جلوبس/ أوري كوهين
بعد يوم واحد من الهجوم الذي وقع في بئر السبع والذي قُتل فيه أربعة أشخاص، وحتى قبل أن نعلم أنه سيكون أول هجوم من بين ثلاث هجمات خطيرة، تمت مقابلة عضو الكنيست “موسي راز” من حزب ميرتس في إذاعة “كول براما”، وذكّر “راز” المستمعين أنه على الرغم من الحادث المؤلم، منذ أن “ترك نتنياهو عجلة القيادة”، كان هناك “انخفاض كبير في الهجمات”.
وقال إنه في ظل حكومة بينت -لبيد، التي تشكلت قبل حوالي عشرة أشهر، قُتل سبعة أشخاص في “أعمال إرهابية”، بينما كان المتوسط في سنوات نتنياهو حوالي 13 قتيلاً سنوياً.
بصفتنا مُدققين للحقائق، سارعنا إلى التحقق من تصريحات “راز” ووجدنا أنها كانت دقيقة بالفعل، لكن حتى قبل أن نتمكن من نشر النتائج، تغيرت الصورة، ونفذ اثنان من سكان أم الفحم الأحد الماضي هجوماً في الخضيرة قتل فيه “إسرائيليان”، وبعد يومين قتل خمسة أشخاص في هجوم “بني براك”.
ماذا نتعلم من هذه القصة؟ في حالة العد المروع لشيء نحن على وشك القيام به هنا، فإن أي استنتاج لن يكون صحيحاً إلا اعتباراً من وقت النشر.
ومع ذلك، فإن الأحداث الصعبة في الأيام الأخيرة قد غمرت ليس فقط الجدل السياسي العنيف بين المعسكرين – اللذين انقسما الآن بشكل مختلف قليلاً، على خلفية الحكومة الحالية ذات التكوين غير المعتاد – ولكن أيضاً سلسلة من المقارنات التاريخية والتذكير بأيام أخرى، فما مدى دقتها؟ وهل ما حدث حتى الآن غير عادي فيما يتعلق “بموجات الإرهاب” السابقة التي عشناها هنا، والتي حدث بعضها في الآونة الأخيرة؟ عدنا إلى الأجزاء الأقل متعة من تاريخنا الأمني وقمنا بالتحقق منها.
كانت هناك سنوات أصعب
“راز” كما ذكرنا.. ادعى أنه خلال فترة نتنياهو الطويلة، كان متوسط عدد القتلى بسبب “الإرهاب” 13 شخصا في السنة، أجرينا اختباراً اعتمد على البيانات التي نشرها جهاز الأمن العام على موقعه على الإنترنت، لا يشمل هؤلاء الجنود الذين سقطوا في العمليات العسكرية في غزة على مر السنين، ولكن يشملون المدنيين الذين قُتلوا بنيران الصواريخ من قطاع غزة.
وتشير البيانات إلى أنه منذ عودة نتنياهو إلى السلطة في عام 2009 وحتى نهاية ولايته في عام 2021، قتل ما مجموعه 190 مدنياً بسبب “الإرهاب الفلسطيني”، وهذا يضع متوسط عدد الوفيات في هذه الفترة بحوالي 16 حالة كل عام، أعلى بقليل من الرقم الذي ذكره “راز”.
إذا أخذنا في الاعتبار أيضاً ولاية نتنياهو الأولى في أواخر التسعينيات، والتي قُتل فيها 25 شخصاً في هجمات، فإن المتوسط ينخفض إلى 14.
في ظل الحكومة الحالية، التي ظلت في السلطة منذ أقل من عشرة أشهر، قُتل ثلاثة أشخاص في هجمات بحلول شهر مارس، وبعد الموجة الحالية قتل 14 شخصاً، أي، بافتراض أنه بحلول نهاية العام الأول على الأقل من ولاية الحكومة لن يكون هناك المزيد من الضحايا في الهجمات – كما نأمل جميعاً – سيكون العام الأول لحكومة بينت مشابهاً تماماً في هذا الصدد، عام متوسط تحت حكم نتنياهو.
لكن كانت هناك أيضاً سنوات عديدة مميتة في عهد نتنياهو، في عام 2011، على سبيل المثال، قُتل 21 شخصاً في هجمات، خمسة منهم أفراد من عائلة واحدة – عائلة فوغل من مستوطنة إيتامار، وفي عام 2014، قُتل 26 شخصاً، بما في ذلك في سلسلة تفجيرات بسيارات مفخخة وفي كنيس في حي “هار نوف” بالقدس، قُتل فيها أربعة أشخاص، ومنذ نهاية عام 2015 وحتى نهاية عام 2016، تم تسجيل الفترة الأكثر دموية في ظلها، في موجة الإرهاب التي اكتسبت ألقاب مثل “انتفاضة السكاكين” أو “الانتفاضة الفردية”.
