في اعتراف أمني إسرائيلي جديد يحمل بصمات الفشل، أعرب وزير جيش الاحتلال السابق “نفتالي بينيت” عن خيبة أمله من عدم قدرته على استعادة الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى المقاومة في قطاع غزة، خلال فترة ولايته.
ويصنّف بينيت بأنه وزير الجيش الإسرائيلي الثالث الذي يدلي بهذا الاعتراف على مدار 6 سنوات نجحت فيها “وحدة الظل” في تأمين الجنود الأسرى، وهي الوحدة الأمنية السرية التي تتبع لكتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، والتي جاء الكشف عنها في عام 2016 بقرار من القائد العام للكتائب محمد الضيف.
وقال بينيت، في حديث نقلته صحيفة “معاريف” العبرية، أنه “يأسف لعدم تمكنه من القيام بهذه المهمة خلال فترة ولايته القصيرة”، وهو الوزير الذي تعهّد مرارًا منذ تعيينه في نوفمبر 2019 بـ “إعادة المفقودين” بتعبيره، وإعلانه المتكرر بأنه “حريص على ذلك”، وهدد حماس في سياق ذلك بـ “ربيع مؤلم”.
شاهد..العاروري: كل الوسائل مشروعة لإفشال مخطط ضم الضفة الغربية
الأورومتوسطي: إسرائيل لا تحاسب مرتكبي الإعدامات ولا تمنعهم
كما ربط “بينيت” أي مساعدة تقدّمها “إسرائيل” لدعم جهود قطاع غزة في مكافحة فيروس كورونا، بمدى التقدّم الذي تحرزه في محاولتها استعادة الجنود الأسرى، وهو اشتراط مشابه لسابقه وزير الجيش “أفيغدور ليبرمان” الذي اعترف لأول مرة في مقابلة مع القناة الثانية في 16 يناير 2018، بفقدان جنود إسرائيليين في غزة، لكنه قال إنه “يجهل مصيرهم”، وهو ما أثبت في حينه رواية القسام لعائلات الجنود: “حكومتكم تكذب عليكم”.
43 شهرًا أمضاها ليبرمان في مبنى وزارة الجيش “الكرياه” وسط “تل أبيب” منذ تسلمه حقيبة الأمن من سابقه الجنرال موشيه يعلون في مايو 2016 وحتى استلام “بينيت”، قيل إن ليبرمان كان يعقد اجتماعًا شهريًا دوريًا يتعلق بملف الجنود الأسرى، بما يعني أن قضيتهم كانت على أجندة مكتبه، لكنه انتهى إلى مصير مشابه لبينت.
في الشهر التالي لمغادرة منصبه، في ديسمبر 2019، صرّح ليبرمان في مقطع فيديو نشره عبر صفحته على تويتر بفشله، وقال: “لم نستطع إخضاع حماس”، وإنه بذل الكثير من الجهد لاستعادة الجنود من غزة، وهو اعتراف اعتبره مراقبون بأنه “لا يمثّل قناعات ليبرمان الشخصية، بل قناعات وتقديرات المستويين الأمني والسياسي”.
وهذه القناعات، كان وزير الجيش الأسبق يعلون جزءًا منها في القضية التي تخصّ الجنود الأسرى، وقد اعتبر إعادتهم بأنها “التزام أخلاقي، ومن واجبه”، وقد اعترف لاحقًا بأنها “ستستغرق وقتا طويلاً”. لكنه لم يعلم بأن العملية قد تستغرق من “إسرائيل” إلى الآن، 6 سنوات و3 وزراء جيش، هو أولهم.
وعاد يعلون، وهو الآن زعيم حزب “تيليم”، أمس الاثنين وبعد 4 سنوات على تركه منصبه، للمطالبة بمزيد من الضغط على حماس للإفراج عن الجنود، وقال “إن على إسرائيل أن تتصرف بحزم حتى يصبح أسرهم عبء على حماس”.
ويمكن فهم هذا التصريح من واقع الشعور بالحرج الذي يعيشه يعلون في مواجهة عوائل الجنود، ومحاولة للتخلّص من الضغط الذي وضعتهم فيه “القسام” التي كانت تخاطب العائلات بصيغة التوجيه: “فكّروا، واسألوا نتنياهو ويعلون وبني غانتس.. أين تركوا أبناءكم؟”.
وإزاء ذلك، فإن العديد من الخبراء في شؤون الأمن، استنادًا إلى التجربة التاريخية للمقاومة الفلسطينية وبالخصوص صفقة “وفاء الأحرار”، استنتجوا بأن الاحتلال لا يرضخ إلا لأصحاب الإصرار. ويعتقدوا بأن تبدّل وزراء الجيش وحدوث تغيير في الحكم لدى الاحتلال قد يحدث حراكًا أكثر نشاطًا في ملف الجنود.
لكن هذه المهمة قد لا تكون سهلة أيضًا لدى وزير الجيش الجديد بيني غانتس، خاصة أنه ينظر إليه على أنه المسؤول الأول عن إعادة الجنود؛ باعتبار أنهم أسروا في غزة خلال ولايته كرئيس أركان قبل نحو ستة أعوام، وهو الجنرال الذي تتهمه حماس بأنه “يكمل مسيرة تضليل عائلات الجنود التي يقودها نتنياهو”.
وفي أبريل/نيسان 2016، أعلنت “كتائب القسام” لأول مرة، عن وجود 4 جنود إسرائيليين أسرى لديها، دون أن تكشف عن حالتهم الصحية ولا عن هويتهم، باستثناء الجندي آرون شاؤول.
هل يعود الارباك واطلاق البالونات ضد الاحتلال في قطاع غزة؟
الاحتلال يعتقل 6 مواطنين من الخليل بينهم أسرى محررون
مدفعية الاحتلال تقصف أراضٍ للمواطنين جنوب ووسط قطاع غزة
وترفض “حماس” بشكل متواصل تقديم أي معلومات حول الإسرائيليين الأسرى لدى “القسام”، وتشترط لبدء أي مفاوضات بشأنهم الافراج عن محرري صفقة “وفاء الأحرار”، الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم.
وكانت الحكومة الإسرائيلية أعلنت عن فقدان جثتي جنديين في قطاع غزة خلال العدوان الذي بدأ في 8 يوليو/تموز 2014 واستمر لغاية 26 أغسطس/آب من العام ذاته، هما آرون شاؤول، وهدار جولدن، لكن وزارة الأمن الإسرائيلية عادت وصنفتهما في يونيو/حزيران 2016، على أنهما “مفقودان وأسيران”.
وإضافة إلى الجنديين، تحدثت “إسرائيل” عن فقدان إسرائيليين اثنين أحدهما من أصل إثيوبي والآخر من أصل عربي، دخلا غزة بصورة غير قانونية خلال عامي 2014 و2015.
المصدر/ صفا