بينما تضع دول كبرى شركة NSO وبرنامجها التجسسي في اللوائح السوداء، وتفتح تحقيقات بخصوص الاستخدام غير القانوني لبرنامجها للتجسس على صحفيين ومعارضين ورؤساء حكومات، تبين بأن شرطة العدو قد زرعت “بيجاسوس” على هواتف مستوطنين عاديين ومنظمي مسيرات احتجاجية وغيرها.
التحقيق الذي نشره موقع “كلاكيست” اليوم الثلاثاء يظهر بأن شرطة العدو اشترت برنامج بيجاسوس التجسسي من شركة NSO وزرعته على هواتف منظمي مسيرات احتجاجية ضد حكم نتنياهو، وما يعرف بمسيرات الأعلام السوداء، وعلى هواتف موظفين شركات حكومية، وعلى هاتف رئيس بلدية، وعلى هواتف العديد من المستوطنين بدون أي إشراف قانوني.
تم شراء نظام “بيجاسوس” الخاص بـ NSO لأول مرة من قبل شرطة العدو في ديسمبر 2013، خلال فترة المفوض السابق للشرطة “يوحنان دانينو”، وأصبح قيد التشغيل خلال فترة المفوض اللاحق روني الشيخ، وقد تم تعيين الشيخ في المنصب في ديسمبر 2015، بعد أن شغل منصب نائب رئيس جهاز الأمن العام “الشاباك”، وكان من بين أولئك الذين ضغطوا من أجل زيادة استخدام برامج بيجاسوس، حيث بلغت تكلفة شرائه وصيانته واستمرار استخدام النظام منذ شرائه عشرات الملايين من الشواكل.
بدون إشراف قضائي
صدر أمر تنفيذ مراقبة المستوطنين في الكيان الذين ليسوا مجرمين أو مشتبه بهم من قبل ضباط شرطة رفيعي المستوى، دون أمر من المحكمة أو إشراف من قاض، أولئك الذين استلموا الأمر وقاموا بتنفيذه كانوا أعضاء في فريق العمليات الخاصة في قسم الإنترنت التابع للشرطة “سيجنيت”، والذي بقي نشاطه بأكمله سرياً، مستغلين ثغرة في القانون، ولكن غالبًا ما تستخدم الشرطة برامج التجسس الخاصة بـ NSO لتنفيذ “التصيد الاحتيالي” لمحاولة صيد المعلومات من هدف استخباراتي متنقل، دون معرفة سابقة أن الهدف قد ارتكب جريمة.
وقد تم زرع برنامج “بيجاسوس” على هواتف المستوطنين للعثور على المواد والمعلومات التي لم تكن مرتبطة بالضرورة بالتحقيق والشكوك، ولكن ببساطة لاستخدام هذه المواد لاحقًا من قبل المحققين للضغط على الأشخاص الخاضعين للتحقيق، مثل العلاقات الحميمية.
في بعض الحالات، تم اختيار استخدام القرصنة على الهواتف كحل سهل، ما يوفر على الشرطة أعمال التحقيق الاحترافية والكشف عن الشبهات المثبتة، في حين يكون الثمن هو انتهاك خطير لخصوصية المستوطنين، وبعضهم لم يخطئ ولم يخطط حتى لأي نشاط غير قانوني.
كيف يعمل البرنامج؟
يتيح لك “برمجة” الشركة الإلكترونية الهجومية، التي تتكون أساساً من مزيج من 8 برامج، زرع حصان طروادة عن بُعد على الهاتف المحمول المستهدف للتحكم فيه عن بُعد ونسخ محتوياته (مراسلات، ورسائل بريد إلكتروني، ومحادثات مسجلة، وصور وأكثر)، منذ الاستحواذ عليها، فيما تم تشغيل هذه البرمجية بمعرفة وموافقة كبار ضباط الشرطة، من قبل فريق “سيجنيت”.
ويتألف فريق التحقيقات الخاصة من ضابط تكنولوجيا، وضابط عمليات، وبعض ضباط الشرطة والمحللين، وبعد التطفل على الهواتف وحال حصولهم على معلومات ذات قيمية جاهزة للتحقيق الجنائي ولائحة الاتهام، تصدر الشرطة شهادة سرية بمصدر المعلومات، حتى لا يتم تسليمها إلى محامي الدفاع عن المتهمين، كما لا يتم الإشارة إلى أن برنامج “بيجاسوس” هو المصدر، ويبقى التفسير هو نفسه دائمًا: “الخوف من فضح المصادر والوسائل”.
تم استخدام “بيجاسوس” وفقًا لتقدير كبار ضباط الشرطة فقط، وهذا يعني أنه من خلال “بيجاسوس”، يمكن للشرطة الآن اقتحام أي جهاز محمول دون الذهاب إلى المحكمة، ودون أوامر تفتيش أو اقتحام، ودون إشراف.
تجنيد من خارج الشرطة
طالب مفوض شرطة العدو تحقيق نتائج سريعة باستخدام الأدوات التكنولوجية لتعزيز مكافحة جرائم العنف وجرائم الفساد داخل الكيان، وقد سعى إلى استغلال عدم وجود تشريعات منظمة حول هذا الموضوع، وتجاهل الأسئلة القانونية المعقدة المتعلقة بالحقوق المدنية، وممارسة تدابير غير متناسبة ضد المدنيين، والأهم من ذلك، انتهاك الخصوصية وهي الأسئلة التي تظهر عند استخدام “بيجاسوس”.
لذا قام مفوض الشرطة بتجنيد ضباط من وحدات الاستخبارات التابعة “للجيش الإسرائيلي”، والذين تتشابه رؤيتهم للعالم مع نظرته، حيث قام بتجنيد كل من “يؤاف حسن” و”يوسف كحلون”، اللذان قدما من وحدة التجسس في الجيش 8200، واللذان ليس لهما خبرة في تحقيقات الشرطة وأساليبها للإشراف على برنامج التجسس، وغيرهم من الضباط، حيث سعوا لتوسيع مجال التنصت ليشمل اختراق الكاميرات في المجال الخاص، أو الاستماع إلى محادثات سرية (محام، طبيب، طبيب نفساني، إلخ) حول جرائم القتل وصفقات المخدرات.
كما أن استخدام “بيجاسوس” يفضح موظفي NSO الذين يدعمون تقنيًا نظامًا للمعلومات الحساسة والسرية على أجهزة الحاسوب التابعة لشرطة العدو، فقد تم ذلك دون أن يكون لدى موظفي الشركة تصنيف أمان عالٍ مناسب، وليس من الواضح ما إذا كانوا قد خضعوا لاختبارات جهاز كشف الكذب، على الرغم من أنهم ليسوا ضباط شرطة، ولكنهم متعاقدون خارجيون.
يطلع موظفو NSO من خلال القرصنة، للبحث عبر الهاتف لمواد قد تكون معلومات شخصية أو معلومات سرية للغاية.
هجوم عالمي على البرنامج
تتعرض برامج التجسس NSO حاليًا للهجوم من قبل معظم الدول الغربية، وقد أعلنت الولايات المتحدة أن NSO شركة تضر بمصالحها الوطنية وأدرجتها في القائمة السوداء من وزارة التجارة الأمريكية.
وقد فتح المدعي العام الفرنسي تحقيقًا ضد الشركة بعد أن كشف تحقيق عن استخدام برامج التجسس الخاصة بـ NSO لاختراق وتعقب الصحفيين المحليين، ويشن عمالقة التكنولوجيا معارك قانونية ضد الشركة، والتي يزعمون أنها سمحت بزرع برنامج التتبع في هواتف موظفيهم.
كما تعرض كيان العدو لانتقادات من الخارج والداخل لاستخدامها “بيجاسوس” والارتباط بالأنظمة الاستبدادية ولتقديمها المساعدة لوكالات استخبارات مريبة لا تحترم حقوق الإنسان، وغالبًا ما تكون مسؤولة عن جرائم القتل والاعتقالات غير القانونية.
احتجاجات واستنكار
نشرت صحيفة يدعوت أحرنوت بأن منظمات حقوقية فردية، أرسلوا خطابًا إلى الشرطة والمستشار القانوني لحكومة العدو العام “أفيخاي ماندلبليت” أمس الثلاثاء، للمطالبة بالوقف الفوري لاستخدام برنامج التجسس “بيجاسوس”، بدعوى أن هذا يعد انتهاكًا خطيرًا لحقوق الأفراد، مطالبين فتح تحقيق ومحاسبة كل من تجسس على الهواتف الشخصية بدون غطاء قانوني.
المصدر/ الهدهد