أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية “اوتشا“، أن الإجراءات “الإسرائيلية” التعسفية التي تقوّض الظروف المعيشية للفلسطينيين في الضفة الغربية، لم تتوقف، وتتفاقم، وخاصة في القدس والخليل.
وقالت “اوتشا” في تقريرها نصف الشهري، أمس الخميس: إن “إسرائيل” تفرض نظاما متعدد المستويات من التدابير المادية والإدارية على تقييد الفلسطينيين في تنقُّلهم وحركتهم.
وتابع التقرير: “تتألف هذه التدابير من العوائق المادية، بما فيها الحواجز، والمتطلبات البيروقراطية والإدارية، كاستصدار التصاريح، وتصنيف المناطق باعتبارها إما مقيَّد الوصول إليها أو مغلقة، ومنها “مناطق إطلاق النار”. وتعرقل القيود الإسرائيلية المفروضة على التنقل، وبدرجات متفاوتة، إمكانية الوصول إلى الخدمات والموارد، وتعطّل الحياة الأسرية والاجتماعية، وتقوّض سُبل العيش، وتعوق قدرة المنظمات العاملة في المجال الإنساني على تقديم المساعدات.
الهلال الأحمر: 23 إصابة خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في بلدة أبوديس
شاهد:إصابة 15 مواطنا بالرصاص المعدني والعشرات بالاختناق خلال قمع الاحتلال مسيرة كفر قدوم
شاهد: اصابات جراء قمع الاحتلال لمسيرة سلمية في عصيرة الشمالية
وأوضح التقرير أن السلطات الإسرائيلية عملت على مدى العقدين المنصرمين، على شق شبكة من الطرق الثانوية المخصصة للفلسطينيين، بما في ذلك 50 نفقًا وطريقًا تحتيًّا، حيث أعادت من خلالها ربط التجمعات السكانية الفلسطينية، التي تقطّع العوائق المادية أوصالها ببعضها بعضًا لتكرس الطرق الرئيسة في الضفة الغربية، طرق الابارتهايد للمستوطنين.
واستعرضت “اوتشا” في تقريرها، النتائج التي خلص إليها مسح أُجري مؤخرًا حول العقبات والإجراءات الإسرائيلية التعسفية التي تعوق التنقل، وتسلط الضوء على الأثر الذي تفرزه القيود الظالمة المفروضة على الوصول لأحد التجمعات السكانية الفلسطينية في المنطقة الغربية من رام الله، وعلى المزارعين الذين يملكون أراضي عزلها الجدار المقام حول الضفة الغربية المحتلة.
وقد أُجري آخر مسح شامل في المدة الواقعة بين شهريْ كانون الآخِر/يناير، وشباط/فبراير 2020، كشفت نتائجه أن عدد العوائق الدائمة الثابتة (الحواجز، والسواتر الترابية، وبوابات الطرق وغيرها) بلغ 593 عائقًا تقطع أوصال القرى والبلدات والمخيمات والمدن الفلسطينية، وتُكبد الفلسطينيين الملايين سنوياً، بدل ساعات الالتفاف، ووقودا وقهرا وتنكيلا.
وأكّد المسح وجود اتجاه، لوحظ على مدى السنوات القليلة الماضية، حيث غدت العوائق الثابتة، مثل متاريس الطرق والسواتر الترابية، تُستبدل بعوائق يسميها جيش الاحتلال “مرنة”، كالحواجز الجزئية وبوابات الطرق التي تظل مفتوحة في معظم الأحوال، ولكن يمكن إغلاقها في أي وقت من الأوقات. وبين الفينة والأخرى، يتمركز أفراد قوات الاحتلال على الحواجز الجزئية أو في برج، وليس على الأرض.
وحدد المسح وجود ما مجموعه 108 من هذه الحواجز، التي ارتفع عددها من 73 حاجزًا في المسح السابق.
وخلال العام المنصرم (نيسان2019-آذار2020)، وثّق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية 1,064 حالة شهدت تمركُز الجنود الإسرائيليين على الحواجز الجزئية، وتنفيذ إجراءات التفتيش عليها، كما وحدد المسح وجود ما مجموعه 154 بوابة طرق، يمكن فتحها وإغلاقها في أي وقت من الأوقات بناءً على المعايير التي يقررها قادة الجيش الإسرائيلي، وشكّلت الحواجز الجزئية وبوابات الطرق مجتمعةً نحو نصف عدد العوائق التي جرى مسحها.
وأوضح التقرير الذي جاء بعنوان “عوائق تتسم بقدر أكبر من /المرونة/”، أنه ومع تكرار نشر حواجز مفاجئة على أساس مؤقت على الطرق الرئيسة لعدة ساعات في كل مرة، وعلى مدى الفترة نفسها التي تبلغ 12 شهرًا، نشرت القوات الإسرائيلية ما يزيد على 1,500 حاجز من هذه الحواجز، وتشكّل هذه العوائق جزءًا من نظام قائم على إحكام السيطرة، بناءً على قرار يصدر عن أحد قادة جيش الاحتلال وأهوائه وأهواء المستوطنين.
ودعت الأمم المتحدة -حسبما قررته محكمة العدل الدولية في فتواها الصادرة في العام 2004- بأنه يجب على “إسرائيل” أن تفكّك مقاطع الجدار التي تتغلغل داخل الضفة الغربية، بمـا فيها شرقي القـدس، وأن تلغـي في الوقت ذاته نظام البوابات والتصاريح المرتبط به؛ بغية السماح للفلسطينيين بالوصول إلى أراضيهم الواقعة في “منطقة التماس” بحرية.
