عبّر عالم الفيزياء الفلكية أورليان بارو بشكل صريح عن رأيه المعادي لتقنية اتصالات الجيل الخامس، التي تروج لها كثير من شركات الاتصالات والهواتف المتنقلة حول العالم.
وذكر الكاتب أرنو غونغاز -في تقريره الذي نشرته صحيفة “نوفال أبسارفاتور” الفرنسية- أن عددا من الحكومات سبق لها رفض تقنية الجيل الخامس؛ لأنها قد تكون مفتاح القرصنة الصينية، لا سيما العملاق هواوي.
مع ذلك، قد تكون هذه التقنية مميتة أو قاتلة، رغم أنها تعدنا بالكثير من الامتيازات من حيث الإنتاجية، بما في ذلك القدرة على تشغيل سيارات مستقلة.
وأثار عالم الفيزياء الفلكية أورليان بارو ضجة واسعة حين كتب في منشور على حسابه الخاص على موقع فيسبوك: “الجيل الخامس يقتل”.
تلك الضجة دفعت هذا العالِم إلى نشر تغريدة على حسابه في تويتر مازحا: “حين أتحدث عن الشعر والعلم والفلسفة لا أحد يهتم، لكن تغريدة حول الجيل الخامس أثارت حماس الكثيرين؛ هذا ممتع! أنا لست ضد التقنية، لكنني أعتقد أن الحاجة الملحة اليوم تتمثل في كبح جماح سباق استهلاكي آيل إلى الفشل”.
تجدر الإشارة إلى أن بارو عالِم عُرف لدى الرأي العام بفضل مقاله الذي نُشر في سبتمبر/أيلول، وتمكن -مع الممثلة جولييت بينوش- من جمع مئتي توقيع لدعوة السياسيين لاتخاذ إجراءات قد لا تحظى بشعبية للتدخل بشكل حازم وفوري لمواجهة تغير المناخ.
ويعد بارو من الشخصيات ذات الرأي المؤثر في أوساط المختصين في البيئة، لأنه يضفي الطابع الرسمي على خطاب مواجهة تغير المناخ الحديث نسبيا، الذي يعتبر شكلا من أشكال تقييد الحريات، لكنه تقييد قد يمكننا من الاستمرار في العيش بحرية، ودون تدمير الكوكب.
تكبّر انتحاري
وأورد الكاتب أن هذا المختص في الثقوب السوداء لا يمتلك كفاءة خاصة في مجال الاتصالات المتنقلة، ولا يتحدث في نصه عن الموجات الضارة، وإنما عن “التكبر الانتحاري” للبشر، أي القدرة التي نمتلكها على الانسياق دون وعي وراء كل تقنية جديدة دون الاهتمام بالأخلاق وعواقب أفعالنا هذه.
ويأسف هذا الفلكي لعجزنا الهيكلي عن قول “هذا يكفي، نحن لا نحتاج ولا نرغب في هذا الإفراط في الاستهلاك الذي لا معنى له، نحن نرفض هذه الفكرة القاتلة التي تفيد بأن كل ما هو ممكن تقنيا يجب أن يتحقق فعليا، في سبيل التمتع المميت بالاستهلاك الخالص فحسب”.
فهو في الواقع لا يركز على الضرر المحتمل لهذه التقنية، بل يسلط الضوء على عجزنا الجماعي عن الامتناع عن استهلاك كل ما يُنتج.
وعود بامتيازاتها
ودون الوقوع في رهاب التقنية، يتحدث بارو عن عواقب ملموسة مترتبة عن نشر هذه التقنية، على مستوى موارد المعادن النادرة المستخرجة من الأرض، وكميات ثاني أكسيد الكربون التي ستكلفها عمليات تصنيع ونقل وتركيب هذه التقنية، وآلاف الأطنان من النفايات المنتجة وغير القابلة لإعادة التدوير. ويتساءل: هل سيكون كوكبنا قادرا على تحمل ما يطلق عليه “حاجة تعسفية ذات عواقب مدمرة؟”
يوضح بارو أنه “ليس بإمكاننا مطلقا مواصلة التصرف كما لو أن هذه التقنيات الجنونية لا تخلف أي عواقب”.
إن هذه المسألة تستحق الطرح والمناقشة، قبل أن تطغى مجموعات الإعلانات التجارية الخاصة بتقنية الجيل الخامس، وبالتالي فمن المؤكد أن الحس النقدي هو ما تقتله تقنية الجيل الخامس فعلا.
المصدر : الصحافة الفرنسية+ الجزيرة