باتت بكين تتعامل بصراحة مع مخاوفها الأمنية، وسط تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة وحلفائها بشأن قضايا عديدة، وصدرت تحذيرات رسمية بأن التنافس بين الدولتين يمكن أن يؤدي إلى تهديدات للاستقرار السياسي في بكين، كان آخرها قبل أشهر على لسان جيو شينغ كون رئيس الأمن في الحزب الشيوعي.
وفي خطاب داخلي للرئيس الصيني شي جين بينغ أمام مسؤولين أمنيين عام 2014، حذر من أن الدول الغربية تكثف جهودها لتغريب الصين و”تقسيمها”، وفقًا لكتاب نشرته الصحف الرسمية العام الماضي، والسبب أن الدول الغربية شعرت بالمرارة بشأن تزايد الظروف العالمية لصالح الصين، كما قال شي.
واليوم، تتقدم بكين بخطوات عملية لمواجهة “استهداف الصين”، حيث أصدرت لوائح جديدة لمكافحة التجسس، تسمح لسلطة الأمن القومي بوضع قوائم بالشركات والمنظمات المعرضة للتسلل الأجنبي، وتطالب الكيانات المدرجة بتبني إجراءات أمنية لمنع التسلل الأجنبي.
ووفق متحدث باسم وزارة الأمن القومي -لم يكشف عن هويته- فإن اللوائح الجديدة “جاءت ردا على تزايد عمليات التسلل والتجسس، التي تم إجراؤها بطرق أكثر تنوعًا وضد عدد أكبر من القطاعات، مما شكل تهديدا خطيرا للأمن القومي الصيني”.
“حلوى الإدمان”: عملية عسكرية تكشف رذائل إسرائيل بتجنيد العملاء
بتسيلم توزع تسجيلًا مصورًا لجندي يرمي قنبلة غاز في فناء منزل بكفر قدوم
“جنود إسرائيليون اقتحموا منزلا سوريا وقتلوا أشخاصا فيه دون أي سبب”
وسائل إعلام حكومية حذرت من أن عمليات التجسس الأجنبي قد تستهدف الجميع من موظفي الحكومة إلى طلاب الجامعات إلى مستخدمي الإنترنت (الفرنسية)
القطاعات المستهدفة
تنص لوائح العمل الأمني لمكافحة التجسس، المنشورة على الموقع الرسمي لوزارة الأمن القومي الصينية، على أن جهاز أمن الدولة والجهات التنظيمية الحكومية في كل قطاع تتحمل مسؤولية وضع قائمة بالكيانات الرئيسية التي يجب مراقبتها بناءً على طبيعة الكيانات والوصول إلى المعلومات السرية والتعرض للتواصل مع الخارج، وسجلها فيما يتعلق بأمن الدولة.
ورغم أن هذه اللوائح لم تحدد الكيانات التي ستدرج في القائمة، فإن وثائق مماثلة صدرت سابقًا على مستوى المقاطعات تشير إلى إدراج الصناعات الدفاعية ومعاهد البحث العلمي.
كما نقلت وسائل إعلام صينية عن موظفين حكوميين قولهم إن بعض الوزارات عززت العمل الأمني لمكافحة التجسس لجميع الأفراد الذين يسافرون إلى الخارج منذ عام 2019.
ويتطلب ذلك -حسب اللوائح- التثقيف الأمني لمكافحة التجسس قبل المغادرة في أي مهمة خارجية، وإجراء مقابلات العودة للوطن على الحدود للمبتعثين في مهام قصيرة أو الموظفين المقيمين لفترات طويلة في الخارج.
ونقلت وسائل الإعلام الصينية عن خبير الأمن القومي ومكافحة الإرهاب في معهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة لي وي قوله إن أي شركة أو مؤسسة في نطاق الدفاع الوطني والدبلوماسية والاقتصاد والتمويل وصناعة التكنولوجيا الفائقة ينبغي اعتبارها مجالا رئيسيا من حيث التسلل الأجنبي المحتمل، وهي الكيانات التي تستهدفها اللوائح الجديدة.
