أخطرت إثيوبيا الاثنين مصر والسودان ببدء عملية الملء الثاني للسد من دون إبرام اتفاق ثلاثي ملزم، وعبرت القاهرة والخرطوم عن الرفض القاطع لبدء الملء، واعتبرتاه “مخالفة صريحة” لاتفاق المبادئ الموقع بين البلدان الثلاثة.
وزعت تونس مشروع قرار على أعضاء مجلس الأمن بشأن سد النهضة، واعتبرت واشنطن أن ملء إثيوبيا لخزان السد سيزيد التوتر، بينما حذرت الأمم المتحدة من الإقدام على تصرف أحادي الجانب يقوض فرص التوصل إلى حل للأزمة.
وعلمت الجزيرة من مصادر في الأمم المتحدة أن تونس التي تمثل المجموعة العربية في مجلس الأمن، وزعت مشروع قرار على أعضاء المجلس بشأن سد النهضة، وذلك بطلب مصري سوداني ودعم من لجنة المتابعة العربية المكلفة بمتابعة ملف سد النهضة في الأمم المتحدة.
وقال مراسل الجزيرة إن مشروع القرار التونسي يطلب من مصر وإثيوبيا والسودان استئناف المفاوضات بشأن سد النهضة، وبدعوة من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.
ويدعو -مشروع القرار الذي تلقت الجزيرة نسخه منه- الدول الثلاث لوضع نص اتفاق ملزم بشأن سد النهضة خلال 6 أشهر، والامتناع عن اتخاذ أي إجراء يعرض عملية التفاوض للخطر.
كما يحث مشروع القرار التونسي إثيوبيا على الامتناع عن الاستمرار في تعبئة خزان سد النهضة من جانب واحد.
مصر والسودان
وقال عضو الوفد المصري في مفاوضات سد النهضة عارف غريب للجزيرة إن اتفاق إعلان المبادئ لم ينص على قواعد التعبئة والتشغيل للسد، مضيفا أن إثيوبيا لم تشارك مصر والسودان دراسات السد.
من جانبه، قال وزير الري السوداني السابق عثمان التوم في مقابلة مع الجزيرة إن الدفع السياسي لقضية سد النهضة عقّد الأزمة، مؤكدا أن مواطني السودان ومصر إثيوبيا يعانون جراء أزمة السد، حسب تعبيره.
وفي وقت سابق الثلاثاء، قالت الخارجية المصرية في بيان إن القاهرة أبلغت روسيا والصين بضرورة أن يدفع مجلس الأمن الدولي، في جلسته المزمع عقدها غدا الخميس، نحو التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن أزمة ملء وتشغيل السد.
وأفادت الخارجية المصرية بأنه ضمن التحضيرات المُكثفة لجلسة الخميس، التقى وزير الخارجية سامح شكري الثلاثاء في نيويورك بالمندوبين الدائمين لروسيا والصين لدى الأمم المتحدة.
وأضافت أن شكري شدَّد على ضرورة اضطلاع مجلس الأمن بمسؤولياته للدفع قُدمًا نحو التوصل إلى الاتفاق، مؤكدا أهمية أن يكون الاتفاق عادلا ومتوازنا وملزما قانونا حول ملء وتشغيل السد، ويُراعي مصالح الدول الثلاث ولا يهضم الحقوق المائية لدولتي المصب (مصر والسودان).
مواقف دولية
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس في تصريحات صحفية الثلاثاء إن بدء إثيوبيا ملء خزان سد النهضة “سيزيد التوتر على الأرجح”، وحث جميع الأطراف على الإحجام عن التحركات الأحادية إزاء السد.
وكانت إثيوبيا أخطرت مصر والسودان الاثنين ببدء عملية الملء الثاني للسد من دون إبرام اتفاق ثلاثي ملزم بشأن ملء وتشغيل أكبر السدود الأفريقية، وقد عبرت القاهرة والخرطوم عن رفضهما القاطع لبدء الملء، واعتبرتاه “مخالفة صريحة” لاتفاق المبادئ الموقع بين البلدان الثلاثة عام 2015 على نحو “يشكل تصعيدا خطيرا يكشف سوء نية إثيوبيا ورغبتها في فرض الأمر الواقع”.
وفي السياق نفسه، دعا ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إلى تجنب أي إجراء أحادي بشأن سد النهضة من شأنه أن يقوض فرص الحل.
كما جدد دوجاريك دعم الأمين العام لوساطة الاتحاد الأفريقي، مضيفا أن أي حل يجب أن يعتمد على مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول، والالتزام بعدم التسبب في ضرر كبير.
