“إسرائيل” اليوم / العميد يوسي كوبرفاسر
الكاتب باحث أول في مركز القدس للشؤون العامة وشؤون الدولة، ورئيس سابق لقسم الأبحاث في “أمان”.
ملاحظة: المقال يعبر عن رأي كاتبه
يجادل البعض بأن “الجيش الإسرائيلي” عانى في السنوات الأخيرة من “الإفراط في التشريع”، أي أن ترهيب مكتب المدعي العام والقضاء، يقيد حرية عمل كبار صانعي القرار والقادة الميدانيين والجنود أنفسهم، ويضعف أداءهم لأنهم يواجهون تحديات تشغيلية معقدة، وينبع هذا الادعاء بشكل رئيسي في سياق محاربة الجيش “للمنظمات الإرهابية”، التي تتصرف بدورها في انتهاك صارخ لقوانين الحرب، وتؤذي المدنيين عمداً بشكل عشوائي وتختفي وراء مدافعين عن حقوق الإنسان.
والحقيقة أن القتال ضد التنظيمات المسلحة، هو أكثر تعقيداً من الناحية القانونية، مقارنة بالقتال بين الجيوش النظامية، وأن تطبيق قوانين الحرب في القانون الدولي على هذا النوع من القتال يتطلب تفكيراً إبداعياً، ويرجع ذلك أساساً إلى أن الطرف الآخر لا يعتبر نفسه ملتزماً بالقانون الدولي، ويحاول الاستفادة من عدم التناسق في التزام الأطراف بالقانون من أجل تحسين قدرته على تحقيق أهدافه في القتال.
السهولة المقلقة
في هذا السياق هناك اثنان من التحديات التي واجهناها في السنوات الأخيرة؛
التحدي الأول: هو التنقيح المستمر لمسار عمل العدو، هذا، من خلال تفعيل المنظمات التي تقدم نفسها على أنها منظمات حقوقية، ولكن من الناحية العملية، بعضها فروع لمنظمات “إرهابية” (فبعض المنظمات التي أعلنتها “إسرائيل” مؤخرًا على أنها “منظمات إرهابية”، ذات صلة بالجبهة الشعبية)، تعمل بدوافع معادية “لإسرائيل” بشكل واضح.
شاهد…مأساة “الشيخ جراح” بالقدس…القصة الكاملة
شاهد: شهيدان ومصاب بالقرب من جنين برصاص الاحتلال
شاهد: عشرات الاصابات الخطيرة والمتوسطة في اقتحام قوات الاحتلال للمسجد الاقصى
التحدي الثاني: هو سهولة تمكين العدو من حشد الإعلام الجديد والإعلام المؤسسي للنهوض بأهدافه، وعلى رأسها تشويه صورة “إسرائيل” وتقويض شرعيتها، فعلى مدى سنوات، كانت العناصر اليسارية المتطرفة في العالم تحشد للتشهير “بإسرائيل” والاستثمار في ذلك بكثافة، بما في ذلك الاستفادة من الإعلام الجديد الذي تتشبع فيه مساحات الاحتكاك بوسائل التوثيق التي يمكن استخدامها بطريقة تلاعبية.
إن النظام الدولي، مدفوعًا بالاعتبارات السياسية، يتصالح إلى حد كبير مع الأخلاق المزدوجة، التي يعبر عنها هذا التباين، بينما يُطلب من “إسرائيل” الالتزام بالمعايير الصارمة، فقد قرر المدعي العام السابق في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي فتح تحقيق ضدها.
لا يتوقع أحد امتثال الفلسطينيين لأي قواعد حرب، وبحسب الرواية الفلسطينية، فإن النضال ضد الصهيونية يبرر أي نوع من الكفاح، بما في ذلك “الإرهاب”، وعلى الرغم من أن السلطة الفلسطينية تدفع رواتب مناسبة “للإرهابيين”، إلا أنه يُنظر إليها على أنها محاور شرعي.
لذا يجب أن يستمر “الجيش الإسرائيلي” في العمل وفقاً للقانون، ولكن في الوقت نفسه، يجب على “إسرائيل” أن تدرك حيوية تحسين قدراتها لمحاربة الرأي العام في الغرب، وبالتحديد مع التأكيد على أخلاقنا والتزامنا الراسخ بالعدالة من أجل توسيع حرية عمل الجيش وتقييد حرية تصرف أعدائنا.
المصدر/ الهدهد