وتتيح اللوائح إدراج فئات اجتماعية ضمن القائمة، لاتخاذ تدابير مفصلة ضد التجسس الأجنبي، وتُحدَّد هذه الفئات بناءً على مستوى السرية الذي ينطوي عليه عملها، ودرجة اتصالها بجهات أجنبية، بالإضافة إلى سجلها الأمني.
أدوات المكافحة
ينص قانون مكافحة التجسس الصادر عام 2014 على الالتزام بمبادئ الجمع بين العمل المفتوح والعمل السري، والجمع بين العمل الخاص مع الخط الجماهيري والدفاع النشط والعقاب وفق القانون، لكن اللوائح الجديدة تُحمل الفئات الاجتماعية والشركات والكيانات العامة الصينية مسؤولية متزايدة لمكافحة التجسس الأجنبي، وتعزز قابلية تطبيق القوانين واللوائح القديمة.
وتُجيز اللوائح الجديدة -التي اطلعت عليها الجزيرة نت- لوكالة الأمن القومي إجراء عمليات التفتيش والاختبارات الاحترازية الفنية لمكافحة التجسس، بدخول الوحدات والأماكن ذات الصلة لإجراء عمليات التفتيش الفني في الموقع، أو عمليات التحقق عن بعد، وإصدار الأوامر بالتصحيح خلال فترة زمنية وفقًا للقانون في حال وجود فجوة أمنية، ونشر أجهزة وبنى تحتية خاصة -إذا لزم الأمر- لتحسين الأمن القومي في هذه الكيانات.
ويستوجب فتح تحقيق في المسؤولية الجنائية إذا أخفقت الأجهزة والمجموعات والشركات والمؤسسات والمنظمات الاجتماعية الأخرى وموظفوها في أداء المسؤوليات والالتزامات الأمنية لمكافحة التجسس وفقًا للوائح، وأدى ذلك إلى عواقب أو آثار سلبية.
بعض الوزارات عززت العمل الأمني لمكافحة التجسس للأفراد المسافرين إلى الخارج حسب وسائل إعلام حكومية (الفرنسية)
ويرى محللون أن بكين تريد جعل الشركات التجارية والجامعات ووسائل الإعلام ومراكز الفكر تحت سيطرة الحكومة بشكل أكبر لرصد أنشطة الكيانات الغربية العاملة والإبلاغ عنها، بحيث يتعين على الشركات والكيانات الصينية -بالإضافة إلى الأفراد- تعزيز نظام مسؤولية الحماية الأمنية لمكافحة التجسس، وذلك لتحقيق التغطية الكاملة للمجتمع بأسره في جميع المجالات في مكافحة التجسس.
وحذر رسم بياني نشرته وسائل إعلام حكومية من أن عمليات التجسس الأجنبي قد تستهدف الجميع من موظفي الحكومة إلى طلاب الجامعات إلى مستخدمي الإنترنت الشباب النشطين، باللجوء إلى الترغيب بالمال أو الصداقة أو “الجمال”، وهو ما تشير إليه اللوائح الجديدة، وتطالب بمكافحته والتصدي له بالإبلاغ الفوري عن أي شبهة.
واعتقلت السلطات الصينية عددًا من الأجانب بتهم تتعلق بالأمن القومي أو التجسس في السنوات الأخيرة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين -خلال مؤتمر صحفي- إن “الحكومة الصينية ستواصل تعزيز نظام الأمن القومي وبناء القدرات، وستبذل الجهود لإحباط وكبح ومعاقبة جميع أنواع الأنشطة التي تُعرِّض الأمن القومي للخطر لدعم السيادة الوطنية والأمن والمصالح التنموية”.
المصدر : الجزيرة
تعليق واحد
تعقيبات: ما هو تحالف العيون الخمس الاستخباري ماعلاقته بالصين؟ - غزة برس