المتحدث باسم الأمين العام الأممي: أي حل لملف سد النهضة يجب ان يعتمد على مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول (الجزيرة)
اتصالات مكثفة
ومنذ الاثنين، تشهد نيويورك اجتماعات واتصالات مصرية وسودانية مكثفة حول السد، حيث التقى وزير الخارجية المصري بنظيرته السودانية مريم الصادق المهدي، وأصدرا بيانا مشتركا قالا فيه إن بدء إثيوبيا في الملء الثاني للسد “تصعيدا خطيرا يكشف سوء نية إثيوبيا ورغبتها في فرض الأمر الواقع”. وأضاف الوزيران أن بدء التعبئة الثانية يعتبر انتهاكا للقوانين الحاكمة لاستغلال موارد عابرة للحدود.
كما التقى شكري في نيويورك بمندوبي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وقال إنه أجرى اتصالين مع وزيري الخارجية الروسي والصيني قبل اجتماعه مع مندوبَي الدولتين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية في تغريدة إن شكري أكد على ضرورة أن يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته إزاء قضية سد النهضة، وعلى موقف مصر الثابت بشأن ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن تعبئة وتشغيل السد.
ووضعت الخطوة الإثيوبية دولتي المصب -مصر والسودان- أمام الأمر الواقع، وذلك رغم تفاوض مصر والسودان وإثيوبيا منذ عام 2011 للوصول إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، وهو الأكبر في القارة الأفريقية، إذ تصل قدرته على توليد الكهرباء إلى 6500 ميغاوات.
وتُصر أديس أبابا على ملء ثان للسد، بعد نحو عام على ملء أول، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق مسبق. بينما تتمسك مصر والسودان بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي ملزم بشأن الملء والتشغيل، لضمان سلامة منشآتهما المائية، واستمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه نهر النيل. وكانت إثيوبيا أعلنت الأحد الماضي رفع مستوى تأهب قواتها المنتشرة في منطقة السد، لتأمين المرحلة الثانية من عملية ملئه.
من ناحية أخرى، قالت وكالة الأنباء السعودية إن المملكة أكدت دعمها ومساندتها لمصر والسودان في المحافظة على “حقوقهما المائية المشروعة”، كما جددت تأكيدها على أهمية استقرار الأمن المائي لكل من مصر والسودان والعالم العربي والقارة الأفريقية.
وعبرت المملكة عن دعمها التحركات الدولية الرامية إلى إيجاد حل ملزم لإنهاء الأزمة، داعية المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود لإيجاد آلية واضحة لبدء التفاوض بين الدول الثلاث للخروج من هذه الأزمة.
دفوعات إثيوبيا
في المقابل، قال عضو الوفد الإثيوبي في مفاوضات سد النهضة يلما سيليشي إن تعبئة وتشغيل السد أمر تم الاتفاق عليه في إعلان المبادئ، وأضاف، في مقابلة مع الجزيرة، أن إثيوبيا تقوم بتعبئة وتشغيل سد النهضة بشكل متزامن.
إندبندنت: اتفاق سري كاد أن ينقذ القذافي ورفضته فرنسا وبريطانيا
شاومي تعلن عن هاتفها الرائد الجديد Mi 11 Ultra
كيف تجعل بطارية سماعة AirPods تدوم لفترة أطول
وذكر المسؤول الإثيوبي أن إشعار بلاده لمصر والسودان ببدء عملية التعبئة الثانية هدفه إتاحة الفرصة للبلدين لترتيب أوضاعهما.
وترى مصر أن السد تهديد خطير لحصتها من مياه النيل التي تعتمد عليها بالكامل تقريبا، كما عبر السودان عن قلقه إزاء السلامة الإنشائية للسد وأثره على السدود ومحطات المياه السودانية، ولا سيما ما يتعلق بفيضان مياه النيل.
بالمقابل، تقول إثيوبيا إن السد، الذي أقيم على النيل الأزرق فيها، أساسي لتنميتها الاقتصادية وتزويد شعبها بالكهرباء، وإنها لا تهدف إلى الإضرار بمصر والسودان، وتؤكد إثيوبيا أنها تمارس أخيرا حقوقها في مياه النيل التي يسيطر عليها جيرانها عند المصب منذ فترة طويلة.
وقد دعا رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد أمس الاثنين مختلف دول العالم إلى تفهم النية الحقيقية من بناء سد النهضة، وأن بلاده لا تنوي إلحاق الضرر بدول المصب، وقال إن هدف بلاده من بناء سد النهضة هو تلبية حاجاتها من الكهرباء فحسب.
يشار إلى أنه رغم إصرار مصر والسودان على تأجيل ملء خزان السد حتى التوصل إلى اتفاق شامل، أعلنت أديس أبابا في 21 يوليو/تموز 2020 إنجاز مرحلة الملء الأولى بسعة 4.9 مليارات متر مكعب، كما كررت أديس أبابا في الفترة القليلة الماضية أنها ماضية في مرحلة الملء الثانية التي تتطلب 13.5 مليار متر مكعب من الماء.
المصدر : الجزيرة + وكالات