الرئيسية / العالم / معادلة ردود الفعل ضد حزب الله تسمح للسنوار وإسرائيل لاطالة المفاوضات في غزة

معادلة ردود الفعل ضد حزب الله تسمح للسنوار وإسرائيل لاطالة المفاوضات في غزة

ترجمة: أمين خلف الله

 هارتس/ تسفي بارئيل

“الخبر” الأهم في خطاب حسن نصر الله أمس جاء في نهايته، عندما أبلغ الشعب اللبناني أن “الجميع يمكن أن يهدأوا ويعودوا إلى بيوتهم”. فهل هذا هو “الفصل الأول” فقط من الرد، وهل من المتوقع أن يستمر؟ والجواب على ذلك، بحسب نصرالله، سيكون في النتائج التي ستظهر على الأرض. وهذا يعني أنه إذا تبين بعد “فحص النتائج” أن الإجراء لم يكن كافيا، فيمكن للمرء أن يتوقع استمراره في وقت لاحق.

وهذا التصريح يتناقض حتماً مع وصفه في الجزء الأول من الخطاب بأن الهجوم كان ناجحاً وأصاب جميع أهدافه وأن إسرائيل تكذب “كعادتها” في تقاريرها التي لم تلحق أي أضرار. لكن الأمين العام لحزب الله لن يتم اختباره لقول الحقيقة، بل لاختبار استراتيجيته التي أدت إلى هجوم كان «ناجحاً بكل معنى الكلمة» على حد تعبيره.

تكبد نصر الله عناء تفسير تأخر الرد على اغتيال فؤاد شكر، وانقسمت إجابته إلى قسمين. أولاً، الرغبة في إعطاء فرصة للمفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة للتقدم والتوصل إلى نتيجة. ثانياً، التمركز الكبير للقوات في المنطقة، بقيادة الادارة الأمريكية، والخوف من زيادة هذا التركيز للقوات، أو. على الأقل لا تنخفض.

ومن هنا جاء قرار العمل في الموعد المحدد، وهو أيضاً يوم رمزي – اليوم الأربعين لوفاة الحسين بن علي مؤسس المذهب الشيعي. لكن الجزء الأول من التفسير يثير سؤالاً مثيراً للاهتمام: هل كان نصر الله سيتخلى عن الانتقام لو تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة؟

ومثل إسرائيل وإيران، لا يزال نصر الله يحرص في خطابه على تعريف نفسه ضمن «معادلة رد الفعل»، التي تقوم على استراتيجية مشتركة بين جميع الأطراف. وبحسب هذه الاستراتيجية، لا توجد نية لتصعيد الصراع إلى حرب شاملة، حتى عندما تكون «نار الانتقام» مشتعلة. لكن، ضمن «حدود الترسيم» التي تحددها هذه المعادلة، قد تكون هناك أيضاً استثناءات ناتجة عن أعمال غير عادية، مثل اغتيال شكر في لبنان أو إسماعيل هنية في طهران.

ويبدو أن هذه التصرفات، بحسب تفسير إيران وحزب الله، فتحت «حسابات منفصلة» لا بد من تسويتها بغض النظر عن إطار معادلة رد الفعل «المعتاد».

في حين أن الصراع الذي تطور منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول وتسبب في حشد فروع إيران الأخرى، مثل الحوثيين في اليمن والميليشيات في العراق، يقوم على مفهوم “وحدة الساحات” أو “جبهة الدعم” “، ملف اغتيال شكر وهنية في حساب آخر لا علاقة له بالحرب في غزة أو الحشد الميداني لدعم حماس على سبيل المثال، أوضح نصر الله في خطابه السابق أن “إيران ليست مطالبة بالمشاركة في الحملة (التي يخطط لها حزب الله ضد إسرائيل ردا على مقتل شكر وشاف) ولا على سوريا، بسبب الأوضاع الداخلية في البلاد. لكن هذا تمييز نظري لأن كلاً من إيران ونصر الله يمكن أن يفترضا أنه حتى رد فعل كل منهما على حدة يمكن أن يتسبب في حرب شاملة.

وحرص نصر الله على تحديد أهداف الهجوم بدقة كبيرة – “قاعدة المخابرات في جليلوت حيث تتمركز الوحدة 8200 والموساد” وقاعدة بالقرب من عين شيمر، حيث تنطلق منها الطائرات الإسرائيلية بدون طيار، على حد قوله، بالإضافة إلى ذلك، باعتبارها ثانوية كما تم اختيار المواقع التي تتمركز فيها بطاريات القبة الحديدية، ولكن دون الإضرار بالبنية التحتية أو التجمعات السكانية المدنية.

وأكد نصر الله أن اختيار هذه الأهداف كان يهدف إلى ضرب تلك الأهداف التي لها علاقة بمقتل شكر فضلا عن ضرب القاعدة الإسرائيلية بالقرب من تل أبيب.

هذا الشرح التفصيلي، الذي كلف فيه نصر الله عناء تحديد المسافة بالكيلومترات بين تل أبيب ولبنان، وبين قاعدة جيليوت وتل أبيب، ليس عرضيا. ويوضح أنه كما في كل فترة الصراع، وحتى في هذا العمل، ورغم أنه ليس جزءا من “جبهة الدعم” لحماس، فقد قرر التنظيم الحفاظ على معادلة الرد.

 

ورداً على اغتيال تل أبيب في الضاحية، أطلقت طائرات مسيرة من منطقة البقاع، “لأول مرة” على حد قوله، رداً على الهجمات الإسرائيلية في منطقة بعلبك، وأوضح أيضاً قرار عدم ضرب المراكز السكانية، هو جزء من التوازن الذي لا تلحق فيه إسرائيل الضرر بالبنية التحتية المدنية والتمركزات السكانية في لبنان. هذه هي طبيعة ميزان القوى وميزان الردع كما يراها نصر الله.

وكرر نصر الله التوضيح بأن الانتظار الطويل نسبيا لرده هو جزء من الانتقام نفسه، وأن الوقت الذي مضى له دور استراتيجي لأنه فرض على إسرائيل فترة من التوتر والقلق وأضرار اقتصادية فادحة. لكن البعد الزمني له أهمية استراتيجية كبيرة لأنه طالما أن إسرائيل وحزب الله يعززان مواجهتهما، ويعتمدان على «معادلة ردود الفعل» واستراتيجية منع حرب شاملة، فإنهما يمنحان الوقت أيضاً ليحيى السنوار.

وفي “تقسيم الأدوار” بين السنوار ونصر الله، في مواجهة الضغوط العسكرية التي تمارسها إسرائيل في غزة، يقدم نصر الله للسنوار الضغط العسكري ضد إسرائيل الذي لا يستطيع هو نفسه القيام به.

ومن خلال القيام بذلك، فهو يجسد بشكل كامل العلاقة بين لبنان وغزة، مما يسمح للسنوار بإجراء المفاوضات بالوتيرة التي يراها مناسبة، والإصرار على الشروط الأساسية، والتي تشمل وقف إطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي من محور فيلادلفيا. ومعبر رفح، ولاحقاً أيضاً وقف الحرب والانسحاب الكامل من غزة، كل هذا، وإن كانت أكثر الجبهات، وخاصة إيران، لا تشارك بشكل كامل في «وحدة الساحات».

من الناحية النظرية، فإن نصر الله، الذي حول نفسه إلى الذراع العسكري لحماس، يوفر للسنوار ما قد يكون الضمان الأكثر أهمية على أن إسرائيل لن تعود إلى الحرب إذا انهارت المفاوضات لإطلاق سراح الأسرى بعد المرحلة الأولى.

ومن التزام نصر الله بوقف إطلاق النار إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، يبدو أن التزامه بتجديد الصراع مع إسرائيل إذا تجدد إطلاق النار في غزة. ومع ذلك، لا يمكن للسنوار أن يثق في أن حزب الله سيستمر في سياسة الارتباط هذه إذا تم انتهاك وقف إطلاق النار في غزة، وبالتالي فإن الوقت المتاح الآن للسنوار هو فرصته لإطالة أمد المفاوضات حتى تقبل إسرائيل شروطه.

 

ومقارنة بالسنوار الذي يستمتع بـ”الوقت الاستراتيجي” الذي يتلقاه من حزب الله، فإن إسرائيل لا تملك مثل هذه الميزة.

وهي ملتزمة بتسريع المفاوضات مع حماس بشكل كبير وتقديم التنازلات المطلوبة فوراً لإطلاق سراح الأسرى الذين تتضاءل أرواحهم. لكن من المشكوك فيه أن يكون لدى رئيس الوزراء نية لدفع المفاوضات قدماً بما يؤدي إلى إنجازه بسرعة. نتنياهو يستخدم الوقت الذي يمنحه نصر الله للسنوار وكأنه مخصص له أيضا.

ونتيجة لذلك فهو يتعامل مع الجبهة الشمالية باعتبارها ساحة منفصلة معزولة عن غزة، ويحاول التعتيم على العلاقة الوثيقة بين وقف الحرب في غزة ووقف الصراع مع حزب الله. وهو بذلك خلق استراتيجية متناقضة يمكن بموجبها مواصلة المواجهة مع حزب الله لفترة طويلة ضمن «معادلة ردود الفعل»، لأن المواجهة على هذا المستوى لا تجبره بعد على التوقيع على اتفاق. “اتفاق الاستسلام” مع حماس.

بالفيديو: سرايا القــدس تنشر لحظة استهداف جيّب للاحتلال بصاروخ موجه شرق غزة

شاهد: الاحتلال يصيب فلسطيني من ذوي الاعاقة بجروح خطيرة على حاجز قلنديا بالضفة

شاهد: الاحتلال يعدم فلسطينيا بالرصاص بالقرب من نابلس

شاهد…مأساة “الشيخ جراح” بالقدس…القصة الكاملة

 وفي الوقت نفسه فإن نتنياهو لا يريد ولا يستطيع أن يبدأ حرباً شاملة ضد حزب الله، وليس فقط بسبب الضغوط الأميركية لمنع حرب شاملة. إن مثل هذه الحرب، التي قد تؤدي إلى وقف المفاوضات مع حماس، ستقدمه باعتباره الشخص الذي أحبط فرصة التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى، ولن يبقى سوى ثمن هذه الاستراتيجية الملتوية التي يدفعها الاسرى وعشرات الآلاف من المواطنين الذين نزحوا من منازلهم ولا يستطيعون العودة إليها.

شاهد أيضاً

الاتفاق سيتم توقيعه مع الحكومة اللبنانية، لكنه ضد حزب الله، وبضمانة إيران

ترجمة: أمين خلف الله  هارتس تسفي بارئيل “التسوية” مصطلح مضلل يحاول إبعاد المعنى الحقيقي للتحرك …

%d مدونون معجبون بهذه: