على الرغم من أن الموقف الأميركي المعلن من تسلم تركيا النظام الدفاعي إس-400 من روسيا، الجمعة، اقتصر على تصريح للقائم بأعمال وزير الدفاع مارك إسبر بأن موقف واشنطن “لم يتغير”، إلا أن فرض عقوبات على تركيا، بسبب هذه الصفقة، يبدو أقرب من أي وقت مضى. وهذا ما أكده مصدر لموقع “بلومبيرغ” الأميركي، الذي أعلن أن حزمة العقوبات ستُعلن خلال الأيام المقبلة.
خيارات متعددة
وفق الموقع، فإن الإدارة الأميركية اختارت بعد نقاشات بين وزارتي الدفاع والخارجية ومجلس الأمن القومي، مجموعة من الإجراءات للتسبب بأضرار متفاوتة المستوى لتركيا، بموجب قانون مكافحة خصوم أميركا عبر العقوبات (CAATSA).
ووفق هذا القانون، على الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن يختار ما لا يقل عن خمس عقوبات من أصل 12 يعرضها القانون. وهي مروحة واسعة من الخيارات، تبدأ من عقوبات معتدلة المستوى، مثل الحرمان من التعامل مع بنك الصادرات والواردات الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقراً له، وصولاً إلى عقوبات أكثر ضرراً مثل منع إمكانية الولوج إلى النظام المصرفي الأميركي.
ومن بين العقوبات الأخرى، يمكن للإدارة الأميركية منع المصارف من تقديم قروض تفوق قيمتها الـ10 ملايين دولار للجهة المستهدفة بالعقوبات ومعارضة حصولها على قروض من المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، وحظر إصدار تأشيرات الدخول والحرمان من رخص التصدير.
على أن الخيار الأقرب بالنسبة إلى الإدارة، وفق “بلومبيرغ”، سيكون فرض عقوبات على شركات تركية تعمل في قطاع الدفاع الرئيس في البلاد، ما سيحرمها من شراء معدات أميركية أو بيع منتجاتها في الولايات المتحدة.
ووفق الموقع، تنتظر الإدارة الأميركية مرور الذكرى الثالثة لمحاولة الانقلاب ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في يوليو (تموز) 2016، للإعلان عن العقوبات، خصوصاً أن أردوغان يلوم “حليفاً صار عدواً” في المنفى بالولايات المتحدة بمحاولة تدبيرها.
أردوغان: ترمب يملك سلطة الإحجام
نقل تلفزيون خبر ترك عن أردوغان قوله، الأحد، إن الرئيس الأميركي ترمب يملك سلطة الإحجام عن فرض عقوبات على تركيا لشرائها أنظمة الدفاع الجوي الروسية وإن عليه إيجاد “حل وسط” في هذا الخلاف.
ونقلت المحطة عن أردوغان قوله أمام صحافيين أتراك إن ترمب “لديه سلطة الإحجام عن أو تأجيل (تطبيق) قانون مجابهة خصوم الولايات المتحدة بالعقوبات”، في إشارة إلى العقوبات الأميركية الرامية لمنع الدول من شراء عتاد عسكري من روسيا. وأضاف أردوغان “بما أن هذا هو الوضع، فإن على ترمب إيجاد حل وسط”.
وقال أردوغان “الآن لا أعتقد أن ترمب يتفق في الرأي مع من هم دونه (من المسؤولين الأميركيين)، وقد قال ذلك أمام كل وسائل الإعلام العالمية”. وأضاف “بشرائنا المنظومة إس-400، نحن لا نستعد للحرب. إننا نحاول ضمان السلام وأمننا القومي”.
النظام الدفاعي
أعلنت تركيا، الجمعة، بدء تسلمها نظاماً دفاعياً صاروخياً متطوراً من روسيا، في خطوة ترفضها الولايات المتحدة، التي تشاركها عضوية حلف شمال الأطلسي.
وتقول الولايات المتحدة إن هذه المعدات العسكرية الروسية لا تتوافق مع نظم حلف شمال الأطلسي وإن الحصول عليها يمكن أن يؤدي إلى إبعاد تركيا من برنامج لإنتاج الطائرة المقاتلة إف-35.
ويشعر المستثمرون في تركيا بالقلق بسبب الصفقة، إذ تراجعت الليرة التركية 1.6 في المئة إلى 5.7780 أمام الدولار بعد إعلان وزارة الدفاع التركية عن وصول أجزاء من منظومة الدفاع الصاروخي إس-400 إلى قاعدة مورتيد شمال غربي أنقرة. وانخفض المؤشر الرئيس لبورصة اسطنبول 2.13 في المئة.
وتقول تركيا إن النظام الدفاعي الصاروخي ضرورة دفاعية استراتيجية، خصوصاً لتأمين الحدود الجنوبية مع سوريا والعراق، مشيرةً إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا لم تقدما لها بديلاً مناسباً عندما أبرمت صفقة النظام الصاروخي إس-400 مع روسيا.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، قال أردوغان بعد اجتماعه مع ترمب، في قمة مجموعة العشرين، إن الولايات المتحدة لا تعتزم فرض عقوبات على أنقرة لشرائها نظام إس-400.
في المقابل، قال ترمب إن تركيا لم تلق معاملة عادلة، لكنه لم يستبعد فرض عقوبات.
لكن واشنطن بدأت بالفعل إجراءات لإخراج أنقرة من برنامج المقاتلات إف-35 وأوقفت تدريب طيارين أتراك على المقاتلة في الولايات المتحدة.
ويخشى المستثمرون في تركيا من تأثير العقوبات الأميركية المحتملة في الاقتصاد الذي أصابه الركود بعد أزمة العملة، العام الماضي.
المصدر اندبيدنت عربية