أطلق أهالي أطفال التوحد في قطاع غزة حراكا واسعا، من أجل أن تحظى قضية أطفالهم باهتمام من قبل الجهات الرسمية وغير الرسمية، أسوة بالأطفال ذوي الإعاقة.
ويوجد في غزة، نحو ألف طفل يعاني من “اضطراب التوحد” أطفال التوحد، وفقا لإحصائية غير رسمية، ويصنف “التوحد” بأنه مرض أو اضطراب وليس إعاقة، ويعاني أطفال التوحد في غزة من عدم قدرتهم على التوجه إلىمراكز تأهيل خاصة في ظل تردي الوضع الاقتصادي في القطاع، ومن غياب مؤسسة حكومية أو شبه حكومية ترعاهم.
و”التوحد” حسب تعريف منظمة الصحة العالمية هو: ” اضطراب نمائي يظهر في السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، ويؤدي إلى عجز في التحصيل اللغوي واللعب والتواصل الاجتماعي”.
شاهد: الاحتلال يصيب فلسطيني من ذوي الاعاقة بجروح خطيرة على حاجز قلنديا بالضفة
شاهد: الاحتلال يعدم فلسطينيا بالرصاص بالقرب من نابلس
الاحتلال يزعم اسقاط طائرة مسيرة للمقاومة في غزة
حماس ترفض مقترح اسرائيلي لصفقة تبادل أسرى مقابل مشارع اقتصادية بغزة
الناطق الإعلامي باسم “اللجنة التأسيسية لتجمع أهالي أطفال التوحد في غزة” محمود الصوّير، قال: “بالتزامن مع اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، والذي يصادف في الثالث من كانون الأول/ ديسمبر من كل عام، بدأنا حراكنا الواسع هذا من اجل إبراز قضية أطفالنا للعيان، في ظل التهميش التي تعاني منه، سواء من قبل الجهات الحكومية أو الأهلية”.
البحث عن الرعاية والخدمات
وأضاف الصوّير : “في ظل تراجع حالة أطفالنا الذين يعانون من اضطراب التوحد، وعدم تقديم أي خدمات لهم، وتركهم نهشا للمراكز الخاصة الربحية، وفي ظل تردي الحالة الاقتصادية لقطاع غزة بفعل الحصار، قررنا التحرك من اجل رفع صوتنا عال في حراك كبير وواسع، ولن يتوقف حتى يحقق أهدافه الإنسانية النبيلة”.
وأوضح الصوّير، وهو أب لطفلة تعاني من اضطراب التوحد أنهم التقوا مسؤولين في وزارة التنمية الاجتماعية والتعليم ومؤسسات خاصة، وجميعهم رحبوا بهذا التحرك ووعدوا بدعمه حتى ينال الأطفال حقوقهم أسوة ببقية الأطفال، مشيرا إلى أن على أجندتهم اللقاء مع العديد من الجهات الحكومية وغير الحكومية، من اجل إيصال صوتهم.
وشدد الصوّير على أن من حق الطفل الذي يعاني من اضطراب التوحد أن يحصل على تقرير من وزارة الصحة في حالته، مشيرا إلى أن “الصحة” لم تصنف التوحد على أنه مرض.
وطالب بتبني قضايا الأشخاص ذوي إعاقة التوحد، والعمل على إدارة حالهم والتنسيق بين المؤسسات والقطاعات المختلفة لخدمة قضاياهم.
ولفت الصوّير إلى إنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، من أجل نشر أنشطتهم وتحركاتهم، وقاموا بتوزيع رابطا لحصر عدد أطفال التوحد في قطاع غزة؛ لتقييم حالتهم ضمن لجنة متخصصة.
وشدد الصوير على ضرورة إيجاد مركز متخصص لتقييم وتأهيل هؤلاء الأطفال، وتقديم العلاج اللازم لهم وتأهيلهم.
وطالب الصوّير، بإدراج الأشخاص الذين يعانون من اضطراب التوحد في جميع أنشطة وخدمات وزارة التنمية الاجتماعية، والعمل على دمجهم في المجتمع، وطالب بتحسين ظروف رعايتهم، والعمل على تفعيل دور وزارة الصحة في علاجهم، وتوفير تأمين صحي شامل لهم، وإيجاد مركز وطني للفحص والتقييم التكاملي.
وقال: “نسعى من خلال هذا الحراك الإنساني لتأمين بيئة سليمة للعيش بكرامة لأطفال طيف التوحد، وتأمين احتياجاتهم الأساسية”.
وكشف الصوّير أن من بين أهداف حراكهم تأسيس جمعية لتكون مظلة للعمل، ينبثق عنها لاحقا مركز وطني لعلاج هؤلاء الأطفال مجانا.
