الرئيسية / شئون إسرائيلية / ثلاث قضايا وجودية لا يُمكن “لإسرائيل” تجنبها

ثلاث قضايا وجودية لا يُمكن “لإسرائيل” تجنبها

*القناة 12/ اللواء عاموس جلعاد، دكتور مايكل ميلشتين

ملاحظة: المقال يعبر عن رأي كاتبيه

لعقود عديدة، كان يقود “إسرائيل” جيل قراراته الحاسمة تركت أثراً مصيرياً في صياغة مستقبلها، مثل بن غريون، وأشكول وبيغن، ورابين، وكان آخر هذا الجيل شارون الذي نفذ فك الارتباط عن غزة عام 2005 (الانسحاب من غزة 2005)، بينما أظهر انعكاساً أيديولوجياً عميقاً، مقارنة بالمواقف القديمة التي كان يشغلها، حيث يمكن مناقشة طبيعة القرارات أو تداعياتها، لكن من الواضح أنها كلها نابعة من الاعتراف التاريخي والرؤية طويلة المدى، حيث اعتمدت على أخذ المبادرة كاستراتيجية وجودية رافقتها شجاعة كبيرة.

في العقد ونصف العقد الماضيين، تم استبدال عصر القرارات التاريخية باستراتيجية “إدارة الصراع”، واستبدلت قرارات شن الحروب أو إبرام اتفاقيات سلام مصيرية بعمليات عسكرية (خاصة في غزة)، بعضها بادرت بها “إسرائيل” والبعض الآخر فرضه عليها “العدو” مثل عملية “حارس الأسوار” معركة سيف القدس، هذه تحركات عسكرية استراتيجية، لكنها محددة (بما في ذلك تدمير المفاعل النووي في سوريا عام 2007)، أو توقيع اتفاقيات سلام مع دول المنطقة، وهي ذات أهمية كبيرة، لكنها لا تتطلب نقاشاً حاداً داخل “إسرائيل” حول المسائل الوجودية، أو تتطلب منها تنازلات جوهرية، عملياً هناك ثلاث قضايا ونصف تتطلب من القيادة في “إسرائيل” اتخاذ قرارات فيها:

القضية النووية الإيرانية.
الاندماج المتزايد مع الفلسطينيين في الضفة الغربية.
مكانة حماس في غزة.
ونصف القضية.. وهي لا تشكل تهديداً: العلاقة بين “إسرائيل” و” فلسطينيي 1948″.
في جميع القضايا الثلاثة الأولى، فضلت “إسرائيل” أو أُجبرت على مدى عقد ونصف على اتخاذ إجراء بدلاً من اتخاذ قرار، والنتيجة العملية لهذا النهج هي تكثيف مستمر للتهديدات المتجسدة فيها، حيث إن إيران تسير بخطى ثابتة نحو امتلاك القدرة النووية العسكرية، وحماس تؤسس نفسها حكومياً وعسكرياً، (مثل حزب الله على حدودنا الجنوبية) وهي الاستعداد لاحتلال القيادة الفلسطينية، وفي الضفة الغربية يتطور واقع الدولة الواحدة تدريجياً، وبدون تخطيط أو إرادة.

 

وقت اتخاذ القرارات

لا جدال في أن هذا وقت صعب بشكل خاص بالنسبة للقرارات، إذ إن المجتمع الدولي وخصوصاً الولايات المتحدة لا يوفرون الدعم “لإسرائيل” لتحركات عسكرية استراتيجية، وخاصة الهجوم على إيران، كما يراوح الفلسطينيون بين عدم القدرة إلى عدم الرغبة في اتخاذ قرارات مصيرية، فيما بقيت “الحكومة الإسرائيلية” والجمهور منشغلين بمشكلات أخرى خطيرة، أبرزها كورونا، والواقع السياسي المعقد يجعل من الصعب التقدم بالقرارات العسكرية أو السياسية، ومع ذلك فإن القيادة بعيدة النظر لم تعد قادرة على الاعتماد على شعارات “إدارة الأزمات”، والشعور بأنه من الممكن اللعب بالوقت، بطريقة سهلة ومادية على نهج غير فعال، فيما تتطلب كل قضية من القضايا الثلاث قرارات ذات طبيعة مختلفة، إذ يختلف توقيت العمل في كل حالة، وكذلك العواقب في الداخل والخارج.

إيران
في حالة “القنبلة الموقوتة الإيرانية”، لا تزال “إسرائيل” مطالبة في هذه المرحلة بتوفير فرصة لتحقيق تحركات دولية سياسية واقتصادية ضد النظام الإيراني بالتنسيق الوثيق مع الإدارة الأمريكية، هذا بالتوازي مع البناء المتسارع للقوة تجاه إمكان التحرك العسكري، على المدى القريب قد يكون له عواقب وخيمة، بما في ذلك الاحتكاك مع الولايات المتحدة والمواجهة على الجبهة الشمالية، وفي المنتصف بين البديل العسكري والدخول إلى حقبة استراتيجية جديدة تكون فيها إيران على “مسافة هجوم” من القدرة النووية العسكرية، فيما تختفي البدائل الوسيطة المختلفة.

