتناع عن فرض إغلاق على الضفة الغربية في أيام الأسبوع (ولكن ليس في العطلة الأولى والثانية من عيد الفصح) هو عبارة عن ميدالية تكريم إذا نجحت المقامرة، فسيتم إنقاذ اقتصاد الضفة الغربية من مزيد من الضرر وقد يساعد في كبح تدهور الوضع الأمني، إذا فشل، فسيكون هناك بالفعل من يسعده ربط ضعف الحكومة بإطالة أمد موجة الهجمات.
المصدر/ الهدهد