أبرزت تحليلات نشرتها صحيفة “هآرتس”، اليوم الثلاثاء، الأهمية القصوى لنسبة الحسم في الانتخابات الحالية، والتي قد يكون لها دور حاسم في قوة المعسكرات، وخاصة معسكر اليمين حيث تتأرجح نحو 7 أحزاب على حافة نسبة الحسم، علاوة على أهمية خاصة لزيادة نسبة تصويت العرب وانعكاساتها على فرص نجاح أحزاب اليمن.
وتبقى الملاحظة الأهم، ضمن جملة من الملاحظات، وجود توجه لدى المترددين في حزب “العمل” للتصويت إلى حزب “كاحول لافان” لتعزيز احتمالات تكليفه بتشكيل الحكومة القادمة، وذلك بناء على التصريحات التي دأب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، على تكرارها في الفترة الأخيرة لتحفيز التصويت لحزبه “ليكود” للحصول على عدد مقاعد أكبر من حزب “كاحول لافان”.
كما تشير تحليلات إلى أن زيادة نسبة التصويت العرب تقلص احتمالات نتنياهو بتشكيل الحكومة القادمة، وذلك على أساس أنها تقلص من فرص تجاوز أحزاب اليمين الصغيرة لنسبة الحسم، والتي كان من المفترض أن يعتمد عليها في تشكيل ائتلافه المقبل.
وأورد المحلل السياسي الإسرائيلي في صحيفة “هآرتس”، يوسي فيرتر، 6 ملاحظات تتصل بالانتخابات القريبة تخلص المعركة الانتخابية. ويشير في أولها إلى أن نسبة الحسم تكتسب أهمية كبيرة جدا في هذه الانتخابات بالنسبة لأحزاب صغيرة، مع الإشارة إلى أن معسكر اليمين لديه أكبر عدد من الأحزاب التي تعتبر على حافة نسبة الحسم والتي يصل عددها إلى 7 أحزاب.
ويلفت في هذا السياق إلى أن نتنياهو انتخب لرئاسة الحكومة عام 1996 بفارق 1%، بسبب تدني نسبة التصويت في وسط الناخبين العرب، في أعقاب مجزرة قانا الثانية في لبنان، ويدعي أنه من الممكن أن ينتخب لولاية خامسة لرئاسة الحكومة للسبب نفسه، وهو تدني نسبة تصويت الناخبين العرب.
أما الثانية فهي تتصل بفوز رئيس الحكومة الحالي، بنيامين نتنياهو، بتكليف الرئيس الإسرائيلي له بتشكيل الحكومة القادمة، وعندها تبدأ “دراما سياسية قضائية شخصية” غير مسبوقة، باعتبار أن نتنياهو، الذي لجأ إلى تقديم موعد الانتخابات لصد قرار المستشار القضائي للحكومة بشأنه دون أن يتمكن من منع نشر القرار، سيعمل على تشكيل ائتلاف ليخلص نفسه من التهديد القضائي الذي يواجهه بسبب شبهات الفساد باستخدام كافة الوسائل وتجاوز الحواجز، بيد أن احتمالات سن “القانون الفرنسي” (الذي يمنع محاكمة رئيس حكومة لا يزال في منصبه) لا تزال ضئيلة.
ويشير، في الملاحظة الثالثة، إلى حزب “كاحول لافان” كمن يتوقع أن يحصل على أكبر عدد من الأصوات، دون أن يستبعد، رغم ذلك، إمكانية أن يبقى حزب الجنرالات، بيني غانتس وغابي أشكنازي وموشي يعالون، على البقاء في المعارضة، خاصة وأنه سيكون من الصعب التراجع عن التزاماتهم العلنية بعدم الانضمام لحكومة نتنياهو.
ويضيف المحلل السياسي، كملاحظة رابعة، أن نتنياهو تطارده المخاوف والشكوك خشية أن يقوم الرئيس بتكليف غانتس بتشكيل الحكومة القادمة، وأن ينضم شركاؤه المحتملون، موشيه كاحلون (حزب “كولانو”) وموشيه فيغلين (حزب “زيهوت”) وأفيغدور ليبرمان (حزب “يسرائيل بيتينو”) إلى معسكر غانتس.
وفي الملاحظة الخامسة يشير إلى أنه في أعقاب حملة “استعطاف” الأصوات التي أطلقها نتنياهو، انطلاقا من أن عدد المقاعد هو الذي يقرر من سيكلف بتشكيل الحكومة القادمة، جعلت المترددين بين حزبي “العمل” و”كاحول لافان” على قناعة بأقوال نتنياهو، وبالتالي بدأ هناك توجه نحو الحزب الأخير، رغم أن حزب “العمل” يحاول التقليل من أعدادهم.
وفي الملاحظة السادسة يشير إلى خيار محتمل، يكون فيه فيغلين وزيرا للمالية، وبتسالئيل سموتريتش وزيرا للمعارف، وياريف ليفين وزيرا للقضاء، وميري ريغيف وزيرة للأمن الداخلي، بيد أنه يضيف أن هناك من يعلق آمالا على أن إمكانية أن يكون الرئيس، رؤوفين ريفيلين، لاعبا رئيسيا حيث بإمكانه أن يستدعي كلا من نتنياهو وغانتس لحثهما على التعاون سوية.
نسبة الحسم من 0.83% إلى 3.25%
وفي سياق ذي صلة، تناول الصحفي المختص بالشؤون التاريخية في الصحيفة، عوفر أديريت، أهمية نسبة الحسم في هذه المعركة الانتخابية، لافتا إلى تسلسل ارتفاعها منذ عام 1948.
قبل نحو 70 عاما، في الانتخابات التي جرت عام 1949، كانت نسبة الحسم 0.83%. وبعد الانتخابات بادرت الكنيست الأولى إلى رفعها إلى 1%. وفي مطلع سنوات الخمسينيات حاول دافيد بن غوريون رفعها إلى 10%، إلا أنه لم يتمكن.وأتاحت نسبة الحسم المنخفضة التمثيل بمقعد واحد فقط في الكنيست لقوائم كثيرة. ومنذ العام 1949 رفعت نسبة الحسم 4 مرات، ففي مطلع سنوات التسعينيات تم رفعها إلى 1.5% لمنع تشكيل كتلة مؤلفة من عضو كنيست واحد. وفي انتخابات 2006 و 2009 و 2013 كانت نسبة الحسم 2%، ومنذ العام 2015 رفعت إلى 3.25%، كما هي عليه اليوم أيضا.
وكان لنسبة الحسم تأثير كبير على استعدادات القوائم المختلفة للانتخابات، من جهة توحيد قوائم، كان أبرزها وحدة الأحزاب العربية ضمن القائمة المشتركة في الانتخابات السابقة عام 2015، وتحالف “الحركة” بقيادة تسيبي ليفني مع حزب “العمل” وتشكيل “المعسكر الصهيوني”.
وفي السابق، أدى رفع نسبة الحسم، قبل انتخابات 1992، إلى تحالف “راتس” و”مبام” و”شينوي” ضمن قائمة “ميرتس”، وتحالف كل من “أغودات يسرائيل” و”ديغل هتوراه” في إطار “يهدوت هتوراه”.
كما دفع ذلك نتنياهو إلى العمل على توحيد أحزاب اليمين خشية ألا تتجاوز نسبة الحسم، وعندها قد لا يتمكن من تشكيل ائتلاف يزيد عن 60 مقعدا.
وهناك من يدعي في اليمين أن رفع نسبة الحسم عام 1992 هدر أصواتا كثيرة لليمين، تقدر بأكثر من 65 ألف صوت، كان يمكن من خلالها منع تشكيل حكومة برئاسة يتسحاك رابين، حيث أن ثلاثة أحزاب يمين لم تتجاوز نسبة الحسم في حينه، وهي “هتحياه” و”الليبرالية الجديدة” و”خلاص إسرائيل والتوراة والبلاد”.
ويتضح أن أصوات ناخبين كثيرين تذهب هباء، حيث أنه في انتخابات عام 2013، عندما كانت نسبة الحسم 2%، صوت نحو 7.1% من الناخبين لقوائم لم تتجاوز نسبة الحسم. وفي انتخابات 2
015، وعندما رفعت نسبة الحسم إلى 3.25%، صوت 4.1% (نحو 190 ألف صوت) من الناخبين لقوائم لم تتجاوز نسبة الحسم.
ورغم ذلك، فمن اللافت أن رفع نسبة الحسم في الانتخابات السابقة أدعى إلى عدم تنافس قوائم صغيرة بشكل مستقل، فإن عدد القوائم في الانتخابات الحالية سجل عددا غير مسبوق، حيث وصل إلى 41 قائمة، علما أنه في الانتخابات السابقة تنافس نحو 25 قائمة، وهو عدد مماثل لعدد القوائم التي تنافست عام 1992 عندما كانت نسبة الحسم 1.5%، ولكنه يبقى أقل بكثير من عدد القوائم التي تنافست في الانتخابات قبل عقد من السنوات عندما كانت نسبة الحسم 2%، حيث وصل العدد إلى 33 قائمة.
ويبقى المعطى الأهم، بحسب أديريت، هو عدد القوائم التي تدخل الكنيست مقارنة بنسبة الحسم، ففي الانتخابات الأخيرة، وبنسبة حسم 3.25% وصل عدد الأحزاب إلى 10 وهو الأقل منذ العام 1992، علما أنه في تلك الانتخابات، وعندما كانت نسبة الحسم 1.5%، لم يدخل الكنيست سوى 10 قوائم.
المصدر/ عرب48