الرئيسية / شئون إسرائيلية / ما وراء الجمود في صفقة الأسرى؟

ما وراء الجمود في صفقة الأسرى؟

ترجمة : أمين أحمد خلف الله

هآرتس/ عاموس هرئيل

المقال يعبر عن راي كاتبه

منذ حوالي عامين ، بعد حوالي 25 عامًا في قسم المخابرات ، تقاعد العقيد  موشيه تال من الخدمة الدائمة في “الجيش الإسرائيلي” ووجد تال نفسه في مهنة ثانية رائعة ، بما في ذلك العمل كمحلل في مجال الرياضة في الولايات المتحدة، لكنه يكرس الكثير من وقت فراغه لمهنة غير عادية – حملة عامة ستطلق قريبًا- من أجل إحياء الجدل العام حول مصير الأسرى والمفقودين الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس في قطاع غزة.

تال ، الذي بدأ حياته المهنية في وحدات التكنولوجيا في “الجيش الإسرائيلي ، شغل لاحقًا عددًا من المناصب العليا ، بما في ذلك نائب رئيس قسم الأبحاث، ولكن الكثير من وقته في الجيش كان مكرسًا لقضية الأسرى والمفقودين ، سواء من حيث الاستعداد العملي المطلوب في مثل هذه الحالات أو كجزء من الفرق التي تفاوضت على صفقات الأسرى وحتى بعد تقاعده من الخدمة الفعلية ، استمر تال في العمل كممثل للجيش في فريق التفاوض ، بقيادة المنسق نيابة عن رئيس الوزراء ، كبير موظفي جهاز ” الشاباك” السابق يارون بلوم، ولكن مؤخرًا (كما ذكر في قناة كان)

وقرر تال اعتزال الفريق وسط انتقادات لعدم إحراز تقدم في الاتصالات، في حديث مع صحيفة “هآرتس” ، قال إن “إسرائيل”  كانت حريصة طوال هذه القضية على تفويت الفرص، وأضاف “أجد صعوبة في شرح سبب حدوث ذلك”.

أسرى بيد حماس

تحتجز حماس جثتين لجنود “إسرائيليين” قُتلوا في عملية ” الجرف الصامد” ( العدوان على غزة 2014) ، الملازم أول هادار غولدين من لواء جفعاتي الذي سقط في معركة في رفح ، والرقيب أول أورون شاؤول من لواء غولاني الذي قُتل في انفجار مضاد للدبابات في غزة، حي الشجاعية شرق مدينة غزة

وتقدر المخابرات أن التنظيم يحتجز “إسرائيليين” آخرين على قيد الحياة ، مدنيين عبروا الحدود إلى قطاع غزة بمبادرة منهم خلال العام الذي أعقب العملية: ابرا منغستو وهشام السيد، وحقيقة أن الاثنين أتيا من سكان على هامش المجتمع (مرضى عقليين ، أحدهم من المهاجرين الإثيوبيين والآخر من البدو) ساهم في دفع محنتهم إلى هامش المصلحة العامة، رغم أن حماس تحاول ، من خلال مناوراتها في الحرب النفسية ، وطمس الصورة ، يتضح الوضع الحقيقي ل”إسرائيل” : المدنيان لا يزالان على قيد الحياة ، والجنديان ليسا كذلك

بصفته رجل مخابرات ، عمل العقيد تل أيضًا لسنوات لتحديد مكان الجندي المخطوف جلعاد شاليط،

عند العودة إلى الوراء ، كما يقول ، من الواضح له أن المؤسسة العسكرية ، مثل الجمهور الإسرائيلي ، قد أصيبت  بصدمة من صفقة شاليط،  في غياب القدرة العملياتية لإنقاذه ، تنازلت حكومة نتنياهو عن دفع أثمان  عالية ، وأطلقت سراح 1027 فلسطينيا ، بما في ذلك مئات المدانين بالتورط في جرائم قتل ، مقابل جندي واحد.

الشعور بأن الثمن المدفوع لشاليط كان مبالغا فيه أدى إلى تباطؤ في التعامل مع القضية الحالية ، وعلى أي حال من الواضح أن الثمن الذي ستوافق “إسرائيل”  على دفعه مقابل جثث الجنود والمدنيين الأحياء سيكون أقل من ذلك الذي دفع لجندي على قيد الحياة.

