ترجمة أمين خلف الله
والا العبري
العام الماضي قرر جيش العدو تفكيك وحدة “حتساف ” (وحدة الاستخبارات المرئية في شعبة الاستخبارات) وتنفيذ “القتل الرحيم” بها بعد 74 عامًا من العمليات، وتم نقل قدرات الوحدة إلى شعبة الأبحاث ، وانشات الغرفة المشتركة “أوسينت” تحت قيادة ضابط من وحدة “حتساف” ، وفي نفس الوقت تم إنشاء فرق في جميع المجالات ، والتي ستكون تابعة لمختلف الساحات تحت امرة شعبة الأبحاث ،
واعتبر منتقدو هذه الخطوة داخل الاجهزة الامنية بأن الذكاء الاصطناعي و “الآلة” الخاصة التي اخترعوها في ” الاستخبارات العسكرية ” أمان ” لجمع مليارات المعلومات من الشبكات الاجتماعية والأدوات والوسائط المرئية ، ليست بديلاً عن شخص مفكر وخبير في النهاية.
البداية
من أجل تحليل نقاط القوة في الوحدة ، سنعود بالزمن إلى عام 1948 ، وقت إنشاء “الجيش الإسرائيلي”، اذ تمركزت وحدة حتساف ، ثم وحدة “المخابرات 7” ، في يافا ، وعددها 11 ضابطا و 12 جنديا نظاميا، وأطلق على الجزء المتعلق بالحرب النفسية اسم “المخابرات 10″، بعد عقد من الزمان ، تم توحيد الوحدة تحت اسم “المخابرات 550″، كانت مهمتها جمع المعلومات من الصحافة والإذاعة من العالم العربي، في عام 1972 أطلق عليه اسم “حتساف” ،
بالإضافة إلى خطابات القيادة ومراقبة العمليات السياسية ، تمكنت وحدة “حتساف” من رصد المعلومات الهامة أثناء حرب أكتوبر 1973 بين مصر وسوريا و”إسرائيل” وبعدها حول مكان وأماكن وجود الأسرى والمفقودين في مصر ، بناءً على تقارير تلفزيونية سورية ومصرية ، والوصول ، إلى العناوين والمناطق الجغرافية على أساس المعرفة المتراكمة، كما قاد جنود من وحدة “حتساف” فك وترجمة الوثائق المسروقة.
بناءً على مساهمتها في أجهزة الاستخبارات وكجزء من التغيير في الهيكل التنظيمي ، نمت الوحدة وانتقلت إلى معسكر جليلوت، ووفقًا لقرار “أمان”، انتقلت “حتساف” إلى التخصص وفقًا للمنطقة الجغرافية ، وتم افتتاح قسم عملياتي يعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع ويوفر تحليلا للمستوى السياسي ، والاجهزة الامنية وقادة الجيش .
في عام 1992 ، انضمت “حتساف” إلى الوحدة 8200 ، ولكن فشلت في تجنيد مصادر جديدة ، ولكن عملت بناءً على معلومات علنية، وأجمع جميع قادة “أمان” وقادة الحكومة ، وخاصة أولئك الذين نشأوا في المؤسسة العسكرية ، على أن جنود حتساف ليس لديهم بديل ، ولا حتى في فهم العمليات في العالم العربي، وانعكست قوة الوحدة وعلاقتها على مر السنين في التعاون مع وسائل الإعلام الأجنبية ووكالات الاستخبارات ، بما في ذلك الولايات المتحدة ، التي قدّرت تقارير الوحدة بشكل كبير
لماذا حتساف؟
كان الغرض من وحدة “حتساف” على مر السنين هو تقديم معلومات حصرية ، ومكملة في بعض الأحيان ، لأجهزة الاستخبارات ، والجيش الإسرائيلي ، والمستوى السياسي ، لبناء صورة استخباراتية كاملة لأحداث مختلفة ومتنوعة، وفي بعض الأحيان ، استندت المعلومات إلى فهم ممتاز للغة في جوهرها ، مثل العربية والروسية والفارسية فيما بعد ، بطريقة أدت إلى تقارير استخباراتية مهمة، و اعتمدوا في بعض الأحيان على معلومات من الشبكات الاجتماعية ، كان بعضها موجودًا في الوقت الفعلي ، والبعض الآخر في وقت لاحق،
من أجل فهم أنماط عمل وحدة “حتساف” على وجه الخصوص (اوسينت ) ، (معلومات استخباراتية من مصادر مرئية ، Intelligence Open Source )، يجب على المرء العودة إلى يناير 2020، مباشرة بعد اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني على يد سلاح الجو الأمريكي في مطار العراق ، احتاجت اجهزة الاستخبارات إلى تأكيد في الوقت الفعلي على أن سليماني قد تمت اغتياله بالفعل ، وأنه لم يفلت من الصواريخ الأمريكية، و هذا يتطلب المزيد من الإجراءات ، وتم الحصول على صورة مقربة واحدة تم تحميلها بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل عراقي محلي ، تظهر خاتم قاسم سليماني الشهير على إصبع الهدف.
