الرئيسية / العالم / سياسة واشنطن المُتغيرة تجاه إيران تتطلب خطة عمل جديدة من “إسرائيل”

سياسة واشنطن المُتغيرة تجاه إيران تتطلب خطة عمل جديدة من “إسرائيل”

ترجمة الهدهد
هآرتس/ عاموس هرئيل

هناك الكثير من الإشارات التي يصعب فهمها، حيث ينشغل “الجيش الإسرائيلي” بسلسلة واسعة ومكثفة من التدريبات في أماكن مُختلفة، توصف إلى حد كبير بأنها تحذير لإيران، في المقابل ترسل الولايات المتحدة قواتها للتدريب في مناطق مُختلفة، وتُظهر هذه الإشارات إلى دعمها “لإسرائيل” وحلفائها الآخرين في الشرق الأوسط، فيما يستعرض الإيرانيون أيضاً عضلاتهم من خلال التدريبات العسكرية.

لكن كل هذه التحركات ثانوية مقارنة بالمجال الرئيسي والاستراتيجي، ويبدو أن إيران أصبحت مستعدة بعد تردد وتأجيل كبير، لتجديد المحادثات النووية مع القوى العالمية، ومع ذلك فإن طهران تشترط هذه المحادثات بمطالبها الصارمة.

في هذه الأوقات تشير الولايات المتحدة إلى أن مصلحتها الوحيدة هي تسوية دبلوماسية للصراع، وليس لديها نية لاستخدام القوة العسكرية – هذه الرسالة تجعل شركائها في المنطقة غير مرتاحين، إن لم يكنوا خائفون تماماً.

في أواخر شهر أكتوبر، أجرت “إسرائيل” تدريباتها السنوية للدفاع المدني لاختبار كيفية رد الجبهة الداخلية على آلاف الصواريخ التي تسقط من لبنان وقطاع غزة، وفي الأسبوع الماضي أجرت فرقة من جنود الاحتياط تدريبات في الشمال، وتُجري كتيبة أخرى هذا الأسبوع تدريبات مع ألوية نظامية.

التدريبات البحرية في البحر الأحمر هي التطور الرئيسي الجديد، حيث يجري الأسطول الأمريكي الخامس مناورات مع “إسرائيل” والإمارات والبحرين، وقررت الولايات المتحدة الإعلان عن التدريبات، وهي الأولى منذ توقيع “إسرائيل” على اتفاقيات التطبيع مع دول الخليج في عام 2019، كما وتدربت وحدة من مشاة البحرية الأمريكية مع “قوة إسرائيلية” في النقب في الجنوب، وإذا لم يكن ذلك كافياً فقد أُعلن يوم الأحد أن قائد القوات الجوية عميكام نوركين يقوم بأول زيارة رسمية له إلى الإمارات العربية المتحدة.

كل هذه التدريبات لا تعكس مخاوف محددة بشأن حرب مقبلة، بل تعكس فهم الجنرالات أنهم بحاجة إلى تحسين قدراتهم بعد مشاكل الميزانية وكوونا التي خفضت من التدريب، خاصة بين وحدات الاحتياط، فلم تعد غزة أولوية عسكرية عالية للغاية، حيث وافق القادة السياسيون على ذلك على الرغم من القتال الأخير مع غزة في مايو الماضي.

سياسة “إسرائيل” الواضحة هي كسب الوقت في غزة: والحفاظ على هدوء نظام حماس بالمكافئة الاقتصادية والسماح بدخول المزيد من العمال والتجار إلى “إسرائيل”، (ارتفع عددهم إلى 10،000 بينما تطلب حماس 30،000)، فيما بقيت المشكلة الشائكة هي الأسرى والجنود المفقودين التي لا تزال قائمة.

ستواصل “إسرائيل” الرد على الهجمات الإرهابية، وفي بعض الحالات ستحاول إحباط محاولات حماس لتطوير الأسلحة الأكثر تطوراً، بخلاف ذلك فإن عيون “إسرائيل” موجهة شمالاً نحو لبنان وسوريا وشرقاً نحو إيران.

 

إن التطور الأساسي الذي بدأت “إسرائيل” للتو في معالجته، هو التغيير في السياسة الأمريكية، وتُبدي واشنطن اهتماماً أقل بالمنطقة كما أن استعدادها لاستخدام القوة ينخفض ​​بشكل أكبر، وينظر “الإسرائيليون” إلى إدارة بايدن على أنها دبلوماسية كعقيدة وليست مُجرد وسيلة.

وقال مصدر في الجيش: “هذا التحول يجبرنا على إعادة تقييم العديد من افتراضات العمل”، ضبط النفس الأمريكي بشأن هجومين منسوبين لإيران وميليشياتها الشيعية في الأسابيع الأخيرة – هجوم الطائرات بدون طيار على القاعدة الأمريكية في التنف شرق سوريا وعلى منزل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي – مما يعكس هذا التغيير.

