ترجمة : أمين أحمد خلف الله
هارتس/عاموس هارئيل وحايم ليفنسون
المقال يعبر عن راي كاتبه
مثل العديد من الأشياء الأخرى في عهد نتنياهو السابق ، تواجه الدبلوماسية السيبرانية التي أطلقها رئيس الوزراء السابق الآن انهيارًا، وفي سنواته الأخيرة في منصبه ، تفاخر نتنياهو بإنجاز ثلاثي لسياسته: تجدد الضغط الاقتصادي على إيران بفضل صداقته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، واختراق كبير في العلاقات مع الدول العربية والإسلامية ، وتوسيع دائرة أصدقاء “إسرائيل” حول العالم وذلك بفضل الصناعات التكنولوجية المتقدمة التي تملكها
عندما استقبل نتنياهو باحترام من الملوك في الشرق الأقصى وأوروبا الشرقية أو حتى في مؤتمر قادة دول شرق إفريقيا ، فسر ذلك بانه بسبب القوة التكنولوجية والاقتصادية “لإسرائيل”، وقال إن الدول في جميع أنحاء العالم تريد أن تكون أفضل الاصدقاء “لإسرائيل” لأنها تريد الاستمتاع بثمار تقدمها التكنولوجي، وكان الانطباع الذي تركه مستمعيه هو أن “إسرائيل” تجلب التقدم والرفاهية للعالم بهذه الطريقة ، تمامًا كما شاركت طرق الري المتقدمة مع دول في إفريقيا قبل خمسة عقود.
الا أن الواقع كان اقل تفاؤلا ففي حالات لست بقليلة ، كان كل ما قام نتنياهو بتسويقه لأصدقائه الجدد – العديد منهم من المستبدين الذين سعوا للحصول على المزيد من السلطة على حساب مواطنيهم – عبارة عن تقنيات إلكترونية هجومية( برامج تجسس)، والذي سمح لهم ذلك باقتحام الخصوصية والمتابعة والتجسس على الصحفيين والمعارضين، و إلى جانب توطيد العلاقات ، أقيمت علاقات بين المخابرات “الإسرائيلية، وكبار المسؤولين في هذه البلدان ، مما مهد الطريق لصفقات لشراء برنامج التجسس بيغاسوس Pegasus المتقدم لشركة NSO “الإسرائيلية”.
وكانت “هآرتس” من أوائل من كشفوا هذه الطريقة ، في تقرير خلف الكواليس عن صفقة تم التوصل إليها مع السعودية ، قبل أكثر من ثلاث سنوات، ولكن في تلك الأيام ، عندما عملت الشركة من هرتسليا سرا ، بتشجيع نشط من رئيس الوزراء ومجتمع المخابرات ، مرت دون أن يترك أثرا، الا إن NSO الآن متورطة في مشكلة كبيرة ، وسط سلسلة من الكشف عن أنشطتها والعقوبات التي فرضتها عليها إدارة واشنطن الشهر الماضي، وتقدر المؤسسة الامنية أن العقوبات قد تؤدي في المستقبل القريب إلى انهيار الشركة وإغلاق عملياتها حيث تعتمد الشركة على الابتكار المستمر: ففشلها في الحصول على تحديث واحد على هواتف Apple أو Android المحمولة سيؤدي الى من فشل منتجاتها، وإذا فشلت في الحصول على أفضل القوى العاملة في العالم ، والتي ستستمر في العثور على الثغرات في أنظمة التشغيل ، فلن يكون لها أي منتج.
وقال مسؤولون كبار لصحيفة “هآرتس” إن الخطوة الأمريكية شلّت بالكامل عمليات الشركة المستقبلية ، وقالوا “إنهم غير قادرين على شراء قلم من فرع وول مارت” ، والشركة الأمريكية التي تريد بيع منتجاتها تحتاج إلى تصريح خاص، يضاف الى ذلك التوجه نحو التخلي عن الموظفين: وهناك توتر شديد في الشركة والعديد من الموظفين يفكرون في المغادرة.
، هناك مخاوف في” إسرائيل” من أن الأمريكيين لن يكتفوا هذه الخطوة ، لكنهم سيميزون السوق الإلكتروني الهجومي “الإسرائيلي” بأكمله (وضعه في القائمة السوداء) ويحاولون استبعاد جميع الشركات العاملة فيه من المنافسة معهم.
وقد فوجئوا في إسرائيل ، بشدة تحرك إدارة بايدن ضد NSO وضد شركة إلكترونية هجومية إسرائيلية أخرى ، كانديرو.
وكان الأمريكيون قد تحركوا على خلفية التحقيقات الدولية التي كشفت أن الأنظمة حول العالم تستخدم Pegasus ، البرنامج المزروع في الهواتف المحمولة للصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان ومعارضي النظام، كما تصاعد الغضب الأمريكي عندما تم الكشف قبل حوالي أسبوعين عن اشتباه الحكومة الأوغندية باستخدام Pegasus لاختراق هواتف الدبلوماسيين الأمريكيين الذين عملوا في البلاد.
