أعلنت وسائل إعلام محلية إيرانية، صباح الخميس، استهداف ناقلتَي نفط في خليج عُمان، موضحة أن الناقلات المستهدفة من الناقلات العملاقة التي كانت تحمل النفط الخام من الخليج.
وأشارت وكالة يونيوز الإيرانية إلى سماع دوي انفجارات متتالية قوية في خليج عُمان صباح الخميس، أعقبها تلقِّي موانئ في باكستان وسلطنة عمان نداءات استغاثة من ناقلتي النفط.
وذكر الأسطول الخامس أنه أرسل قوات بحرية إلى المنطقة لمساعدة السفينتين، وفي وقت لاحق قالت مصادر أمريكية إن بارجة أمريكية تابعة للأسطول الخامس بطريقها إلى موقع النقالات التي تعرضت للهجوم.
ونقلت رويترز عن مدير إحدى الناقلتين قوله إن الناقلة “كوكوكا كاريدجس” كانت في طريقها من الجبيل بالسعودية إلى سنغافورة محملة بشحنة ميثانول، وإن الشحنة في الناقلة سليمة.
وأشار المدير في بيان له إلى إصابة أحد أفراد طاقم الناقلة بجروح طفيفة، مضيفاً أن الهجوم تسبب في أضرار بالجانب الأيمن من الناقلة.
وفي السياق ذاته، قالت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (ارنا) إن سفناً إيرانية انتشلت 44 بحاراً من ناقلتي النفط المستهدفتين في الخليج وتم نقلهم إلى مرفأ إيراني.
من جهتها، أفادت وسائل إعلام مقربة من إيران، بغرق إحدى ناقلتي النفط. ونقل موقع قناة “الميادين” عن مصادر (لم يسمِّها) لكنه وصفها بالموثوقة، أن ناقلة النفط “فرنت ألتير” غرقت بشكل كامل في خليج عمان.
وقالت المنظمة البحرية البريطانية للعمليات التجارية إنها تحقق في التقارير، التي وردت بذلك، بعد تسلم نداءات استغاثة من الناقلتين. وقالت وسائل إعلام إيرانية إن إحدى الناقلتين، وكانت تسمى بـ(فرنت ألتير)، غرقت في خليج عمان.
وقال وو آي-فانغ، المتحدث باسم هيئة منصات النفط في تايوان، التي تستأجر (فرانت ألتير)، إنها كانت تحمل 75000 طن من النفط، وإنه “يشتبه بأن طوربيدا ضربها”، وإن لم يؤكد هذا. وقالت تقارير أخرى غير مؤكدة إن لغما أصاب الناقلة.
وقالت شركة فرانت لاين، مالكة السفينة، إن النيران اشتعلت في الناقلة، التي ترفع علم جزر مارشال، ولكنها نفت ما قالته وسائل إعلام إيرانية، عن غرقها.
وقالت شركة بي إس إم لإدارة السفن، التي تشغل الناقلة الثانية، كوكوكا كاريدجيس، التي ترفع علم بنما، وتملكها اليابان، إن طاقمها اضطر إلى تركها، وإن سفينة أخرى، كانت تمر في المكان، أنقذتهم.
وكانت الناقلة تحمل مادة الميثانول، ولم تكن عرضة للغرق، بحسب ما قاله المتحدث. وتوجد حاليا على بعد 80 ميلا من إمارة الفجيرة، ولا تبعد عن إيران بأكثر من 16 ميلا. ولم تتضرر شحنتها.
ماذا حدث؟
وتحدثت وسائل إعلام إيرانية عن سماع دوي انفجارات في باكستان، وأن طاقمي الناقلتين طلبا المساعدة من الدول المطلة على خليج عُمان. وقالت الوكالة إن موانئ في باكستان وسلطنة عمان تلقت نداءات استغاثة من ناقلتي نفط. وقالت تقارير إن طاقمي الناقلتين أجليا منهما بعد إرسالهما نداءات استغاثة.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا” عن مصدر مطلع، قوله إن “44 بحارا أنقذوا من ناقلتي نفط أجنبيتين … بالتنسيق مع مركز البحث والإنقاذ في هرمزكان، ونقلتهم البحرية الإيرانية العائمة إلى ميناء جاسك”.
وأضاف أن إحدى الناقلتين “أصيبت في الساعة 08:50 دقيقة من صباح الخميس، على بعد 25 ميلا إلى الجنوب من جاسك”.
وأضافت الوكالة أن 23 شخصا من أفراد طاقم السفينة ألقوا بأنفسهم في المياه بعد الحادث، وأنقذهم الإيرانيون ونقلوا إلى قارب.
وأضافت أنه بعد ساعة من حادثة السفينة الأولى، تعرضت ناقلة أخرى في الساعة 09:50 لحريق على مسافة 28 ميلا من جاسك. وكانت الناقلة الثانية في الطريق إلى سنغافورة من أحد موانئ السعودية.
وألقى 21 شخصا من أفراد طاقم السفينة أنفسهم في المياه بعد الحادث، ولكنهم أنقذوا بالتنسيق مع مركز البحث والإنقاذ البحري في هرمزكان، بحسب إرنا.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن الأسطول الخامس الأمريكي قوله إن قوات البحرية الأمريكية تساعد ناقلتين في خليج عمان بعد تلقيها نداءي استغاثة الخميس.
ردود دولي
و قال نائب وزير الخارجية الروسي إن ما وصفها بالهجمات في خليج عمان تعكس الحالة الحادة التي وصلت إليها الأوضاع بالمنطقة، ودعا إلى القيام بخطوات لخفض التوتر والتصعيد بالمنطقة.
كما دعا المسؤول الروسي إلى عدم تحميل إيران مسؤولية استهداف الناقلتين النفطيتين. وفي موسكو أيضا، قالت الخارجية الروسية إنه يجري التحقق من مصير البحارة الروس من أفراد طاقم الناقلة “فرانت ألتير”.
وعبرت بريطانيا عن قلقها الشديد من التقارير عن انفجارات وحرائق في الناقلتين قرب مضيق هرمز، الذي تمر منه 40% من صادرات النفط البحرية العالمية. وقالت الخارجية البريطانية إن لندن على اتصال مع السلطات المحلية والشركاء في المنطقة حول الواقعة.
وكان متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي قال إن لندن على علم بتقارير عن استهداف ناقلتين بهجمات مريبة في خليج عمان. وأضاف أنها تسعى للوقوف على حقيقة ما حدث على وجه السرعة.
من جهته، دعا الاتحاد الأوروبي إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، وتفادي الاستفزازات. وقالت المسؤولة عن السياسية الخارجية والأمن بالاتحاد فيديريكا موغيريني إن المنطقة لا تحتاج إلى المزيد من التوتر.
حادث أكثر من مريب
وقال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إن وقوع الهجمات المزعومة التي استهدفت الناقلتين قبالة السواحل الإيرانية بالتزامن مع وجود رئيس الحكومة اليابانية في طهران حادث أكثر من مريب.
وقال المسؤول الإيراني في تغريدة “الهجمات التي يقال إنها استهدفت ناقلتين لهما علاقة باليابان حدثت بينما كان رئيس الحكومة اليابانية شينزو آبي يلتقي بالمرشد آية الله خامنئي لإجراء محادثات عميقة وودية. إن عبارة مريبة لا تكفي لوصف ما وقع صباح اليوم”.
وعبر عباس موسوي، الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عن “القلق” إزاء توافق الهجمات مع زيارة آبي.
وقال إن الهجمات “تقف عكس الجهود التي تبذل في المنطقة وخارجها من أجل خفض التوتر”، مضيفا أن “إيران تساند التعاون والتفاوض في المنطقة”.
تأثير الحادثة في أسعار النفط
وأدت تلك الأنباء إلى ارتفاع أسعار النفط. إذ زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي بحوالي دولار ونصف (1.41) أو 2.7 في المئة لتصل قيمة البرميل إلى 52.55 دولار. وبحلول الساعة 06:46 بتوقيت غرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت دولارين، أو 3.3 في المئة ليرتفع سعر البرميل إلى 61.97 دولار.
وتعتبر هذه ثاني حادثة خطيرة خلال شهر تتعرض فيها ناقلات نفط لهجوم قرب مضيق هرمز الاستراتيجي، الذي يمر عبره خمس النفط في العالم، على الأقل.
مسار السفن المستهدفة والتي توضح انفجارها خارج المياه الاقليمية العمانية، فبارك الله فيكم لا تزجوا اسم السلطنة في هذه المعمعة، فعمان ستبقى الدرع المنيع و الحصين للخليج، فقواتها المسلحة قائمة بالدور المنوط في تأمين مياهها الإقليمية #انفجار_ناقلتي_نفط_ببحر_عمان pic.twitter.com/XO2iSVzenL
— Omani Wakeli Fakher (@FakherOmani) June 13, 2019
وكانت أربع ناقلات قد تعرضت في مايو/أيار لتفجيرات قرب ميناء إماراتي. وانتهى تقرير مشترك قدمته الإمارات، والسعودية، والنرويج، الأسبوع الماضي، إلى مجلس الأمن الدولي إلى أن عبوات متفجرة وضعتها ضفادع بشرية في المنطقة، لكنه لم يوجه اللوم لأي بلد.
وكانت الأضرار في تلك الحادثة قليلة، فلم تشتعل حرائق، ولم يجل أحد. أما الحادثة الأخيرة فأكثر خطورة.
وكلتا الناقلتين النرويجية، واليابانية، كانت تمر في خليج عمان، ويثير هذا التساؤل عن الأضرار التي أعقبت التفجيرات، بحيث اضطر طاقما الناقلتين إلى تركهما.
وقالت إيران إن الشبهة تحوم حول توقيت الحادثة هذه المرة، الذي تزامن مع زيارة رئيس وزراء اليابان، شينزو آبي إلى طهران. وتعقيباً على الحادث، قالت الخارجية الإيرانية “نشعر بقلق شديد حيال حادثة ناقلتي النفط في بحر ع مان، كونها فعلاً مريباً في توقيت حساس”، بحسب المصدر ذاته.
فيما نقل التلفزيون الإيراني عن الرئيس حسن روحاني قوله إن “أمن الخليج غاية في الأهمية بالنسبة لإيران”.
في السياق ذاته، دعا نائب وزير الخارجية الروسي ريابكو لعدم استخدام واقعة خليج عمان لتأجيج التوتر مع إيران.
ودعت وزارة الخارجية الفرنسية إلى ضبط النفس ونزع فتيل التوتر في منطقة الخليج بعد هجوم على ناقلتي النفط. وقالت المتحدثة باسم الوزارة أنييس فون دير مول للصحفيين في إفادة يومية على الإنترنت “ندعو كل الأطراف، التي نتواصل معها بشكل دائم، لضبط النفس ونزع فتيل التوتر”.
وشهدت المنطقة الشهر الماضي هجمات استهدفت أربع سفن تجارية قبالة السواحل الإماراتية. وقالت أبو ظبي آنذاك إن الهجمات قد تكون نفذتها دولة ذات قدرات، دون أن تسمي تلك الدولة. ونفت إيران اتهام الولايات المتحدة لها بأنها هي المسؤولة عن تلك الهجمات. وأدى ذلك إلى زيادة التوتر بين إيران من ناحية، والولايات المتحدة وحلفائها في الخليج، من ناحية أخرى.
وكانت الولايات المتحدة قد أرسلت حاملة طائرات وقاذفات قنابل إلى المنطقة في أوائل مايو/أيار، ردا على ما قالت إنه خطة إيرانية غير محددة للهجوم على قوات أمريكية في المنطقة. وتبنى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خطا متشددا تجاه إيران، متهما إياها بزعزعة الوضع في منطقة الشرق الأوسط. ورفضت إيران تلك الادعاءات، واتهمت الولايات المتحدة بأنها تتبنى سلوكا عدائيا.
المصدر/ وكالات