 فرص ضائعة

ويدعي طال أن “حقيقة أن تغطية القضية ، النبض الإعلامي ، تقترب من الصفر ، تؤثر أيضًا على ذلك”، “خلف الكواليس هناك  انشغال بالقضية  متواصل على مدار الساعة  المساء ولكن لا يوجد تقدم، حقيقي وفاعل عل الأرض.

 

بالنسبة لرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو ، الذي عينه ، كان تال  ورجاله يواجهون الاتهامات بعدم الاهتمام بالموضوع  – بالفعل هم مشغولون بالقضية -لكن من الناحية العملية ، فإن “إسرائيل”  لا تسعى جاهدة للتوصل إلى صفقة، لا يحدث أي تقدم  مثمر على ارض الواقع، وخير دليل على ذلك أننا لم نصل في أي وقت من الأوقات إلى الديناميكيات الحقيقية للمفاوضات مع حماس، وحقيقة أن الاجتماع يعقد كل بضعة أشهر بشأن المفاوضات بيننا وبين المخابرات المصرية هو مسألة روتينية وليس تقدمًا.

قال  تال: ،على حد علمي للمرة الأولى ، خطوة رائعة حدثت وراء الكواليس في خريف 2018 ، قبل وقت قصير من انتهاء رئيس الأركان السابق ، غادي إزنكوت ، من فترة ولايته،  والذي لم ينس مسؤوليته تجاه جنديه اللذين بقيت جثتاهما في غزة ، بدأ تسوية داخلية مع نظرائه في ذلك الوقت برئاسة الموساد والشاباك ، يوسي كوهين ونداف أرغمان،  وتعامل الثلاثة مع الأمر من منظور مهني  عبر النقاش حول :،ما هو في نظرهم السقف المعقول للثمن الذي يجب أن تدفعه “إسرائيل”  كجزء من صفقة للإفراج عن “الإسرائيليين” الأربعة في المستقبل وقمنا بتحديث نتنياهو،

وكان  الهدف من ذلك  – بحسب تال – هو إبلاغ نتنياهو بأن لديه “دعم ” من جانب المهنيين لإحراز تقدم في المفاوضات ، لأن هناك مساحة للمناورة التي قد تسمح بصفقة، وعملياً ، تلاشت المبادرة بدون أي تغيير حقيقي، في الصيف الماضي ، أيضا  ، ظهرت فرصة معينة للانفراج مرة أخرى.

 

الوسيط المصري

واتضح أنه في الأشهر الأخيرة من ولاية نتنياهو ، كانت هناك مسافة معينة في علاقته الممتازة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبحسب تال ، رفض السيسي مؤخرًا مقترحات لعقد اجتماعات ومحادثات ، يمكن مناقشة قضية الأسرى والمفقودين فيها.

و تغيرت الأمور نحو الأفضل بعد تعيين رئيس الوزراء الجديد ، نفتالي بينت ، في يونيو من العام الماضي، في البداية ، كانت هناك محادثة هاتفية ناجحة بين السيسي وبينت ، تلاها اجتماع لوفد “إسرائيلي” مع كبار مسؤولي المخابرات المصرية في القاهرة بعد حوالي أسبوع، وفي ذلك الاجتماع ، قال مسؤول مصري رفيع لمحاوريه “الإسرائيليين” إنه تلقى تكليفًا شخصيًا من الرئيس السيسي “لتقديم حل وليس صفقة”،

وقد فسر تال ذلك يقوله : بالنسبة للقاهرة ، التركيز على حل المشكلة الإنسانية عبر تحقيق سلسلة شاملة طويلة المدى حول مشاكل قطاع غزة، بدلاً من إحراز تقدم كبير في ملف مصير الأسرى.

وفي محادثات غير رسمية ، حث المصريون “الإسرائيليين” على استعراض موقفهم والموافقة على إطلاق سراح عدد أكبر من الأسرى  الفلسطينيين، وبحسب التحليل المصري فإن الأولوية الأولى في المفاوضات الأولوية لزعيم حماس في قطاع غزة يحيى السنوار (الذي أطلق سراحه من السجن الإسرائيلي في صفقة شاليط) هي المزيد من الأسرى ، وليس  المزيد من الإغاثة الاقتصادية.

مكاسب مصرية

مصر نفسها لديها ما تكسبه من الحصول على صفقة تبادل، إن القاهرة مقتنعة بأن “إسرائيل”  يمكن أن تمارس نفوذها على الإدارة الأمريكية ، وتخفيف مطالبها عليها في مجال حماية حقوق الإنسان ، مما يتيح تدفقًا أكثر انتظامًا وملاءمة للمساعدات الاقتصادية والأمنية، كما تأمل القاهرة في الحصول على مساعدة تكنولوجية من “إسرائيل”  ، -من بين أمور أخرى- في تعزيز المشاريع الكبيرة في مجال تحلية المياه ، التي تحتاجها مصر بشدة، يضاف إلى ذلك توقع آخر ، يعبر عن روح الفترة في الشرق الأوسط: على خلفية “اتفاقيات أبراهام “(اتفاقيات التطبيع) ، تأمل مصر في حشد المساعدة “الإسرائيلية” لإقناع دول الخليج باستثمار المزيد من الأموال فيها ، بشكل مشترك في المشاريع التكنولوجية ، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى النهوض بالاقتصاد المصري والتخفيف من بعض معاناة السكان (على الرغم من أن التجربة السابقة تظهر أن جزءًا كبيرًا من الأموال ينتهي بطريقة ما في جيوب الجنرالات من الجيش وشركائهم)،

تظل الرسالة من مصر إلى “إسرائيل”  كما هي: المزيد من  المرونة في الثمن  المطلوب  بخصوص صفقة  الأسرى إضافة لبعض الفوائد لنا ، وسنعرف بالفعل كيف نجلب حماس إلى طاولة المفاوضات.

افتراضات خاطئة

وأثار الاقتراح المصري المحدث جدلاً في الجانب “الإسرائيلي”، حيث يعتقد  تال أنه كان هناك شيء بداخلها، في عام 2011 ، عندما أرادت مصر إنهاء صفقة شاليط ، مارست ضغوطًا شديدة على حماس ، بما في ذلك تأخير رئيس أركان الحركة أحمد الجعبري في فندق بالقاهرة لمدة ستة أسابيع، حتى رضخ (اغتالت “إسرائيل”  الجعبري بعد حوالي عام ، في عملية عمود السحاب” العدوان على غزة 2012)، لكن على الرغم من بعض الاستفسارات ، لم يروج بينيت للصفقة  القادمة حتى الآن ، مثل نتنياهو من قبله.

في غضون ذلك ، يقول تال ، انهارت الافتراضات “الإسرائيلية”، على الرغم من سياسة التسهيلات  الاقتصادية في غزة ، وخاطرت حماس بمواجهة عسكرية في عملية ” حارس الأسوار” ، وحيث أن التسهيلات مستمرة منذ ذلك الحين ، بما في ذلك السماح بدخول 10،000 عامل من قطاع غزة إلى “إسرائيل”  ، كل ذلك   لم يقنع حماس بالموافقة على تسوية شاملة تحل أيضا مشكلة الأسرى والمفقودين، وبقي  السنوار مصرا على مطالبه.

شاهد: الاحتلال يعدم فلسطينيا بالرصاص بالقرب من نابلس

شاهد…مأساة “الشيخ جراح” بالقدس…القصة الكاملة

شاهد: شهيدان ومصاب بالقرب من جنين برصاص الاحتلال

كما يعزو تال ذلك إلى عدم وجود ضغط شعبي على الحكومة لحل المشكلة، لذلك ، قرر إجراء مقابلة صحفية ( والحديث عن بعض كواليس مفاوضات صفقة الأسرى مع حماس) ، وفي الوقت نفسه جمع الأموال بقوة ، بهدف إطلاق حملة إعلانية من شأنها أن تجدد الاهتمام بمحنة الأسرى  في غزة وعائلاتهم.(اسرى العدو لدى حماس)

سيتم إطلاق الحملة على لوحات إعلانية في جميع أنحاء البلاد ، أوائل الشهر المقبل، وهي  مبادرة رائعة وغير عادية لضابط تقاعد، لا يزال من الصعب رؤية كيف ستؤدي إلى الضغط على الحكومة للانخراط بشكل مكثف في حل المشكلة.

 

شاهد أيضاً

ما عرفه نتنياهو قبل 7 أكتوبر: التحذيرات بشأن حماس والاغتيالات غير المصرح بها والموضوع الإيراني

ترحمة: أمين خلف الله  القناة 12 عمري مانيف بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر)، عندما بدأت …

%d مدونون معجبون بهذه: