بدأ سريان هدنة في ليبيا دعت إليها روسيا وتركيا، وحظيت بتأييد أممي ودولي، وسط قبول من أطراف النزاع الليبي، حكومة الوفاق وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
من جهتها، أكدت حكومة الوفاق الليبية، صباح الأحد، موافقتها على وقف إطلاق النار، استجابة لدعوات الرئيسين الروسي والتركي، فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان.
وقالت الوفاق في بيان، نشرته على حسابها الرسمي بموقع “فيسبوك”: “يعلن رئيس المجلس الرئاسي القائد الأعلى للجيش الليبي وقف إطلاق النار الذي يبدأ من الساعة 00:00 بتاريخ 12 يناير 2020”.
خروقات بسيطة
ومع سريان الهدنة، بدأ طرفا النزاع بتبادل الاتهامات بخروقات لها منذ الصباح، حيث قالت مصادر عسكرية في قوات حكومة الوفاق الوطني: “قوات حفتر خرقت وقف إطلاق النار بمحور صلاح الدين في طرابلس”، وفق قناة “عملية بركان الغضب” على “تلغرام”.
وأوضحت أنه جرى “الساعة الـ2:08 فجرا، قصف لطيران مسير في سماء بوقرين، واشتباكات في محور الزطارنة”.
في المقابل، قالت مصادر تابعة لقوات حفتر، إن من قام بالخروقات قوات حكومة الوفاق.
ضغوط على حفتر
وسبق أن أعلنت قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر وقف جميع العمليات وإطلاق النار، ابتداء من ليل السبت/ الأحد، استجابة لمطالب الهدنة.
ولكن قناة “ليبيا الحرة” كشفت في تقرير لها، أن موافقة حفتر، جاءت بعد ضغوط من روسيا مارستها على دول إقليمية، من أجل دفعه إلى الموافقة على الهدنة.
وأوردت القناة أن “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا دولتي مصر والإمارات لمطالبة حفتر بوقف إطلاق النار، ودعم جهود الحل السياسي”.
وقالت إن ذلك جاء في اتصالين هاتفيين أجراهما بوتين مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد وعبد الفتاح السيسي، بحثوا فيهما الأزمة الليبية وجهود عودة العملية السياسية.
وسبق أن ذكرت صحيفة تركية، أن روسيا تمارس ضغوطا كبيرة على اللواء المتقاعد خليفة حفتر للموافقة على وقف إطلاق النار في ليبيا.
وقال مراسل قناة وصحيفة “خبر ترك”، أتشيتينار أتشيتين، إن وفدا روسيا وصل إلى بنغازي الجمعة الماضي، مشيرا إلى أن الوفد الروسي عقد لقاء مع حفتر في بنغازي، قبل أن يعلن الأخير موافقته على الهدنة.
وكانت السفارة الأمريكية في ليبيا، أعلنت مساء السبت، أن وفدا أمريكيا التقى في اجتماعين منفصلين بحكومة الوفاق وممثلين لحفتر.
وأوردت أن الوفد الأمريكي عبر عن قلقه إزاء نشر المرتزقة الروس والمقاتلين السوريين في ليبيا.
وقالت السفارة الأمريكية إن “على الأطراف الليبية إنهاء التصعيد الخطير، ورفض المشاركة المدمرة للقوات الأجنبية”، مشيرة إلى أن الهجمات التي استهدفت مطار معيتيقة، والقصف العشوائي للأحياء السكنية بطرابلس فاقما حالة الطوارئ الإنسانية، وفق قولها.
الوفاق تحدد 4 نقاط
ونشرت حكومة الوفاق بيانا أكدت فيه على أربع نقاط، صدرت عن المجلس الرئاسي وجاءت كالآتي:
أولا: الشروع فورا بوقف إرسال اللجان العسكرية المقترحة من الطرفين لإعداد الإجراءات الكفيلة لوقف إطلاق النار تحت رعاية وإشراف الأمم المتحدة.
ثانيا: تدعم حكومة الوفاق الوطني المسار السياسي عبر مؤتمر برلين من خلال مؤتمر وطني ليبي يضم جميع الأطراف والتوجهات السياسية.
ثالثا: تدعو حكومة الوفاق الوطني جميع الدول المعنية بالملف الليبي إلى دعم مسار الحل السلمي.
رابعا: حقنا المشروع بالدفاع عن النفس بالرد على أي هجوم أو عدوان قد يحدث من الطرف الآخر.
مصراتة وخمس
ونفت حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا ما ورد من أنباء عن إغلاقها ميناءي مصراتة والخمس كمناطق عمليات عسكرية، في إطار التصدي لتقدم قوات حفتر.
وذكر المجلس الرئاسي التابع لحكومة الوفاق التي تتخذ من طرابلس مقرا لها، في بيان صدر عنه السبت، أن مصلحة الموانئ والنقل البحري التابعة لوزارة المواصلات في الحكومة تعد الجهة الوحيدة المعترف بها من المنظمة البحرية الدولية، لافتا إلى أن هذه المصلحة لم تصدر أي تعليمات بإغلاقهما.
وأكد المجلس الرئاسي أن ميناءي مصراتة والخمس يواصلان عملهما بصورة طبيعية وتحت متابعة كافة الجهات الدولية المختصة، مشيرا إلى أن غرفة الملاحة البحرية الليبية ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة لتعميم ما يخص موانئ البلاد من المعلومات على كافة الوكلاء وشركات التوكيلات البحرية وكافة الأعضاء المنتسبين لها.
وشدد المجلس على تحمله المسؤولية الكاملة عن حماية ميناءي مصراتة والخمس من أي تهديدات أو مخالفات للأوامر المذكورة، مضيفا أن حكومة الوفاق اتخذت كافة التدابير الأمنية اللازمة لحفظ سلامة عملهما.
قلق إيطالي
في سياق متصل، أعرب رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، السبت، قببيل سريان المهلة، عن قلقه من تصاعد التوتر في ليبيا.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده كونتي مع رئيس الحكومة الليبية فايز السراج في العاصمة الإيطالية روما، قبل أن يتوجه الأخير إلى تركيا للزيارة.
وأشار كونتي إلى أن “التطورات الأخيرة تجعل من ليبيا برميل بارود، سينعكس على المنطقة بأكملها”، مطالبا بوقف الصراع الداخلي والتدخل الخارجي في ليبيا.
وشدد على أن إيطاليا ليست لديها أجندات سرية في ليبيا، وأنه ما من حل آخر لتحقيق الرفاهية والسلام للشعب الليبي سوى وقف إطلاق النار.
ودافع رئيس الوزراء الإيطالي عن أهمية تدخل الاتحاد الأوروبي في الشأن الليبي، قائلا: “تدخل الاتحاد الأوروبي هو أعلى مستوى من الضمان لاستقلال الشعب الليبي”.
وأعرب كونتي عن إدانته الشديدة لاستهداف الكلية العسكرية في العاصمة الليبية طرابلس الأسبوع الماضي.
ولفت رئيس الوزراء الإيطالي إلى أنه سيزور تركيا، الاثنين، ومصر الثلاثاء، من أجل التباحث حول الشأن الليبي.