الضفة الغربية
إن القرار بشأن الضفة الغربية مختلف تماماً، يتطلب من صانعي القرار أن يكونوا ناضجين عقلياً، وبطريقة تفكير تركز على العملية بدلاً من استبعاد التركيز على الأحداث الجارية، بشكل ملموس من الضروري أن نفهم أن السياسة الحالية تقوم على تصورات “السلام الاقتصادي”، أو أن إدارة الصراع والتخفيف من حدته يولدان الهدوء، لكنهما ليسا بديلاً عن الحل الاستراتيجي، وفي الواقع يشكلان غطاءً للزحف المستمر إلى واقع دولة واحدة، ويُطلب من صانعي السياسات البدء في تطوير نقاش سياسي وعام مؤثر حول مسألة الفصل المصيرية، بما في ذلك ما سيكون رد الفعل الإقليمي عن هذه الخطوة، وهل ستتم بموافقة أم من جانب واحد؟ وماذا ستكون مكانة الكيان الفلسطيني وسلطاته؟

غزة
فيما يتعلق بقضية غزة، فإن الخيار بين بديل سيئ وأسوأ، والاستمرار في السياسة الحالية القائمة على التحسين المتسارع للوضع المدني في قطاع غزة، الأمر الذي يرسخ حماس كحقيقة، ويسمح لها ببناء قوتها للمعركة القادمة (دون أي ضمانات بإعادة المبادرة بفتح مواجهة ضد “إسرائيل”)، أو اعتماد نهج صارم يصب في التوجه في الإعلان الصادر في مايو الماضي بأن “ما كان لن يكون”، في هذا السياق، سيتم توفير جميع الاحتياجات المعيشية في غزة، لكن “إسرائيل” لن تتدخل لتحسين الواقع في غزة، وبالتالي تعزيز موقع حماس الاستراتيجي، ومن المرجح أن يؤدي هذا النهج إلى احتكاكات في قطاع غزة، لكنه قد يكون عقبة في طريق حماس للحصول على قوى استراتيجية وعسكرية وسياسية.

فلسطينيو 1948
لا يتطلب “نصف القرار” أقل شجاعة وبصيرة، سبعة عقود ونصف منذ إنشائها، والمطلوب من “إسرائيل” صياغة واضحة وحديثة لنظام الانتماءات بينها وبين الجمهور العربي” فلسطينيي 1948″ وهذا الخيار يتأرجح بين أقطاب أحداث مايو والتكامل التاريخي الذي روج له حزب “راعام”.

القرار المطلوب في هذه الحالة هو صياغة ميثاق اجتماعي يتم فيه تحديد مكانة فلسطينيي 1948 بشكل واضح لا لبس فيه، بشأن حقوقهم والمساواة التي يستحقونها، وحول واجباتهم واندماجهم، قد يساهم ذلك في استقرار الساحة الداخلية المشحونة التي ثبت بالفعل في مايو الماضي أنها يمكن أن تصبح تحدياً استراتيجياً.

أكثر من 1800 مستوطن اقتحموا الأقصى طيلة أيام عيدهم الحانوكا

قائد شُرطة العدو السابق: في المواجهة القادمة: “فلسطيني 1948 سيقتلون اليهود”

سناء سلامة زوجة الأسير وليد دقة: ابتسامة “بنتي” ميلاد تُعادل كل القائمين على فيلم “أميرة”

الوقت لا يتوقف ولا يسمح “بتنحّيه” فالقضايا الساخنة والعودة إليها عندما تكون ناضجاً، والقرارات التي لن يتم اتخاذها بسرعة ستتحول إلى تهديدات تفاجئ “إسرائيل” وهي في وضع استراتيجي غير مواتٍ، وبالتالي من المتوقع أن نجبر على دفع ثمن باهظ بسببها، وهذا يستحق على الأقل نقاشاً حيوياً بين الجمهور “الإسرائيلي”، والذي استند في السنوات الأخيرة إلى جو من عدم الاهتمام، والهروب من الواقع، والسخرية واليأس.

* (اللواء عاموس جلعاد رئيس الاستخبارات “أمان” ويعمل كرئيس لمعهد السياسة والاستراتيجية في جامعة رايخمان، يشغل الدكتور مايكل ميلشتين منصب رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز دايان في جامعة تل أبيب وباحث أول في معهد السياسة والاستراتيجية).

شاهد أيضاً

ما عرفه نتنياهو قبل 7 أكتوبر: التحذيرات بشأن حماس والاغتيالات غير المصرح بها والموضوع الإيراني

ترحمة: أمين خلف الله  القناة 12 عمري مانيف بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر)، عندما بدأت …

%d مدونون معجبون بهذه: