أكد سياسيون سودانيون أهمية تكريس الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب السياسية السودانية وفي نظمها ودساتيرها، إضافة إلى إحداث تطور في أدواتها وبرامجها ومحتواها ورسائلها لتكون مقنعة في تلبية الحد الأدنى من حاجات المواطن، خصوصاً جيل الشباب في عالم شديد التعقيد وسريع التغير، داعين إلى ضرورة تحمل الأحزاب مسؤولياتها من خلال تعزيز كفاءتها الوظيفية كآلية للمجتمع ورفده بالمبادرات والأفكار المبتكرة وإعداد الكوادر والقيادات الشابة لإحداث تحول وتطور في الحياة بعامة.
قيادات جديدة
يوضح رئيس حركة الإصلاح الآن في السودان الدكتور غازي صلاح الدين أن من أهم وظائف الأحزاب السياسية أنها تقود الدولة من خلال إعداد القادة المؤهلين الذين تدفع بهم إلى الساحة العامة، وإذا لم توجد حركة سياسية تتيح قادة مؤهلين ذوي خبرة وتجدد دماءهم وإنتاجهم ستعطل الدولة وتجمد الحياة تدريجاً في المجتمع وتسود الاتجاهات المحافظة المتزمتة وتموت ملكات الإبداع والتجديد. وأشار إلى أن خطوات الإصلاح داخل الأحزاب تتطلب الاتفاق على نقاط عدة والالتزام بها، من أهمها تكريس الممارسة الديمقراطية داخلها وفي نظمها ووثائقها، وتعزيز الكفاءة الوظيفية للحزب كآلية للمجتمع والتنظيم وكمؤسسة مسؤولة عن إصدار القرارات وتحمل مسؤوليتها، وكأداة لتشكيل المبادرات وتكوين الكوادر والقيادات وإعدادها من خلال نظم التدريب، وتشجيع الإسهام في إنتاج أفكار مبتكرة وقادة جدد.
ويرى أن الأحزاب السياسية السودانية على مر التاريخ، خصوصاً في ظل الأنظمة الشمولية تعرضت إلى الظلم الذي وقع عليها فأضعفها وشل قدرتها. لكن الأحزاب نفسها لم تعانِ من مخططات الإضرار بها ومحاولة تهميشها وزرع الفتن في داخلها فحسب، بل عانت بسبب قصورها وضعفها وقابليتها للتنازع والانقسام والقطيعة بين الأجيال، لافتاً إلى أن هذا القصور كان يتم على حساب الوظيفتين الأساسيتين اللتين يفترض أن يؤديهما الحزب السياسي وهما وظيفتان تجديديتان، الوظيفة الأولى هي إنتاج قيادات جديدة للحكومة والمجتمع تفلح في ضمان استمرار الدولة وازدهارها، وهذه الوظيفة تعمل لمصلحة الجميع لأن الدولة ملك الجميع. أما الوظيفة الثانية فهي إنتاج أفكار ورؤى ومبادرات جديدة في مواجهة المشكلات والأزمات التي تهدد المجتمع والدولة من عافية الاقتصاد إلى عدالة القضاء وقوة الجيش وفاعلية جهاز الخدمة العامة في سلم الحضارة. وأشار إلى أنه إذا عجزت الأحزاب عن أداء المهمتين، فستتولى أمرها سنن التاريخ لا محالة.
ثورة تطويرية
في المقابل، يعتقد رئيس المكتب السياسي في حزب الأمة القومي الدكتور محمد المهدي أنه لا بد للأحزاب السياسية السودانية أن تحدث خلال الفترة المقبلة تطوراً في أدواتها وبرامجها ومحتواها ورسائلها لتكون مقنعة في تلبية الحد الأدنى من حاجات المواطن. ونوّه إلى أنه من الأهمية بمكان أن تقوم الأحزاب كافة بتغيير خطابها التقليدي، فمعظم هذا الجيل لديه طموح عالٍ ويريد أن تكون الأحزاب التي تعبّر عنه وتقوده في المرحلة المقبلة جادة في استيعاب مشكلاته وكيفية معالجتها، وأن تكون مسؤولة وذات محتوى برامجي يلبي حاجاتهم ويعمل على حل المشكلات التي يعانون منها.
وأشار المهدي إلى أنه من الضروري أن تسهم الأحزاب السياسية في توفير حلول علمية وعملية لقضايا الشباب كالبطالة والفقر، إضافة إلى المشاركة السياسية الجادة والفاعلة والواعية والمسؤولة، في الوقت الذي تدرك الأحزاب السياسية بأنه لا مستقبل لها إلا من خلال قدرتها على استيعاب هذا الجيل الطموح والعمل على استقطابه وفقاً لسقف طموحاته العالية التي برزت من خلال الثورة الشعبية وأظهرت بأنه جيل لا يستهان به ويملك قدرات وأدوات فكرية وإبداعية في منتهى الاحترافية. وأوضح أن نظرة الشباب ستتشكل تجاه العمل الحزبي إذا كانت الأحزاب السياسية هي المؤسسة الوحيدة التي تستطيع أن تصعد بالشباب إلى مواقع صنع القرار. عندئذ، سيشارك هؤلاء الشباب بقوة في العمل الحزبي وستكون إسهامتهم واضحة، وبالتالي ستنهض الأحزاب، ما سينعكس على المجتمع بعامة والتنمية على وجه الخصوص.
وتناول رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة القومي تجربة حزبه في هذا الشأن بقوله إن حزبه خطا هذه الخطوة منذ زمن بعيد ودستوره يؤكد ذلك فعلياً وعملياً. إذ يفرد مساحة واسعة لتمكين الشباب لقيادة الحزب من خلال تمثيله في قطاعات الحزب ومؤسساته المختلفة سواء قطاع الشباب والطلاب أو المكتب السياسي وكذلك على مستوى الرئاسة، التي فيها عدد مقدر من الشباب لتدريبهم على القيادة، منوهاً إلى أن قضايا الشباب ومطالبهم تعدّ من أكثر القضايا تعقيداً لأنها ملحة وتحتاج إلى خطط عاجلة وبرامج لمعالجتها. كما أن طموحاتهم زادت مع تطورات العصر، لذلك يعكف الحزب على وضع برنامج سياسي تعبوي ينتهي بانعقاد المؤتمر العام للحزب، الذي تطرح فيه السياسات العامة للحزب للمرحلة المقبلة ويتم خلاله تجديد دماء قيادات الحزب في مؤسساته المختلفة، متوقعاً أن تكون قراراته ملبية لطموحات شرائح المجتمع كافة، خصوصاً أن دستور الحزب يلزم بأن تكون نسبة مشاركة الشباب في المؤسسات التابعة للحزب 25 في المئة، وكذلك الحال بالنسبة إلى المرأة التي تمثل بنسبة 25 في المئة أيضاً.
المصدر/ اندبينديت عربية