وعلى الصعيد السياسي وفي المنظومة الامنية ، لا يزال من الصعب معرفة الاسباب التي ادت الى قرارات الإدارة الامريكية ، باستثناء الغضب من أنشطة الشركة، في حين يتوقع أيضًا أن يكون التوتر بين إدارة بايدن وحكومة بينت ، حول الخلافات المتعلقة بالمحادثات النووية مع إيران حيث تم تقديم قضية NSO كدليل على تدهور العلاقات مع الحكومة ، وهو ما ينعكس أيضًا في الخلافات حول البناء في المستوطنات والصعوبات التي واجهتها الإدارة في الموافقة على مليار دولار كمساعدة خاصة لإسرائيل بعد عملية ” حارس الاسوار” معركة سيف القدس”
ويبدو أن “إسرائيل” لم تفهم بعد أن هناك حكومة جديدة بأجندة جديدة وصبر أقل على ” الغمزات” عندما يتعلق الأمر بانتهاكات حقوق الإنسان
يوجد في إسرائيل حاليًا 19 شركة تعمل في السايبر الهجومي و من غير المعروف في هذا الوقت ما اذا كان الامريكيون قاموا بتميزها جميعا ( وضعها في القائمة السوداء)، وذلك من منطلق الرغبة في منع المنافسة مع دول أخرى في هذا المجال ، أو تسوية إجراءات ضد الشركتين اللتين سبق إدراجهما في قائمة العقوبات.
وتعتبر NSO رائدة في مجال “التحقيق في نقاط الضعف” – تحديد نقاط الضعف التي يمكن من خلالها الوصول إلى أنظمة الكمبيوتر والهواتف المحمولة. توظف الشركة عشرات الباحثين المتميزين في هذا المجال، وأحد المخاوف التي نشأت في مناقشات المنظومة الامنية هو أن هؤلاء الباحثين سيبحثون عن عمل في شركات أجنبية ويستخدمون المعرفة التي اكتسبوها لتقديم خدماتهم لصالح العملاء الآخرين.
ويقول موظفون في الشركة إنه ساد جو من الحزن في الأسابيع الأخيرة والكثير منهم يبحثون بالفعل عن وظائف بديلة ، على خلفية الصدمات التي سببتها التحقيقات وبعد الخطوة الأمريكية، وقدر الموظفون أنه على عكس ما هو معتاد في الشركة ، وفي الشركات الناجحة الأخرى في هذا المجال ، ربما لن يتم توزيع مكافأة هذا العام على الموظفين.
في إسرائيل ، يعترفون بأثر رجعي بأن الإشراف على العقود التي وقعتها NSO في الماضي كان فضفاضًا للغاية، حيث تبادلت إدارة نتنياهو بسعادة برامج التجسس ، وساعد الموساد ، حسب التقرير ، في الوساطة الأولية للصفقات.
ويعتبر ادعاء الشركة بأنها حصر بيع برامج التجسس في الجريمة والإرهاب إشكالية لأن بعض الدول التي اشترتها استبدادية ، وتعتبر أي معارض للنظام أو صحفي ناقد مجرمًا أو إرهابيًا ، وبالتالي يبرر استخدام التكنولوجيا المكتسبة ضدهم.
ولا يستبعد أن يتم نشر المزيد من المعلومات في الأشهر المقبلة حول استخدام التكنولوجيا “الإسرائيلية” في مهمات مشبوهة، كما يرتبط الزخم في مبيعات الشركة خلال العقد الماضي ارتباطًا وثيقًا بالتحركات السياسية والاستخباراتية التي اتخذها نتنياهو ، والتي تحسنت فيها العلاقات مع دول في عدة مناطق من العالم، وفي كثير من الحالات ، كانت تقنية NSO بمثابة أحد “الأصول” التي جلبتها “إسرائيل” إلى طاولة المفاوضات كجزء من تحسين العلاقات.
أكثر من 1800 مستوطن اقتحموا الأقصى طيلة أيام عيدهم الحانوكا
قائد شُرطة العدو السابق: في المواجهة القادمة: “فلسطيني 1948 سيقتلون اليهود”
سناء سلامة زوجة الأسير وليد دقة: ابتسامة “بنتي” ميلاد تُعادل كل القائمين على فيلم “أميرة”
أصدر نتنياهو في الماضي تعليماته للمؤسسة الامنية بالترويج لصفقات إلكترونية هجومية ، ويبدو أنه فضل عدم الإفراط في مراقبة محتوى الصفقات أو الأطراف المعنية.
وزعمت مصادر في الصناعة ، لا علاقة لها بالشركة ، في حديث مع صحيفة “هآرتس” أن جميع الصفقات التي وقعتها تمت بمعرفة والموافقة مؤسسة الامنية ، وهذه القضية في صميم ادعاء الشركة أنه يجب على الدولة حمايتها: إذا وافقت على الصفقات التي ورطتها مع الأمريكيين ، فيجب احترامها وإيجاد طريقة لتصحيح الأمور
إذا لم يكن الأمر كذلك ، فماذا تعني الموافقة والإشراف على الشركة من قبل (إدارة مراقبة الصادرات بوزارة الجيش)؟ ومع ذلك ، لم تكن جميع التفاصيل معروفة دائمًا للمنظومة الامنية ، وحتى الآن من الصعب معرفة ما تم تضمينه في بعض الصفقات وأي الهواتف تم اختراقها في أعقابها.
وهناك تهديد آخر يتربص بشركة NSO: الدعوى المرفوعة ضدها من قبل شركة Facebook في محكمة أمريكية ، بدعوى اختراقها لبرنامج مكالمات WhatsApp المشفر الذي تملكه، ومن المتوقع أن تكشف المحاكمة عن الوثائق في غضون أشهر قليلة ، ويبدو أن موجة أخرى من المنشورات والتغطية الاعلامية سيلاحق الشركة في الفترة القادمة