ماكو/ شاي ليفي
ملاحظة: المقال يعبر عن رأي كاتبه
إن ثقة الجمهور في “الجيش الإسرائيلي” عند أدنى مستوى لها منذ عام 2008، وذلك وفقاً لمؤشر صادر عن معهد “الديمقراطية الإسرائيلي”، والذي تم تقديمه إلى الرئيس يتسحاق هرتسوغ الخميس الماضي، ومن المحتمل جدًا أنه إذا كان المعهد قد فحص “الجيش الإسرائيلي” وفقا لأقسامه المختلفة من فيالق وشُعب وكتائب، لكان الرقم أقل من ذلك.
وقد عانى “الجيش الإسرائيلي” في السنوات الأخيرة من مشاكل تتعلق بالتدخل السياسي الخارجي، ويمكن للجيش أن يلوم نفسه بشكل أساسي في ضوء سلوك القادة وردود الفعل الرسمية على الحوادث، ومجموعة من العوامل الأخرى.
يبقى “الجيش الإسرائيلي” هيئة الدولة التي تتمتع بأعلى مستوى من الثقة بين “الجمهور الإسرائيلي”، ومع ذلك فإن نسبة ثقة الجمهور وفقًا للمعهد تبلغ 78%، ويُعد هذا انخفاضاً كبيراً حين بلغت نسبة الثقة حوالي 90% سجلت بمؤشر سابق، في يونيو 2020، عندما كان الرقم الأدنى في عام 2008.
فما الذي أدى إلى انخفاض ثقة الجمهور “بالجيش الإسرائيلي”؟
هناك عوامل خارجية تسببت في هذا الانخفاص، وعلى رأس هذه العوامل: التدخل في الأحداث العسكرية لأغراض سياسية، مثل تصادم بين جانبي الخريطة السياسية في حوادث سقوط الجنود، فلا يمكن للمرء أن يتجاهل قضية إيلور عزاريا (اطلق النار في 24 مارس 2016 ، في حي تل الرميدة في الخليل على الفلسطيني عبد الفتاح الشريف وحوكم بالسجن 18 شهر)، حيث كان التدخل السياسي يمثل تهديدًاً حقيقيًاً للجيش، ومع ذلك فإن معظم الضرر الذي أحدثه “الجيش الإسرائيلي” لنفسه كان نتاج ما صنعته يداه.
على سبيل المثال، يمكن تسمية قضية معاشات كبار الضباط من بين الأسباب، وبغض النظر عما إذا كان حدثاً مبرراً أم لا، تبقى حقيقة أن “الجيش الإسرائيلي” قد قاتل لرفع معاشات التقاعد في حين أن نسبة كبيرة من الجمهور، أي أكثر من مليون مدني، كانوا في إجازة اجبارية وأصيبوا بأزمة كورونا.
وكذلك إدارة القضية إعلامياً من قبل المتحدث باسم الجيش أوصلت انطباعات بأن الجيش منفصل عن الناس الذين يحميهم، ورداً على ذلك خرج الجنود للاحتجاج والمطالبة بزيادة رواتبهم، الأمر الذي زاد من تشويه الصورة وإثارة التوتر داخل الجيش.
وما حدث في العام الماضي في حالة ضابط الاستخبارات الذي توفي في السجن، والذي لم يتضح حتى يومنا هذا ما حدث هناك، -على الأقل من وجهة نظر إعلامية-، إن ارتكب “الجيش الإسرائيلي” كل خطأ محتملاً أدى إلى عدم الثقة وصلت إلى حد مزاعم تآمرية حول الظروف التي أدت إلى مقتل ضابط الاستخبارات.
وإذا لم يكن ذلك كافياً، فقد كشف تحقيق نُشر في صحيفة “هآرتس” أن الجيش يشغل سرًا مدونًا على تطبيق التليجرام عبر وسائل الاعلام الخارجية، ليتم من خلاله نشر معلومات استخباراتية، والمدون نفسه معروف بأنه لديه خط سياسي، وأنه تصادم مع كبار الضباط والشخصيات السياسية وكذلك ضد الصحفيين، أما حقيقة أن هذا الرجل كما كشف التحقيق، موجوداً في قائمة رواتب “الجيش الإسرائيلي” فقد كانت هي الفضيحة الحقيقية.
ويضاف إلى ذلك العديد من المنشورات للجنود الذين نشروا عن ظروف الطعام والصرف الصحي في مختلف قواعد الجيش، صحيح أنه في بعض الحالات تم العثور على صور مزيفة أو مبالغ فيها، ولكن في حالات قليلة، ذاك الاهمال دفع الجنود للصراخ احتجاجاً على تلك الجنود ووصل صوتهم إلى أعلى المستويات، وفي كل منشور من هذا القبيل تأكدوا من الإشارة إلى أن هذا جيش بميزانية 70 مليار شيكل.
مسؤولون في الكيان: “نتنياهو أيّد إزالة البوابات الإلكترونية وتراجع عن ذلك بسبب يائير وسارة”
أكثر من 1800 مستوطن اقتحموا الأقصى طيلة أيام عيدهم الحانوكا
قائد شُرطة العدو السابق: في المواجهة القادمة: “فلسطيني 1948 سيقتلون اليهود”
كانت المشكلة الرئيسية للجيش هي المرات العديدة التي تم فيها ضبط القادة والمتحدثين وهم لا يقولون الحقيقة، ويتسترون على الأحداث، منذ سلسلة أحداث تزوير بيانات عدد المجندين الحريديين، وبيانات المجندات في سلاح الدبابات، وحادثة الفيضانات في قاعدة القوات الجوية في حتسور، حينها تدهور الوضع فقط، كما يضاف أنه بعد الفيضانات في قاعدة حتسور، والتي كلفت دافعي الضرائب ملايين الدولارات، تم إخفاء الاهمال والتستر عليه، واتضح أن التقارير الواردة من سلاح الجو بشأن إجراءات الوقاية من الفيضانات قبل الحادث كانت غير صحيحة، و يضاف إلى ذلك حقيقة أن قائد قاعدة حتسور، الذي يُزعم أنه تحمل المسؤولية واستقال من منصبه، تم تعيينه كتعويض، في منصب الملحق الأجنبي الذي يشغله حتى يومنا هذا.
في حالة قاعدة حتسور، كان الحدث المشين هو محاولة تضليل الجمهور من خلال وسائل الإعلام، فبعد يومين من الفيضانات، أعلن المتحدث باسم الجيش أن القاعدة عادت إلى طبيعتها وأرفقوا مقطع فيديو للطائرات المقاتلة، ولكنهم نسوا بأن الطائرات التي عرضوها في الفيديو ليست هي الطائرات التي ظهرت في فيديو الفيضانات، على ما يبدو أن تلك التفاصيل هامشية، لكنها تثير شعوراً بالازدراء لذكاء الجمهور، الذي يتلقى المعلومات من خلال وسائل الإعلام.
إضافة إلى هذه الروايات يضاف التحقيق الداخلي “للجيش الإسرائيلي”، حيث يقول المسؤولون العسكريون إن “الجيش الإسرائيلي” وزع صورة منفصلة عن الواقع أثناء عملية “حارس الأسوار”.
فالقصة الكاملة للهجوم على مترو حماس، والتي قُدمت على أنها نجاح كبير تبين فيما بعد أنها بعيدة عن الواقع، كما كشفت صحيفة معاريف، وغيرها من وسائل الاعلام والتي أضرّت بثقة الجمهور، ونُقل مؤخراً عن ضابط كبير قوله إن عملية القضاء على مترو الأنفاق في غزة لم يكن من أهدافها قتل “إرهابيين”، على الرغم مما نشر على الموقع الرسمي “للجيش الإسرائيلي”، هناك مقال نُشر خلال العملية نفسها يخبر فيه ضابط آخر كيف تصرفوا بمكر لإدخال مئات “الإرهابيين” في الأنفاق قبل الهجوم.
يمكن إضافة العديد من الحالات التي تم الكشف عنها في وسائل الإعلام هذا العام إلى قائمة عمليات التستر والإخفاء التي قام بها “الجيش الإسرائيلي”، مثل ترقية الضباط المقربين أو أولئك الذين فشلوا في السابق وما زالوا معينين، وأيضاً المقدم الذي صور المجندات سراً، وعرض قضايا التحرش الجنسي والانتحار وغيرها.
المصدر/ الهدهد