الاعتراف بالتوحد كإعاقة يسهم في تخفيف المعاناة
من جهته، أكد الدكتور شاهر ياغي خبير التربية الخاصة والتأهيل، على دعمه لحراك أهالي أطفال التوحد، مطالبا بمواصلة هذا الحراك حتى تحقيق الأهداف الإنسانية له.
ودعا ياغي في حديثه لـ “قدس برس”، أهالي أطفال التوحد إلى طرق كافة الأبواب من أجل إطلاع المسؤولين وصناع القرار وأصحاب الرأي؛ لتشكيل رأي عام حول هذه القضية وتهميشها من قبل الجهات المعنية، لا سيما وزارات: التنمية الاجتماعية، والصحة، والتعليم.
وأكد ياغي، أن قوة هذا الحراك تكمن في كونه لقضية عادلة، وأن من يقوده هم الأهالي أنفسهم، مشيرا إلى استعداده لتقديم خبرته في مجال التربية الخاصة.
وشدد على ضرورة العمل من اجل اعتماد التوحد كـ”إعاقة” حتى تستطيع الجهات المسؤولة القيام بواجباتها تجاه هذه الفئة، وحتى تحصل على حقوقها واحتياجاتها أسوة بالفئات الأخرى.
وأكد ناصر حمدان، والد طفل يعاني من اضطراب التوحد وعضو اللجنة التأسيسية للحراك، ضرورة إيجاد جهة حكومية أو غير حكومية تتبنى هؤلاء الأطفال.
وقال حمدان : “شعرنا أن أطفالنا مهمشين ولا احد ينظر إليهم ولا يجدون أي رعاية لذلك قررنا التحرك كأهالي للضغط على أصحاب القرار”.
وأضاف: “على الرغم من كل محاولاتي لإيجاد جهة ترعى ابني وتقوم بتدريبه وتعليمه وبحثي في قطاع غزة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، إلا أنني اصطدمت بعقبة التجاهل والإنكار الرسمي لوجود مشكلة التوحد في القطاع، ووجود مراكز ضعيفة المستوى في التدريب والتأهيل لأطفال التوحد، وتتقاضى رسوما متوسطة، مما اضطرني إلى اللجوء لمراكز ربحية، تقدم تدريبا أفضل بعض الشيء، ولكن برسوم باهظة أثقلت كاهلي ودفعتني لحجب الكثير من الاحتياجات عن باقي أبنائي، لتوفير التأهيل لابني محمود”.
محاولة لإسماع الصوت
وشدد على أن المشاركة مع عدد من أهالي أطفال التوحد في غزة في هذا الحراك، لإسماع صوت هؤلاء الأطفال والاعتراف بحقوقهم.
وقال حمدان: “يجب أن يفهم أصحاب القرار أن التوحد يسبب لأطفالنا إعاقة، تمنعهم من ممارسة حياتهم الطبيعية، ولذلك يجب عليهم توفير التدريب والتأهيل المناسب بشكل مجاني أو أسعار معقولة ودمجهم في المجتمع”.
وأضاف: “أن من أهداف هذا الحراك نشر الوعي المجتمعي بمشكلة التوحد، وأنهم بحاجة إلى تأهيل وتدريب مناسب، وأن بإمكانهم أن يدمجوا في المجتمع، ويصبحوا مفيدين ومنتجين للمجتمع، وليسوا مجانين يجب حبسهم في البيوت أو المستشفيات”.
ورأى حمدان أن الأشخاص ذوي الإعاقة في فلسطين، يعانون من عدم تطبيق القوانين والتشريعات المتعلقة بهم، خاصة بعد انضمام دولة فلسطين لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الدولية عام 2014، مطالبا بتعديل القانون الفلسطيني ليتلاءم مع بنود الاتفاقية الدولية، وبأن تعمل الحكومة بجدية على تطبيق هذا القانون لضمان حقوق ذوي الإعاقة، السياسية والتعليمية والاجتماعية والدمج في المجتمع، ومواءمة المباني والمرافق العامة وتحقيق المساواة في فرص العمل والحصول على رعاية صحية.
ويعرّف القانون الفلسطيني رقم (4) لسنة 1999 بشأن حقوق المعوقين أن المعوق “هو الشخص المصاب بعجز كلي أو جزئي خلقي أو غير خلقي وبشكل مستقر في أي من حواسه أو قدراته الجسدية أو النفسية أو العقلية إلى المدى الذي يحد من إمكانية تلبية متطلبات حياته العادية في ظروف أمثاله من غير المعوقين”.
وتنص المادة الثانية في القانون أن للمعوق حق التمتع بالحياة الحرة والعيش الكريم والخدمات المختلفة شأنه شأن غيره من المواطنين، له نفس الحقوق وعليه واجبات في حدود ما تسمح به قدراته وإمكاناته، ولا يجوز أن تكون الإعاقة سببًا يحول دون تمكن المعوق من الحصول على تلك الحقوق.
المصدر/ قدس برس