وقال قائد سابق في الوحدة العقيد ليفافي موري انعكست عمليات جمع أكثر عمقًا وهامة في نشاط “حتساف” في بداية العقد الماضي ، في إحباط قوافل الاحتجاج إلى قطاع غزة ، والتي تكثفت في أعقاب حوادث سفينة ” مافي مرمرة” في عام 2010 ، التي اعتُبرت فشلًا نفسيًا حيث ساعدنا في تشجيع النشطاء الدوليين على ارسال المزيد من الأساطيل في سلسلة من اساطيل الحرية
وأضاف : أسفرت عن معلومات شاملة ودقيقة حول الأساطيل المخطط لها ، والتي تم التجنيد لها في الغالب من خلال الشبكات الاجتماعية، وقد مكنت قدرات الوحدة من تنفيذ “احتضان استخباراتي” للأسطول الذي كان بالفعل في مرحلتي التخطيط والتجنيد الأولي، كما تضمنت المواد الإعلامية التي تم الوصول اليها من منشورات المنظمين تفاصيل عنهم وعلاقاتهم بالدول الداعمة ؛ مصادر تمويل الأساطيل ؛ درجة استجابة النشطاء من مختلف البلدان للمشاركة في أعمال الاحتجاج ؛ لمحات عن النشطاء ؛ طرق الأسطول معلومات شاملة عن السفن المستأجرة ، ومكانها ، ومكان رسوها ، وأكثر من ذلك،
وفي قضية خطف وقتل المستوطنين الثلاثة من غوش عتصيون في حزيران / يونيو 2014 ، أعرب قادة حماس عن دعمهم وتهنئتهم ونجحت حتساف في الوصول الى رابط على الإنترنت أدى إلى إذاعة مؤتمر مغلق في اسطنبول بتركيا ، تفاخر فيه مسؤول حماس البارز صلاح العاروري ، بأن ذراع تنظيم العسكري كتائب عز الدين القسام هو المسؤول عن الاختطاف والقتل، وساعد هذا الانكشاف على إضفاء الشرعية على الإجراءات اللاحقة لجهاز ” الشاباك” والجيش الإسرائيلي ضد البنية التحتية لحركة حماس وعناصرها في الضفة الغربية
الربيع العربي
ومن اشهر قادة الوحدة العميد افرايم لبيد، الذي قال في لقاء مع “موقع والا “إن الوحدة اتبعت الخطب والمقالات “لأشخاص محددين مثل حسنين هيكل ، الذي كان صحفيًا ومعلقًا ومحررًا لصحيفة الأهرام اليومية المصرية ، ولكن بشكل أساسي الرجل السري للرئيس المصري جمال، عبد الناصر، وقال “كان له نظراء في سوريا والاردن”، أهم إنجازات “حتساف” في نظر لبيد هو تحديد مكان وترجمة خطاب الرئيس المصري أنور السادات في نوفمبر 1977 ، حيث تحدث عن رغبته في زيارة اسرائيل، و”لم يكن هناك أي مؤشر سابق، أتذكر أيضا الخطب الهامة جدا للأسد الأب وأيضا خطب قادة رؤساء المنظمات مثل نصرالله، ليس فقط تحليل النصوص ولكن أيضا لغة الجسد بمساعدة الخبراء،”
وقال مسؤول كبير سابق في الوحدة “كنا بالفعل بعد سقوط مبارك في ثورة 25 يناير 2011 وأدركنا أن الاحتجاج المدني يمكن أن يصل أيضا إلى سوريا”، واضاف “لم يكن واضحا لنا في اي حجم سيأتي وما اذا كان الاسد سينجو من الاحتجاج ام سيخرج من المسرح مثل مبارك،”
وتابع المصدر: “عندما بدأت روح الثورة المدنية تضرب الأسد ، وعندما تكون أفضل مصادر القوة الجماهيرية هي الجماهير نفسها ، نفهم أن النموذج قد تغير ، وأننا بحاجة إلى البدء في” الاستماع “للجمهور”، ، و”لدينا الآن منصات ممتازة للمعلومات الاستخبارية الحديثة والمختلفة،
وأصدرت الوحدة تقريراً دورياً لكبار المسؤولين في مؤسسة الأمنية والعسكرية وعلى المستوى السياسي ، وصولاً إلى رئيس الوزراء ووزير الجيش لتصبح اهم المصادر التي تم تقديمها لأصحاب القرار خلال فترة ذروة الاحتجاجات المدنية، في الدول العربية
وقال إن نفس المسؤول الكبير السابق – والذي خدم في قسم الأبحاث وتعامل مع قسم شمال إفريقيا “الذي كانت قدرته على جمع المعلومات محدودة”- قدمت وحدة حتساف مساهمة كبيرة في فهم الساحة وتحليل العمليات والشخصيات،
العلميات الفردية”
