ترجمة الهدهد
هآرتس / جدعون ليفي
المقال يعبر عن رأي كاتبه
يبدو أحيانًا أن النفاق وازدواجية المعايير ليس لهما حدود ؛ فهذا النقص في الوعي الذاتي في “إسرائيل” يمكن أن يحطم أي رقم قياسي ، ويمكن لوسائل الإعلام طمس وإنكار الواقع وغسيل الأدمغة كما يحلو لها.
صحيح أن الجمل لا يرى سنامه أبدًا، لكن من الآمن أن نفترض أنه يعلم أن لديه سنامًا.
تم القبض على “مسافرين إسرائيليين” ، بريئين على ما يبدو ، في تركيا حيث الشكوك شديدة في أجواء مشحونة وذلك بعد الإعلان عن اكتشاف 15 عميلا للموساد هناك.
التقي الزوجان بمحاميهما، بعد عدة أيام قليلة من الاعتقال وسط وضع اعتقالي مريح حيث يحضر لهما القنصل الملابس والطعام ، وبالكاد يتم استجوابهما ، وبالتأكيد لم يتم ضربهما أو تعذيبهما ، وربما تكون ظروف احتجازهما معقولة وكل ما يحدث يعتبر قصة إنسانية حزينة وربما جاء اعتقالهم بناء على بلاغ كاذب، ما لم يثبت خلاف ذلك كما ينبغي للمرء أن يأمل بنهاية سعيدة.
إلا أنه و تحت القيادة الساخرة لوسائل الإعلام التي هي المؤسسة الوطنية لتبادل العواطف وإثارة المشاعر أصبحت “إسرائيل” في حالة اضطراب حيث سيعلق قريباً شرائط صفراء على كل نافذة للمطالبة بإطلاق سراح ناتالي و ومردي هذا غير العناوين الرئيسية والتقارير الخاصة والأخبار العاجلة والمراسلين الخاصين الذين تم إرسالهم هناك وغير ذلك؛ علما بأن الجميع يعرف أنه أردوغان ومدى قسوته، صحيح انه في بعض الأحيان يكون الأمر مثيرًا للقلق بشأن زوجين مجهولين، وأحيانًا يكون مثيرًا للاشمئزاز من المبالغة المجنونة والتي دائمًا ما تكون منفصلة عن الواقع.
ليس “لإسرائيل -ولا سيما إعلامها – أي حق أخلاقي في أن تُثار أو يتم استنفارها بسبب اعتقال عبثي واحد في حين إن المجتمع الذي لا يهتم بالاعتقالات اليومية العبثية على يديه، ووسائل الإعلام التي لا تبلغ عنها أبدًا بالشكل المطلوب ، خشية أن تزعج مستهلكيها، ليس لها الحق في إثارة عاصفة من اعتقال عبثي في بلد آخر، وانتقاد الشرطة بشدة.
شرطة الاحتلال تعتقل اشخاص تربطهم علاقة بضابط كبير في نخبة الجيش والحرب بين العصابات
“حلوى الإدمان”: عملية عسكرية تكشف رذائل إسرائيل بتجنيد العملاء
ناتالي ومردي أصبحا لدينا الآن في مركز اهتمام المجتمع، هذا هو نفس المجتمع الذي لم يهتم أبدا بعشرات الآلاف مثل ناتالي وموردي الذين تم اعتقالهم في المناطق ( الضفة الغربية والقدس)، معظمهم بدون اي ذنب حيث يخضعون لسلسلة من الاستجوابات والإهانات التي لم تمر بها ناتالي ومردي أبدًا ، ولا يمكنهم إلا أن يحلموا بقدوم قنصل لزيارتهم وإحضار الطعام والملابس لهم ، وأحيانًا يُحكم عليهم بالسجن لسنوات عديدة بدون مقابل ، في نظام قضاء عسكري وسياسي لا يوجد اي صلة بينه وبين أي نظام قضاء عادل.
حتى فيما يحدث هناك، فإن معظم الصحافة في” إسرائيل” غير مهتمة، بينما ترسل على الفور مبعوثين خاصين الى اسطنبول يتحدثون عن نظام الأسرة في تركيا.
“الإسرائيليون” يحبون قصص الضحايا اليهود، لكنهم لا يستطيعون أن يقودوا السيارة لمدة ساعة من منازلهم ويزورون منزل معتقل فلسطيني يضرب عن الطعام منذ خمسة أشهر احتجاجًا على اعتقاله دون محاكمة ودون لائحة اتهام.
موردي وناتالي “خطفا ” ، يخبروننا أولئك الذين لن يستخدموا نفس اللغة لوصف عمليات الاختطاف الوحشية التي يقوم بها “الجيش الإسرائيلي” بأمر من جهاز الأمن العام” الشاباك” كل ليلة، حيث نتعامل معه على أنه دائما اعتقال وحرب على “الإرهاب”.
إذا كان الاهتمام بحقوق الإنسان بمثابة شمعة تنير أقدام ( مصطلح توراتي يعني يرشد) المجتمع والإعلام في “إسرائيل” ، فيمكن فهم شدة الصدمة من اعتقال الزوجين أوكنين.”طلبت ناتالي الجوارب” ، قال المحامي الذي زارها ، وذرفوا دموع في “إسرائيل”. وماذا عن الجوارب لـكايد فسفوس المعتقل الإداري الذي يحتضر في المستشفى؟ سألت ناتالي عن الأطفال وبكت، وماذا عن بكاء فسفوس وشوقه لابنته جوان؟
وهناك مستوى آخر “للوقاحة الإسرائيلية”: هنا إذ بالغنا باستغرابنا وأسفنا لأنه لم ينشر أحد في وسائل الإعلام التركية عن اعتقال الزوجين.
وبالفعل كيف يمكن إلقاء القبض العبثي على الأبرياء ووسائل الإعلام الدعائية والمجندة لا تقوم بالتغطية والنشر عنها؟ الامر غريب وحتى صادم.
المصدر/ الهدهد