كما تنتشر العوائق التي يتمركز عليها الجنود على الدوام في معظم أرجاء المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في قلب مدينة الخليل، كبرى مدن ومحافظات الضفة الغربية المحتلة، والتي يعزلها 101 عائق عن بقية أنحاء المدينة (أو 17 بالمائة من مجموع العوائق)، بما فيها 32 حاجزًا. ويخضع سير المركبات الفلسطينية داخل هذه المنطقة لقيود جمة، كما تُفرض القيود على وصول المشاة إلى بعض المناطق فيها، بحيث يقتصر دخولها على سكانها دون غيرهم.
إغلاق مداخل القرى: حالة دير نظام
وكنموذج دراسة، مسحت الأمم المتحدة قرية دير نظام، وقالت،: إن قرية دير نظام (التي يبلغ عدد سكانها 900 نسمة) واحدة من 11 قرية تقع غرب محافظة رام الله، على مقربة من مستوطنة حلميش الإسرائيلية غير الشرعية والمخالفة للقانون الدولي.
وثمة ثلاثة طرق تؤدي إلى القرية، ويمتد أحدها، الذي يتفرع عن الطريق 450، على طول هذه المستوطنة، ويتطلب ممن يسلكه أن يجتاز حاجزًا، في حين يستدعي الطريقان الآخران المرور عبر بوابة طرق، وغالبًا ما يغلق الجيش الإسرائيلي هذه البوابات بدعوى أن أطفالًا من القرية يرشقون سيارات المستوطنين الإسرائيليين الذين يسافرون على طريق 465 بالحجارة.
كما تشهد القرية معدلات مرتفعة من عمليات التفتيش والاعتقال، حيث نفذ جيش الاحتلال 24 عملية (انتهاكًا) منها في العام 2019، واعتقل 39 فلسطينيًّا، أكثر من نصفهم أطفال.
وقال تقرير “أوتشا”: “بعدما أطلق فلسطينيون النار وأصابوا جنديا إسرائيليا بجروح في يوم 6 شباط 2020 بجوار مستوطنة أخرى في هذه المنطقة (وهي مستوطنة دولِف)، شهدت قرية دير نظام تشديد القيود المفروضة على الوصول إليها؛ ففضلًا عن تزايُد وجود الجيش الإسرائيلي على مداخل القرية، تراوحت التدابير من إغلاق إحدى البوابتين أو كليهما معًا من عدة ساعات كل يوم إلى فرض إغلاق تام على هذا التجمع السكاني.
ونفذت قوات الاحتلال ذلك بإغلاق الحاجز والبوابة معًا، ولم تترك سبيلا أمام المشاة للمرور عبر البوابة من خلال تعزيز إغلاقها بوضع ساتر ترابي عليها، كما فرضت القيود على الوصول إلى القرى الأخرى التي تقع بجوار قرية دير نظام، ما ألحق الضرر بما يقدَّر عددهم بـ30,00 من سكانها الفلسطينيين.
وفضلًا عن ذلك، تصاعدت عمليات التفتيش والاعتقال على مدى الشهرين الأولين من العام 2020، حيث سُجلت 14 عملية منها، وهو عدد يزيد على نصف ما نُفذ من عمليات خلال العام 2019 كله.
وأكدت الأمم المتحدة أنه يتعين على معظم المزارعين الفلسطينيين أن يحصلوا على تصاريح خاصة من السلطات الإسرائيلية لكي يتسنى لهم الوصول إلى أراضيهم الزراعية في المنطقة الواقعة بين الجدار و”الخط الأخضر”، أو “منطقة التماس”، كما يسري هذا الشرط على أفراد أُسر المزارعين وعلى العمال في القطاع الزراعي.
وشهدت الأعوام القليلة المنصرمة تراجعًا ملحوظًا في معدلات إصدار هذه التصاريح، وفي الوقت نفسه، يضع الاحتلال الأنظمة الجديدة دائمًا.
ويتعيّن على المزارعين، في حال منحهم التصاريح، أن يمرّوا عبر بوابات معينة؛ فخلال موسم قطف الزيتون في العام 2019، خصّص الاحتلال 74 بوابة وخمسة حواجز للوصول إلى الأراضي الزراعية، ومن هذه البوابات والحواجز، لم يُفتح سوى 11 بوابة وحاجزًا يوميًّا، وعشرة لمدة يوم أو بضعة أيام في الأسبوع وخلال موسم قطف الزيتون، أما غالبية البوابات، وهي 53 بوابة، فلم تُفتح إلا خلال هذا الموسم.
وقالت الأمم المتحدة: إنه نتيجةً للتدابير الجديدة التي اتّخذها جيش الاحتلال في سياق حالة الطوارئ الناجمة عن فيروس كورونا، فُرضت قيود إضافية على وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم الواقعة خلف الجدار. وتشير التقارير الميدانية إلى أن سلطات الاحتلال علّقت معظم التصاريح التي كانت سارية في محافظات جنين وطولكرم وقلقيلية وسلفيت.
المصدر/وكالات
تعليق واحد
تعقيبات: عسكري إسرائيلي: تراجع حظوظ الضم خلال الفترة المقبلة - غزة برس