في السابق كانت مظاهر القوة العسكرية أكثر من العقوبات الاقتصادية، وهي التي دفعت إيران إلى إعادة تقييم تحركاتها، تذكروا ما يسمى بحرب المدن التي أطلقه صدام حسين، وإطلاقه للصواريخ على المدن الإيرانية الذي أدى إلى وقف إطلاق النار عام 1988 والذي أنهى الحرب العراقية الإيرانية، حدث هذا مرة أخرى في عام 2003 عندما جمدت إيران مشروعها النووي العسكري، متأثراً بالغزو الأمريكي للعراق.

شاهد: الاحتلال يعدم فلسطينيا بالرصاص بالقرب من نابلس

شاهد…مأساة “الشيخ جراح” بالقدس…القصة الكاملة

شاهد: شهيدان ومصاب بالقرب من جنين برصاص الاحتلال

ومن المقرر أن تستأنف المُحادثات بين إيران والقوى العالمية أواخر الشهر الجاري في فيينا، لكن الوفد الأمريكي لن يشارك، حيث يتوقع المسؤولون في واشنطن أن يتخذ الرئيس الجديد، إبراهيم رئيسي موقفاً متشدداً، ويوافق المسؤولون في” تل أبيب” على ذلك.

وقال مصدر عسكري في جيش العدو: “كلمة (تنازل) غير موجودة هذه المرة في القائمة الإيرانية”، تعترف دول المنطقة بنهج إيران المتشدد، ويبدو أنها خلفية للمحادثات الأخيرة بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وطهران، واستعداد الدول العربية لإعادة الانخراط مع نظام الأسد في سوريا على الرغم من الفظائع التي وقعت خلال الحرب الأهلية في العقد الماضي.

التحضير لإيران
تبلورت الصورة الاستخباراتية حول تقدم إيران في تخصيب اليورانيوم الذي من المرجح أنه وصل إلى(60%) ومدى الانتهاكات الإيرانية خلال العام الماضي.

على هذه الخلفية اندلعت معركة عاصفة بين “رئيس الوزراء نفتالي بينت” وسلفه بنيامين نتنياهو، واتهم بينت نتنياهو بإهمال الخيار العسكري ضد المشروع النووي الإيراني بعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي عندما بدأت إيران في انتهاكه.

أمر” بينت ووزير الدفاع بيني جانتس” الجيش بالاستعداد لهجمات في “الدائرة الثالثة” (ضد إيران)، تم تأمين أموال إضافية حتى قبل الموافقة على ميزانية الدولة، والتي تم فيها تخصيص مليارات الشواقل لمثل هذه الاستعدادات، فالقوة الجوية والاستخبارات من بين الفروع التي يجب تعزيزها.

يعترف المسؤولون العسكريون صراحةً بأن القدرات الهجومية ضد إيران قد تدهورت منذ توقيع اتفاقية جنيف المؤقتة مع إيران في عام 2013، ومن الصعب أن ترى “إسرائيل” الهجوم من جانب واحد إذا تم التوقيع على اتفاقية جديدة، ولكن سيتم تحسين هذه القدرات في حالة الاختراق الإيراني، وإنتاج سلاح نووي باتفاق أو بدون، يقول الخبراء إن “إسرائيل” يمكن أن تصل إلى القدرة الكاملة في غضون سنوات قليلة.

حتى ذلك الحين ستحتاج “إسرائيل” إلى النظر في مجموعة من العقبات والتداعيات: فجهود إيران المستمرة لنشر أنظمة دفاع جوي حول مواقعها النووية والعمل في مواقع حساسة تحت الأرض، ومحاولة إيرانية للانتقام من “إسرائيل” من خلال حزب الله، وإدانة العالم لـلهجوم المستقل.

وفي الوقت نفسه ذكرت تقارير صحفية أجنبية أن “إسرائيل” صعدت معركتها بين الحربين من خلال الضربات الجوية وصواريخ أرض-أرض، والهجمات الإلكترونية ضد أهداف إيرانية، وتتقدم الحركات الإلكترونية الإيرانية، مما يُلحق الضرر بنقاط الضعف “الإسرائيلية” مثل المواقع المدنية، حتى لو لم يكن هذا الجانب مهماً للغاية في الوقت الحالي.

تستهدف “الهجمات الإسرائيلية” نوعين من الأهداف – القواعد الإيرانية والأصول العسكرية في سوريا، وكذلك الأسلحة المهربة إلى حزب الله في لبنان، “فإسرائيل” تعمل بشكل أفضل مع المُحاولة الأولى، فيما تتعرض إيران لضربات متكررة ضد قواعد الميليشيات الشيعية في جميع أنحاء سوريا، ويعتقد “الجيش الإسرائيلي” أن ترسيخ إيران العسكري يسير أبطأ بكثير مما كان يأمل، حيث أن الهجمات العديدة وتّرت علاقات طهران مع نظام الأسد المُضيف، في حين أن روسيا غير مُرتاحة للتدخل الإيراني في سوريا.

 

الجزء الثاني أكثر تعقيداً في التنفيذ، لأن حزب الله يقترب من القدرة على إنتاج صواريخ دقيقة في لبنان، وسط دخول أنظمة الدفاع الإيرانية إلى لبنان، مما أزعج “الجيش الإسرائيلي” بشكل كبير.

الإيرانيون مصممون على مواصلة تطوير ونشر صواريخ كروز وطائرات بدون طيار صغيرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وقد تم إنشاء مثل هذه القواعد في اليمن والعراق وسوريا، إذا كنت قد لاحظت وجوداً أكبر للطائرات المقاتلة في سماء “إسرائيل”، فهذا ليس من قبيل المصادفة، حيث أُجبرت القوات الجوية على بذل المزيد من الجهد لتحديد مواقع الطائرات بدون طيار وإحباطها، ودعم أنظمة الدفاع الجوي.

ونادراً ما يتدخل حزب الله الذي يتابع هذه الجهود عن كثب، على خلفية مشاكل لبنان الاقتصادية والسياسية، فقد تفاخر زعيم حزب الله حسن نصر الله في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي بأن “التدريبات العسكرية الإسرائيلية” تعكس مخاوف “إسرائيل” بشأن تهديداته بـ “احتلال الجليل” وصواريخ حزب الله الدقيقة.

بشكل جدي؟
إن التدريبات العديدة من استدعاء جنود الاحتياط بعد الهدوء الناجم عن فيروس كورونا، وتزايد المناورات العسكرية بشكل أكبر في العام المقبل بالاعتماد على الميزانية الأكبر، إلى جانب تحسين جاهزية الوحدات، تهدف إلى إرسال رسائل إلى الخارج والداخل، حيث يشير الجيش في هذه التدريبات إلى حزب الله وحماس بأنه لن يخشى شن حملة برية إذا لزم الأمر، وإنها تخبر جنود الاحتياط بعدم ترددها في استدعائهم إذا لزم الأمر.

ازدادت الترددات حول قدرة الجيش على الدخول في حرب برية، وسط تأكيد على الخطة العسكرية متعددة السنوات، حيث ازدادت الاستثمارات في القوة النارية والاستخبارات وقرار عدم استخدام القوات البرية في القتال مع غزة، فقد بدأ جنود الاحتياط في التساؤل بصوت عالٍ عما إذا كان الجيش يعتزم استخدام الحرب البرية في أي حملة مستقبلية.

أثارت تدريبات الفرقة الأسبوع الماضي ردود فعل شخصيات عامة عربية، بسبب وجود جنود وناقلات جند مدرعة في ضواحي القرى والبلدات في منطقة وادي العرب ذات الأغلبية العربية، لكن الأجواء الودية سادت خلال اللقاءات بين الجنود والسكان، تُفَسر جزئياً بتوقعات “المجتمع العربي” -فلسطينيي48- بأن الدولة ستكثف جهودها لمحاربة المنظمات الإجرامية والأسلحة التي بحوزتها، وتم استخدام ناقلات الأفراد المدرعة في التدريبات، وكان على الجنود أن يوضحوا أنه لا علاقة لهم بالبحث عن أسلحة غير قانونية.

كان الحضور في التدريبات مرتفعاً، وقال جنود الاحتياط لقادة الفرق إنهم يعتبرون ذلك اختباراً للجدية، فالاستخدام الفعال للوقت واستثمار الموارد والتدريب المهني سيُظهر أن الجيش يعامل نظام الاحتياط بالوزن المناسب.

كشفت اجتماعات منفصلة مع قادة السرايا والكتائب من ثلاثة ألوية فرق (مشاة ومدرعات ومدفعية)، عن مجموعة رائعة من المدنيين الذين يرتدون زياً عسكرياً، بأنهم لا يترددون في تكريس وقتهم للجيش، لكنهم يطالبون الجيش والدولة بالمثل.

المصدر/ الهدهد

شاهد أيضاً

الحرب في غزة تسبب بتعقيد الجهود الأمريكية لمواصلة اتفاقات التطبيع

أمين خلف الله- غزة برس: إن الحرب في غزة تشكل اختباراً للعلاقات المعززة حديثاً بين …

%d مدونون معجبون بهذه: