منذ احتدام الأوضاع الأمنية في الخليج، وضعت إسرائيل نفسها في قائمة المستهدفين من قبل إيران. وفيما أبقت التهديدات على وتيرة مرتفعة، بحثت المؤسستان الأمنية والعسكرية سبل التعامل مع التهديدات الإيرانية واعتبرتا التهديد الأخير بالرد على عملية استهداف ناقلة النفط التابعة لإيران، موجهاً إلى جهات عدة، بما في ذلك تل أبيب.
وتتوقع إسرائيل أن تستهدف التهديدات الإيرانية منشآت إسرائيلية حساسة كمصانع الأمونيا في حيفا وآبار الغاز، وسط البحر الأبيض المتوسط، ما استدعى قيادة الجيش الإسرائيلي إلى إبقاء الحماية في أوسع منطقة محيطة بهذه المنشآت والاستعداد لمواجهة أي خطر تتعرض له.
واعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أن إيران تسعى إلى تشديد قبضتها وهيمنتها على لبنان وسوريا والعراق واليمن وقطاع غزة وتتجاوز باستمرار سقف جرأتها. وأضاف أن “إيران تتوعد بإزالة إسرائيل عن الخريطة، وتقول علناً إن “إسرائيل ستزول” وتحاول المرة تلو الأخرى الهجوم علينا، لذلك يتعين علينا التأهب للدفاع عن أنفسنا ضد هذا الخطر”.
وأتى حديث نتنياهو بالتزامن مع مصادقة المجلس الوزاري الأمني المصغر على مباشرة الجيش بتنفيذ ما أسماه “مشروع أمني حساس” تصل كلفته الشاملة إلى نحو 320 مليون شيكل (العملة الإسرائيلية).
“الأمن الجاري”
والمشروع الأمني الحساس هو مشروع مرتبط بما يطلق عليه الإسرائيليون “الأمن الجاري”، ويأتي من ضمن مشروع الدفاع أمام المخاطر المحدقة بإسرائيل والمهدِدة لأمنها، من مختلف الجبهات القريبة والبعيدة. وسبقت هذا المشروع المصادقة على زيادة “طارئة”، وفق ما أسماها وزراء الحكومة الإسرائيلية المصغرة، تبلغ قيمتها 355 مليون شيكل للتسلح بمنظومة دفاعية ضد الصواريخ، التي تدّعي إسرائيل أنها تهدد أمنها من قبل إيران وحزب الله وسوريا.
ويطالب جهاز الأمن بزيادة الميزانية بـ40 مليار شيكل للسنوات العشر المقبلة، أو 4 مليار شيكل سنوياً، وهو مطلب يثير نقاشاً إسرائيلياً حول إذا كان الوضع الأمني يستحق فعلاً هذه الموازنة التي تمس بشكل خطير الموازنة في مجالات أخرى.
الخطة الإيرانية في سوريا
القلق الإسرائيلي تجاه إيران يكمن أساساً في وجودها في سوريا، ولا يكاد يمر أسبوع إلاّ وتجري المؤسستان الأمنية والعسكرية والمعاهد ذات الشأن، أبحاثاً حول سبل التعامل مع هذا الخطر. وفي آخر دراسة نشرها معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب الأحد، بإشراف النائب السابق لرئيس المعهد، افرايم كام، رأى أن إيران تستغل وجودها في كل مكان لمواجهة إسرائيل. وقال “تسعى إيران إلى استغلال تموضعها في سوريا لتشديد التهديد على إسرائيل، من خلال حزب الله وغيره من الميليشيات الشيعية، عبر توسيع الجبهة أمام إسرائيل من لبنان إلى سوريا. من هذه الناحية، فإن الانتشار العسكري في سوريا يشكل في نظر إيران، الجبهة المتقدمة أمام خصومها، بعيداً من حدودها. كما يعزز الوجود في سوريا النفوذ الإيراني في العراق ولبنان، البلدين المهمين بالنسبة إلى طهران، بسبب العدد الكبير من السكان الشيعة فيهما”. واعتبر كام أن “الانتشار في سوريا يسمح لإيران بأن تعرض أمام العالم السني، قوةً شيعية متعددة القوميات، جمعت قدرة قتالية، ويمكن استخدامها أيضاً في بؤر أخرى مهمة بالنسبة إلى النظام الإيراني”.
وأشار كام إلى أن اتفاقات عدة وُقّعت بين سوريا وإيران تتعلق بالتصدي لإسرائيل. وكتب “منذ عام 2018، حين تبيّن أن نظام الأسد نجا من خطر الانهيار القريب، انكشفت تدريجاً تفاصيل اقتصادية أخرى عن الاتفاقات التي وُقِعت بين إيران وسوريا، والتي ستؤثر في منظومة العلاقات بينهما في المستقبل أيضاً. كما يمكن الافتراض أن بعض هذه الاتفاقات، وبشكل أساسي في المجال العسكري، لم تنكشف ولا تلك الخاصة بالمستوى الاقتصادي، لأنها تتعلّق على ما يبدو بالتصدي لإسرائيل”. وتابع “في هذا الإطار، وُقِّعت في عامي 2018 و2019 بين إيران وسوريا سلسلة اتفاقات تُعنى أساساً بتوسيع التعاون العسكري بين الدولتين وبإعادة بناء القوات العسكرية والصناعات العسكرية في سوريا. كما قررت هذه الاتفاقات استمرار وجود المستشارين العسكريين الإيرانيين في سوريا، والمقصود هو الحرس الثوري وقوة القدس والميليشيات العسكرية الشيعية”.
وفي سياق التفاخر الإسرائيلي بالقدرات العسكرية لمواجهة إيران، قال كام “حتى لو نجحت إيران في استكمال بناء منظومة المحاور التي تخطط لها، ستبقى أمامها صعوبات، ألا وهي تفوّق سلاح الجو الإسرائيلي وقدرته المثبتة على ضرب أهداف مهمة في هذه المنظومة، على أساس الاستخبارات النوعية والدقيقة”. وحذّر من أنّ “إيران ستكون مطالَبة ببناء قدرات أكبر وأكثر إيلاماً، لتتمكن من ردع إسرائيل عن مواصلة هجماتها”.
المصدر/ الانديبنت