في محاولة لتوفير المياه وترشيد الاستهلاك، أطلقت بلدية بيت لاهيا شمال قطاع غزة مشروعًا لتركيب عدادات ذكية “مسبقة الدفع” للمياه، يعد المشروع الأول من نوعه على مستوى القطاع.
ويستهدف المشروع الذي يبدأ فعليًّا في الأول من شهر مارس القادم، تركيب 100 عداد دفع مسبق للمواطنين، وسيكون بشكل اختياري لمن يرغب في ذلك، وفي حال نجاحه وحقق الهدف المنشود منه، فإنه سيعمم على بلديات قطاع غزة.
ويقول مدير عام بلدية بيت لاهيا تامر الصليبي إن مشروع عدادات مياه “مسبقة الدفع” بادرت فيه البلدية من موازنتها الذاتية كأول بلدية في القطاع، ويهدف لترشيد استهلاك المياه، وتوعية المواطن بأهمية ذلك.
ويوضح الصليبي أن العدادات الذكية “مسبقة الدفع” موجودة بمعظم بلديات الضفة المحتلة، خاصةً بلديات رام الله وجنين ونابلس.
وبحسب سلطة المياه الفلسطينية، فإن ملوحة المياه الجوفية في قطاع غزة ارتفعت بشكل ملحوظ ووصلت إلى أكثر من 95% من آبار البلديات؛ متجاوزةً المعايير الدولية الخاصة بجودة المياه.
ويقدّر الاحتياج السنوي المائي في القطاع بحوالي 200 مليون متر مكعب/ السنة، في حين العجز المائي يصل إلى 140 مليون متر مكعب/ السنة.
حوافز ومزايا
ويوضح الصليبي أن بلدية بيت لاهيا أعدت مجموعةً من الحوافز والمزايا للمواطنين الذين يعتزمون تركيب عدادات “مسبقة الدفع” منها أن سعره سيكون مماثل لسعر العداد “التقليدي”، فيما سعر كوب المياه للعداد الذكي سيكون أقل من سعره في التقليدي.
ويبلغ سعر العداد التقليدي من 100-150شيكلا، في حين أن سعر أن تكلفة العداد الذكي تصل من 500-600 شيكل، لكن بوجود تمويل من جهات مانحة فإن سعره سيكون مماثلاً للتقليدي.
وعلى صعيد ثمن كوب المياه في العداد التقليدي فإن سعره من شيكل إلى شيكل ونصف حسب استهلاك المواطن؛ لكن سعره في العداد الذكي لن يتجاوز شيكلاً واحدًا.
ويشير الصليبي إلى أنه مع بداية تركيب العدادات الذكية بداية مارس القادم؛ فإنه سيرافقها حملة إعلامية توعوية واسعة للمواطنين في شتى وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وكمرحلة أولى سيتم تركيب 100 عداد مسبق الدفع، ومن يريد ذلك سيقدم طلبًا عبر بلدية بيت لاهيا، وبعد الموافقة عليه سيتم الشروع فورًا بتركيب العداد الذكي.
وحول أهمية العداد الذكي للبلدية، يؤكد الصليبي أنه سيساعد بوضع ضوابط لمعرفة الفاقد من المياه والسرقة بشكل إلكتروني، بعيدًا عن ذهاب الموظّف للمنزل وقراءة العداد.
آلية عمله
ويعتمد العداد الذكي “مسبق الدفع” على بطاقة شحن يتم شراؤها من بلدية بيت لاهيا، ويبلغ سعرها من 20-200شيكل شهريًّا، حسب الكمية التي يحتاجها المواطن.
ويمرر المواطن البطاقة على العداد ليقرأها، لتنتقل المعلومات مباشرةً إلى سيرفر البلدية، وبذلك تصل قراءة العداد والكمية المستهلكة شهريًّا، ومعرفة إن كان هناك فاقد في المياه أم لا.
ويلفت الصليبي إلى أنه في حال انتهاء رصيد الشحن لدى العداد الذكي فإن هناك رصيدًا احتياطيًّا يسترد عند أول عملية شحن، كما هو معمول في نظام عدادات الكهرباء “مسبقة الدفع”.
وفي حال تعذّر على المواطن شحن رصيد كرت المياه يقول الصليبي؛ فإن البلدية لن تقطع المياه عن أحد، “وسيكون هناك إجراءات معينة سيتم ترتيبها في حينه”.
ويضيف “من حق أي مواطن أن يكون له حد أدنى من المياه، وبجانب ذلك فإنه يوجد حق للبلدية في دفع تكاليف ثمن توصيل المياه للمواطن”.
وبحسب بلدية بيت لاهيا، فإنها ستنهي تركيب 100 عداد دفع مسبق قبل نهاية النصف الأول من العام الجاري، متوقّعةً أن تحذو بلديات قطاع غزة حذوها في تبني مشروع تركيب عدادات ذكية.
مطلوب ولكن
ويرى الأكاديمي والمختص في قضايا المياه أحمد حلّس أن تركيب العدادات الذكية مطلوب للمواطنين لما لها من قدرة على ترشيد استهلاك المياه وضبط الفاقد منها.
ويقول حلّس إن هذا المشروع يحتاج لجهد كبير من بلدية بيت لاهيا لتثقيف الناس وتوعيتهم بأهمية المياه، والعجز الكبير الموجود في قطاع غزة.
ويوضح أن الواقع الاقتصادي في غزة من بطالة وفقر، وكذلك السياسي من انقسام وعجزٍ في التمويل الدولي حال دون تنفيذ مشاريع خدماتية للمواطنين، وبات الناس في عوز واحتياج؛ مما حال دون التزامهم بدفع فواتير الخدمات.
ويضيف “بات لزامًا على البلديات الاعتماد على الجباية في سبيل تقديم الخدمات للجمهور؛ لأنه وبحسب دراسات أعددتها فإن جباية بلديات قطاع غزة من المواطنين لا تتجاوز 10%”.
ويوضح حلّس أن توجه البلدية لتركيب عدادات “دفع مسبق” رغم كلفتها الباهظة يرجع إلى أنه سيعمل على ترشيد استهلاك المياه، وضمان الحد الأدنى من الديمومة للبلدية لتحسين أدائها وجودتها وتطوير خدماتها.
ويقترح أن تطلق بلدية غزة حملة للمواطنين لتركيب عدادات دفع مسبقة لمن يقدر، ومن لا يستطيع يتوجّب عليه أن يقدّم كتابًا من وزارة التنمية الاجتماعية تؤكد عجزه عن دفع فاتورة المياه ليتم إعفاؤه من ثمن كرت المياه.
ويختم حديثه “لنجاح المشروع فإنه يحتاج جهدا كبيرا من البلدية للمتابعة والتثقيف لإيصال الفكرة للناس ليتفاعلوا معها”.
المصدر/ صفا