في ذلك الوقت، خلال نهاية عام 2015، تم تسجيل 24 حالة قتل بسبب “الإرهاب” في أقل من شهرين (28 حالة للعام بأكمله)، وفي عام 2016 كان هناك 17 حالة قتل أخرى، وشملت تلك الموجة أحداثاً بارزة، بما في ذلك الهجوم على سوق “شارونا” في “تل أبيب “الذي قتل فيه أربعة أشخاص، والهجوم على شارع “ديزنغوف” في المدينة نفذه فلسطيني 1948: نشأت ملحم أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وتمكن من الفرار، (عُثر عليه فيما بعد واستشهد).
أوسلو
بالنسبة لبعض أعضاء المعارضة، فإن الأحداث الصعبة التي وقعت الأسبوع الماضي لم تذكر “موجات الإرهاب” من الماضي القريب نسبياً مثل تلك التي ذكرناها هنا، بل أحداثاً بعيدة جداً، وكتب “بتسلئيل سموتريتش” على حسابه على تويتر: “إذا كان هذا يذكرك بأيام أوسلو في أوائل التسعينيات، فأنت لست مخطئاً”، وكتبت “ميري ريغيف” و”مي غولان” عن أيام أوسلو “الصعبة والملعونة في تغريداتهما”.
كان هناك من اختار تذكيرهم رداً على اختلاف واحد ملحوظ وهو أنه لا توجد اليوم أي عملية سياسية تجري مع الفلسطينيين، وربما توجد اختلافات أخرى واضحة تماماً.
شاهد: الاحتلال يعدم فلسطينيا بالرصاص بالقرب من نابلس
شاهد…مأساة “الشيخ جراح” بالقدس…القصة الكاملة
شاهد: شهيدان ومصاب بالقرب من جنين برصاص الاحتلال
سوف نركز على الأرقام، بين عامي 1993 و 1997، قُتل أكثر من 150 شخصاً على مدار حوالي أربع سنوات، وهذا يعني أن الأرقام على مقياس مختلف تماماً عما نراه الآن.
بالمناسبة جاءت الفترة الأكثر دموية من حيث الهجمات بعد سنوات قليلة فقط، من أكتوبر 2000 إلى 2005 ثم خلال فترة حوالي خمس سنوات، والتي أصبحت تعرف باسم “الانتفاضة الثانية”، وأغلبها في عهد “آرييل شارون” كرئيس للوزراء، قتل أكثر من 1100 “إسرائيلي”، نصفهم تقريباً في عمليات تفجيرية، في عام 2002 وحده، وهو الأكثر دموية في تاريخ “الإرهاب الفلسطيني”، حيث قتل 452 شخصاً في هجمات.
هل العقوبات في “إسرائيل” خفيفة؟
وهنا موضوع آخر مثير للاهتمام تم طرحه هذا الأسبوع، إذ نفذ أول هجومين في الموجة الحالية من فلسطينيي 1948 ينتمون بطريقة أو بأخرى إلى “تنظيم الدولة الإسلامية”.
محمد أبو القيعان الذي نفذ الهجوم في بئر السبع، أدين عام 2016 بالانتماء إلى التنظيم، ومن خلال محاولته تجنيد المزيد من الشباب له، عرض الذهاب إلى سوريا للقتال في صفوفه، حُكم عليه بالسجن أربع سنوات.
إبراهيم اغبارية أحد منفذي عملية الخضيرة، اعتقل أيضاً في 2016 في تركيا بينما كان في طريقه إلى التنظيم في سوريا، وأعيد إلى “إسرائيل”، حيث حُكم عليه بالسجن لمدة عام ونصف، وهل حقيقة أن الاثنين تمكنا من تنفيذ عمليات مميتة رغم اعتقالهما في الماضي، وعلاقتهما معروفة بداعش، تشير إلى أن معاملة المحاكم لهما كانت متساهلة للغاية، أو ربما كانت حكمة رجعية؟
لا يمكن إعطاء إجابة مطلقة على هذا، ولكن بما أن مسألة انضمام المواطنين إلى صفوف التنظيم الإسلامي المتطرف على وجه التحديد، فإن “إسرائيل” ليست غير عادية فيما يتعلق بالعالم الغربي، حيث يمكن للمرء أن يلاحظ ما يحدث هناك.
في الولايات المتحدة، تكون عقوبة مساعدة منظمة إرهابية شديدة بشكل خاص، وهناك العديد من الأمثلة من العقد الأخير من السجن الذي يصل أحياناً إلى 15 و 20 عاماً أو أكثر.
اعتباراً من يناير 2022، كان متوسط مدة السجن لمحاولة الانضمام إلى “داعش” أو المساعدة في التخطيط لهجمات إرهابية في الولايات المتحدة 13 عاماً.
يجب أن نتذكر أنه على عكس “إسرائيل”، فإن الولايات المتحدة لديها نظام صارم ومنظم للأحكام الإلزامية والحد الأدنى، ما يقلل بشكل كبير من السلطة التقديرية للقضاة عند إصدار الأحكام.
المصدر/ الهدهد