كانت في منتصف العقد الماضي ، عندما اشتدت الهجمات ” المنفردة” ، الذين استيقظوا في الصباح وحاولوا تنفيذ عمليات ضد المستوطنين او الجيش دون أي مساعدة من منظمة أو بنية تحتية ، مما أدى إلى صعوبة تحديد موقعه في وقت مبكر،
في هذه الحوادث ، أصبحت الشبكات الاجتماعية أداة رئيسية في مراقبة احتمالات العنف والعمليات الشعبية ، وقد ساعدت وحدة “حتساف” على تقديم معلومات استخبارية عن حوادث التفجير ونقل معلومات قيمة مباشرة من مكان الحادث، المعلومات التي تصل إلى المستويات التشغيلية في غضون ثوان ، مع تصور أن كل مواطن يقوم بتحميل المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي هو في الواقع مراسل يساعدنا في الوصل للأهداف والمعلومات المرجوة
وبحسب مسؤولين سابقين في دائرة الاستخبارات ، فإن مواقع التواصل الاجتماعي تشكل “جهاز قياس الزلازل” على الحالة المزاجية في الشارع الفلسطيني في حوادث التصعيد، المراقبة المستمرة والمعرفة المهنية في مراقبة المعلومات التي تمر عبر هذه الوسيلة ، يسمح لمستوى متخذي القرار بالتزود بمعلومات قيمة وهامة عن “ارتفاع ألسنة اللهب” في الشارع الفلسطيني، وعلى سبيل المثال ، في المواجهات التي اندلعت حول تركيب البوابات الإلكترونية على بوابات المسجد الأقصى طُلب من الوحدة أن تصدر للمكاتب الأمنية والعسكرية والسياسية كل ست ساعات لمحة عن الحالة المزاجية ، والتي تستند إلى وسائل التواصل الاجتماعي،
جمع معلومات
قال ضابط احتياط كبير عمل بشكل مكثف في المعركة بين الحروب ضد أهداف في مختلف الساحات ، البعيدة والقريبة ، “لموقع والا”: لأن “حتساف” ساهم كثيراً في الاستخبارات قبل العملية أو كجزء من الصورة العامة، في بعض الأحيان يمكن أن يقدموا لك معلومات مهمة حول ما يحدث الآن ، لأن كل شيء مرئي، فقط اسأل، والأكثر إثارة للاهتمام من أن “حتساف” خبرة متراكمة على مر السنين ، حيث نجحوا في معرفة المنطقة والناس والمصادر المرئية “،
رئيس الموساد لا يستطيع ان يعطي التزامات شخصية بالموضوع الإيراني
“إسرائيل” أصبحت أكثر حساسية للإصابات وأقل استعدادًا للضحية
خلف الكواليس: اشتباكات بين المُستشارة السياسية ولبيد وكبار المسؤولين في ديوان بينت
وتابع المسؤول الكبير “برأيي “حتساف” يجب تطويرها وتكثيفها وليس اغلاقها ، وفي العمليات التي أمرت بها كان لدينا جندي في وحدة “حتساف” قدم لنا المعلومات وجمعها بدقة، هذا صحيح أيضًا بعد العملية ، لمعرفة ما أدى إلى هجوم في الوقت الفعلي ، أو من وصل إلى السيارة أو المبنى الذي انفجر، كما ستجد عادة أيضًا وجوهًا مألوفة أو وجوهًا ظلت بعيدة عن الأنظار لفترة طويلة، “الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام بشكل عام تساهم كثيرًا في الوصول للمعلومات، نحتاج فقط إلى معرفة كيفية مراقبتها واستخراج اللؤلؤ منها،”
اخبار مزيفة
وراء الكواليس ، عملت الوحدة أيضًا في المتحدثين العسكريين من خلال نشر الاخبار المزيفة والاستفادة منها
قال المقدم بيتر ليرنر ، الذي خدم في الجيش لمدة 25 عاما في مناصب مختلفة في آخر منصب له حتى تقاعده في عام 2017 ، خدم برتبة مقدم بصفته المتحدث باسم “الجيش الإسرائيلي” لوسائل الإعلام العالمية، :”وظيفتي كانت ، من بين أمور أخرى ، التعامل مع تلك الشائعات ” والاخبار المزيفة” وإطلاقها قبل نشرها في وسائل الإعلام”، فكنت احصل على مواد تدين من تصريحات القادة الفلسطينيين ، على سبيل المثال ، فيما يتعلق بالإرهاب وتمجيد الإرهابيين، ثم سأستخدمها كمواد إعلامية”